وفاة داعية السلام الإسرائيلي أوري أفنيري: محاربة الأساطير مفتاح السلام في الشرق الأوسط

توفي الصحافي والناشط في مجال السلام أوري أفنيري، الذي دافع عن إقامة دولة فلسطينية وأثار الجدل عبر لقائه ياسر عرفات عن 94 عاما، وفق ما أفاد اليوم متحدث باسم إحدى مستشفيات تل أبيب.

ولم يفقد أفنيري، الذي اعتبره كثيرون بمثابة العمود الفقري لحركة السلام في إسرائيل، الأمل على الإطلاق حيال إمكانية التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين. لكن قبل تحوله إلى ناشط سلام بارز، كان جندياً ومنضوياً في ميليشيا يميني.

وهاجر أفنيري الذي ولد في أيلول/سبتمبر 1923 في بيكوم بألمانيا باسم هيلموت أوسترمان إلى فلسطين الواقعة تحت الانتداب البريطاني مع عائلته عندما كان في العاشرة من عمره هرباً من النازية.

وفي العام 1950، أسس مجلة "هاعولام هازه"(هذا العالم) المستقلة التي أشرف على تحريرها طوال 40 عاما. وكان للمجلة المناهضة للمؤسسات التقليدية، وهي الوحيدة انذاك التي لم تكن تدار من قبل حزب سياسي، تأثيراً مهماً على الصحافة الإسرائيلية.

وأسس أفنيري حركة سياسية عام 1965 وتم انتخابه للكنيست حيث شغل مقعداً لثمانية أعوام. وفي العام 1979، انتخب نائبا عن حركة أخرى حيث قضى أكثر من عامين في الكنيست قبل أن يقدم استقالته.

توفي الصحافي ناشط السلام الإسرائيلي أوري أفنيري في تل ابيب، ويعتبر أفنيري من أبرز وأنشط قادة اليسار الإسرائيلي، إذ عُرف عنه مواقفه الصارمة ضد اليمين المتطرف وضد الفساد في المؤسسات الأمنية الإسرائيلية.
حقق أفنيري سبقاً صحافياً عالمياً إثر إجرائه لحوار مع ياسر عرفات خلال حصار بيروت عام 1982، كأول صحافي إسرائيلي يقابل عرفات وهو ما جلب له مشكلات مع الأجهزة الأمنية لبلاده.

ودافع أفنيري منذ انتهاء الحرب الأولى بين العرب وإسرائيل في العام 1948 عن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل كحل للتحقيق السلام.

وفي تموز/يوليو 1982، أثار زوبعة من الجدل عندما أصبح بين أوائل الإسرائيليين الذين يلتقون الزعيم الفلسطيني الراحل عرفات في بيروت التي كانت محاصرة آنذاك من قبل الجيش الإسرائيلي.

وكان النائب العربي الإسرائيلي أيمن عودة ووزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني بين أوائل الذين أعربوا عن تقديرهم لأفنيري. ووصفه عودة الذي يترأس "القائمة المشتركة"، وهو ائتلاف عربي بمعظمه في الكنيست، بأنه "الرجل العزيز الذي كرس حياته للسلام".

وقال في بيان إن "صدى صوته وأفكاره ورؤيته للعالم سيستمر بعد رحيله". أما زعيمة المعارضة من حزب الاتحاد الصهيوني (يسار وسط) ليفني، فوصفت أفنيري بأنه "صحافي شجاع ورجل طليعي يندر وجوده".

وأشارت إلى أنه حافظ على "مبادئه رغم الهجمات (التي تعرض لها) وزرع في قلوب الإسرائيليين أفكار السلام والاعتدال حتى عندما لم تكن في قاموسهم" بعد.

وبدوره، قال الرئيس رؤوفين ريفلين إن خلافاته الرئيسية مع أفنيري "تقلصت في ضوء الطموح لبناء مجتمع حر وقوي هنا".

 

وخلال مراهقته، انضم أفنيري إلى ميليشيا "ارغون" الصهيونية اليمينية، التي قاتلت السكان العرب وحكام فلسطين البريطانيين قبل إعلان دولة إسرائيل عام 1948. ولم يندم على انتمائه إلى المجموعة.

وقال "حاربت من أجل حرية شعبي ضد المحتلين البريطانيين" مؤكدا "لهذه الأسباب، اعتقدت دائما أن للفلسطينيين الحق في الحصول على استقلالهم وحريتهم".

أما حركة "غوش شالوم" للسلام التي أسسها الناشط الراحل عام 1993، فأكدت أن اسم أفنيري سيحفر في تاريخ إسرائيل "كصاحب رؤيا بعيدة النظر دل على طريق فشل الآخرون في رؤيته".

وأضافت "مصير ومستقبل دولة إسرائيل التوصل إلى سلام مع جيرانها"، مشيرة إلى أنه سيتعين "في النهاية على أشد معارضي أفنيري السير على خطاه".

وعرف أفنيري بغزارته في الإنتاج ككاتب حيث نشر عشرة كتب بينها سيرته الذاتية في 2014 تحت عنوان "متفائل".

ومع تضاؤل فرص السلام في السنوات الأخيرة إثر تولي حكومات يمينية السلطة، بقي أفنيري مصراً على قناعته بأن حشد الرأي العام الإسرائيلي لدعم الدولة الفلسطينية يبقى أمرا ممكنا.

وقال لوكالة فرانس برس في مقابلة العام 2011 "لا أزال متفائلاً لأنني أؤمن بقدرة الشعب (الاسرائيلي) على تغيير مجرى" الأحداث.