الإسرائيليون والفلسطينيون يتحاورون عبر الأثير

فكرة إنشاء راديو فلسطيني-إسرائيلي أمر فريد من نوعه. منذ بضعة أسابيع تبث محطة إذاعية من القدس تطلق على نفسها اسم "صوت السلام". يوسف كروايتورو استمع للبرامج العربية والعبرية

الصحفية الفلسطينية أديل زعمط، الصورة: موقع الراديو
الصحفية الفلسطينية أديل زعمط

​​

يتعاون على إدارة هذه المحطة الإذاعية إسرائيليون وفلسطينيون، ويأتيها الدعم المالي من الإتحاد الأوروبي ومن جهات أخرى. وحاليًا تبث برامجها يوميًا طيلة ١٤ ساعة عبر الإنترنت. ومن المفترض أن يبدأ إرسالها الأرضي قريبا.

يقف خلف هذه المبادرة الإذاعية شبه الثورية مثقفون فلسطينيون ورجال أعمال من منظمة "بلادي الفلسطينية غير الحكومية ومركز الأبحاث العربي-اليهودي للسلام جبعات حبيبا، الذي يقع إلى الشمال من تل أبيب ويسعى منذ عدة عقود من أجل نقل الثقافة العربية إلى إسرائيل.

تراجع في الاستعداد لسماع الطرف الآخر

يرغب أصحاب هذه المبادرة في إعادة تنشيط الحوار الفاتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين - وهذا عمل ليس بالسهل أبدا، لاسيما وأن الإسرائيليين والفلسطينيين ابتعدوا بعضهم عن البعض الآخر في السنوات الأخيرة.

وفي المجال الإذاعي بالتحديد قلما يستمع الطرفين إلى بعضهما البعض، فمن النادر سماع الصوت الفلسطيني في الإذاعة الإسرائيلية وبالعكس ايضا، فبالكاد تسمع صوتا إسرائيليا في الأثير الفلسطيني .

وإذاعة "صوت السلام" تريد تحديدًا أن تكافح ضد هذه القطيعة. إذ تبث الإذاعة برامجها بصورة رئيسية باللغتين: العبرية والعربية، وتكمل برامجها بتقديم نشرة أسبوعية بالإنكليزية. بالإضافة إلى موسيقى البوب الإسرائيلية والعربية والغربية، كما يتركز نشاطها في تقديم المعلومات.

برنامج إذاعي إسرائيلي يقدم منبرا للفلسطينيين

تقدم المذيعة الإسرائيلية أورلي نوي في ضحى أيام العمل البرنامج العبري " كاف هماشباه" الذي يعني بالعربية: خط الاستواء. واسم هذا البرنامج يطابق مسماه، فهذا المصطلح مشتق في العبرية من المصدر اللغوي "مساواة".

وكذلك يُعتنى هنا بالمساواة فيما يخص حضور الإسرائيليين والفلسطينيين في الإذاعة. فبعد عرض لأقواال الصحف الفلسطينية، فإن أورلي نوي تقدم للفلسطينيين في برنامجها منبرا للإدلاء بآرائهم.

فهكذا يُسمح للمحامي العربي المدافع عن مروان البرغوثي، زعيم التنظيم العسكري الفلسطيني الذي يقبع منذ عدة سنوات في سجن إسرائيلي، أن يذكّر المستمعين بأن موكله كان يدعو للسلام قبل أن يتم اعتقاله من قبل الجيش الإسرائيلي.

كذلك يستطيع السياسيون الفلسطينيون لدى أورلي نوي أن يوصلوا كلمتهم باللغة العبرية للمستمعين الإسرائيليين وأن يبدوا آراءهم في المستجدات - أي ما صار مستحيلاً بالنسبة لهم في الإذاعة الإسرائيلية في ظل حكومة شارون ذات الاتجاه اليميني، التي يعاني منها اليساريون الإسرائيليون بدورهم. وهكذا غدت إذاعة "صوت السلام" الجديدة منبرا مهمًا لهم أيضًا.

تقارب عبر التمييز والحوار

يحتل التمييز هنا مكان الصدارة: إذ يُحاوَل أثناء الحديث مع مستشرقين إسرائيليين أن يتم التفريق بين إرهاب منظمة القاعدة والعمليات الإرهابية التي تقوم بها منظمات فلسطينية. وتحرص المذيعة أورلي نوي حرصًا خاصًا على الثقافة: فالأحاديث التي تجريها مع إسرائيليين وفلسطينيين تطلع جمهور المستمعين على الفعاليات الثقافية والمؤتمرات الضرورية من أجل حوار الشعوب.

كذلك يلتزم برنامج "محاولات" الذي تقدمه باللغة العربية أديل زعمط بعد البرنامج العبري، بمواضيع مشابهة، كأقوال الصحف الإسرائيلية.

كما تعالج المستجدات من وجهة نظر فلسطينية، ويسمى ومن دون هوادة الجيش الإسرائيلي بـ"قوات الاحتلال"، كذلك يستخدم هذا المصطلح في البرنامج العبري عند الاقتباس من الصحافة الفلسطينية: فمن أهداف هذا البرنامج جعل الإسرائيليين يألفون اللغة السياسية للطرف الآخر.

تقوم المذيعة الفلسطينية أديل زعمط - مثل زميلتها الإسرائيلية أورلي نوي، بإجراء مقابلات مع أشخاص من الحياة العامة في إسرائيل وكذلك من المناطق الفلسطينية. وغالبًا ما تجرى هذه المقابلات مع مستشرقين إسرائيليين أو مع إسرائيليين عرب، ذلك لأن عدد الإسرائيليين اليهود الذين يتكلمون العربية بطلاقة قليل جدًا.

كما يهتم البرنامج العربي أكثر من نظيره العبري بمواضيع اجتماعية، مثل الفقر لدى السكان الفلسطينيين. فمن الضروري دعم مقومات المجتمع المدني الفلسطيني، وإذاعة"صوت السلام" صارت الآن منبرا هاما بالنسبة لهم.

بقلم يوسف كروإيتورو، قنطرة 2004 ©
ترجمة رائد الباش

إذاعة صوت السلام