أسطورة العنف الديني... نقد التفسير "الجوهراني" للدين

الكتاب يحلل الثنائية الكامنة في العقل الغربي بين الأنا العلماني العقلاني المحب للسلام، والآخر المتمثل بالثقافات الأخرى غير العقلانية والتي يُدعي أنها تميل إلى العنف.

صدر حديثاً عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر كتاب "أسطورة العنف الديني: الأيديولوجيا العلمانية وجذور الصراع الحديث" للكاتب وليام كافانو، وترجمة أسامة غاوجي.

يهدف وليام كافانو في كتابه إلى تقويض "أسطورة العنف الديني" بعمق ومهارة، إذ ينتقد كافانو التفسير الجوهراني للدين بأنه يمتلك نزوعاً أصلياً لإنتاج العنف، ويقول إنه إحدى الأساطير المؤسسة لشرعية الدولة القومية الليبرالية الحديثة في الغرب، وهو المدخل الأساس لتهميش وإقصاء كل ما هو ديني، بحيث يكون التدين والتعصب هو المقابل للذات العقلانية الحريصة على السلام والعلمانية. وتُستخدم هذه الأسطورة لقولبة الأنظمة الاجتماعية غير العلمانية - وبالأخص المسلمة - في قالب الشرير والمتطرف.

يقول كافانو  :"يريدون ترسيخ صورة أن العنف الديني خطير وغير عقلاني ومتعصب، أما عنفنا العلماني فهو عنف عقلاني يسعى للسلام، وهو عنف ضروري لاحتواء عنفهم، إننا نجد أنفسنا مُجبرين على تفجيرهم ليصبحوا ديمقراطيين ليبراليين"!

ناقش كافانو فكرة الدين، واعتبر أن ثمة اختراعاً غربياً لمفهوم الدين يتم فيه الفصل بينه وبين الأيديولوجيات العلمانية كالقومية والليبرالية والماركسية رغم كونها ديناً بشكلٍ ما وتحمل نفس الأرضية النظرية التي تُنتج العنف تحت ظروف معينة "مثلاً الموت في سبيل الوطن أو الأمة الأميركية بدل الموت في سبيل الإله، مع أن كلاهما يتم التعامل معه باعتباره مقدساً".

ثم أخذ نموذج الحروب الدينية في أوروبا وقام بدراسته ليُظهر حجم التبسيط الموجه والابتسار في التفسير الديني لأسباب هذا الصراع باعتباره حرباً بروتستانتية كاثوليكية، وهو التفسير الذي تعتمده السردية الغربية لتقول بعد ذلك إن صعود الدولة العلمانية القومية الحديثة كان حلاً لإنهاء حقبة الحروب الدينية ولسيادة قيم السلام والتسامح. فلا تلك الحروب كانت دينية خالصة، ولا أنهت الدولة العلمانية الحديثة حالة العنف والقتل في المجتمع الأوروبي.