خفايا صورة سلبية تطارد اللاجئين في إعلام ألمانيا

في موازاة تشدد الخطاب السياسي تجاه اللجوء، يشهد الخطاب الإعلامي الألماني عموما بروز صورة سلبية عن اللاجئين. "بروبغندا" ضدهم يصفها البعض، فيما يرد آخرون بأنها تعكس "حقيقة" الوافد الجديد وبأنها من "تبعات" سياسة ميركل. وفاق بنكيران تسلط الضوء على طريقة تناول الإعلام الألماني لموضوع اللاجئين.

الكاتبة ، الكاتب: وفاق بن كيران

"هكذا يتحول اللاجئون إلى مجرمين" أو "كل شخص من عشرة يحصل على المساعدة الاجتماعية، هو سوري"، أو "بعد 1300 حصة - أربعة من خمسة لاجئين يرسبون في فحص اللغة (الألمانية)"، كلها أمثلة عن عناوين عريضة كثيرة اعتمدتها مؤسسة "بيلد" الإعلامية أثناء تغطيتها لملف اللاجئين. وهي الثيمة التي تحولت لدى "بيلد" ولدى بعض وسائل الإعلام الأخرى  إلى موضوع رئيسي بامتياز.

ولا يخفى على أحد أن العناوين المذكورة لها حمولة سلبية واضحة. فإذا أخذنا مثلا العنوان حول حصص اللغة الـ1300 المنشور بتقرير صادر في السابع من شهر يناير/ كانون الثاني 2018، فقد نفهم أن 80 بالمائة من لاجئي ألمانيا يخفقون في اجتياز هذا الفحص. لكن عند قراءة المقال، الذي يستند في مضمونه على أرقام رسمية صادرة عن مكتب الهجرة واللاجئين، فسوف نكتشف أن النسبة المذكورة تخص فئة الأميين من بين اللاجئين فقط، أي من لا يعرف القراءة والكتابة، وهي أصلا نسبة تدنو من الـ 20 في المائة من بين مجموع العدد العام.

بتر المعلومة من السياق

ومع ذلك صيغ العنوان وكأن الأمر يتعلق بمجموع اللاجئين، الأمر الذي يضعنا أمام أكثر من علامة استفهام. وعند مواجهة رئيس تحرير مجموعة "بيلد" الإعلامية، يوليان رايشلت، اعتبر الأخير أن عنوان المقال "ليس دقيقا" ولكنه ليس "خاطئا على الإطلاق"، وفق ما جاء في موقع "بيلد بلوغ" المتخصص في رصد ومراقبة "التجاوزات التحريرية" في وسائل الإعلام الألمانية.

عنوان صحفي من صحيفة بيلد الألمانية حول اللاجئين
بتر المعلومة من السياق في بعض وسائل الإعلام الألمانية - في هذا العنوان الصحفي مكتوب: "بعد 1300 حصة، أربعة من خمسة لاجئين يرسبون في فحص اللغة (الألمانية). هذا العنوان حول حصص اللغة الـ1300 المنشور بتقرير صادر في السابع من شهر يناير/ كانون الثاني 2018 من مؤسسة "بيلد" الإعلامية الألمانية قد نفهم منه أن 80 بالمائة من لاجئي ألمانيا يخفقون في اجتياز هذا الفحص. لكن عند قراءة المقال، الذي يستند في مضمونه على أرقام رسمية صادرة عن مكتب الهجرة واللاجئين، فسوف نكتشف أن النسبة المذكورة تخص فئة الأميين من بين اللاجئين فقط، أي من لا يعرف القراءة والكتابة، وهي أصلا نسبة تدنو من الـ 20 في المائة من بين مجموع العدد العام.

ويشدد الموقع على أن عنوان المقال يقوم على بتر المعلومات والإحصائيات الرسمية عن قصد من سياقها العام، متجاهلا أن الأمر من جهة يتعلق بفئة الأميين دون غيرهم. ومن جهة أخرى بطبيعة الفحص المعني الذي على ضوئه يحصل اللاجئ على شهادة "B1" التي هي الدرجة الثالثة في تراتبية فحص اللغة المفروض على اللاجئين للحصول على أوراق الإقامة وفرصة عمل، وبالتالي فإن مستواه يتطلب معارف أكبر من الفحوص التحضيرية "A1" و"A2".

علينا الإقرار بطبيعة الحال بأنه لا يمكن لعنوان قصير أن يشمل كل هذه التفاصيل، لكن عليه في الوقت ذاته "ألا يتسبب" في مغالطات إدراكية، كما أورد "بيلد بلوغ"،  خاصة أن زائر الموقع لا يمكنه الحصول على المعلومات الوافية لإكمال الصورة، إلا إذا اشترى النسخة الورقية للصحيفة أو دفع رسومات اشتراك في موقع "بيلد بلوس" لقراءة النص بالكامل. لكنه لو اكتفى بقراءة العنوان هكذا فسيبقى راسخا في ذهنه أن 80 بالمائة من اللاجئين غير مؤهلين لتعلم اللغة الألمانية، ما يعني أنهم غير مؤهلين أيضا لدخول سوق العمل والاندماج في المجتمع.

"ضالة الشعبويين المنشودة" 

وكان من البديهي أن ينقض ممثلو "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، على عنوان كهذا وأن يجدوا فيه "ضالتهم المنشودة" باعتباره "الدليل القاطع" على "إفلاس" الحكومة الألمانية و"فشلها الذريع" في سياسة اللجوء. وتوالت تعليقات على موقع تويتر بهذا الخصوص، كهذه التغريدة من مقر الحزب في ولاية شليزفيغ هولشتاين، تؤكد أنه ورغم كل المجهودات لن يبلغ اللاجئون حتى مستوى عامل بسيط لم يعد سوق العمل أصلا بحاجة إليه.

من البديهي أن ينقض ممثلو "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، على عناوين صحفية غير دقيقة وأن يجدوا فيها "ضالتهم المنشودة" باعتباره "دليلا قاطعا" على "إفلاس" الحكومة الألمانية و"فشلها الذريع" في سياسة اللجوء.
عناوين صحفية تتسبب في مغالطات إدراكية: عنوان لمقال في موقع صحيفة بيلد الألمانية يقوم على بتر المعلومات والإحصائيات الرسمية عن قصد من سياقها العام، والعنوان هو "ثلث الحاصلين على المساعدات الأجنبية من الأجانب". من البديهي أن ينقض ممثلو "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، على عنوان كهذا وأن يجدوا فيه "ضالتهم المنشودة" باعتباره "دليلا قاطعا" على "إفلاس" الحكومة الألمانية و"فشلها الذريع" في سياسة اللجوء. علينا الإقرار بطبيعة الحال بأنه لا يمكن لعنوان قصير أن يشمل كل هذه التفاصيل، لكن عليه في الوقت ذاته ألا يتسبب في مغالطات إدراكية خاصة أن زائر الموقع لا يمكنه الحصول على المعلومات الوافية لإكمال الصورة، إلا إذا اشترى النسخة الورقية للصحيفة أو إذا دفع رسوم اشتراك لقراءة النص بالكامل.

المشهد ذاته يتكرر بعد يومين فقط على مواقع الحزب، وهذه المرة تفاعلا مع خبر ثانٍ أوردته صحيفة "بيلد" في عددها الصادر في السادس من ذات الشهر، بعنوان "ثلث الحاصلين على المساعدات من الأجانب".

الصورة السلبية مسيطرة

ومع تعاقب الأحداث بتجاذباتها السياسية والاجتماعية منذ دخول الموجة الكبرى للاجئين في خريف عام 2015، تقدم ملف اللاجئين إلى صلب ليس فقط الأجندة السياسية للأحزاب والحكومة الألمانية، بل إلى صلب التغطية الإعلامية. وفي صيف عام 2017، ظهرت دراسة ميدانية بخصوص صورة اللاجئين في وسائل الإعلام، صدرت عن مؤسسة أوتو برينر بإشراف معهد الأبحاث بجامعة لايبتسيغ.

وركزت هذه الدراسة على تقارير مسموعة ومرئية ومقروءة في الفترة ما بين فبراير/ شباط 2015 ومارس/ آذار 2016، لتخلص الدراسة إلى أن وسائل الإعلام "تبنت" الخطاب الرسمي "لتلميع سياسة الأبواب المفتوحة"، متجاهلة تعقيدات الملف وضرورة معالجته من زواياه المختلفة.

لكن هذه الدراسة كانت قد سبقتها بثلاثة أشهر، دراسة أخرى لم تحظَ بذات الاهتمام، ويتعلق الأمر بدراسة أعدها معهد الإعلام "ماكروميديا" في العاصمة برلين بالتعاون مع مركز الأبحاث في قسم الجنايات بولاية ساكسونيا السفلى. وخلصت نتائجها إلى أن الإعلام الألماني يظهر صورة سلبية للاجئين، صورة مقترنة بالجرائم والاعتداءات الجنسية والإرهاب إلى غير ذلك.

عنوان صحفي من صحيفة بيلد الألمانية حول اللاجئين
عناوين غير دقيقة في بعض وسائل الإعلام الألمانية تعمق صور نمطية حول اللاحئين، مثلاً: "كل شخص من عشرة يحصل على المساعدة الاجتماعية، هو سوري" هو مثال لعناوين عريضة كثيرة اعتمدتها مؤسسة "بيلد" الإعلامية أثناء تغطيتها لملف اللاجئين. وهي الثيمة التي تحولت لدى "بيلد" ولدى بعض وسائل الإعلام الأخرى إلى موضوع رئيسي بامتياز. ولا يخفى على أحد أن العناوين المذكورة لها حمولة سلبية واضحة.

وتضيف الدراسة إلى أن عددا من وسائل الإعلام تركز بقوة على الجرائم التي يكون المشتبه فيها لاجئون، في حين تتغاضى عن ذات الجرائم إذا كانت تعتقد أن من يقف وراءها هم من "الألمان الأصليين". الجرائم العنصرية بحق اللاجئين أنفسهم، هي الأخرى يتم تجاهلها، بحسب المصدر ذاته.

وشملت الدراسة 238 تقريرا صادرا عن صحف كبرى، إضافة إلى 67 تقريرا تلفزيونيا من قنوات مختلفة. وجاءت صحيفة "بيلد" في صدارة الترتيب، إذ وبحسب المسؤولين عن الدراسة، فإن ثلثي التقارير المتعلقة بالجرائم بأشكالها المختلفة والمتناولة من قبل الصحيفة الواسعة الانتشار، كان المشتبه بارتكابها لاجئون. وفي التقارير التلفزيونية بلغت النسبة 52 بالمائة. و"مقارنة بعام 2015 ارتفعت نسبة التغطية الإعلامية حول المشتبه فيهم من غير الألمان إلى أربعة أضعاف، رغم أن نسب الجرائم بين هذه الأوساط ارتفعت بمعدل  الثلث فقط، وفق إحصائيات المكتب الاتحادي للمكافحة الجريمة" تقول الدراسة.

استثناء أم قاعدة؟

الملفت للأمر أن هذا الخط التحريري الملموس من قبل دراسة معهد الإعلام "ماكروميديا"، يتماشى في تطوره مع السياسة السائدة، التي ابتعدت عن سياسة "الترحيب" نحو تشريعات أكثر تشددا بدءا من حزمة قانون اللجوء الأول، ثم الثاني، إلى غاية بلوغ مرحلة تمّت فيها عمليات ترحيل رغم وجود قرارات صادرة عن السلطة القضائية تمنع ذلك، كما شهدناه مع قضية التونسي "سامي أ.".

الأستاذة الباحثة في علوم الإعلام الدكتورة كريستينا هورتس - ألمانيا.
معضلة في إعلام ألمانيا العام: المعضلة كما تقول الأستاذة الباحثة في علوم الإعلام كريستينا هورتس إنه وإذا ما تابعنا البرامج الحوارية التي تذاع أثناء ساعات البت الأساسية في المساء سواء في القناة الألمانية الأولى (ARD) أو الثانية (ZDF)، فـ"إننا سنرى بأن هذه البرامج تتشابه في مضامينها المقدمة بتلك التي تعرضها صحيفة بيلد ومثيلتها على وجه الخصوص. وإذا ما تابعتم برنامج "مايشبريغر" على سبيل المثال طيلة السنتين أو الثلاثة الماضية، فإنكم سترون أن موضوع الهجرة واللاجئين تمّ عرضه بشكل شبه تام داخل قالب الإرهاب والعنف والجريمة". هنا تحذر الأستاذة الباحثة في جامعة بوخوم، من أن هذا المنحى و"نظرا لسلطة صناعة الرأي التي يتوفر عليها الإعلام عبر تحديد طبيعة ومجرى النقاشات المجتمعية، يتم بلورة خطاب ينضم إليه الناس شيئا فشيئا، خاصة أولئك الذين لم يحسموا أمرهم بعد، وهنا الخطر"، في إشارة إلى الأفكار الشعبوية، فاختزال الواقع العريض إلى نقاط محددة، كلها أمور تقودنا إلى "صورة مشوهة للحقيقة، وهذا ما سيمثل فشلا ذريعا لوسائل الإعلام".

في موازاة ذلك، "نلحظ إنشاء إطارات مفاهيمية سلبية" في التغطية الإعلامية أقحم بداخلها اللاجئون، بحسب ما تؤكد دراسات علمية، كما تقول أستاذة الإعلام في جامعة بوخوم كريستينه هورتس. غير أن الأمر بحسب الباحثة في المجال الإعلامي يتعلق "بتقليد قديم" يعود حتى إلى قبل موجة اللاجئين في عام 2015، بل إنه وفي هذه السنة كانت الصورة الإيجابية للآخر استثناء في الحبكة الإعلامية بألمانيا. هذا الاستثناء مرده أنه حين "كان الخطاب السياسي غائبا (عند بدايات قدوم الموجات الكبيرة للاجئين، قامت وسائل الإعلام بسد الفراغ، وأشاعت خطاب الترحيب"، تقول الباحثة، مضيفة: "لكن حين عادت الساسة إلى الواجهة، وبدأت المستشارة ميركل تتنازع مع وزير خارجيتها هورست زيهوفر حول ملف إعادة اللاجئين، بدأت الأمور تنقلب". 

ولعلّ أحداث رأس السنة 2015/ 2016 في كولونيا، شكلت اللحظة الحاسمة للعودة إلى النموذج القديم في الإعلام، وفق الدكتورة هورتس. غير أن الخبير الإعلامي والناشط الجمعوي فرهاد ديلمغاني يرفض الفكرة، باعتبار أن أحداث تلك الليلة أمدت هذا التحول "حمولته الرمزية" فحسب، لكن قبل ذلك كان المزاج العام قد بدأ ينقلب بالفعل أمام صخب الأصوات المحذرة من "ضخامة أعداد اللاجئين التي لا يمكن لألمانيا استيعابها".

هذا الخطاب صدر على وجه الخصوص من ممثلين عن الأحزاب والقوى المحافظة في البلاد، يضيف رئيس اتحاد "دوتش بلوس" إحدى الجهات الفاعلة داخل المجتمع المدني، قائلا: "إنه لا توجد أحداث معينة بقدر ما أن الأمر يتعلق بديناميكية تمّ خلالها تطوير خطاب سلبي ضد اللاجئين".

"بين الحالة الإنسانية والميول للإجرام؟" 

وللاقتراب من نوعية هذا الخطاب بحسب وجهة نظر اللاجئين أنفسهم تقول الصحفية السورية هبة العبيد التي عملت صحفية متدربة في عدد من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة إنها عادةً ما صادفت تغطية تتأرجح بين صورة اللاجئ المحتاج للمساعدة والدعم، وصورة نقيضة عن اللاجئ المغتصب والمجرم. وبين الصورتين معا فراغ تام يجعل الصورة الأولى والثانية تظهران كصور نمطية.

وفي الأشهر الأخيرة ظهرت صورة ثالثة بدأت هي الأخرى تأخذ حيزا أكبر، وتتعلق باللاجئين بوصفهم عبئا على الاقتصاد "يجب التخلص منه". تزامنا مع ذلك بدأ الحديث عن الترحيل إعلاميا اليوم، على أساس أنه مطلب شعبي خاصة في الإعلام الخاص، وهو ما لم يكن ملاحظا خلال حرب العراق الأولى أو حرب البوسنة، إذ كان منطق المهمة الحضارية والإنسانية لأوروبا هو المنطق الغالب.

الناشط الحقوقي ومدير اتحاد "دويتش بلوس" فرهاد ديلمغاني - ألمانيا.
أين صوت اللاجئين في إعلام ألمانيا؟ يطالب الناشط السياسي فرهاد ديلمغاني بمنح حيز أكبر للاجئين أنفسهم، لأن أصواتهم لا تسمع إلا في استثناءات قليلة لا تخرج عن إطار أصوات فردية، لكنها لا تسمع في القضايا السياسية المهمة، ومن شأن ذلك يقول ديلمغاني، أن يعطي للنقاش بعدا مختلفا.

صناعة الرأي

وإذا كان الإعلام يراقب الواقع المجتمعي ويساهم في صناعة تحولاته، فإن السؤال الملح هو هل بات الإعلام عاملا أساسيا لتكريس الأفكار المعادية للاجئين، أو على الأقل وبصفته كمراقب هل يتجاهل الإعلام الحقيقة المجتمعية لألمانيا ومهمتها الحضارية؟

بالنسبة للدكتورة كريستينه هورتس، فإن وسائل الإعلام اليوم "لا تقوم بعملها كما يجب" بل "أخفقت في وظيفتها الإخبارية لشتى الملفات، إضافة إلى إخفاقها في المساهمة في عملية الاندماج المجتمعي. وهي وظائف موكلة إلى الإعلام بموجب الدستور، سواء ما يخص إعلام الخدمة العام أو حتى الصحافة المكتوبة.

وتوقفت الباحثة في مجال الإعلام عند مؤسسات الخدمة العامة على وجه التحديد، باعتبار أنها "مطالبة بتقديم نموذج مختلف، سواء من قبل المشرع أو استنادا على ما التزمت به وبوضوح في قوانينها الداخلية، وذلك لما يتعلق بالوظيفة الإخبارية للجميع أو المساهمة في الاندماج المجتمعي بكل أشكاله.

المعضلة تقول هورتس إنه وإذا ما تابعنا البرامج الحوارية التي تذاع أثناء ساعات البت الأساسية في المساء سواء في القناة الألمانية الأولى  (ARD) أو الثانية (ZDF)، فـ"إننا سنرى بأن هذه البرامج تتشابه في مضامينها المقدمة بتلك التي تعرضها صحيفة بيلد ومثيلتها على وجه الخصوص. وإذا ما تابعتم برنامج "مايشبريغر" على سبيل المثال طيلة السنتين أو الثلاثة الماضية، فإنكم سترون أن موضوع الهجرة واللاجئين تمّ عرضه بشكل شبه تام داخل قالب الإرهاب والعنف والجريمة". 

هنا تحذر الأستاذة الباحثة في جامعة بوخوم، من أن هذا المنحى و"نظرا لسلطة صناعة الرأي التي يتوفر عليها الإعلام عبر تحديد طبيعة ومجرى النقاشات المجتمعية، يتم بلورة خطاب ينضم إليه الناس شيئا فشيئا، خاصة أولئك الذين لم يحسموا أمرهم بعد، وهنا الخطر"، في إشارة إلى الأفكار الشعبوية، فاختزال الواقع العريض إلى نقاط محددة، كلها أمور تقودنا إلى "صورة مشوهة للحقيقة، وهذا ما سيمثل فشلا ذريعا لوسائل الإعلام".

من جهته، يطالب الناشط السياسي فرهاد ديلمغاني بمنح حيز أكبر للاجئين أنفسهم، لأن أصواتهم لا تسمع إلا في استثناءات قليلة لا تخرج عن إطار أصوات فردية، لكنها لا تسمع في القضايا السياسية المهمة، ومن شأن ذلك يقول ديلمغاني، أن يعطي للنقاش بعدا مختلفا.

الشيء ذاته تشكو منه هبة العبيد، والتي أوضحت أنها وخلال فترة التدريب كانت تود لو أنها مثل زملائها الألمان فتح لها المجال لكتابة مواضيع متعلقة بالحياة الاجتماعية أو الثقافية لبلدها سوريا، لكنها عوض ذلك تتركز مهمتها في كتابة تقارير حول اللاجئين السوريين ومعاناتهم مع الاندماج.

 

 

 

وفاق بنكيران

حقوق النشر: دويتشه فيله 2018

 

 

 

ar.Qantara.de