خشية من جارة كبيرة تمتلك القنبلة النووية

تنظر دول الخليج العربي بقلق وريبة إلى جارتها إيران، وتخشى من أن تكون هذه الدولة المجاورة قد تسعى إلى فرض رغبتها في السيطرة على المنطقة من خلال امتلاكها القنبلة النووية، الأمر الذي لا يمكن للمرء تنبّؤ عواقبه. بتينا ماركس في قراءة لبعض ردود الفعل العربية على البرنامج النووي الإيراني وأبعاده على دول الخليج العربي.

الرئيس الإيراني، الصورة: د.ب.ا
الدول الخليجية..خيارات القنبلة النووية الإيرانية أو الضربة العسكرية لهذا المشروع الإيراني

​​ يتنبّأ عبد العزيز الصقر رئيس مركز أبحاث الخليج الذي يتَّخذ من دبي مقرًا له، حدوث سيناريو مرعب يتمثَّل في اندفاع منطقة الشرق الأوسط على التسابق لامتلاك الأسلحة النووية. ولكن من الممكن أن يحدث هذا بالضبط - مثلما قال هذا الخبير السياسي السعودي في أثناء زيارته لبرلين. وفي حال عدم خضوع إيران لضغوطات الغرب ومواصلتها العمل في برنامجها النووي، فمن الممكن عندها أن تجد بعض الدول الأخرى في المنطقة نفسها مجبرة على اللحاق بإيران وكذلك أيضًا على بناء برامج نووية.

وقد ذكر الصقر أنَّ هناك دولاً مثل "تركيا والجزائر ومصر والمملكة العربية السعودية - من المحتمل أن تسعى لامتلاك برامج نووية". وأضاف أنَّه إذا أقدمت إيران على الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، فعندها سوف تكون لدى هذه الدول فترة ستة أشهر لكي تقرِّر إذا كانت سوف تبقى ملتزمة بهذه المعاهدة. ومن المحتمل أن تطالب هذه الدول بالحريَّات نفسها التي تطالب بها طهران.

رغبة إيرانية في السيطرة على المنطقة

لقد أنشأت دول الخليج العربي مجلس التعاون الخليجي الذي انضمت إليه كلّ من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت والبحرين، بالإضافة إلى الإمارات العربية المتَّحدة. وفي هذه الدول ينظر المرء بقلق وريبة إلى إيران. وتخشى هذه الدول من أن تكون جارتها الكبيرة هذه التي تقع على الطرف الآخر من مضيق هرمز تسعى إلى فرض رغبتها في السيطرة على المنطقة من خلال امتلاكها القنبلة النووية.

ويقول الخبير في الشؤون الأمنية في مركز الخليج للأبحاث، الدكتور مصطفى العاني إنَّ "الأمر لا يتعلَّق فيما إذا كان الإيرانيون سوف يستخدمون في الواقع القنبلة ضدنا"؛ بل يتعلَّق بتحديد الذي سوف يكون في المستقبل الآمر الناهي في المنطقة. ودول الخليج لن تقبل بسيطرة إيران وبمحاولاتها تخويف دول المنطقة، مثلما يقول العاني ويضيف: "نحن لا نريد ذلك. وبلادنا مستقلة وناضجة كما أنَّنا لسنا على استعداد لأن نقبل بتحوّل إيران إلى قوة لا يمكن لنا المساس بها، لأنَّ لديها قنبلة نووية".

من دبي، الصورة أ.ب
رغم المخاوف الخليجية من إيران، إلا أن إيران شريك تجاري مهم لها

​​

وقبل كلِّ شيء لا تريد المملكة العربية السعودية قبول إيران كقوة عظمى بجانبها. وكذلك تخشى الدول السنِّية الأخرى من توسّع النفوذ الإيراني. وفي الواقع أصبح الإيرانيون الآن يتدخَّلون في كلِّ مكان، ويدعمون الأقليات الشيعية كما أنَّهم يحاولون نشر فكرهم الإسلاموي المتطرِّف، مثلما يشكو الأستاذ عبد العزيز الصقر. ولذلك من الواضح بالنسبة له أنَّه عندما سوف يتحتَّم عليه الاختيار بين الحياة في ظلِّ التهديد الإيراني أو بين توجيه ضربة عسكرية للمواقع النووية الإيرانية، فعندئذ سوف يفضِّل الخيار العسكري.

ويقول الصقر من المحتمل أن تقوم بهذه الضربة إمَّا إسرائيل أو الولايات المتَّحدة الأمريكية. ويضيف أنَّ من ميِّزة إسرائيل وجودها في موقع بعيد، ولن تضطر تقريبًا لأن تدخل في حسابها قيام إيران بأي ردود فعل جادة وخطيرة. وبالنسبة للولايات المتَّحدة الأمريكية يعتبر الهجوم على إيران أكثر خطورة، وذلك لأنَّ المنشآت والقواعد العسكرية الأمريكية موجودة في كلِّ مكان في منطقة الخليج العربي ومن الممكن أن تصبح هدفًا لنشاطات انتقامية.

إمَّا العقوبات الاقتصادية أو العمل العسكري؟

ويخشى عبد العزيز الصقر وزميله مصطفى العاني من أنَّ العقوبات الاقتصادية المقرَّر فرضها على إيران يمكن أن لا تأتي بالأثر المطلوب. وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ هذه العقوبات لن تؤثِّر إلاَّ على السكَّان المدنيين ومن الممكن كذلك أن تكون دول الخليج العربي لا ترحِّب بذلك، كونها تعتبر من الدول المجاورة لإيران بشكل مباشر. وفي المقابل على الرغم من أنَّ هجومًا إسرائيليًا أو أمريكيًا على المنشآت النووية الإيرانية يمكن أن لا ينهي برنامج طهران النووي بشكل تام، بيد أنَّ مثل هذا الهجوم على الأقل سوف يوقفه إلى حين. ويقول عبد العزيز الصقر: "إذا وصلنا في المنطقة إلى النقطة التي يجب علينا عندها أن نختار بين أن نعيش طيلة حياتنا في ظلِّ التهديد النووي الإيراني أو أن نعيش مع توجيه ضربة عسكرية لإيران، فعندئذ يمكن أن يكون الخيار الثاني هو المقبول".

ولكن السؤال هو هل تؤيِّد غالبية العرب في دول الخليج العربي هذا الموقف؟ لاسيما وأنَّ إيران ودول الخليج العربي تعتبر تقليديًا مرتبطة ارتبطًا وثيقًا مع بعضهما بعضًا؛ إذ إنَّ حجم التبادل التجاري بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي بلغ ثمانية عشر مليار دولار، كما أنَّ الإمارات العربية المتَّحدة تعدّ أهم شريك تجاري لطهران، وبالإضافة إلى ذلك يقدَّر حجم استثمارات رجال الأعمال الإيرانيين في دولة الإمارات بنحو ثلاثمائة مليار دولار. وأخيرًا تعتبر دولة قطر وسلطة عمان من الدول التي تؤيِّد إيران أكثر من الدول الأربع الأخرى في مجلس التعاون الخليجي، وهما أيضًا تشكِّكان أقل من غيرهما في البرنامج النووي الإيراني.

بتينا ماركس
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010

قنطرة

الدول العربية والبرنامج النووي الإيراني:
خوف من أطماع إيران الإقليمية
قامت القيادة الإيرانية في طهران باستئناف برنامجها النووي المتنازع عليه على الرغم من تواصل الانتقاد الموجه لها في هذا الشأن. القلق حيال القنبلة الإيرانية لا يساور الغرب وحده بل الدول العربية أيضا. تقرير فريدريك ريشتر من القاهرة.

تاريخ البرنامج النووي الإيراني:
"الفكر النووي الإيراني".....دروس التاريخ ومخاوف المستقبل
تعود فكرة البرامج النووي الإيراني إلى سبعينيات القرن الماضي وذلك على الرغم من أن فكرة الأسلحة الذرية كانت تعتبر لدى القيادة الإيرانية "غير إسلامية". بيد أن تجرب الحرب العراقية الإيرانية أدت إلى قناعة طهران السياسية بأن البلاد بحاجة إلى هذا النوع من الأسلحة كنوع من الردع ولتحسين موقعها كقوة إقليمية. كتاجون أميربور تلقي الضوء على تطور تاريخ البرنامج النووي الإيراني.

حوار مع هانس بليكس حول الملف النووي الإيراني:
"المفاوضات المباشرة بدل سياسة العقوبات"
يرى هانس بليكس، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرِّية IAEA أنه لا بد من إجراء محادثات مباشرة مع طهران إزاء برنامجها النووي واعتماد سياسية الحوافز كمخرج لهذا الملف الشائك. توماس لاتشان تحدَّث إلى هانس بليكس حول تعامل الغرب مع إيران وموقف الإدارة الأمريكية الجديدة من الملف النووي الإيراني.