حصلوا على الحماية في ألمانيا.. لاجئون يقضون العطلة في أوطانهم!

زيارة الأهل قد تقضي على حق البقاء في ألمانيا
زيارة الأهل قد تقضي على حق البقاء في ألمانيا

حصل لاجئون كثر من سوريا والعراق على حق الحماية في المانيا بعد أن فروا من جحيم الأوضاع في بلدانهم، لكن البعض منهم يتجاهل القوانين الخاصة باللاجئين ويقومون بزيارة أوطانهم لقضاء العطلة بين أحضان الأهل.

الكاتبة ، الكاتب: شكري الشبي

"قررت الذهاب إلى دمشق بعد حديث دار مع أحد الأصدقاء، الذي قام بدوره مؤخرا بقضاء عطلة عيد الأضحى هناك." هذا ما قاله لنا "أبو أسعد" وهو اسم مستعار، والذي ينوي زيارة أهله في العاصمة دمشق خلال الأيام القليلة القادمة. زرنا الأب السوري لثلاثة أطفال أكبرهم يبلغ 12 ربيعا.

جاء إلى ألمانيا رفقة أفراد العائلة قبل حوالي سنتين. أبو أسعد ليس اللاجئ السوري الوحيد، الذي قرر الذهاب إلى سوريا لأسبوعين، بل هنالك من سبق له أن ذهب إلى سوريا لزيارة الأهل والأقارب، كما قال لنا أبو أسعد الدمشقي البالغ من العمر 42 عاما. ثم تابع يقول حول سبب رغبته في زيارة وطنه سوريا: "أريد أن أطلع على شقتي، التي تركتها بعد رحيلنا من سوريا إلى تركيا مباشرة عقب اندلاع الثورة. أريد استرجاعها من سكانها غير الشرعيين. كما أريد أن أزور أطفالي الآخرين".

الحنين إلى الوطن والأهل

علمنا من اللاجئ السوري أن له أطفال من زوجته الأولى، التي لم تغادر البلاد وفضلت البقاء عن الرحيل بالرغم من الوضع المأساوي الذي تعيشه مع أطفالها الأربعة. وأضاف الشاب وبدت عليه مظاهر الحزن حينما شرع يتحدث عن أطفاله في سوريا حيث قال: "ضمير يوبخني كلما تذكرتهم أنا مشتاق إليهم جدا".

فجأة كف الأب السوري عن الكلام ثم وقف الأب ليخرج من سرواله هاتفه المحمول ليروينا صور أطفاله المسجلة بداخله.

كان أبو أسعد يقاطعنا الكلام دوما كلما ذكرت عبارة عطلة. فهو يرى أن الزيارة، التي سيقوم بها قريبا ليس لها أية علاقة بالراحة والاستجمام، فهو كما يقول، سيزور وطنا محطماً وسيواجه لحظات عويصة حيث يقول: "سوف لن أقضي وقتي على شاطئ البحر وسوف لن أتجول من مدينة إلى أخرى إن كل ما أصبو إليه هو: "ضم أطفالي في صدري".

زيارة الأهل قد تقضي على حق البقاء في ألمانيا
زيارة الأهل قد تقضي على حق البقاء في ألمانيا

اختلفت الطرق والهدف واحد

طرق الذهاب إلى سوريا، كما يقول لنا الشاب السوري، متعددة فهناك من يتنقل إلى تركيا جوا ثم عبر الحدود يدخلون إلى التراب السوري، لكن طريق أبو أسعد سيكون جوا نحو بيروت لينتقل إثرها إلى دمشق بجوازه السوري، الذي لا يزال يحتفظ به.

عاد "أمجد"، وهو إسم مستعار أيضا، منذ أيام قليلة من مدينة إدلب بعد أن قضى أسبوعا في المدينة التي لا يزال أهله يعيشون فيها رغم الفقر المدقع والدمار، كما قال لنا الشاب السوري ذو 24 عاما. "إنها المرة الأولى التي زرت فيها سوريا عقب خروجي منها قبل حوالي 3 سنوات. لقد أردت زيارة والدي وإخوتي الذين كثيرا ما أحن إليهما خلال غربتي".

حاول "أمجد" جمع العديد من المعلومات قبل سفره إلى سوريا متجنبا كل ما من شأنه أن يجلب له صعوبات مع السلطات الألمانية. وفي الصدد ذاته تابع الشاب السوري اليافع يقول بأنه حسب ألف حساب لرحلته إلى أرض الوطن: "أنا لا أريد أن أخسر إقامتي في ألمانيا. أنا سعيد هنا، لكن من حقي أن أزور عائلتي. "ويقول الشاب إن زيارته إلى أهله زادته طاقة".

سعادة اللقاء بالأهل لا تقدر بثمن
سعادة اللقاء بالأهل لا تقدر بثمن...لكن منظمات حقوقية مثل منظمة "برو أزول"، التي تقدم النصائح والاستشارة، تحذر من تداعيات قضاء بعض اللاجئين عطلهم في سوريا أو العراق، على وضعيتهم القانونية.

مخاطر تجاوز قانون اللجوء

كلا اللاجئين السوريين يعلمان علم اليقين بأن ما قاما به مخالف للقوانين الدولية المتعلقة باللاجئين وأن المستشارة ميركل تواجه اليوم ضغوطات كبيرة لتغيير سياستها المنفتحة إزاء اللاجئين. وحول موقفها من اللاجئين الذين يقضون العطل في أوطانهم قالت ميركل بصريح العبارة لإحدى الصحف الألمانية بأن "هذا أمر مرفوض وقد يسفر عنه إعادة النظر في مطلب اللجوء لردع المخالفين للقانون".

هذا ما قالته لنا أيضا الموظفة في المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، السيدة ماري شولتز وأضافت: "نحن على علم بهذه الظاهرة الآخذة في التطور خلال الأشهر الماضية. إن هذا التصرف غير مقبول ومخالف للقانون، لا يمكننا حماية أشخاص غير مهددين في أوطانهم. لقد وضع قانون اللجوء من أجل حماية الأشخاص المهددين لدوافع عرقية أو دينية أو سياسية أو قمع للحريات..."

وحول إحصائيات المتجاوزين لقانون اللجوء قالت السيدة شولتز إنه لم يتم حصرها بعد، إلا أن إدارتها على يقين بأن العدد لا يقل عن 10 بالمائة من اللاجئين قضوا إجازات في وطنهم سوريا والعراق، سيما خلال عيد الأضحى الأخير. وتضيف السيدة شولتز تقول:" إنه من الصعب إثبات ذلك لكن في صورة ما حامت الشكوك حول شخص ما سيتم استدعائه لإجراء حديث معه وإعادة النظر في طلب اللجوء الذي قدمه".

نصيحة وحيدة: لا تذهب!

تقوم منظمات حقوقية مثل منظمة "برو أزول" بتقديم النصائح والاستشارة حول موضوع قضاء بعض اللاجئين عطلهم في سوريا أو العراق.

وفي هذا الشأن تقول لنا السيدة داغمر كروغر: "لقد أضحى هذا الموضوع يتصدر المشكلات التي نواجهها ونحاول مساعدة البعض حتى لا يفقدوا صفة اللاجئ وبالتالي ربما الطرد من ألمانيا. "تنصح المنظمة الحقوقية الوافدين إليها بأن يزوروا أهلهم في دول الجوار مثل الأردن وتركيا ولبنان وتنصحهم بعدم دخول أراضي أوطانهم حتى لا يواجهوا صعوبات جمة عند عودتهم إلى الأراضي الألمانية. "وتقول السيدة كروغر بأن الفئة العمرية الرئيسية التي تقوم بقضاء العطلة في سوريا بالخصوص هي من الفئة العمرية الشبابية التي تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة.

كما تضيف السيدة كروغر بأنه من الصعب إثبات هذه المخالفات لأن هؤلاء لا يدخلون أوطانهم بجوازات اللجوء التي حصلوا عليه هنا في ألمانيا بل بجوازات السفر العراقية أو السورية التي حافظوا عليها وتستمر تقول: "ننصح كل لاجئ يواجه مثل هذه الصعوبات مع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين الالتجاء إلى محامين مختصين في قانون اللجوء".

وفي ختام حيثها قالت لنا السيدة كروغر مبتسمة: "لقد تمكنت من نهي الكثير من النساء والرجال من اللاجئين العرب من السوريين والعراقيين بعدم الذهاب إلى أوطانهم للحفاظ على ما اكتسبوه هنا في ألمانيا في وطنهم الجديد.

 

شكري الشبي ـ برلين

حقوق النشر: دويتشه فيله 2017