تقدم الحزب الحاكم ومكاسب قوية لمناهضي الهجرة في انتخابات السويد 2018 - بلد الرفاه الاسكندنافي

أفادت استطلاعات آراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع، يوم الأحد 09 / 09 / 2018، بأن الكتلة الحاكمة التي تميل إلى اليسار تواجه منافسة الند للند مع أحزاب المعارضة (يمين وسط)، وسط مكاسب قوية حققها الديمقراطيون السويديون المناهضون للهجرة.

وكانت كتلة رئيس الوزراء ستيفان لوفين، التي تميل إلى اليسار وتتكون من  الحزب الديمقراطي الاشتراكى وحزب الخضر وحزب اليسار قد حصلت على نسبة 4.39% مقابل 6.39% لائتلاف المعارضة من يمين الوسط الذي يتزعمه الحزب المعتدل المحافظ. 

وتصدّر الحزب الاشتراكي الديموقراطي الحاكم في السويد نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد، متقدّماً بفارق شاسع على منافسيه الرئيسيين: المحافظون واليمين المتطرّف، بحسب ما أفادت نتائج استطلاعين لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع.

وبحسب هذان الاستطلاعان فإن الاشتراكيين الديمقراطيين سيحصلون على ما بين 25,4 % و26,2% وهي أسوأ نتيجة لهم منذ أكثر من قرن. أما حزب "ديموقراطيو السويد" اليميني المتطرّف المناهض للهجرة فسيحصل على ما بين 16,3% و19,2%، في حين أن استطلاعات الرأي قبل الانتخابات كانت تتوقّع حصوله على 25% من الأصوات.

وأعطى استطلاع للرأي حزب "ديموقراطيو السويد" المركز الثاني، في حين أن استطلاعاً آخر أعطاه المركز الثالث.

أما المحافظون فسيحصلون على ما بين 17,8 % و18,4% أي أقلّ بكثير مما حصلوا عليه عام 2014 عندما جمعوا 23%.

والسويد التي شهدت الأحد انتخابات تشريعية تواجه أزمة مرتبطة بالهجرة ومعروفة بأنها دولة رفاهية قريبة من القطب الشمالي وشهدت ولادة مجموعات صناعية كبرى بينها "إيكيا". 

يبلغ عدد سكان السويد -أحد أكبر بلدان أوروبا تناهز مساحته 450 ألف كلم مربع- 10 ملايين نسمة، يعيش 80% منهم في المدن.

وكانت السويد العضو في الاتحاد الأوروبي والتي تطبق سياسة هجرة ولجوء سخية، في الخط الأول خلال أزمة الهجرة الأوروبية. وقد فاق عدد المهاجرين قدراتها ما اضطرها لإعادة فرض عمليات المراقبة على حدودها وتشديد شروطها لاستقبالهم.

وسجلت السويد أكثر من 394 ألفا و500 طلب لجوء بين 2012 و2017، وهو رقم قياسي في أوروبا، وقد بلغ هذا الرقم ذروته 162 ألفا في 2015. وتم قبول حوالي ستين بالمئة من الملفات.

يتعين أيضا على هذا البلد الاسكندينافي الذي كان حوالى 18,2 بالمئة من المقيمين فيه في 2017 مولودين خارج حدوده، حل مشكلة الاندماج الشائكة، وهي مسألة اخرى يستفيد منها اليمين المتطرف.

هيمن الاشتراكيون الديموقراطيون -الذين وصلوا إلى الحكم في عام 1932- على الحياة السياسية في المملكة إلى حد كبير، وطبقوا واحدا من نماذج الحماية الاجتماعية الأكثر تقدما في العالم، تموله ضرائب مرتفعة.

وتتباهى السويد بأنها رائدة على صعيد المساواة بين الجنسين، من خلال منح إجازات أمومة وأبوة طويلة. ويستطيع الأزواج المثليون الاستفادة من الإنجاب الطبي المدعوم.

ودخل قانون حول الموافقة الجنسية حيز التنفيذ هذا الصيف 2018، وهو يعتبر كل عمل جنسي من دون موافقة صريحة اغتصابا.

وتتسم الكنيسة اللوثرية لهذا البلد البالغ التمدن بحداثتها: فالخدمة الراعوية مفتوحة للنساء منذ عام 1960 ويستطيع القساوية أنفسهم أن يتزوجوا دينيا من شريك من الجنس نفسه.

كذلك تعد دولة الرفاهية هذه التي ترفض أن تكون جزءا من منطقة اليورو، مهد الشركات المعروفة عالميا مثل إيكيا وإتش&أم وإريكسون وإيليكترولوكس وفولفو وسكايبي وأيضا سبوتيفاي، الخدمة الأولى لبث الموسيقى عبر الإنترنت في العالم.

وتحتل السويد المرتبة السابعة بين الاقتصادات التي تتمتع بقدرات تنافسية كبيرة في العالم، وفق ما يفيد تصنيف 2017-2018 للمنتدى الاقتصادي العالمي.

وتعد السويد التي بلغت ذروة الزراعة الحيوية -وتغطي الغابات سبعين بالمئة من أراضيها- المصدر العالمي الثالث لمنتجات الغابات.

ولم يُحَلّ بَعد لغز اغتيال رئيس الوزراء أولاف بالمي في عام 1986 برصاصة في ظهره لدى عودته مشيا من إحدى قاعات السينما في ستوكهولم، على رغم التحقيق في آلاف الفرضيات. وأثار اغتيال هذه الشخصية السياسية اللامعة صدمة حقيقية في بلد معروف بسياسته المسالمة.

وعادت الصدمة إلى دائرة الضوء في عام 2003، عندما تعرضت وزيرة الخارجية آنا ليند للطعن حتى الموت من قبل رجل مختل عقليا في متجر كبير بستوكهولم.

يترجم الوضع الجغرافي للسويد، القريبة من الدائرة القطبية الشمالية، بليالي شتاء لا تنتهي حيث يمكن الاعتماد على المطالعة للترويح عن النفس.

وفي هذا الإطار الملائم للألغاز والغموض والتفكير العميق، ترسخ التقليد العريق للرواية البوليسية السويدية التي أصبحت نوعا أدبيا منفصلا.

وتزايدت في السنوات الأخيرة أعداد مؤلفي الروايات المشوقة الآتين من الأجواء الباردة، ومن بينهم ستيغ لارسون الذي ألهبت ثلاثيته "ميلينيوم" مشاعر ملايين القراء عبر العالم، وهينينغ مانكل ومفتشه كورت فالاندر وكذلك كاميلا لاكبيرغ. وقد اقتُبس عدد كبير من مؤلفاتهم في أفلام سينمائية أو تلفزيونية حققت نجاحا كبيرا.

قومية سامي أو اللابيون، هم السكان الأصليون الذين يقيمون منذ أكثر من عشرة آلاف سنة في المناطق الشمالية للهضبة الاسكندينافية. ويعيش ما بين عشرين وأربعين ألفا من أفراد هذه المجموعة في شمال السويد، إلا أن قسما من قومية سامي قد استقر في المناطق المدينية ووجدوا فيها مسكنا وعملا.

وهذا الشعب الأصلي هو الوحيد المسموح له بتربية حيوان الرنة، مورد رزقه الوحيد. ويؤكد برلمان قومية السامي أن 4600 مزارع يمتلكون أكثر من 250 ألفا من حيوان الرنة.

وترخي تهديدات كثيرة بثقلها على هذا الاقتصاد الهش، كارتفاع حرارة الأرض أو استغلال المناجم والغابات.

وهذا الصيف 2018، ضربت آفة جديدة هؤلاء المربين عندما التهمت نيران حوالى 20 ألف هكتار من الغابات وتعرضت مراعي الشتاء للتلف. د ب أ ، أ ف ب