براعة عربية فريدة، اسمها قمع الصحافيين

محمد نبيل، صحافي مقيم بكندا
10. يونيو/حزيران 2005

أسبوع واحد فقط سجل إغتيال صحافيين عرببين، واحد بلبنان والآخر بليبيا. حدثان لهما من الدلالة ما يكفي من أجل الوصول إلى فكرة مفادها أن هناك أنظمة قمعية عربية وجهات مشبوهة لا تقبل الصحافي العربي الذي يقول لا للحاكم أو يوجه سهام نقده لجهة سياسية معينة، تجرم الرأي المخالف و تحارب الإختلاف.

هذه الجهات هدفها تكميم أفواه الصحافيين عن طريق اغتيالهم أو اعتقالهم حتى يتوقفوا عن تعرية الوقائع والظواهر التي تزعج أولي الأمر والمتحكمين في القرار السياسي العربي.

بداية بلبنان ،حيث ثم اغتيال الصحافي سمير قصير من طرف جهة أو أطراف أرادت إسكاته إلى الأبد. و قبل معرفة نتائج التحقيق واستباق الأحداث، نعتقد أن عملية اغتيال هذا الصحافي المعروف بقلمه الحاد، لا يمكن لها الخروج عن سياق الصراع السياسي الدائر في المنطقة، وأعني محور: لبنان، إسرائيل، و سوريا.

(...)

ثاني اغتيال تم بالجماهيرية العربية الليبية، المعروفة بسجل أسود في مجال خروقات حقوق الإنسان، وكان ضحيته هذه المرة الصحافي الليبي ضيف الغزال الذي سبق له أن كان عضوا للجان الثورية لمدة عشر سنوات قبل أن يستقيل لممارسة النقد كصحافي من خارج هذا الإطار السياسي.

لكن عندما قرر إبداء رأيه في مؤسسة تعد من المقدسات الليبية كان مصيره القتل. هذه الجريمة ليست بغريبة عن نظام اعتاد حسب العديد من المنظمات الدولية تصفية معارضيه جسديا، وهي تنضاف إلى حصيلة الجماهيرية في مجال مصادرة الرأي والحرية واضطهاد الصحافيين.

إن الصورة التي يرسمها المحللون والمنظمات الحقوقية عن النظام السياسي الليبي جد سلبية ،فهو مازال يعتقل منذ 12 يناير الكاتب عبد الرزاق المنصوري لمجرد نشره مقالات على موقع إلكتروني ينتقد فيها سياسة معمر القدافي.
(...)
باختصار، نلمس مما ورد سلفا أن حبس الصحافيين أو تصفيتهم جسديا يمثل براعة عربية بإمتياز وسمة لا نجد لها نظير في البلدان الديموقراطية حيث حرية الرأي والتعبير تضمنها القوانين والتشريعات و كذا الأعراف.

التساؤل المطروح هو: ما العمل في ظل هذا الوضع المتأزم؟ سؤال مؤرق وكثيرا ما يثار حول أوضاعنا العربية. نعتقد بكل بساطة في أطروحة مفادها أن التغيير يحدث قاعديا أي على مستوى البنيات و القواعد الإجتماعية وليس عموديا.

ليس بالضرورة أن تهدر الدماء حثى يتم التغيير، فبألمانيا سقط جدار برلين دون أن تطلق رصاصة واحدة. لاشك أن عمل المنظمات الأهلية وكذا المجتمع المدني سبيل لتحقيق التغيير المنشود داخل المجتمعات العربية، لكن يظل محدودا بفعل عدة عوامل ولعل العامل المنسي يبقى في نظرنا المتواضع هو المجال الثقافي.

فتخلفنا حسب الأطروحة الثقافية تعيقه عقلية عربية متحجرة ولها تصورات رجعية. نظن أن التغيير السياسي لا يمكن له أن يقع بمعزل عن البنيات الثقافية للمجتمعات التي هي في حاجة إلى تثوير لتصوراتها للعالم وللوجود المتغير باستمرار.

ومن داخل مجالات العقائد، التقاليد وغيرها يمكن رؤية التغيير لأن الرفض ولغة السلاح لا يمكن أن تقهر الشعوب العربية التي مهما بلغ درجة جهلها وأميتها و عوائقها الذاتية، يوما ما، لا بد أن تقول كلمتها الأخيرة و تفرض الممكن ولربما المستحيل على الحاكم الجائر والمتسلط.
(...)
يجب استغلال كل المنابر والإمكانيات التقليدية والعصرية لتقليص الهوة الزمنية والحضارية الواقعة بيننا وبين المجتمع الغربي. فقرون قد خلت وتركت بصماتها السلبية المترسبة في الذهنية العربية والإسلامية والتي جعلها ترى أشباح الحقائق عوضا عن الحقائق. المهمة ليست سهلة و لكنها ممكنة. فأكثر من تسعة قرون مرت على الهزيمة الحضارية و من ثم الثقافية.
(...)

قنطرة

حوار مع سعد الدين إبراهيم :
يتحدث أستاذ علم الاجتماع سعد الدين إبراهيم وأحد المرشحين للرئاسة المصرية في الحوار التالي عن مدى مصداقية أوربا والولايات المتحدة في دعم الديموقراطية في العالم العربي، كما يرى تطورا ملحوظا في مجال الإصلاح في العالم العربي.

أولوية القانون واستقلالية القضاء:
يلاحظ المرء اتجاها عاما في الشرق الأوسط ينبئ عن انفتاح تدريجي ومزيد من الشفافية. رامي خوري، رئيس تحرير الجريدة اللبنانية اليومية "ديلي ستار"، يرى أن الإصلاح القضائي هي أولى الخطوات لضمان تغيير جذري في المنطقة.