علاقة إيران بالغرب ظاهرها الصراع وباطنها التسوية

بعد الثورة الإسلامية في إيران في عام 1979 اضطر عدد كبير من المعارضين الإيرانيين إلى الهرب من البلاد إلى الخارج خوفًا من العقوبات الانتقامية. ومن أبرزهم أبو الحسن بني صدر، أول رئيس لجمهورية إيران الإسلامية. فبعد اختلافه مع الخميني غادر إيران في صيف عام 1981 إلى المنفى. في حواره التالي مع مهيندُخت مصباح يصف أبو الحسن بني صدر علاقة إيران مع العالم بصراعات ظاهرة على السطح وتسويات خلف أبواب مغلقة. ويأمل أن يعمل الإيرانيون أكثر من ذي قبل من أجل حقوقهم المدنية.

الكاتبة ، الكاتب: Mahindokht Mesbah

السيِّد الدكتور أبو الحسن بني صدر، مضت إلى الآن خمسة وثلاثون عامًا على مغادرتك إيران. ما هي النتيجة التي تتوصَّل إليها عندما تنظر إلى جهودك ونشاطاتك ضدَّ النظام الايراني منذ ذلك الحين؟

أبو الحسن بني صدر: عندما غادرتُ إيران قلتُ في أوَّل مقابلة أجريتها إنَّني ذهبت إلى المنفى من أجل فضح العلاقات العضوية بين الخمينية والريغانية (رونالد ريغان). وأنا لا أزال مثل ذي قبل أتلقَّى الكثير من المعلومات من إيران. ومن بين نشاطاتي الكشف وإماطة اللثام عن موازين القوى في إيران والإرهاب المنظَّم هناك، الذي تم توضيحه بالتفصيل في عملية ميكونوس.

لقد كشفتُ فضيحتين دوليَّتين بين نظام الملالي في إيران وبين دول غربية: كانت الأولى "مفاجأة أكتوبر" (التسوية بين الحزب الجمهوري في الولايات المتَّحدة الأمريكية وبين القيادة الإيرانية لإنهاء أزمة الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران لصالح رئاسة رونالد ريغان)، والفضيحة الثانية "إيران غيت". ومن خلال ذلك انكشفت لعامة الناس المفاوضاتُ السرِّية بين إيران وبين الولايات المتَّحدة الأمريكية.

الرئيس حسن روحاني يبذل حاليًا قصارى جهده من أجل تحسين علاقة إيران مع بقية دول العالم... كيف تُقيِّم التطوُّرات السياسية الراهنة في إيران؟

أبو الحسن بني صدر: علاقة إيران مع العالم يمكن وصفها بكلمتين: الصراع والتسوية. الصراعات الظاهرة على السطح والتسويات خلف أبواب مغلقة. وهذا النظام فرض على مواطنيه بعض الأزمات، التي كان من أهمها: مواصلة الحرب ضدَّ العراق والإرهاب، الذي أدَّى إلى قطع العلاقات مع أوروبا، وكذلك الأزمة النووية.

كيف تُقيِّم أهمية الاتِّفاق النووي مع إيران؟

أبو الحسن بني صدر: الاتِّفاق النووي لم يسبق له مثيل في تاريخ إيران والعالم برمَّته. والرئيس الإيراني يقول إنَّ هذا الاتِّفاق ليس اتِّفاقًا، لأنَّنا لم نُوَقِّع على أي شيء. والمرشد الروحي (للثورة الإسلامية في إيران) يُحمِّل المسؤولية للبرلمان الإيراني. ومن ناحيته يقول البرلمان نحن لسنا مسؤولين (رغم أن البرلمان الإيراني صوَّت لصالح هذا الاتِّفاق). ومن وجهة النظر القانونية فإنَّ هذا الاتِّفاق يضع مائة وخمسة التزامات بين إيران والدول المشاركة في المفاوضات. وحول هذه التنازلات قمت أنا وأصدقائي بإطلاع المواطنين الإيرانيين.

Abolhassan Banisadr (links im Bild) neben Mehdi Bazargan und Ayatollah Khomeini; Foto: akairan.com
Vom einstigen Mitstreiter zum Pariah: Einst gehörte Abolhassan Banisadr (links im Bild) zu den engsten Vertrauten des Gründers der Islamischen Republik Iran, Ayatollah Ruhollah Khomeini. Doch da er als Präsident andere Ansichten vertrat als der übermächtige Revolutionsführer, setzte ihn das Parlament auf dessen Wunsch ab. Und wer damals bei Khomeini in Ungnade fiel, galt praktisch als vogelfrei. So flüchtete Banisadr ins Ausland.

حتى المتشدِّدون في إيران انتقدوا حكومة الرئيس حسن روحاني على ذلك…

أبو الحسن بني صدر: هم ينتقدون روحاني، لأنَّ المسؤولية الحقيقية تقع على عاتق المرشد الروحي. وبموجب الدستور الإيراني فإنَّ الرئيس هو مَنْ يُحدِّد الخطَّ السياسي للسياسات الداخلية والخارجية. والنقَّاد يحاولون جعل روحاني المسؤول عن الاتِّقاف باعتباره صاحب هذا الاتِّفاق، من أجل الحفاظ على اسم خامنئي خارج النقاش حول الاتِّفاق النووي.

وخامنئي نفسه يحاول مرارًا وتكرارًا تصوير كلِّ شيء وكأنَّما تقع المسؤولية الكبيرة عن هذا الاتِّفاق على عاتق حكومة الرئيس روحاني. ولقد بيَّنت أنا وزملائي أنَّ استقلال إيران يضيع من خلال هذا الاتِّفاق. بيد أنَّ النظام في المقابل يستطيع الحفاظ من خلاله على استقرار وجوده لبعض الوقت.

من المعروف أنَّ لديك شبكة اتِّصالات واسعة النطاق. فكيف تُقيِّم تأثيرك الخاص على مُنتقدي النظام ومعارضيه؟

أبو الحسن بني صدر: من الناحية الشخصية لدينا تأثيرٌ كبير. نحن نسعى جاهدين من أجل حقوق المواطنين. وتأثيرنا يمكن للمرء ملاحظته من خلال حرص الناس أكثر بكثير من ذي قبل على حقوقهم المدنية. كذلك لقد تم تناول نتيجة كشفنا عن المائة وخمسة التزامات في الاتِّفاق النووي من قِبَل وسائل إعلام النظام الإيراني.

أنت معروفٌ جيِّدًا لدى أبناء جيل الثورة الإسلامية. ولكن ماذا تفعل لكي تُعرَف أكثر لدى الجيل الأصغر سنًا في إيران؟

أبو الحسن بني صدر: نحن نقوم ببثِّ برنامج تلفزيوني أسبوعي ومقابلة إذاعية أسبوعية. وكذلك نجري سرَّا استطلاعات للرأي ومُسوحات علمية في مختلف المدن الإيرانية. وبالإضافة إلى ذلك ندير موقعًا على شبكة الإنترنت. لا يوجد لديَّ أي دليل موضوعي على ذلك، بيد أنَّني أعتقد عندما يدور الحديث اليوم أكثر في الجامعات الإيرانية حول الحقوق المدنية، فإنَّ هذا يثبت أيضًا اتِّصالنا بالأجيال الأصغر سنًا في إيران.

وفي الفترة الأخيرة بتنا أيضًا نشاهد وباستمرار المزيد من الشباب في فعاليَّاتنا. وهذا يبيِّن أنَّهم يهتمون بموضوعاتنا. ولكن مع ذلك لا بدَّ من القول أيضًا إنَّ الشباب، الذين يأتون من المجتمع الإيراني المغلق إلى هنا، غالبًا ما يشعرون في البداية بالاشمئزاز من السياسة.

السيِّد أبو الحسن بني صدر، برأيك ما هو الشيء الأهم الذي حقَّقته حتى الآن في حياتك؟

أبو الحسن بني صدر: أعتقد أنَّ تبادل الآراء والأفكار يلعب هنا دورًا مركزيًا. لقد قضيت أربعة أخماس حياتي في شرح معنى الاستقلال والحرِّية للناس. والناس يحتاجون مبادئ توجيهية، من أجل تحرير أنفسهم من سلطة الحكَّام. وفي إيران يوجد تاريخ طويل من القمع والاضطهاد. وبصرف النظر عن مدى سعينا واجتهادنا، يجب علينا من دون شكّ أن نبذل المزيد من الجهود. ولذلك فأنا أرى أنَّ مهمتي الأكثر أهمية هي النضال من أجل هذه القيم الأساسية، ومن أجل الاستقلال والحرِّية في إيران، وكذلك لنشر هذه الفكرة الأساسية.

وإيران باتت اليوم مهدَّدة من الناحية الاقتصادية وكذلك السياسية: مهدَّدة في استقلالها وحرِّيتها. كما أنَّ الطبيعة والبيئة في إيران باتتا على وشك التحوُّل إلى صحراء. وأنا آمل أن يعمل الإيرانيون في المستقبل بجدّ ونشاط أكثر من ذي قبل من أجل حقوقهم المدنية.

 

حاورته: مهيندخت مصباح

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: إيران ژورنال /  موقع قنطرة 2017

ar.Qantara.de