بعيدا عن الموسيقى العربية التجارية الدارجة

الفرقة لا تناسب أهواء سوق الموسيقى العربية. كما أنها لا تقدم موسيقى إلكتروتية أوروبية أو أمريكية، رغم ذلك وجدت الفرقة معجبيها في الشرق والغرب. تقرير كريستينا فورش من بيروت.

الكاتبة ، الكاتب: كريستينا فورش

"ربما يجدر بنا أن نغيّر اسم فرقتنا" على حد قول ياسمين حمدان، مغنية الثنائي في فرقة "صابون يقتل" Soap Kills. لم تأت هذه التسمية إلاّ من باب النكتة، وذلك قبل ثمانية أعوام، إبان قيامها بالاشتراك مع زيد بتأسيس فرقتهما الموسيقية. لقد كانا يبلغان حينها عشرين عاما ولم يكن يدور في ذهنهما إلاّ المزاح. لكن ينبغي الآن أن تصبح الفرقة واسمها جادّيين. بدأ هذا الثنائي في عام ١٩٩٧ بموسيقى الروك في حفلات خاصة، وأحيانًا في حفلات موسيقية في بيروت. ثم اكتشفا الموسيقى الالكترونية، وبعد ذلك موسيقى التريب-هوب الراقصة Trip-Hop. وفي أحد الأستوديوهات الصوتية في بيروت قاما ببعض التجارب، وألّفا نصوصًا وألحانا، ومزجا الموسيقى الالكترونية الغربية مع إيقاعات شرقية. وقد انتهيا لتوهما من إعداد ألبوهما الثالث.

التغريب الموسيقي

تقول ياسمين: "تعتمد الكثير من أغانينا على موسيقى عربية كلاسيكية، وحافظنا أحيانًا على النصوص القديمة أيضًا". لكن تم تغريب الألحان بقدر كبير جدًا - وذلك باستخدام مؤثرات الكترونية وسماعية، وبعناصر إيقاعية غير معهودة في الموسيقى العربية، بحيث يمكن التعرف من الأغاني الأصلية على الألحان فقط. أغاني الفرقة لا تناسب الأهواء العامة، لأنها ليست من الموسيقى العربية الدارجة، المسيطرة على سوق الموسيقى العربية. كما أنها ليست موسيقى الكتروتية أوروبية أو أمريكية.

ورغم ذلك وجدت فرقة "صابون يقتل" محبيها - في كل من لبنان وفرنسا وألمانيا، وذلك بعد أن غناء هذا الثنائي قبل عامين في الاحتفال الذي أقيم في برلين في بيت ثقافات العالم، ومن ثم قيامهما بجولة. وهما معروفان في فرنسا منذ فترة طويلة، بسبب تنقل الموسيقيين باستمرار بين لبنان وفرنسا. فياسمين تدرس في فرنسا علم النفس وزيد قضى هناك طفولته، لكنه يعيش حاليًا بشكل رئيسي في بيروت.

الانتشار عبر الأنترنيت

تقول ياسمين: "في البدء أشهرنا موسيقانا عن طريق الانترنت. وقد ساعدنا كثيرًا استنساخ الموسيقى غير الشرعي - وهكذا قام معجبينا بنشر موسيقانا، من دون أن نساهم بشيء". في الواقع هما سعداء جدًا بهذا؛ إذ أنهما مولعان في الحفاظ على استقلالهما. كما أنهما عاودا الآن العمل في استوديو صغير في بيروت ولا يريدان معرفة شيء عن تجارة الموسيقى: "فهي لا تولّد إلا الضغوطات" على حد قول زيد.

أغاني غير مألوفة

مؤلفات فرقة "صابون يقتل" مزيج بين أنماط الموسيقى الشرقية والغربية ولكنها تعتمد أيضا على الموسيقى العربية الكلاسيكية، يمكن الاستماع إليها بسهولة وظرافة، من دون إثارة استفزازات. كذلك يوجد في العمل الجديد وبشكل رئيسي أغان بطيئة، ترافقها أنغام القيثارة والإيقاعات الالكترونية - لكن جاء كل شيء في هذه المرة باللغة العربية، ولم يعد هناك ذلك المزج بين العربية والإنكليزية أو الفرنسية، كما كان في الألبوم السابق "شفتك". تتحمّس ياسمين التي نشأت مع الموسيقى العربية الكلاسيكية للأنغام العربية والكلمات: "إن اللغة العربية بحد ذاتها غنية بالألحان". وتضيف قائلة إنها لغة ثرية بالمشاعر، فيما يتعلق بالمضمون وكذلك بوقع الكلام. يتصدّر الحبُ هذه الأغاني وتقر ياسمين، أنها مطبوعة بطابع "حزين نوعًا ما". لكن لا ينقصها قسط من الفكاهة - وياسمين تكتب النصوص الكثيرة بغمزة عين.

الإثارة الجنسية و الفيديوكليب

تسعى فرقة "صابون يقتل" إلى أن تبقى بعيدة عن الموسيقى العربية التجارية. "ياسمين تغني بشكل وبأسلوب متحفّظين جدًا" كما يقول زيد. وهي - على حد قوله - ليست مغرية مثل المغنيات اللامعات العربيات، اللواتي تبلغ إثارتهن الجنسية الفاضحة حدّ الحقارة المبتذلة. تقول ياسمين واصفة تلك المغنيات: "هنّ يفضلن أن يصبحن نجمات في أفلام جنسية".

إن الإثارة الجنسية في الـ"فيديو كليبات" العربية الدارجة هي نتيجة لانفصام شخصي - على حد وصف زيد: "فمن جهة إن من يقوم على المحطة الموسيقية روتانا Rotana هو أمير سعودي دون غيره، ومن جهة أخرى يُـمارس القمع على الحياة الجنسية في السعودية وفي مناطق أخرى وكذلك الرقابة على الجنس في التلفزة". وتتابع ياسمين قائلة: "والرقابة هي سبب الإحباطات والكبت الجنسي كما أن المغنيات البوب العربيات هن اللواتي يجسدن الخيالات الجنسية". لا تريد ياسمين أن يكون لها علاقة بذلك. إذ تقول عن نفسها: "أُمثّل نوعًا حديثًا مستقلاً من النساء". وهي لا تخشى أيضًا، على حد تعبيرها، من أن تكون أحيانًا عدوانية شيئًا ما في موسيقاها. لم يكن هذا دائمًا سهلاً بالنسبة لها. فياسمين نشأت في منطقة حوض البحر المتوسط وفي العالم العربي، في لبنان واليونان ودول الخليج. ولا يزال والداها لا يقبلان وقوفها على الخشبة بتنورة قصيرة وكسب لقمة عيشها بالعمل في مجال الموسيقى. وتضيف قائلة: "لكن فيما بين أصبحا يدعماني". يوضح زيد قائلاً: "ليس من السهل في العالم العربي أن نشكك في السلطات". وهذا ينطبق على الأسرة والعشيرة والقادة الدينيين وكذلك على السياسة. "عادة ما يسير الأبناء في الطريق التي وضعها لهم الآباء". وياسمين استطاعت على المستويين الخاص والعملي، أن تخرج عن البنى المتحجرة. لقد كان ذلك أسهل بكثير بالنسبة لزيد، ابن الأسرة المتحررة الذي نشأ في فرنسا.

بقلم كريستينا فورش

حقوق الطبع قنطرة

2005 ترجمة رائد الباش