"معرض الكتاب بفرنكفورت؟ لم أسمع به قط!"

في بداية أكتوبر/تشرين الأول سينطلق معرض الكتاب بفرنكفورت الذي يستضيف هذه السنة العالم العربي. لكن في الأوساط الثقافية البيروتية يبدو أن لا أحد يعرف شيئا محددا عن هذا المعرض. تقرير هنا فيتيغ

بيروت، الصورة: أ ب
بيروت

​​ من العاصمة اللبنانية
الساحة الثقافية البيروتية شابة وفي حالة تطور. هناك عشرات من قاعات العروض قد فتحت أبوابها خلال السنة الماضية في "قرية سايفي" التي في طور إعادة البناء، مباشرة لصق وسط المدينة. داخل المقاهي الجديدة وبارات الجاز في الحي المرمّم من بيروت الشرقية يضع دي جاي السهرات الموسيقية أحدث القطع القادمة من أوروبا، بينما الموسيقيون الشبّان يؤدّون أغاني "راب" باللهجة اللبنانية.

"معرض الكتاب بفرنكفورت؟ لم أسمع به قط !"

في محطة قطار قديمة يحيي موسيقيون حفل "تكنو". وفي هذا الحفل توزع رونيا دعوات لأمسية قراءات شعرية في مركز ثقافي خاص: "معرض الكتاب بفرنكفورت؟ لم أسمع به قط " تجيب الفتاة. رونيا ترعرعت في السويد، لذلك لا تستطيع قراءة العربية إلا بعسر، كما أنها لا تتابع الصحافة العربية.

في المرة الموالية كان لقائي بها في الأمسية الشعرية. كانت رونيا تؤدي أغاني "راب" تتحدث عن الإرهاب و "عماء المتديّنين والغنوصيين". بعض الشعراء من المراهقين ينْظمون قصائد حول العذابات العاطفية، بينما آخرون يقرأون من أعمالهم الشعرية المنشورة.

روان وسارة من المرتادين بانتظام لمثل هذه الأماسي. أما عن معرض فرنكفورت فليس لديهما أي علم. وسارة تقول أن مثل هذه الأشياء لا تهمها: "إنني أعمل وأكد من أجل مرتب لا يتجاوز ال250 دولار، فأنا لا أستطيع على أية حال السفر إلى أوروبا."

أما سيمون خوان فكان يقرأ قصائد من مجموعة شعرية بعنوان "مملكة الصراصير" التي كان قد نشرها في السنة الماضية. سيمون الذي يبلغ 31 سنة من العمر يعرف أن هناك معرض كتب كبير يقام في كل سنة بمدينة فرنكفورت، أما أن يكون العالم العربي ضيف شرف في هذه الدورة فذلك ما لم يكن له علم به. "نحن لا نعيش فترة رخاء هنا"، يقول سيمون، "لذلك ليس لدى الناس بصفة عامة من اهتمام بالثقافة."

وهو يتمنى أن لا تحول مثل هذه التظاهرة إلى منبر سياسي: " ينبغي أن تنظم هذه الفعالية من أجل الجانب الثقافي، لأنه لا يمكننا أن نحل مشاكلنا هناك. كما أنه ليس بإمكان المرء أن يخفي ثقبا في الطاولة ببساط يسدله فوقها"، يقول موضحا. ثم يضيف: "إنني أتساءل إذا ماكانت للعالم العربي رسالة يريد تبليغها، فما عسى أن تكون هذه الرسالة ؟"

في مطعم صغير يجلس أستاذ الفلسفة بشار حيدر مع زميلة له ويتناول كوكتيل. لقد سمع هو أيضا كثيرا عن معرض الكتاب بفرنكفورت، أما عن ضيف الشرف لهذه السنة فلا: "إن الأمر يبدو رائعا"، يقول معلقا بعد أن شرح مخطط المشروع. "لا بد أن نسافر إلى هناك" يقول مخاطبا زميلته.

مزيج مشاعر

الكتاب اللبنانيون المدعوون إلى المعرض لا يبدون كثيرا من الحماس. "منذ بداية سنة 2004 لم أقرأ سوى انتقادات حول الموضوع "، تقول إميلي نصر الله. ولنصر الله ثلاث روايات وكتابا للأطفال مترجمة إلى الألمانية، وقد سحبت الطبعة الرابعة من روايتها "عصفور سبتمبر: " هناك انطلاقة متأخرة جعلت ترجمة الكتب تتلكأ. لكن هذا أمر ينبغي أن تقدم الحكومات توضيحا في شأنه."

وإميلي نصر الله تصرح بأنها لا تنتظر الكثير من هذه الفعالية، "لكنني أتمنى أن نلقى نجاحا هناك، ذلك أنه لدينا الكثير مما يمكن أن نقدمه." كما تتمنى أن تعطي هذه الفرصة دفعا باتجاه الرواج بالنسبة للأدب العربي: " إنني سعيدة أيضا أن هذه الفعالية ستنتظم في ألمانيا، لأن لدي، بحكم تجربتي، شعورا بأن الناس هناك يكنون لنا احتراما كبيرا. لكن الأمر لا يتعلق فقط بألمانيا، بل بمعرض فرنكفورت أيضا. وعندما يسألني صحافيون إن كنت لا أعتقد بأن الكتاب قد انتهى أمره، أجيبهم دوما بأنه عليهم أن يسافروا إلى فرنكفورت ليشاهدوا بأعينهم." وقد سبق لإميلي نصر الله أن اشتركت في برنامج معرض فرنكفورت لسنة 1996.

رواية "التوت البرّي" وهو العمل الثاني لإيمان حميدان قد ترجمت إلى الألمانية وسيصدر لمعرض فرنكفورت. وهي سعيدة بمشاركتها في المعرض: "أسمع لدى الجميع من حولي بأن التظاهرة ستكون فضيحة لأنه ليس لدينا ما نقدمه حسب زعمهم. بطبيعة الحال إنه لدينا ما نقدمه ! لكن المشكلة هي أننا غير معتزّين بما لدينا."

السمعة المفقودة

المشكلة الثانية هي مسألة السمعة: "لم يعد للناس من وجهة يسيرون وفقا لها لأنهم فقدوا سمعتهم. لقد انقرضت الأديولوجيات الكبرى، ولم يتبقّ سوى الأصولية والأنظمة التقليدية. أما أمثالنا نحن فقد وجدوا أنفسهم مهمشين، وقد كانت ردة فعلي الأولى هي أن تساءلت : كيف يمكننا أن نقتحم الفضاء الذي يتوسط هذين القطبين."

تعتقد إيمان حميدان أنه ينبغي على معرض فرنكفورت أن يكون شيئا آخر غير تظاهرة "يفكر الغرب من خلالها بأن الحوار مع العالم العربي هو حوار مع الأصوليين. فأنا لي نفس المشاكل مع الأصوليين مثلكم أنتم."

في الوقت نفسه تقول حميدان بأن بعض انتقادات زملائها يمكن أن تكون في محلها. فالكثيرون يرون في التظاهرات الثقافية المندرجة في الإطار الموسع لبرنامج المعرض مشطة في الطابع الفلكلوري. وقد أثارت دعوة المسرح الراقص "كركلا" بعضا من الانتقادات في بيروت.

كان بود حميدان مثلا أن ترافق قراءتها في معرض فرنكفورت مع فرقة "ستوديو 11" المسرحية. صحيح أن هذا العرض سيكون عرض مسرح هواة، لكنه في منأى عن كل فلكلور. لكن لم تكن هناك أموال لهذا البرنامج. تبتسم حميدان معلقة : "اللبنانيون مولعون جدا بـ"كركالا"-هم "، لكنها تضيف: "إلا أن الوزير قد بذل كل ما في وسعه."

والكثير من اللبنانيين لا يخفون إعجابهم لكون وزارة الثقافة قد نجحت بميزانية بسيطة للغاية في تجميع ما يكفي من الاكتتابات كي تتمكن من إرسال 80 شخصا إلى فرنكفورت.

"الفضيحة الحقيقية هي أن البلدان التي تملك كثيرا من الأموال لم تساهم بما فيه الكفاية في ميزانية البرنامج " تقول حميدان، وهي تعني بذلك بلدان الخليج.

هنّا فيتينغ Qantara.de 2004
ترجمة علي مصباح