الفشل الاقتصادي للرئيس الإيراني حسن روحاني

أثارت خطة ميزانية روحاني شكوكًا في اهتمامه بالتخفيف من مشكلات إيران الاقتصادية، لأن خطته لميزانية عام 2015/ 2016 استندت على إشكاليتين: التقشف والعسكرة. تفاخر روحاني عام 2017 حتى بازدياد النفقات العسكرية في عهده. وكان قبل 5 أعوام قد وعد بالتخفيف من معاناة الإيرانيين الاقتصادية، لكن لا يُلاحَظ في إيران سوى القليل من التحول الاقتصادي، كما يرى الباحث علي فتح الله نجاد في تعليقه التالي لموقع قنطرة.

الكاتبة ، الكاتب: Ali Fathollah-Nejad

صحيح أنَّ الرئيس الإيراني حسن روحاني قد نجح في تحويل الركود الاقتصادي، الذي كان سائدًا قبل توليه منصبه، إلى نمو اقتصادي؛ غير أنَّ هذا النمو يعود سببه في المقام الأوَّل إلى مضاعفة صادرات النفط الإيرانية. ولذلك فإنَّ هذه الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي وكذلك خفض التضخُّم المالي بات يتم تصويرهما من قبل العديد من مراقبي الشأن الإيراني في أوروبا كدليل على نجاح إيران الاقتصادي. ولكن لا أحد يسأل لصالح مَنْ يمكن تسجيل هذا النمو الاقتصادي.

من المعروف - مثلما أثبتت الأبحاث العلمية مرارًا وتكرارًا منذ أعوام - أنَّ النمو الاقتصادي في حدِّ ذاته لا يمكن اعتباره مؤشرًا موثوقًا به من أجل قراءة التطوُّرات الاجتماعية والاقتصادية. بل يجب التركيز بدلاً من ذلك على ما يسمى بـ"النمو الشامل" - وهو نمو اقتصادي أرباحه موزَّعة بعدالة وتستفيد منها بالتالي جميع شرائح المجتمع - وليس فقط النخبة.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار العوامل الاقتصادية المهمة الأخرى، فسنلاحظ أنَّ إرث أوَّل عامين من رئاسة روحاني كان أكثر واقعية بكثير. فمن ناحية أظهرت دراسة للبنك الدولي أنَّ الفقر وكذلك التفاوت في الدخل قد ازدادا منذ أن تولى روحاني منصبه. ومن ناحية أخرى فقد استفادت حتى الآن من انتعاش التجارة مع الدول الأجنبية الدولةُ السلطوية وحدها ومن دون أي استثناء تقريبًا:

فمن بين العقود الاقتصادية البالغ عددها نحو مائة وعشرة تقريبًا ويبلغ حجمها نحو ثمانين مليار دولار أمريكي وقد تم إبرامها بعد الاتِّفاق النووي في شهر تمُّوز/يوليو 2015، ذهب تسعون عقدًا كاملاً إلى شركات إمَّا تملكها أو تسيطر عليها "الإمبراطوريات الاقتصادية" التابعة للحرس الثوري الإيراني أو للمرشد الأعلى علي خامنئي.

الانتعاش الاقتصادي بمظهره الجميل

وهذان العاملان فقط يشيران إلى عدم وجود "نمو اقتصادي شامل" في عهد الرئيس حسن روحاني. وبهذا يثبت أنَّ الآمال الغربية المعقودة من قبل العديد من المستشارين المختصين بالشأن الإيراني ومن قبل حكومة روحاني بالذات، لخلق "التغيير من خلال التجارة" ومن خلال انسياب المكاسب الاقتصادية بشكل تدريجي إلى شرائح واسعة من المواطنين، هي مجرَّد آمال واهية.

Arbeitssuchender in Teheran; Foto: Mehr
Wachsende soziale Kluft: Hassan Rohani konnte zwar die Inflation senken und den Verfall der Landeswährung stoppen. Doch die Arbeitslosigkeit bleibt bei rund zwölf Prozent. Und auch die Öffnung der Wirtschaft hat nicht zum erhofften Aufschwung geführt, da viele Konzerne weiter Investitionen im Iran scheuen. Zudem ist es Rohani nicht gelungen, wie versprochen die sozialen Einschränkungen zu lockern.

ومع ذلك فقد كانت توجد بالفعل مؤشِّرات كافية في فترة مبكِّرة من أجل التساؤل بصورة ناقدة حول تصوُّرات روحاني السياسية الاقتصادية. والتي تُمثِّل في جوهرها عقيدةً ليبرالية جديدة تديرها أولوية أمن (النظام)، الأمر الذي تمت معالجته بالفعل في بداية فترة ولايته وبصورة نقدية في المجلاّت الفكرية الإيرانية الرائدة.

وضمن هذا السياق يلعب كتابه الصادر عام 2010 بعنوان "الأمن القومي ونظام إيران الاقتصادي" دورًا محوريًا. وفي هذا الكتاب يكتب روحاني أنَّ مشروع "التطوير الإيراني الإسلامي" يجب أن يحوِّل جمهورية إيران الإسلامية إلى بلد "متطوِّر وآمن"، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلاَّ من خلال "استراتيجية إنتاج قادرة على المنافسة".

تحفُّظات على النقابات والحدِّ الأدنى للأجور

وبالإضافة إلى ذلك يشكو روحاني من قوانين العمل الإيرانية، التي من المفترض أنَّها "تقييدية للغاية" بالنسبة للشركات والأعمال. ويدعو إلى إلغاء الحدِّ الأدنى للأجور (الذي تم تحديده على أية حال عند مستوى منخفض جدًا في إيران) وإلى رفع القيود المفروضة على فصل العمَّال من وظائفهم، إذا كان "أصحاب رأس المال" في إيران سيحصلون على "الحرِّية" من أجل خلق الرخاء والرفاهية في البلاد.

ويرد أيضًا في كتابه: "هناك واحدٌ من أكبر التحدِّيات التي تواجه أرباب العمل والشركات لدينا، يكمن في وجود النقابات. يتعيَّن على العمَّال أن يكونوا أكثر خضوعًا لجميع القوى، التي وفَّرت لهم فرص عملهم". أمَّا ادِّعائه بأنَّ التناقضات الطبقية تتناقص في إطار النموذج الاقتصادي الليبرالي الجديد المتقدِّم، فهو مجرَّد واجهة زائفة.

وكذلك يجب أن يثير النظر إلى خطة ميزانية روحاني شكوكًا جادة فيما إذا كانت الحكومة مهتمة حقًا في التخفيف من مشكلات إيران الاجتماعية والاقتصادية. لأنَّ خطة ميزانيته لعام 2015/2016 تستند على ركنين إشكاليين: التقشُّف والعسكرة. ففي منتصف شهر نيسان/أبريل 2017 تفاخر روحاني حتى بأنَّ النفقات العسكرية قد ازدادت منذ بداية ولايته بنسبة تصل إلى مائة وخمسة وأربعين في المائة.

في الكثير من دول الجنوب النامية، وخاصة في غرب آسيا وشمال أفريقيا، يمثِّل السعي إلى نموذج اقتصادي ليبرالي جديد وسيلةً غير مناسبة من أجل التغلـُّب على المشكلات الاجتماعية والاقتصادية العميقة. وهذه المشكلات الأخيرة هي في إيران مشابهة كثيرًا لما عليه الحال في البلدان التي شملها "الربيع العربي": بطالة مرتفعة بين الشباب إلى مستوى يقرع ناقوس الخطر وتبلغ نسبتها الرسمية فقط 31.9 في المائة، ومستوى مثير للقلق من عدم المساواة الاجتماعية والفساد والمحسوبية.

ونتيجة لذلك فقد انتشرت أيضًا في إيران حالة تكاد تكون غير ملحوظة في الغرب من خيبة الأمل والإحباط بين الطبقات الدنيا والمتوسطة من الوضع الاقتصادي السائد في بلدهم. ليس فقط لأنَّ النمو الاقتصادي في إيران لا يمكن وصفه مطلقًا بأنَّه شامل: فالدخل الناجم عن صادرات النفط يتطلب رؤوس أموال ضخمة، ولكن من دون أن يتم مع ذلك خلق فرص عمل جديدة.

Präsidentschaftskandidat Ebrahim Raeissi; Foto: picture-alliance/AP
Machtvoller Herausforderer für Präsident Rohani: Der 1960 in Maschhad in Nordostiran geborene Kleriker und Jurist Ebrahim Raeissi ist Spitzenkandidat des erzkonservativen Lagers. Nach der Revolution kam er in die Judikative und stieg dort bis Generalstaatsanwalt sowie zum Vizechef auf. Im vergangenen Jahr wurde er zum Leiter des Mausoleums des sechsten schiitischen Imams Reza in Maschhad ernannt, was im Iran als eines der prestigeträchtigsten Ämter gilt. Es wird auch spekuliert, dass Raeissi Nachfolger des obersten Führers Ajatollah Ali Chamenei werden könnte. Als Politiker ist er ein unbeschriebenes Blatt, genießt jedoch bei der Wahl die volle Unterstützung des einflussreichen Klerus.

ولذلك فمن الملفت أكثر للنظر أنَّ الكثير من محللي الشؤون الإيرانية المحليين يميلون إلى إخفاء هذه الحقائق. وذلك لأنَّ تركيزهم على السياسة الأمنية لا يمكن فصله بالذات عن اتِّجاهات التطوُّر الاجتماعي والاقتصادي - مثلما أظهر "الربيع العربي" بشكل لا لبس فيه. ومع ذلك يتَّضح عند إمعان النظر أنَّ استقرار إيران الذي يتم التأكيد عليه من جميع الأطراف ذو طبيعة هشة.

فراغ سياسي لعودة المتشدِّدين

ومن خلال إخفاء "المسألة الاجتماعية" فإنَّ ليبرالية روحاني الجديدة على الطريقة الإيرانية أنتجت الآثار السياسية نفسها مثلما فعلت في السابق حكومة خاتمي ذات التوجُّهات الإصلاحية، التي مكَّنت من صعود متشدِّدين مثل محمود أحمدي نجاد. ولكن مع ذلك فإنَّ محمود أحمدي نجاد لم يتَّبع تمامًا مثل غيره من السياسيين المتطرِّفين الآخرين أية سياسة لإعادة التوزيع.

وعلى الرغم من أنَّ استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور في شهر نيسان/أبريل 2017 قد عطـَّل ترشيح أحمدي نجاد، الذي يعتبر أخطر منافس لروحاني على منصب الرئاسة. ولكن نتيجة لأخطاء روحاني الاجتماعية والاقتصادية فقد صعد في هذه الأثناء منافسون يمينيون محافظون آخرون: فقد وعد رجل الدين إبراهيم رئيسي وكذلك رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف بالمزيد من الأموال من أجل الطبقات الفقيرة وبخلق أربعة إلى خمسة ملايين فرصة عمل - علمًا بأنَّهما لم يطرحا في الحملة الانتخابية المشكلات الهيكلية للاقتصاد الإيراني الذي تسيطر عليه نخبة صغيرة.

وبالتالي فقد تحوَّل فشل الرئيس حسن روحاني على المستويين الاجتماعي والاقتصادي إلى هدف خصومه الرئيسي. ولذلك لا يمكن لروحاني إلاَّ أن يأمل في عدم معاقبته على ذلك في نهاية المطاف من قبل الناخبين، الذين ربما يرون فيه فقط - مثلما كانت الحال في الماضي - أهون الشرَّين ويمنحونه الأفضلية.

 

علي فتح الله نجاد

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: موقع قنطرة 2017

ar.Qantara.de

 

الدكتور علي فتح الله نجاد يعمل كخبير في الشؤون الإيرانية في "الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية" DGAP، وفي "مركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية" في "كلية كينيدي بجامعة هارفارد."