الشباب أكثر انفتاحا على الحجاب من الكبار في ألمانيا

تستضيف العاصمة الألمانية برلين منذ عام 2010 مؤتمر الإسلام للشباب في ألمانيا الذي يشارك فيه شباب تحت سن الـ 25 عاما يهدفون إلى الوصول إلى ألمانيا متنوعة ومتسامحة. بيتينا ماركس حضرت في برلين دورة المؤتمر لعام 2015 وترصد لنا أحدث النقاشات والمستجدات.

الكاتبة ، الكاتب: Bettina Marx

لم يكن مؤتمر الإسلام للشباب في ألمانيا لينطلق في أفضل من هذا اليوم الذي عدّلت فيه المحكمة الدستورية الألمانية العليا من قرار بشأن الحجاب لتسمح للمعلمات في الخدمة العامة بارتداء الحجاب أثناء الحصص الدراسية، طالما لم يثبت أنه يهدد السلام العام في المدرسة بشكل مباشر.

وتشعر إسراء كوتشوك، رئيسة المؤتمر الذي يضم في عضويته نحو 100 شخص، بالسعادة البالغة نظرا لقرار المحكمة وتقول: "لدينا العديد من طالبات التربية اللاتي يرتدين الحجاب وكن يتساءلن هل بوسعهن دخول سوق العمل على الإطلاق" مشيرة إلى أن الطالبات الآن يمكنهن إنهاء دراستهن وهن على ثقة بإمكانية العثور على عمل بعد ذلك. وتعقب كوتشوك على قرار المحكمة قائلة: "نرى أن دولة الهجرة الحديثة تعيد النظر وتصحح الأمور الخاطئة. نحن بصدد إعادة النظر في عملية الاندماج".

وتصف كوتشوك قرار قضاة المحكمة، التي تتخذ من مدينة كارلسرويه مقرا لها، بأنه حقق المزيد من الانفتاح والتسامح تجاه الأقلية المسلمة وهو أمر لم يعد محل جدل في المجتمع منذ فترة.

Esra Kücük, Leiterin der Jungen Islam Konferenz, Foto: Massimo Rodari
تتحدث إسراء كوتشوك رئيسة مؤتمر الإسلام للشباب في ألمانيا عن أهمية تحقيق المزيد من الانفتاح والتنوع في المجتمع الألماني أملا في الوصول إلى أن يصبح التنوع هو الوضع الطبيعي.

الشباب الألماني أكثر انفتاحا تجاه المسلمين

توصلت دراسة أجراها معهد تقييم أبحاث الهجرة والاندماج في برلين إلى النتيجة نفسها، إذ شارك أكثر من ثمانية آلاف شخص (بينهم أكثر من 1100 من المراهقين والشباب) في استطلاع للرأي حول هذا الموضوع وكانت النتيجة أن الشباب في ألمانيا أكثر انفتاحا في التعامل مع الأقلية المسلمة مقارنة بكبار السن.

ووفقا لنتائج الاستطلاع فإن 71 في المئة من الشباب في الفئة العمرية بين 18 و 25 عاما يؤيدون حق المعلمات المسلمات في ارتداء الحجاب أثناء الحصص الدراسية. أما بالنسبة للفئة الأكبر سنا فقال 55 بالمئة منهم إنهم يؤيدون حظر ارتداء الحجاب، ما يظهر أن المناقشات حول الحجاب في الأعوام الأخيرة أجريت دون أخذ رأي من يعنيهم الأمر في الواقع، كما تقول كوتشوك.

ووفقا للدراسة فإن معظم التلاميذ ليس لديهم مشكلة في أن تكون معلمتهم مسلمة متدينة لأن المعلمة المسلمة التي ترتدي الحجاب هي بالنسبة لهم جزء من ألمانيا تماما مثل المعلمة غير المسلمة وغير المحجبة، كما ترى كوتشوك.

الاندماج في ألمانيا أفضل مما يعتقد

لا تتعجب نايكا فوروتان، مديرة المعهد الذي أجرى الدراسة وأستاذة العلوم الاجتماعية بجامعة هومبولت في برلين، من هذه النتائج وتقول إن الشباب بين 16 و 25 كبروا مع الحوار المجتمعي حول الإسلام والمسلمين إذ كانوا أطفالا عندما قدمت لجنة شؤون الهجرة بقيادة السياسية السابقة في الحزب المسيحي الديمقراطي، ريتا زوسموت دراستها حول الهجرة والمهاجرين عام 2001.

ومنذ هذا الوقت بدأ الحديث العام عن هذا الموضوع وأصبحت الأمور التي لم يتقبلها البالغون، طبيعية للغاية بالنسبة للمراهقين والشباب، كما تقول فوروتان موضحة: "يمكن القول إن مسألة الاندماج في ألمانيا أفضل من سمعتها".

وتنظر غالبية الألمان إلى بلادهم اليوم كبلد هجرة متنوع، إلا أن نسبة 30 في المئة مازالت ترفض الأمر تماما، وفقا لنتائج الدراسة. وتشير هذه النتائج إلى وجود الحاجة للمزيد من التوعية وهو أمر صعب لاسيما وأن مناهضي الهجرة مثل أنصار حركة بيغيدا، المعادية للأجانب يتشككون في وسائل الإعلام لذا فإن الوصول إليهم يتطلب اتباع وسطاء آخرين كأصحاب المهن الذين يطلق عليهم "وصلات زوايا المجتمع" كالمعلمين ورجال الشرطة وموظفي القطاع العام.

Naika Foroutan; Foto: picture-alliance/ZB
تقول الباحثة نايكا فوروتان المتخصصة في شؤون الهجرة إن المؤهلات والكفاءة ليست ضمانا للحصول على فرص عمل جيدة للأجانب مشيرة إلى أنه بالرغم من أن واحدا من كل خمسة أشخاص في ألمانيا له تاريخ مع الهجرة إلا أن نسبتهم في العمل بالقطاع العام تمثل عشرة في المئة فقط.

وبالرغم من هذه النتائج الإيجابية إلا أن الدراسة أشارت إلى نقص المعلومات في ألمانيا حول الإسلام إذ وصف 60 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع، معلوماتهم عن الإسلام بـ"الضئيلة". وكانت لقاءاتهم مع المهاجرين من المصادر التي يحصل بواستطها الألمان على معلوماتهم حول الإسلام، إلى جانب المدرسة والجامعة. وقال 28 في المئة فقط من الشباب إنهم يستقون معلوماتهم عن الإسلام والمسلمين من التليفزيون، في حين بلغت النسبة 46 في المئة بين الكبار.

من هم أبناء الغرب؟

انطلقت فكرة مؤتمر الإسلام للشباب في ألمانيا عام 2010 كمشروع بين مؤسسة ميركاتور وجامعة هومبولت يهدف إلى إقامة منصة حوار وشبكة تبادل معلومات بين الشباب في المرحلة العمرية بين 17 و 25 عاما. ويلتقي أعضاء المؤتمر المنحدرين من 13 ولاية ألمانية، مرة كل عام.

وطالب المؤتمر في عام 2013 البرلمان الألماني بتشكيل مجموعة عمل تعمل على المدى الطويل على قضية "التنوع والمشاركة الثقافية". وتهدف مثل هذه اللجنة التي تجمع الخبراء، إلى الإضاءة على نماذج للمجتمع المتنوع ووضع أطر مشاركة قائمة على مبدأ المساواة في الفرص. ووفقا لإسراء كوتشوك فمن المقرر أن يتم بحث هذا المقترح خلال العام الجاري 2015.

وعقد المؤتمر في مقر الخارجية الألمانية ببرلين تحت عنوان "من هم أبناء الغرب؟" كرد فعل على الجدل الذي أثير مؤخرا على خلفية تظاهرات حركات مناهضة للأجانب خلال الشهور الأخيرة في عدد من المدن الألمانية تحت شعار "ضد أسلمة الغرب". واستمر المؤتمر لمدة ثلاثة أيام شهدت مناقشات عديدة في ورش عمل ومناقشات تفاعلية تهدف إلى "بحث نظريات ومواقف هؤلاء الذين يحاولون شق صفنا"، وفقا لما جاء في الدعوة للمؤتمر.

 

 

بتينا ماركس

ترجمة: ابتسام فوزي

حقوق النشر: دويتشه فيله/  موقع قنطرة 2015