ثائرة سورية من السلَمية: أكره الظلم وأعشق الحرية

كانت في رَيَعان فتوتها حين انتفض الشعب السوري على سجَّانه عام 2011، فهي من مواليد عام 1997. وانخرطت رغم حداثة سنها مع الشباب السوري في الثورة على النظام الظالم. هزار فتاة من مدينة السلمية السورية ذات الغالبية الإسماعيلية وسط سوريا. هذه الطائفة المعروفة تاريخيا بالتمرد والانفتاح معاً، مما جعلها تنخرط في الثورة السورية باكراً. الكاتب السوري منصور حسنو يعرّف موقع قنطرة بالثائرة السورية الفتية محاوراً إياها حول سوريا. هزار...تجسيد للوعي المتشكل لدى جيل شباب الثورات العربية ضد الديكتاتوريات والتطرف.

الكاتبة ، الكاتب: منصور حسنو

هزار فتاة من مدينة السلمية السورية كانت في بداية فتوتها عندما قامت الثورة، وانخرطت مع الشباب الثائر رغم حداثة سنها فهي من مواليد عام 1997.

تقول هزار : تأثرت بوالدي وهو يتابع الأخبار بشغف مع بدايات الربيع العربي وقد تأثرت بشباب ميدان التحرير في مصر قائلة : كم أتمنى أن يحدث عندنا ثورة كما عندهم ، فأنا بطبيعتي أحب التمرد وأكره الظلم.

وقد طرحنا على هزار مجموعة من الأسئلة يمكننا من خلالها أن نتلمس الوعي المتشكل لدى جيل شباب الثورات العربية.

**********************************

ماذا تعني لك الثورة يا هزار ؟

هزار: أن نتحرر من الظلم والديكتاتورية، والمرأة كائن مظلوم في مجتمعاتنا ولا يمكن أن تتحرر المرأة طالما هذه الأنظمة على رقابنا.

ألم يقف انتماؤك إلى أقلية دينية في سوريا عاملا قد يمنعك عن التظاهر ومناصرة ثورة تقودها أغلبية سنية؟

هزار : لا أبداً، من الطبيعي أن تكون الثورة ذات طابع تقوده الأغلبية، فهم الأكثرية في سوريا ، لقد حاول النظام تقديم رسالة للأقليات ونحن منها، أنها ثورة سنية طائفية، ولكن معظم شباب وشابات السلمية يعرفون ألاعيب النظام. ومعظم الحوادث التي افتعلها النظام ليجعلنا في صفه باءت بالفشل، ولذلك السلمية مدينة معاقبة سواء بقطع الكهرباء أو الماء أو اعتقال الناشطين، الثورة ليست طائفية ولم تطرح إلا شعارات وطنية، ولكن النظام حاول منذ البدايات أن يفتعل حوادث ومسرحيات لجعلها طائفية وتنفير الناس منها، وللأسف وقع البعض في فخ ما يريده النظام وكم أتمنى أن يتحرر الناس من خديعة النظام .

كيف أخاف من مجتمع عندما تسنح له فرصة مناسبة أن يخرج متظاهرا ضد الأسد والنصرة معا، ألا يدل ذلك أن الشعب السوري ضد التطرف وهو شعب يريد التحرر والعيش بكرامة وسلام كغيره من شعوب العالم.

ماذا تعني الحرية لـِ هزار؟

هزار : هنا في ألمانيا، أقول ما أشاء وأفكر كما أريد وأنتقد من أريد  وليس هناك سجن ينتظرك كما كان الحال في سوريا، الحرية هي كل شيء بالنسبة لي، بدون حرية لا أشعر بقيمتي في الحياة.

لقد كنت أخرج في السلمية متظاهرة وأخفي وجهي بعلم الثورة أو أسدل شعري على وجهي  حتى لا يعرفني النظام وأقع ضحية للاعتقال أما هنا فلقد تحررت من الخوف، فالخوف يحجب الحرية عن الإنسان.

[embed:render:embedded:node:27159]

لماذا خرجت من سوريا إلى ألمانيا؟

هزار : بدأ العنف يشتد وكثرت مظاهر الشبيحة والتشبيح المخيفة والنظام يريد أن ينتقم من ناشطي السلمية ثم يقدم مسرحيات للمجتمع أن الثورة هي التي تسببت في مقتلهم وليس هو ، ثم جاء "داعش" وأراد النظام أن يقول لنا : نحن أم هم؟

ولذلك أعتقد أن من قتل الناشط ناجي الجرف هو النظام أو جهات تابعة له.

أنا لا أنظر إلى سوريا كأقلية وأكثرية دينية وإنما هناك أكثرية تريد التحرر والديمقراطية وأقلية تمارس القتل والتوحش واستعباد السوريين.

ما رسالتك؟

هزار : ألاّ ننسى هويتنا كسوريين ويجب أن تكون قلوبنا مع أهلنا في الداخل ونستمر في ثورتنا التي لن تموت.

 هذه الثورة التي تخاذل القريب والبعيد عن نصرتها أو الوقوف معنا رغم كل الجراح والإجرام الذي مورس بحقنا كسوريين، لذلك أنا أشكر فقط الشعوب الحرة التي تعاطفت معنا، وما عدا ذلك لا أستطيع شكر أي حكومة في العالم.

**********************************

بدأت هزار رحلتها من بيروت إلى تركيا ثم ركبت البحر لتصل الأراضي الألمانية بتاريخ 22 / 10 / 2015 وهي ما تزال مستغربة لماذا لم تحصل على حق اللجوء حتى الآن (آذار/ مارس 2017).

رغم أن هزار غادرت بلدها هرباً من النظام  بقيت الثورة تعيش في داخلها وهي من الشابات الناشطات في مدينة فوبرتال حيث نظمت وشاركت في أكثر المظاهرات المنددة بنظام الأسد أو المظاهرات التي دعت الى الإفراج عن كافة المعتقلين السوريين وخصوصا النساء وقد قدمت أكثر من عرض فني لتقدم رسالتها وقضيتها للمجتمع الألماني.

تعاني هزار من إجراءات البيروقراطية الألمانية وتأخر إقامتها وهي التي  جاءت إلى هنا متحمسة لمتابعة دراستها وهي تحلم أن تدرس علم النفس كونها ترغب في تسليط الضوء على مشاكل المرأة في مجتمعاتنا وتساهم في رفع الظلم عنها.

هزار...لوحة فنية من لوحات سوريا الغنية بالمعاني والمضامين وهي قصة فتاة تختصر جمال مدينة عرف عنها الانفتاح والتمرد والتخلص من عُقَد الماضي، فتاريخ السلمية حافل بروح المعارضة والثورة، وإن كانت السلمية مدينة عطشى اليوم فإنها إلى عطش الحرية أشد شوقا وتلهفا.

 

منصور حسنو

حقوق النشر: موقع قنطرة 2017

ar.Qantara.de