روايات اللاجئين العراقيين عن الضيافة الإيرانية...مرارة شيعية تحت خيمة ولي الفقيه!

وضعت "حرب الخليج" اوزارها بعد شهر من القصف الجوي العنيف وحرب برية قصيرة نجحت قوات التحالف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة بطرد القوات العراقية من الكويت. ولكن الرئيس العراقي صدام حسين ظل متمسكا بالحكم، بعد ان اجهض انتفاضتي الشيعة في الجنوب والاكراد في الشمال
وضعت "حرب الخليج" اوزارها بعد شهر من القصف الجوي العنيف وحرب برية قصيرة نجحت قوات التحالف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة بطرد القوات العراقية من الكويت. ولكن الرئيس العراقي صدام حسين ظل متمسكا بالحكم، بعد ان اجهض انتفاضتي الشيعة في الجنوب والاكراد في الشمال

هبّ الجيش العراقي الهارب من الكويت باحثاً عن خلاص من حروب صدام في انتفاضة عام 1991 التي لم تدم سوى خمسة أيام، وحوّلتها الأحزاب الإسلامية الشيعية الى انتفاضة شيعية فخسرت الدعم الغربي والعربي الخليجي لها. واضطر المنتفضون أن يهربوا الى إيران باعتبارها "ظهير الشيعة في العالم"، كما كان يعتقد كثير منهم، لكنّ ما صادفهم هناك غيّر قناعاتهم، وعاد العراقيون الى بلدهم بقصص متفاوتة. ملهم الملائكة حاور بعضهم لموقع قنطرة.

الكاتبة ، الكاتب: ملهم الملائكة

"خذ القصة من أفواه أبطالها" نصيحة هندية التزمت بها وحاورت ثلاثة من اللاجئين العراقيين في إيران، واخترتهم من مراحل لجوء مختلفة فكان هذا التحقيق شهادة قد يراها البعض صادمة وهي تكشف عن حقائق لا يجرؤ كثيرون على إعلانها.

المهاجرون من قيادات الصف الأول

"زينب ال..." وهذا اسم مستعار لسيدة ولدت في لبنان لأمٍّ وأبٍ عراقيين، وقد أعدمت سلطات البعث عام 1980 والدها في بغداد وهو قيادي في أحد أكبر الأحزاب الشيعية، فهربت والدتها بها وبأخيها الأصغر إلى إيران عبر تركيا لتكون في ضيافة " الجمهورية الإسلامية في إيران" ابتداء من عام 1981. هذا النوع من اللجوء يختلف عن لجوء من شاركوا في انتفاضة عام 1991، وعن لجوء المهجرين، وعن تجارب لجوء" التوابين" ، فالسيدة وبنوها يحملون شهادة المشاركة في صنع الخط الإسلامي الشيعي في العراق، بدليل إعدام زوجها مع المرجع محمد باقر الصدر، وهذا شهادة حسن سلوك وولاء مضمون تشفع لها لدى حكومة الجمهورية الإسلامية. رفضت زينب الحديث بالتفصيل عما مر بها وبأمها وأخيها، لكنها تحدثن بشكل سريع عن حياتها هناك وسأنقل شهادتها كما كتبتها هي لي:

"أتذكر أني دخلت مدرسة قرآنية لبنانية في مدينة قم، ولم أنضم إلى أيّ مدرسة إيرانية، لأنّ والدتي لم تحب اللغة الفارسية قط، كما أنها كانت تحرص على أن نحافظ على هويتنا العربية. وبقيت أدرس في المدرسة المذكورة حتى وفاة الأمام الخميني الصادم للجميع عام 1989، وعندها انتقلنا إلى لبنان ، فانضممت إلى مدارس البقاع ودرست فيها حتى أكملت الثانوية، ثم درست في الجامعة الإسلامية في لبنان منذ 1995 حتى 1999."

قنطرة: هل عدتِ بعدها إلى إيران أم بقيت في لبنان؟

"عدت بعد التخرج إلى إيران بحثا عن عمل، وكانت والدتي قد بقيت في بيتنا بالبقاع، فيما بقيت شقتنا في شمال طهران خالية ، حتى عدت لها، كان يسكنها بعض أصدقائنا من المهاجرين العراقيين، وعدت لأسكن فيها، ثم صارت القسمة، وتدخل أحد علماء النجف من أصدقاء المرحوم والدي، ليعقد قراني على مجاهد بدري، وعشت معه بين طهران وقم حيث كان يعمل، وبعد سقوط صدام، عدنا إلى العراق وتولى زوجي منصبا كبيراً في إحدى الوزارات العراقية".

قنطرة: هل انقطعت صلتك بالمهجر الإيراني بعد العودة إلى العراق؟

" الحقيقة إننا نذهب إلى إيران بين مدة وأخرى لأغراض الزيارة، فالسيدة معصومة، والإمام الرضا غريب الطوس مقامان نتبرك بهما، بل أنّ أبنتي الصغيرة اسمها معصومة ، وابني أسميته علي رضا، لكنّ هذا لا يعني أني إيرانية، أقول لك شيئا قد لا تصدقه، لم أتعلم اللغة الفارسية حتى الآن ولا أحب أن اتعلمها، وابني وبنتي الكبيران اللذان ولدا في إيران لا يتقنان منها إلى الشيء القليل، نحن لسنا إيرانيين، لكن العالم العربي يعتبر كل الشيعة إيرانيين".

ورفضت السيدة زينب ال... مزيدا من الحديث، وكانت قد اشترطت أن تعرف أولا أين سينشر التحقيق قبل أن توافق على الحديث.

مهاجرو انتفاضة 1991 المنسية  

ومن بين مهاجري انتفاضة عام 1991 حاورنا لاجئا اختار اسم "عبد الزهرة البغدادي" الذي أجاب عن أسئلة موقع قنطرة:

قنطرة: ما عدد المهاجرين واللاجئين العراقيين في إيران تقريبا، وما مراحل دخولهم اليها؟

لا يمكن إحصاء اللاجئين في إيران إلا عن طريق ما يسمى  بالفارسية ب (دفتر أمور اتباع ومهاجرين خارجي ) "مكتب شؤون التبعيات الأجنبية والمهاجرين". وهذا المكتب يهتم بأمور المهاجرين، الذي يدخلون الحدود الإيرانية ولوجود عدد كبير من المخيمات في إيران ومنهم من شارك في الحرب العراقية الإيرانية وأسر أثناء المعارك ودخل أقفاص الأسر وبعد مرور فترة على أسره عمل مع السباه ( حرس الثورة) الإيراني وأصبح مقاتلا ضمن صفوف فيلق 9 بدر بقيادة السيد محمد باقر الحكيم . هؤلاء  أخرجوهم من الأسر وأطلقوا عليهم تسمية "التوابين" مقابل أن يعملوا في صفوف السباه الإيراني ..وأضيفوا الى شريحة اللاجئين الذين لجأوا الى إيران سنة 1991.

وهنالك تفاوت في عدد سنوات الهجرة من شخص إلى آخر، فمنهم من هاجر في انتفاضة 1991 عند انسحاب الجيش العراقي من الكويت ونستطيع حصر فترة الهجرة واللجوء بين عامي 1991 الى 1994 .

هذا التحقيق شهادة قد يراها البعض صادمة وهي تكشف عن حقائق لا يجرؤ كثيرون على إعلانها.
هذا التحقيق شهادة قد يراها البعض صادمة وهي تكشف عن حقائق لا يجرؤ كثيرون على إعلانها.

قنطرة: كيف كان يدخل العراقيون إلى إيران رغم حالة العداء المزمن بين البلدين؟

إن العراقيين الذين هاجروا إلى إيران هاجروا بشكل مجاميع كبيرة عن طريق سماسرة ومهربين بين الحدود، وكان اجتياز الحدود يجري ليلاً عبورا الى منطقة "همّت" الحدودية، حيث تقوم السلطات الإيرانية بتجميع العوائل وحجزها في هذه المنطقة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن 6 أشهر.

من جهة أخرى كانوا يقومون بمسح منطقة صحراوية في إحدى المحافظات الإيرانية ونصب خيم صغيرة وإحاطتها بسياج مبني أو سياج أسلاك شائكة لتأمين حصرهم وعدم الخروج من هذه المعسكر الا عبر نقطة حرس باب النظام اسوة بالمعسكرات والسجون. وعندها ينقلون تلك المجموعات الى هذا المعسكر الذي أصبح جاهزا لاستقبال المهاجرين حيث يكون كل معسكر عدد العوائل الموجودة فيه لا تقل عن 1000 عائلة وعدد أفراد العائلة يتراوح من شخصين إلى عشرة أشخاص ( بعد هذا التاريخ، شيدت للاجئين بيوت صغيرة جدا ( 25 مترا للبيت) بدلا عن الخيم، بموجب مساعدات دفعتها المفوضية العليا للاجئين العراقيين التابعة للأمم المتحدة الى حكومة إيران.

قنطرة: وكيف كان يعيش اللاجئون، كيف يعملون كيف يدرسون، كيف تسجل ولاداتهم، وكيف يتزوجون؟

كانوا يعاملوننا  معاملة الأسرى ولا يسمح لنا الخروج من المخيم أو المعسكر "أردوكاه"  إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على الأقل، وبعد التأكد من حالتك الصحية خشية أن تكون مصابا بمرضٍ معين ( كما كانوا يدّعون) ، فيما يستمر التدقيق بملفك الشخصي وانتمائك الحزبي والطائفي، وتجلب المعلومات الكافية عنك من مصادر يعتمدونها تعمل لصالح الإيرانيين .

وبعد كل هذه الإجراءات يصدرون ورقة خروج يومية عندما تريد الخروج إلى العمل وتسليمها بعد عودتك بحيث يعرفون من خرج وعاد ومن خرج ولم يعد .أما عن معاملة الإيرانيين في الأسواق والمناطق العامة ومحال العمل فيُنظر إلى المهاجرين وكأنّهم أعداء، و كلما اختلفوا مع عراقي قالوا أنتم الذين قتلتم أولادنا ( في حرب السنوات الثمان) وهذا أقل ما يقال…أما أجور العمل للعامل فتكون نصف حقوق العامل الإيراني تقريباً.

قنطرة: ولماذا لم تعمل بعد حصولك على الإقامة، أعني لماذا لم تغادر المخيم وتعتمد على نفسك أسوة بكثيرين يقيمون في مدن إيران الكبرى؟

الإقامة؟ لا يوجد شيء في جمهورية إيران اسمه إقامة اللاجئين، هنالك سياسة تتبعها الحكومة وتُطبق حتى على الأشخاص الذي سفّرهم النظام الصدامي آنذاك هي سياسة (  بناهنده) وتعني الضيوف (اللاجئون)، وبعد مرور فترة طويلة أصدرت الجمهورية الإسلامية في إيران كارت دخول وخروج سنوي يسمى (الكارت الأخضر) يُكتب على وجهه الأول الاسم واللقب، والتولد ورقم "الكود" للعائلة، وعلى الوجه الثاني  يُدرج أفراد تحت التكفل وأسماءهم، وفيه ملاحظة لا يسمح له بتملك الأموال المنقولة وغير المنقولة، وتاريخ الإصدار وتاريخ الانتهاء.  

علما أنّ كل فرد في المخيم ينقل من مخيم إلى آخر بأمر وكتاب رسمي ويرسل بمأمورين الى المخيم الجديد . وفيهم من ينقل بناءً على رغبته ومنهم من ينقل عقوبة لمخالفة ارتكبها حسب اعتقاد السلطات.

قنطرة: ما عدد المخيمات إجمالا ليتاح للمراقب إجراء إحصاء تقريبي لعدد المهاجرين واللاجئين؟

توجد مخيمات كثيرة في إيران، أهمها (الذي سمعت به) :

مخيم المله ثاني في الأهواز جنوب إيران وهذ المخيم خاص للتسفيرات والمخالفين .

مخيم بعثت في شوستر الأهواز جنوب إيران.

مخيم انصار في دزفول الأهواز ومخيم أشرف أصفهاني في الأهواز.

مخيم أباذر أزنا في  لرستان بمدينة ازنا

مخيم دستغيب في جهرم بولاية شيراز

مخيم سروستان في شيراز

مخيم زنجان

مخيم خوي في آروميه أذربيجان غربي على حدود تركيا

مخيم حسن بني النجار في كتوند

مخيم ابراهيم آباد في آراك. 

علما أنّ الذين هاجروا بدون أسرهم، يوضعون في مخيم "كامب" مخصص يطلق عليهم المجردين " العزاب"، وفي كل مخيم يوجد كامب مجردين (العزاب).

قنطرة: ما دور الأحزاب الدينية العراقية في داخل المخيمات، وهل تتولى تزكية المهاجرين واللاجئين بحيث تضع فروقا بينهم؟ سمعنا عن لاجئين بسيارات فاخرة يعيشون في المخيمات وتسكن أسرهم في 4 إلى خمس بيوت متلاصقة، فيما هناك لاجئون لا يجدون حتى طعاما؟

يوجد في كل مخيم معمم يرسل من مكتب شؤون المبلغين في قم،  يقوم هذا المبلّغ بإلقاء المحاضرات ويكون حلقة وصل بين المهاجرين وإدارة المخيم من حيث التزكية والتشفع وإيصال المعلومة بشكل مباشر، وتكون له علاقات مع المسئولين في مكتب أمور اتباع خارجي" مكتب شؤون الرعايا الأجانب" (وهو مؤسسة مرتبطة بدائرة الهجرة تديرها أجهزة الأمن الإيرانية) حيث عند إرساله الى المخيم يرسل بشكل مأمورية مبلّغ وبكتاب رسمي من مكتب شؤون المبلغين الى دفتر أمور اتباع  ويؤشر كتاب نشره هناك ويزود بكتاب من دفتر أمور اتباع الى إدارة المخيم كي يستلمونه ويعتمدون عليه رسمياً، علماً أنّ المعمم  المبلغ في المخيم يمثل القانون والإسلام من جهة ويمثل "الاطلاعات" من جهة ثانية ( الأمن.

وعندما يكون المبلغ غير راضٍ عنك، أو يدلي عنك بمعلومة خاطئة بقصد أو دون قصد، فعليك أن تتوقع التبعات القانونية لبلاغه، وحسب  المعلومة التي وصلت، فأما نقلك من المخيم إلى مخيم أسوأ تعاملا وأقسى ظروفا (خاصة المناخية)، أو إبعاد الى مخيم آخر، وإذا كانت المعلومة أشد فربما تدخل مدخل التجسس. وربما يتحتم عليك المثول أمام المحكمة وعليك إثبات براءتك (وهناك روايات بين العراقيين عن لاجئين عرضوا على محكمة في  دائرة الانضباط المركزي بطهران، وحكم عليهم بالسجن المؤبد لأنهم تجادلوا مع مبلغ إيراني أو حزبي، وقد قضى بعضهم مدة سجنه البالغة خمسة عشر عاما، وأعيد الى العراق ليعيش متخفيا هناك) وبعض من الشباب ، يرسلونهم بتوصية من المبلغ الى الباسگاه (مركز شرطة المخيم ) حيث يقوم عناصر الشرطة بضربهم وتوبيخهم تحت مسمى التأديب لكونهم غير منضبطين أخلاقيا.

من هو المبلغ، هل هو مبعوث من قبل الأحزاب الدينية العراقية ؟ أم دوائر الأمن الإيرانية؟

هو مبعوث من مكتب شؤون المبلغين  الجناح التبليغي للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، والمجلس الأعلى الذي كان يقوده السيد محمد باقر الحكيم، والمبلغ يقوم بعدة أمور منها عقد زواج شرعي ورسمي للمتزوجين .

مهاجرو منتصف تسعينات القرن العشرين من جنوب العراق وشماله

الصحفي احمد الياسري، المقيم في سيدني في أستراليا هو أحد المهاجرين أواسط تسعينات القرن العشرين وقد أجاب عن أسئلة قنطرة بمعطيات تختلف قليلاً.

قنطرة: ما عدد اللاجئين العرقيين في إيران، وعلى مدى اي سنوات  هاجروا الى  هذا البلد؟ اين كانت مناطق اسكانهم؟

ليس هناك أعداد محددة للاجئين العراقيين في إيران لسبب تعدد الهجرات العراقية إلى هذا البلد، والمهجرون ينقسمون إلى:

مسفّرون إيرانيون (من الكرد الفيلية) ولدوا في العراق وجرى تسفيرهم عام 1970 في زمن البكر، ومسفرون عراقيون من أصول إيرانية تم تسفيرهم في زمن الحرب العراقية الإيرانية بأعوام الثمانينات ( وتطلق عليهم تسمية معاود بالفارسية).

المهاجرون: هم عراقيون هاجروا الى إيران لدواعي سياسية إما لارتباطهم بأحزاب معارضة أو مستقلون تعرضوا لمضايقات النظام السابق فعبروا الحدود .

بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لانتفاضة جنوب وشمال العراق عام 1991
"المؤيدون لنظام الرئيس السابق صدام حسين والمقتنعون بسلوكه إزاء أحداث الجنوب العراقي عام 1991 يصفون ما حدث على أنه تمرد وخروج على الدستور والقانون ومحاولة للانقلاب على السلطة الشرعية، وأن ما فعله صدام والجيش العراقي واجب وطني"

التوابون: وهم أسرى الحرب العراقية الإيرانية الذين انضموا الى المعارضة وتم إخراجهم من معسكرات الأسر بقرار حكومي إيراني وشكلوا العمود الفقري لفيلق بدر. 

الثوار: وهم ثوار الانتفاضة "الشعبانية" الذين لجأوا الى إيران بعد سيطرة الجيش العراقي على المناطق الجنوبية عام1991 وهم يشكلون عماد سكان معسكرات اللاجئين أو "الاوردگاهات" كما أنّ كثيراً من اللاجئين العراقيين لم يكونوا مسجلين بسجلات الدولة الإيرانية ولم يمنحوا اقامة أو الكارت الأخضر لذلك يصعب حصر أعدادهم . في الحقيقة أنّ إيران كانت محطة لهروب اللاجئين لدول أخرى لذلك هاجر العديد منهم الى أوربا واستراليا بأوقات متقاربة.

قنطرة: وفق أي ضوابط جرت معاملتهم، حيث أن كثيرين منهم منحوا إقامة مقصورة على المخيمات، بما يجعلها محدودة بسياج المخيم، فلا يعملون خارجه ولا حق لهم بذلك، فيما منح عدد قليل من اللاجئين حق الإقامة في المدن مع كارت إقامة دائم يتيح لهم حرية التنقل والعمل، لماذا هذه الفوارق؟

مناطق سكناهم كانت مدينة قم عاصمة اللاجئين العراقيين بإيران، ثم طهران وتحديدا ضاحية دولت آباد العراقية ، كذلك "الاوردگاهات" في الأهواز وشيراز وآراك وازنا وايلام ، ومنحت الإقامات حسب القدم، فاللاجئون في زمن الحرب كان حصولهم على الكارت الأخضر أسهل بكثير لحاجة إيران إليهم بالحرب (ضد الجيش العراقي في الحرب العراقية الايرانية)، أما بعد الحرب فأصبح الحصول على الإقامة صعبا، وعاش معظم اللاجئين دون اقامات وكانوا يتعرضون لحملات منظمة للتسفير لشمال العراق، وتعتبر فترة وصول الإصلاحيين نهاية التسعينات للحكم الفترة المظلمة التي هاجر بها العديد من اللاجئين حيث وصل استراليا ونيوزلندا من ايران قرابة 4000 لاجئ عراقي غرق العديد منهم في المحيط بسبب الهجرة .

[embed:render:embedded:node:26044]

قنطرة: هل لنوع الإقامة الممنوحة للاجئين علاقة بتوجهاتهم السياسية ومدى" ولائهم للجمهورية الإسلامية في إيران" كما اشتكى لنا كثيرون؟ وما قوة الأحزاب الشيعية العراقية في داخل حدود المخيمات؟  

القرب من الأحزاب والبعد لم يكن يؤثر كثيراً على قرارات دائرة الهجرة الإيرانية، والحقيقة أنّ قلة موارد العيش فرضت على اللاجئين الانتماءات الحزبية، فاللاجئون كان الكثير منهم منتمين لفيلق بدر أو الحوزة العلمية لوجود رواتب تساعدهم في العيش ودليلي أن اغلب اللاجئين الذين عادوا الى العراق تم تهميشهم من قبل الأحزاب وتسريح العديد منهم والاعتماد على كوادر جديدة داخل العراق تحمل فكرة الولاء للحزب وليس الهجرة مع الحزب.

قنطرة: يقال إنّ " الدولة العميقة في إيران" هل التي تحدد الموقف من اللاجئ ومستقبله، هل هذا صحيح؟

 اللاجئون العراقيون في إيران كانوا مضطهدين وقد أجبرتهم الحكومات الإيرانية على الهجرة بسبب التهميش والتمييز الذي تعرضوا له في إيران، وتعرضوا لتهميش أكبر حين عادوا للعراق لأنّ الكثير من شرائح الشعب حملتهم مسئولية فشل الأحزاب الدينية واعتبرهم البعض عملاء لإيران وإذا حاولوا الدفاع عن أنفسهم وشرح مظلوميتهم في إيران يتهمون بالعداء للمذهب والجمهورية الإسلامية، إضافة إلى أنّ أغلب أبنائهم عاشوا أميين بسبب منعهم من التعليم وعدم الاعتراف بالمدارس العراقية أسوة بالمدارس اللبنانية.

 

ملهم الملائكة

حقوق النشر: قنطرة 2017