ما فشل ترامب في فهمه حول القدس

اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائل مرفوض: ليس فقط من 300 ألف مقدسي أو 12 مليون فلسطيني حول العالم، بل إن ما فشل ترامب في فهمه هو أن القدس ثالث المقدسات لدى 350 مليون عربي و1.5 مليار مسلم. ناهيك عن عدد لا يحصى من مؤيدي حل عادل، وهم حول العالم من مختلف المعتقدات. كما لم يُؤيِّد قرار ترامب سوى 20% من الأمريكان، بل وهناك معارضة له في إسرائيل. كما يذكر داود كُتّاب في تحليله التالي.

الكاتبة ، الكاتب: Daoud Kuttab

في غضون ثلاثة أسابيع قامت الولايات المتحدة بهجوم غير مسبوق على الشعب الفلسطيني من خلال ثلاثة محاور. أولاً قام وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في 17 نوفمبر/تشرين ثاني 2017 بالامتناع عن تجديد ترخيص مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية والذي وفر لدبلوماسيي فلسطين العمل في العاصمة الأمريكية منذ التوقيع على اتفاق أوسلو. وفي الخامس من ديسمبر/كانون الأول 2017 قام مجلس النواب الأمريكي بإقرار قانون تيلور فورس والذي يفرض على السلطة التشريعية التوقف عن دعم السلطة الفلسطينية للسنوات 2018-2024 إلّا إذا قامت الأخيرة بالتوقف عن دفع مخصصات الأسرى والشهداء إلى أهاليهم. وفي الهجوم الثالث والذي جاء بعد يوم واحد من قرار الكونغرس فقد تم تدمير أي محاولات لتحقيق السلام. "فرض أمريكي لرؤية إسرائيل للسلام"...خطوة عارضها العالم ففي خطوة عارضها العالم بأكمله وفي مخالفة واضحة لقرارت الهيئة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن قامت الولايات المتحدة ممثله برئيسها بالإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل. الرسالة كانت واضحة: إن إدارة ترامب مصممة أن تفرض الرؤية الإسرائيلية للسلام مع الفلسطينيين بدل من التفاوض لحل مقبول من الطرفين.

UN-Sicherheitsrat in New York zu Situation in Nahost - Veto USA; Foto: Reuters/B. McDermid
Veto gegen Jerusalem-Resolution: Als "Beleidigung, die wir nicht vergessen werden", bezeichnete die UN-Botschafterin der USA, Niki Haley, die UN-Resolution zur Jerusalem-Politik ihrer Regierung. Im Sicherheitsrat haben sich die USA damit isoliert.

طبعاً لم يتم عرض القرار الأمريكي من قبل البيت الأبيض بهذا الأسلوب. فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن مسؤولين من إدارة ترامب يعتقدون أن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس قد يسرّع عملية السلام "لأنها ستسحب أحد مصادر الغموض في الموقف الأمريكي"، حيث أن الرئيس مجبر للتوقيع كل ستة أشهر على قرار تأجيل نقل السفارة وهو أمر -بحسب رأيهم - يزيد من التوتر السياسي.في خطابه حول الموضوع كرر ترامب نفس الفكرة قائلا أن الاعتراف الرسمي في القدس عاصمة إسرائيل سيؤدي "على المدى البعيد إلى دعم التحرك السلمي نحو حل دائم". كما ادعى أن القرار "ليس خروجاً بأي شكل من الأشكال عن موقفنا القوي والتزامنا لتسيير عملية السلام التي هي مهمة جداً للإسرائيليين وللفلسطينيين."ولكن وفي نفس الخطاب كشف ترامب عن رغبته بتفوق إسرائيل حيث قال إن "إسرائيل دولة ذات سيادة ولها الحق كما هو لأي دولة ذات سيادة أن تختار عاصمتها." ورغم المحاولات القوية فإن فلسطين، طبعاً، ليست دولة ذات سيادة بالنسبة للولايات المتحدة. وبهذا كان قرار ترامب وبصورة فعلية انتصاراً للرؤية الإسرائيلية في حين كان هناك مناشدة للفلسطينيين للقبول بالخسارة وبهدوء. ولكن الجانب الفلسطيني أظهر تحدياً وقدرة كبيرة على المقاومة. ففي صيف عام 2017 عندما كانت الحكومة الإسرائيلية تحاول من جانب واحد وضع أبواب إلكترونية لتقييد دخول الفلسطينيين إلى الحرم الشريف/المسجد الأقصى تفجرت المظاهرات الاحتجاجية لمدة أسبوعين مما أجبر الإسرائيليين على التراجع عن قرارهم. ما فشلت إدارة ترامب عن فهمه حول القدس إن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ليس مجرد قرار رمزي بل أكثرمن ذلك بكثير. فهو أمر نجم عنه رفض ومقاومة ليس فقط من قبل 300 ألف مقدسي فلسطيني أو من 12 مليون فلسطيني في أنحاء العالم. ما قد فشلت إدارة ترامب أن تفهمه هو أن القدس هي ثالث أقدس مكان ديني مسلم بعد مكة والمدينة. وأن أهميتها لا تكمن فقط في إطار الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بل لدى 350 مليون عربي و 1.5 مليار مسلم في العالم وكلهم لهم رأي ومصلحة في القدس. 

 منظر لأماكن دينية مقدسة في مدينة القدس القديمة: حائط المبكى والمسجد الأقصى. Foto: Getty Images
Öl ins Feuer: "Die Verlegung der US-Botschaft nach Jerusalem ist ein weitaus stärkerer symbolischer Schritt als die Installation von Metalldetektoren an den Eingängen zum Tempelberg. Dieses Vorgehen könnte noch erheblich größeren Widerstand auslösen – nicht nur bei den 300.000 in Ostjerusalem lebenden Palästinensern, sondern auch bei den über zwölf Millionen Palästinensern auf der ganzen Welt", schreibt Kuttab.

 قد يفكر ترامب أن شهر العسل مع السعودية سيسمح له بالهروب من انتقادات عربية. لكن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يواجه حالياً الكثير من المعارضة تجاه عمليات الإصلاح التي يقودها الأمر الذي لا يساعده في الوقوف العلني مع إسرائيل في موضوع في غاية الحساسية مثل القدس. إن الحقيقة واضحة وهي أن القادة العرب والمسلمين لن يسمحوا لترامب بأن يسلم القدس لإسرائيل ليرضي قاعدته المتصهينة والتي حتى ثلاث أرباع الأمريكان اليهود لا يؤيدونه فيها. وفي هذا الخضم قال محمد أشتية،عضو المجلس المركزي لحركة فتح، إن القيادة الفلسطينية بالتنسيق مع الأردن وباقي العرب سترفض كافة الأمور المفروضة على الجانب الفلسطيني.طبعاً من المؤكد أن الدعم للمطلب الفلسطيني العادل لحل سلمي لا يأتي فقط من العرب والمسلمين. فعدد المؤيدين من أنحاء العالم من الديانات والمعتقدات والخلفيات المختلفة لا يحصى ، كذلك أيضاً من خلال قرارت مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية. حتى في الولايات المتحدة، وحسب استفتاء أصدرته المؤسسة الأمريكية العربية، لم يُؤيِّد قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس سوى 20% من الأمريكان بما فيهم الأمريكان العرب واليهود. يطالب الجانب الفلسطيني بحل الدولتين وأن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية في حين تكون القدس الغربية عاصمة إسرائيل. الإسرائيليون من ناحيتهم يرفضون باستمرار حل الدولتين ويطالبون أن تكون القدس كلها لهم. باختصار، إن موقف الحكومة الإسرائيلية كما هو موقف إدارة ترامب هي التي يجب ان تتغير إذا كان هناك رغبة حقيقية في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. [embed:render:embedded:node:29721] الكثيرون في إسرائيل يعترفون أن 25 شخصية إسرائيلية، منهم دبلوماسيون سابقون وجنرالات وأكاديميون، وقعت رسالة إلى موفد الرئيس ترامب للسلام مستنكرين القرار بخصوص القدس. إن وضع القدس يأتي في لب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ويجب أن يتم حله ضمن حل الصراع نفسه"، قال الموقعون على الرسالة. يحتاج أي حل سلمي أن يتحمل امتحان الزمن، ما يعني أن يكون الحل عادل ومنطقي. لأن أي حل يترك مرارة لدى طرف ما سيفشل وخاصة إن كانت المرارة تصل إلى ملايين من الناس حول العالم. إن محاولة فرض حل على الفلسطينيين سيزيد من احتمالية تجدد العنف بدلا من إحلال السلام. داود كتابحقوق النشر: بروجيكت سنديكيت 2017  ar.Qantara.de داود كُتّاب كاتب مساهم في صفحة "نبض فلسطين" في موقع المونيتور. وهو صحاي فلسطيني وناشط إعلامي، وبروفيسور سابق في الإعلام والصحافة في جامعة برينستون، وهو حاليًا المدير العام لشبكة الإعلام المجتمعي، وهي منظمة غير ربحية تسعى لدعم الإعلام المستقل في المنطقة العربية. كُتّاب ناشط في الدفاع عن حرية الإعلام في الشرق الأوسط، وهو كاتب أعمدة في صحف "جوردان تايمز" و"جيروزالم بوست" و"ديلي ستار" اللبنانية، وشارك في إنتاج عدد من الأفلام الوثائقية الحائزة على جوائز وبرامج الأطفال التلفزيونية. نال عدة جوائز دولية، بما فيها جائزة حرية الصحافة من لجنة حماية الصحافيين في نيويورك، وجائزة لايبتسيغ للشجاعة في الحرية، وجائزة السلام عبر الإعلام من مؤسسة نيكست البريطانية.