بين الخوف من الإسلاميين والحاجة إليهم

بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 انضم الرئيس الباكستاني مشرف إلى مجموعة "الحرب ضد الإرهاب". ويشك الكثيرون فيما إذا كانت حكومة مشرف جادة في حربها هذه. تقرير من توماس بيرتلاين

الرئيسان الباكستاني والأمريكي بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، الصورة: أ ب
الرئيسان الباكستاني مشرف والأمريكي بوش بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.

​​

لقد ظهرت الشكوك العالمية من جديد حول باكستان بعد القبض على المشتبه فيهم في محاولة لتفجير طائرة في بريطانيا. ويبدو أن المعلومات الحاسمة جاءت من طرف قوات الأمن الباكستانية ومن المؤكد أن معظم الإرهابين من ذوي أصول باكستانية وتربطهم أيضا علاقات مع باكستان.

وقد أكد وزير الداخلية الباكستاني أفتاب خان شابيرو في بداية هذا الأسبوع منهج حكومته مرة أخرى قائلا: "إن ما نقوم به يتناسب مع سياسة الرئيس برويز مشرف الجديدة التي اتخذها بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وكل جهود نقوم بها هنا تهدف إلى الوقوف حيال استخدام أرضنا موطنا للإرهابيين. وسياستنا هذه نابع عن قناعة وليس عن إكراه".

العنف الإسلاموي

ولكن إلى أي مدى يمكن تطبيق هذه السياسة بجدية؟ وهذا ما لا يستطيع السيد بورس ويلكه - الخبير المخضرم في علوم السياسة لدى مؤسسة العلوم والسياسة في برلين - الإجابة عليه بسهولة.

ويرى ويلكه أن الجماعات التي تستخدم العنف لا تشكل إلا جزءا صغيرا في النسيج السياسي الإسلامي في باكستان، وبين هذه الجماعات توجد فرق مختلفة، ويقول: "ومن بين هذا الجزء الصغير توجد مجموعة تستخدم العنف أعلن الرئيس مشرف الحرب عليها، وهي ما يطلق عليها دائما "القاعدة باكستان". ويبدو أن الذين قاموا بعمليات ضد مواقع غربية في باكستان كانوا من هذه الأوساط وربما توجد لهم علاقة مع منفذي عملية لندن".

كما يرى ويلكه أن الحكومة الباكستانية تؤكد نجاحها بحق في مكافحة الإرهاب إذا وضعنا هذه الأوساط في الاعتبار، ويقول: "مما لا شك فيه أن المخابرات والجيش الباكستاني يطاردون جماعات معينة من الجماعات الإسلامية المسلحة سواء كانت في المناطق القبلية على الحدود مع أفغانستان حيث توجد عملية عسكرية كبيرة أو في نطاق الحرب ضد الإرهاب عن طريق البوليس والمخابرات".

ويحصر الخبير في علوم السياسة رأيه في أن المشكلة تكمن في أن حرب الحكومة ضد الإرهاب موجه فقط إلى جزء واحد من مجموع الجماعات التي تستخدم العنف، ويقول:

"إن الجزء الكبير من الجماعات المسلحة لا تتم ملاحقته بجدية لأن المرء قد يحتاج إليهم لتحقيق مطامع في السياسة الخارجية. فعلى سبيل المثال قد يمكن استعمالها كقوة للتهديد في باكستان التي تنحصر بين الهند المتطورة وأفغانستان التي لا تكن بالود إلى باكتسان حتى بقيادة الرئيس قرزاي".

الخوف من الاستفزاز

وإلى جانب هذا يوجد عامل آخر في السياسة الداخلية، ألا وهو أن الحكومة العسكرية يصعب عليها الوقوف ضد المبادئ الأيدلوجية للإسلاميين المسلحين مثل إغلاق المدارس الراديكالية على سبيل المثال. وإذا حدث ذلك فقد يكون استفزازا للإسلاميين وهذا ما لا تريده الحكومة لأسباب تكتيكية.

ويرى بورس ويلكه أن الغرب غالبا ما يبالغ في خطر استيلاء الإسلاميين على الحكم في باكستان، ويعبر عن ذلك قائلا: "هناك انطباع خاطئ إلى حد ما أن الإسلاميين كادوا أن يسقطوا هذه الحكومة. وأنا أعتقد أن الإسلاميين - وأولئك الذين ينادون بسقوط الرئيس مشرف، وهذا ما تكرره بعض الأحزاب – ما هم إلا عامل قوة داخل الحكومة الباكستانية وتجب الموازنة بينه وبين العوامل الأخرى. وهذا ما يبين إلى حد ما عدم جدية السياسة التي تنتهج ضد هذه الجماعات".

إن المؤسسات العسكرية الحاكمة في باكستان ترى في الأحزاب الشعبية التقليدية المعارضة خطرا أكبر من الإسلاميين يهدد سيطرتها، وعلى وجه الخصوص حزب الشعب الباكستاني بزعامة السيدة بيناظير بوتو.

ولكي توقِع الأحزاب المعارضة بين بعضها البعض لتبق على السلطة تتحالف أحيانا مع الإسلاميين، وفي هذا يقول السيد ويلكه: "إن التحالف بين الجيش ورجال الدين ما هو إلا زواج مصلحة. وهذا ليس من البديهيات لأن الوسط الديني يختلف عن الوسط العسكري. ولعل هذا الإختلاف بين الأوساط سبب في هذا "الزواج"، ذلك لأنهم لا يتعارضون في المصالح وكل منهم يحتفظ بامتيازاته ولن يتكون مجتمع مدني يصبح دعامة للرأي العام السياسي والبرلمان. وهذا ما لا يريده الوسط الديني والوسط العسكري.

بقلم توماس بيرتلاين
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2006

قنطرة

إسلام الجيل الجديد
نساء باكستانيات متعلمات ومتحررات يرتدين الخمار أو البرقع بمحض إرادتهن. ويعود ذلك للداعية فرحت هاشمي التي تمكنت بأساليب حديثة من إقناع المئات من النساء بتأويلاتها للتعاليم الإسلامية .

حوار عبر القارات
تعرفت الصحفية الألمانية شارلوتة فيدمان أثناء رحلة قامت بها إلى باكستان على أستاذة الفلسفة في جامعة لاهور غزالة عرفان. وبطلب من قنطرة بدأتا بتبادل الرسائل