"نحن النظير الفلسطيني لفرقة تشوغر هيل!"

تعتبر فرقة "دام" طليعة المشهد الناشئ لموسيقي الهيب هوب في فلسطين، كما لاقت اهتمامًا على المستوى العالمي. تتوجه الفرقة بأغاني الراب الاحتجاجية ضد المتطرفين من الجانبين وضد العنف، كما تطالب بالمساواة بين اليهود والعرب. شتيفان فرانسن تحدث مع تامر نفار، مؤسس الفرقة في مدينة اللد المجاورة لتل أبيب.

تعتبر فرقة "دام" طليعة المشهد الناشئ لموسيقي الهيب هوب في فلسطين، كما لاقت اهتمامًا على المستوى العالمي. تتوجه الفرقة بأغاني الراب الاحتجاجية ضد المتطرفين من الجانبين وضد العنف. شتيفان فرانسن تحدث مع تامر نفار، البالغ من العمر 27 عامًا، وهو مؤسس الفرقة الثلاثية في مدينة اللد المجاورة لتل أبيب.

تامر نفار
تامر نفار

​​تتبوأ فرقة "دام" دورًا طليعيًا في أوساط موسيقى الهيب هوب الفلسطينية حديثة العهد. كيف تعرفتم على هذا النوع الموسيقي؟

تامر نفار: شكل الأمريكي "تو باك" 2Pac نفار: بالنسبة لي المثل الأعلى في البداية، لكنني طورت تيارًا مع مرور السنين، تمكنت من خلاله أن أصيغ الراب باللغة العربية، وقد كان لفرقة "إم بي إس" MBS الجزائرية تأثيرًا قويًا علي.

ومع حلول عام 2000 استأجرت ستوديو للتسجيل وقمت بتسجيل قطعة وحيدة، اشتهرتُ من خلالها، وكان لي أن أعرض عملي على نحوٍ غير متوقع أمام 2000 شخص. أما اليوم، فيلتف من حولنا وسط موسيقي، بيد أننا كنا السباقين، كنا "النظير الفلسطيني لفرقة تشوغر هيل".

هل بوسعك أن تعرِّف لنا أسلوب فرقة "دام"؟

نفار: نغني الأغنية السياسية، الأغنية المطالبة بالعدالة الاجتماعية والمناهضة للاستهلاك. بوسعنا أن نقول باختصار أننا نغني "الراب الاحتجاجي". بيد أن لأغانينا نفحة فلسفية كذلك، وشاعرية، وتصل إلى حد السخرية أحيانًا. لم نتأثر بالهيب هوب فقط، بل تعلمنا من الشعراء العرب أيضًا، لا سيما كيف نوظف اللغة المجازية. ولم نسرق المجازات من الكتب بل طورنا صورنا الخاصة بنا بناءً على لهجتنا التي نتحدث بها في الشارع.

هناك نص تقولون فيه بجلاء: إن الظلم لا يُهزمُ بالسلاح، بل بالورقة والقلم، وتصفون عملكم بأنه "حرب شعرية". ما هو وقع هذا الموقف على حركة "حماس" التي تنظر بازدراء إلى حركة موسيقى الهيب هوب "الغربية"؟

نفار: لا أدري، فلم ألتقي ولا لمرة واحدة "بحماس" (يصمت طويلاً). نحن مسيسون ولسنا متطرفون. وعلى أية حال، هناك قبول واسع لنا في فلسطين، ومن بين محبينا من هم مؤمنون.

أن تعترضوا بنصوصكم على الحكومة الإسرائيلية أمرٌ مفهوم، لكن ما هي طبيعة علاقتكم مع الشرائح المعتدلة داخل المجتمع الإسرائيلي؟

نفار: غنينا في بعض قطعنا الأولى باللغة العبرية أيضًا، حيث كان لنا ما نقوله لهم آنذاك. ونحن نعمل مع موسيقيين إسرائيليين كذلك: كتبنا مع فرقة غايا أغنية باللغتين العربية والعبرية تناولت السلام والعدالة، إلا أنه لم يُسمح ببث الجزء العربي من الأغنية في الإذاعة الإسرائيلية. كما قامت الشرطة الإسرائيلية بإلغاء عرض أو عرضين من عروضنا.

تعيش أنت في إسرائيل على غرار مليون عربي. كيف تصف لنا حياتك اليومية في اللد؟

تامر نفار: دعني أشبه ذلك بـ"من ينام بجانب العدو" „sleeping with the enemy“. نفار: نحن نشكل 30 بالمئة من مجمل السكان، إلا إن الحكومة تضخ الحد الأقصى من الأموال عندنا بغية تهويد اللد. لا أتكلم هنا عن المواطنين، حيث لدينا جيران يهود نعيش معهم بوفاق.

​​لكن تخيل أنك تريد أن تدخل إلى نادٍ ولا يأذنون لك بالدخول لا لشيء إلا لأنك عربي. عندما تشرع ببناء منزل يأتون ويدمروه. أذهب لشراء الحليب من الدكان لأجد ابن صاحب المتجر جالسًا على الصندوق وهو جندي. عليك في المدرسة أن تحفظ القصائد التي تمجد الصهاينة الأبطال.

أذهب إلى متجر الموسيقى الوحيد في المنطقة لكي أشتري عينات احتاجها في عملي، لأجد أن صاحب المتجر هو أحد الذين قاموا بمصادرة أملاك جدي في حينه. وإذا أردت أن أرسل لك ألبومي إلى أوروبا، عليَّ أن ألصق على الطرد طابعًا بريديًا عليه وجه بيغن. ما يجري هو غسل دماغ يومي يهدف إلى قطع حبل السرة بيننا وبين حضارتنا.

هل هناك إمكانية حقيقة لإحلال السلام الذي تتمنون في نصوصكم؟

نفار: كيف كان للسود أن يشعروا لو لم يتم الاعتراف بالجرائم التي وقعت بحقهم في زمن العبودية؟ لن يحل السلام، إلا إذا اعترفت الحكومة الإسرائيلية بأنهم سلبونا كل شيء في عام 1948 ورحّلوا عائلاتنا. هكذا تكون البداية.

أما الخطوة الثانية فتكمن بالاعتذار عن ما قاموا به. والخطوة الثالثة بإرجاع ممتلكاتنا لنا. دورنا وأراضينا. لا يتعلق الأمر هنا بحكومة فلسطينية، فأنا لا أناضل من أجل علَمٍ ما، أو رمزٍ ما، أو من أجل الاسم "فلسطين". الأمر يتعلق هنا بالبشر، بمستقبل أطفالنا. إذا تحققت هذه النقاط الثلاث، عندها يمكن لليهود أن يبقوا أيضًا، فالبلاد تتسع للجميع. أما كيف سيكون اسم البلد، فهذا الأمر عندي سيان.

ثمة أغنية عجيبة، تتوجهون بها إلى الفلسطينيين وتعترضون فيها على اضطهاد المرأة في المجتمع العربي. كيف كانت ردود الأفعال عليها؟

نفار: كثيرٌ من الرجال قالوا: "لديكم الحق. علينا أن نغيّر شيئًا ما، ولكن هل علينا أن نبدأ بذلك مع أخواتنا أو مع زوجاتنا؟" أما النساء فلم يستحسنوا ذلك في أغلب الأحيان. إذ قلن: "عندما تتكلمون عن معاناة أناس آخرين فأنتم تُضعِفونَهم بذلك". بوسعي أن أفهم هذا، فأنا كنت سأشعر تمامًا بهذا الاستياء إذا ما قام إسرائيلي بخطف الميكروفون وبدأ بالغناء عن عذاباتنا. لذلك أعطي الكلمة في المقطع الثاني من الأغنية لفتاة وأسألها عن رأيها بذلك.

"دام" „DAM“ ليست اختصارًا لـ„Da Arabian MCs“ وحسب، بل لها معاني مختلفة باللغتين العربية والعبرية.

نفار: "دام" تعني باللغة العربية "الأبد"، أما باللغة العبرية فتعني "الدم". عندما تقول "دم" يفكر معظم من يسمعك بالعنف. لا ليس هذا هو المقصود، فأنا أنظر للمسألة من الجانب الآخر: الدم هو الذي يجعل استمرار الحياة ممكنًا أصلاً. اجمع المعنيين فتحصل على: "الدم الأبدي" –هذا يعني أن السياسة لن يسعها أن تمحوا الإنساني من داخلنا أبدًا.

أجرى الحوار شتيفان فرانسن
ترجمة يوسف حجازي
حقوق الطبع قنطرة 2006

قنطرة

موسيقى الراب من غزة
شابان من غزة أسسا فرقة P. R. Palestinian Rappers وقررا مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بهذه الموسيقى الشبابية الاحتجاجية التي لا تتمتع بشعبية واسعة في هذا الشطر من الشرق الأوسط. تقرير بيتر شيفر.

عوالم الموسيقى
الموسيقى بوتقة يمتزج فيها الشرق والغرب والشمال والجنوب والحاضر والماضي. في الملف التالي نتناول تأثير السياسة والعولمة على الإبداع الموسيقي كما نقدم تجارب موسيقية من بلاد عربية وإفريقية وأوربية