مواجهة عسكرية بعد إلغاء ترامب اتفاق إيران النووي؟

ماذا بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني؟ هل بمقدور الأوروبيين إنقاذ الاتفاق والتمسك به رغم انسحاب الحليف الأكبر؟ وهل باتت منطقة الشرق الأوسط على شفير مواجهة جديدة؟ محيي الدين حسين يسلط الضوء على أسئلة كثيرة تفرض نفسها بعد قرار ترامب.

الكاتبة ، الكاتب: محيي الدين حسين

وأخيرا أعلن الرئيس ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض عقوبات على طهران، بالرغم من المحاولات الأوروبية لإقناعه بالعدول عن هذا القرار. ووصف ترامب في كلمة له في البيت الأبيض الاتفاق بـ"الكارثي"، وأضاف: "إذا سمحت باستمرار هذ الاتفاق فسيصبح هناك سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط"، مؤكداً أن "الاتفاق لم يحد من أنشطة إيران لزعزعة الاستقرار ودعم الإرهاب في المنطقة". وفور إتمام ترامب لكلمته، شكره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قراره "الجريء"، مشدداً على أن الاتفاق النووي كان "وصفة لكارثة". وكان ترامب قد مدّد تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران بداية عام 2018 بموجب الاتفاق النووي، والذي يلزمه باتخاذ قرار حول تمديد تخفيف العقوبات كل أربعة أشهر. لكن الرئيس الأمريكي كان قد اشترط "موافقة" من الأوروبيين من أجل "تصحيح الثغرات الكبيرة" في الاتفاق قبل 12 أيار/مايو 2018، وهي المهلة الأمريكية المقبلة لاتخاذ القرار حول تمديد تعليق العقوبات على إيران. وخلال أسبوعين ماضيين سعى كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ووزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في زياراتهما المنفصلة إلى واشنطن لإقناع الرئيس الأمريكي بضرورة العدول عن قرار الانسحاب من الاتفاق النووي، لكن كل المحاولات الأوروبية وكذلك محاولة ماكرون الأخيرة من خلال مكالمة هاتفية قبل ساعات من إعلان ترامب للقرار لم تتكلل بالنجاح. 

محاولات أوروبية ألمانية وفرنسية بريطانية لم تتكلل بالنجاح سعت لجعل ترامب يتراجع عن قرار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران.
محاولات أوروبية لم تتكلل بالنجاح سعت لجعل ترامب يتراجع عن قرار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران: خلال أسبوعين سعى كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ووزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في زياراتهما المنفصلة إلى واشنطن لإقناع الرئيس الأمريكي بضرورة العدول عن قرار الانسحاب من الاتفاق النووي، لكن كل المحاولات الأوروبية وكذلك محاولة ماكرون الأخيرة من خلال مكالمة هاتفية قبل ساعات من إعلان ترامب للقرار لم تتكلل بالنجاح.

 "زعزعة استقرار الشرق الأوسط" ويبدي الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ماركوس كايم تخوفه من "عدم التزام إيران بقواعد الاتفاق الحالية" بعد خروج الولايات المتحدة منه، وفرض عقوبات على إيران، مؤكداً أن الولايات المتحدة كانت تلعب دوراً رئيسياً في الاتفاق. ومنذ أن كان مرشحاً للرئاسة، وعد ترامب بإلغاء الاتفاق الذي أبرمته إدارة سلفه أوباما، منتقدا وجود "ثغرات كبيرة". كما انتقد ترامب الاتفاق لأنه لا يتطرق بشكل مباشر إلى برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية ولا إلى دور طهران الذي يعتبره "مزعزعاً للاستقرار" في الشرق الأوسط، وخاصة في سوريا واليمن.ويرى الخبير الألماني في الأمن الدولي أوليفر ماير أن هناك ثلاثة أسباب دفعت ترامب للخروج من الاتفاق النووي، ويضيف: "السبب الأول هو اعتقاده أن نقاط الاتفاق غير صارمة، والثاني أنه لا يشمل تقليص قدرات إيران الصاروخية، والثالث أن الموقع عليه هو أوباما الذي لا يتفق ترامب مع سياساته". ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز فإن خطوة ترامب قد تستتبع رداً إيرانياً، إذ قد تستأنف طهران برنامجها للأسلحة النووية أو تعاقب حلفاء الولايات المتحدة في سوريا والعراق واليمن ولبنان، حيث يظهر تأثيرها الإقليمي. وتتهم واشنطن طهران بتقديم "الدعم المادي والمالي"، "للإرهاب والتطرف"، في إشارة إلى حزب الله الذي يهيمن على لبنان "احتمال مواجهة عسكرية قائم" وتقول "مجموعة الأزمات الدولية" في تقرير حديث لها إن طهران لطالما اتبعت سياسة الحرب "بالوكالة" عبر استخدام الدول الضعيفة: لبنان ضد إسرائيل، العراق ضد الولايات المتحدة، اليمن ضد السعودية. وتضيف أنه "ما دامت إيران تتبع هذه السياسة ستبقى التوترات واحتمال حدوث مواجهة عسكرية مباشرة موجودان". 

فوز حزب الله وحلفائه في الانتخابات اللبنانية تأكيد على تنامي نفوذ إيران الإقليمي.
فوز حزب الله وحلفائه في الانتخابات اللبنانية تأكيد على تنامي نفوذ إيران الإقليمي: وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز فإن خطوة ترامب بالانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران قد تستتبع رداً إيرانياً، إذ قد تستأنف طهران برنامجها للأسلحة النووية أو تعاقب حلفاء الولايات المتحدة في سوريا والعراق واليمن ولبنان، حيث يظهر تأثيرها الإقليمي. وتتهم واشنطن طهران بتقديم "الدعم المادي والمالي"، "للإرهاب والتطرف"، في إشارة إلى حزب الله الذي يهيمن على لبنان. وتقول "مجموعة الأزمات الدولية" في تقرير حديث لها إن طهران لطالما اتبعت سياسة الحرب "بالوكالة" عبر استخدام الدول الضعيفة: لبنان ضد إسرائيل، العراق ضد الولايات المتحدة، اليمن ضد السعودية. وتضيف أنه "ما دامت إيران تتبع هذه السياسة ستبقى التوترات واحتمال حدوث مواجهة عسكرية مباشرة موجودان".

 ففي العراق وكذلك في سوريا حيث تدعم طهران منذ 2011 نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تؤكد إيران أنها تتصرف باسم أمنها الوطني ضد جهاديي تنظيم "داعش". وفي اليمن، تدعم ايران المتمردين الحوثيين. كما تعتبر إيران نفسها في صدارة "المقاومة" لمواجهة إسرائيل. ويأتي قرار ترامب في وقت تتزايد فيه التهديدات المتبادلة بين الدولتين. وقد نشرت إسرائيل منظومات للدفاع الجوي تحسبا لهجوم إيراني. كما اختصر رئيس الوزراء الإسرائيلي زيارته إلى قبرص على خلفية تقارير استخباراتية عن رد إيراني محتمل على الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على قواعد عسكرية في سوريا. سعي أوروبي لإبقاء الاتفاق حياً ومع الدور الإقليمي الكبير الذي تلعبه إيران في منطقة الشرق الأوسط، فإن الدول الأوروبية تعمل على أن توصل رسالة إليها، مفادها أن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق لا يعني نهايته، كما ذكر موقع شبيغل الألماني.حيث أكد الاتحاد الأوروبي - إلى جانب الدول الأعضاء فرنسا وألمانيا وبريطانيا- مجدداً التزاماته بالاتفاق النووي مع إيران قبيل ساعات من اتخاذ ترامب لقراره، وذلك في اجتماع مع نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بروكسل. كما قالت وزيرة الدفاع الفرنسية تمسك باريس بالاتفاق "سواء كانت الولايات المتحدة جزءاً منه أم لا". بدوره أكد مسؤول ألماني لرويترز أنهم سيواصلون النقاش مع كل الأطراف لتفادي حدوث تصعيد خارج عن نطاق السيطرة. مهمة صعبة لأوروبا 

صورة رمزية. عَلَم إيران وعليه رمز الطاقة النووية [الراية الإيرانية مع رمز الطاقة النووية].
أسباب دفعت ترامب للخروج من الاتفاق النووي مع إيران: يرى الخبير الألماني في الأمن الدولي أوليفر ماير أن هناك ثلاثة أسباب دفعت ترامب للخروج من الاتفاق النووي، ويضيف: "السبب الأول هو اعتقاده أن نقاط الاتفاق غير صارمة، والثاني أنه لا يشمل تقليص قدرات إيران الصاروخية، والثالث أن الموقع عليه هو أوباما الذي لا يتفق ترامب مع سياساته".

 وترى خبيرة الشؤون الإيرانية في المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية إيلي غيرانمايه أنه يمكن للدول الغربية الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي أن تنقذه -إلى جانب إيران وروسيا والصين- حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، مشيرة إلى أن ذلك سيكون أكثر صعوبة، ويتطلب "إرادة سياسية وتفكيراً إبداعياً"، مؤكدة أن ما يهمّ إيران هو "ضمان أن إمدادات النفط والطاقة إلى أوروبا ما تزال ممكنة". لكن الخبير الألماني في العلاقات الدولية والعقوبات زاشا لومان يرى أنه من الصعب أن تستطيع الدول الأوروبية تقديم أيّ شيء "مهم" لإيران بغياب الولايات المتحدة، ويتابع: "لا يمكن إجبار البنوك الكبيرة على القيام بأعمال تجارية مع إيران، لأنها ستكون عرضة للعقوبات الأمريكية، فهي تخضع للولاية القضائية الأمريكية طالما أنها تستخدم الدولار". ورغم تأكيد الرئيس الفرنسي ووزير خارجية بريطانيا أنه لا توجد خطة ثانية لدى الدول الغربية في حال انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران، فإن المؤشرات تشير إلى استمرار المحادثات من أجل إضافة تعديلات على الاتفاق، لتجنب حرب لا يريدها أحد، حتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما قال ماكرون.  محيي الدين حسينحقوق النشر: دويتشه فيله 2018   ar.Qantara.de