لا للتجديد ولا للتوريث

تطالب العديد من الأطراف في مصر بتغيير الدستور لكي يتمكن المصريون من انتخاب رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح. في الحوار التالي يتحدث المدير التنفيذي لمركز هشام مبارك للقانون عن خلفية اندلاع هذه المناقشة وردود فعل السلطة على مطالب الإصلاح.

حسني مبارك، الصورة: أ ب
حسني مبارك

​​تطالب العديد من الأطراف في مصر بتغيير الدستور لكي يتمكن المصريون من انتخاب رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح في شهر سبتمبر/أيلول المقبل. في الحوار التالي يتحدث المدير التنفيذي لمركز هشام مبارك للقانون عن خلفية اندلاع هذه المناقشة وردود فعل السلطة على مطالب الإصلاح.

منذ شهور عديدة تطالب مبادرات بعدم تجديد فترة حكم حسني مبارك. ما هو سبب اندلاع المناقشة في وقت مبكر؟

أحمد سيف الإسلام حمد: يرجع السبب إلى أنه يوجد في المجتمع المصري إحساس متزايد بضرورة إحداث إصلاح سياسي حقيقي وعلى رأس الإصلاح السياسي هي طريقة اختيار رئيس الجمهورية. الطريقة عندنا أن ثلث أعضاء مجلس الشعب يحدد اسم المرشح لرئاسة الجمهورية وهذا الاسم يطرح على الشعب للاستفتاء. هناك مطالب منذ منتصف الثمانينات في مصر تطلب تغيير طريقة اختيار رئيس الجمهورية أي تغيير الدستور بهذا الشأن بحيث تجرى انتخابات حقيقية بين أكثر من مرشح بدون الفيلتر الذي يسمى مجلس الشعب.

التغييرات التي حصلت في المنطقة لا سيما بعد سقوط بغداد تحت الاحتلال الأنغلو-أميركي جعل هناك إحساس متزايد داخل مصر أن ردة الفعل الرسمية للحكومة المصرية لم تكن على مستوى الحدث وأن مكانة مصر في العالم العربي والعالم تتآكل نتيجة سياسة حسني مبارك والرغبة لدى قطاعات في الحكومة في توريث الحكم إلى جمال مبارك. هناك مجموعات مختلفة تشكلت لكي تطرح الموضوع مبكرا على الرأي العام المصري.

ما هي الاتجاهات الناشطة في هذه المناقشة؟

أحمد سيف الإسلام حمد: أبرز حركتين هي الحملة الشعبية من أجل التغيير والتي أعلنت مبادرتها في سبتمبر/أيلول 2004 ومنعت الحكومة المؤتمر الصحفي لإطلاق الحملة، لذلك قامت بذلك على الإنترنت. هناك أيضا الحركة المصرية من أجل التغيير. يرفع الطرفان شعارا واحد تقريبا: لا لتجديد فترة حكم مبارك ولا لتوريث الحكم إلى ابنه، نعم لتعديل الدستور واختيار رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح. هناك فرقة ثالثة معظم نشاطها على الشبكة وليس لها وجود على الأرض وهي حركة التغيير السلمي في مصر وهي تقدم عمرو موسى كمرشح للرئاسة وتحاول أن تجمع توقيعات على موقعها الإلكتروني.
أيضا أحزاب المعارضة المشروعة شكلت لجنة تتألف من 8 أحزاب، تدعى لجنة الوفاق الوطني للإصلاح، فيها وجهات نظر متعارضة.

تتألف الحملة الشعبية من أجل التغيير من قوى سياسية مختلفة، هناك شخصيات من الناصريين، من الشيوعيين، من الإخوان المسلمين، هناك أيضا شخصيات سياسية مستقلة وشخصيات ليبرالية، من حزب الغد بشكل خاص، بالإضافة إلى العديد من مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في مجال حقوق الإنسان.

معظم الناشطين في الحركة ينتمون إلى النخبة المهتمة بالسياسة. لا أستطيع القول إن للحركة امتدادا داخل الجمهور العادي. وذلك لأسباب كثيرة، منها مرتبط بمدى استبداد النظام السياسي الموجود، سبب آخر أن الحركة جديدة على المجتمع المصري. لأول مرة يهتم الناس بمعركة الرئاسة مبكرا، قبل الاستفتاء بسنة. كان ذلك من الخطوط الحمراء، فلم يكن من المسموح انتقاد رئيس الجمهورية وكان يعتبر انتقاد رئيس الجمهورية بمثابة طابومثل الحديث عن الجنس أو الدين في المجتمع المصري.

كسر الخط الأحمر هذا جديد ولقد حصل ذلك خلال السنة والنصف الماضية وهذا ما اعتبره الإنجاز الحقيقي. وأظن أنه أيا كان رئيس الجمهورية القادم، حتى لو كان حسني مبارك أو عمر سليمان أو جمال مبارك فسيواجه مجتمعا يرفض الرجوع عن انتقاد رئيس الجمهورية وسياسته. وستبقى مشروعيته محل تساؤل.

وما هي ردود فعل الحكومة على نشاط حملات المطالبة بالإصلاح؟

أحمد سيف الإسلام حمد: هناك نوع من التحمل من طرف الحكومة ولكنها من جانب آخر تحاول أن تضع قيودا على الحركة وتحاول إرهاب الناس من المشاركة فيها. مثلا عندما أعلنت الحملة الشعبية من أجل التغيير عن قيامها بمؤتمر صحفي في نقابة المحاميين للإعلان عن انطلاق الحملة، مورست ضغوط على النقابة لكي تلغي المؤتمر وهذا ما حصل. ولما استأجرت الحركة المصرية للتغيير مسرحا لكي تنظم فيه مؤتمرا سياسيا لإعلان موقفها من التجديد والتوريث، مورس ضغط على أصحاب هذا المسرح الخاص لكي يلغوا الحجز.

والآن تغيرت قواعد حجز الأماكن في صالات الفنادق أو في النقابات أو في الجمعيات وأصبح الحصول على موافقة مباحث أمن الدولة شرطا أساسيا للقيام بالحجز. حتى الآن لا يوجد قرار مكتوب ولكن الأمر يمارس كشكل من أشكال التضييق.

هناك أيضا اعتقال رئيس حزب الغد أيمن نور وزميله أيمن بركات واعتقال ثلاثة أشخاص من مركز الدراسات الاشتراكية بتهمة توزيع دعوات لمظاهرة 4 فبراير/شباط في معرض الكتاب.
ولكن في نفس الوقت الحكومة حريصة على أن تقول إنها تقوم بإصلاح، ومن الممكن أن يكون هذا مرتبط بالضغوط الخارجية أو بالصورة التي تحاول الحكومة المصرية تصديرها للخارج.

ما هو التطور، حسب اعتقادك، الذي سيشهده المشهد السياسي في مصر في الأشهر القادمة؟

أحمد سيف الإسلام حمد: حسب رأي هناك صراع داخل الحكومة بين ثلاث جهات: اتجاه يرى أنه كفاية على حسني مبارك ومن الأفضل على عمر سليمان أن يمسك يمسك الحكم، اتجاه ثاني يرى أن يأتي جمال مبارك واتجاه ثالث يدعو إلى حل وسط، يؤيد تجديد فترة رئاسة حسني مبارك وهو على علم أن حالته الصحية لن تسمح له بإكمال مدة الرئاسة، أي أن الموضوع أجّل..

أنا أظن أن الاتجاه الذي يتبنى الحل الوسط هو الذي سيسود. فأنا أشك أن يكون لدى جمال مبارك فرصة حقيقية لاستلام الحكم، لسبب بسيط: لن يسمح الجيش المصري بأن يخرج الحكم عن العسكريين، لا سيما في ظل الأوضاع الملتهبة على حدود مصر، في فلسطين أو السودان أو العراق. لا يظهر الجيش المصري على مسرح السياسة مثلما يحدث في تركيا أو باكستان أو الجزائر، ولكن لا نستطيع تجاهله أيضا.

أنا أظن أنه سيتم تمديد فترة حكم حسني مبارك ولكن في ظل عدم قبول واستهجان واسع. فالمصريون يشعرون أن الأزمة الاقتصادية والسياسية والفساد مرتبطة أشد ارتباط برؤوس النظام. حتى أن معظم النكت المصرية تدور حول جمال وعلاء وحسني وسوزان مبارك.

هل من الممكن أن يأثر الاتحاد الأوربي إيجابيا على عملية الإصلاح السياسي في مصر؟

أحمد سيف الإسلام حمد: المشكلة أن الاتحاد الأوربي والدول الغربية لا تملك موقفا متسقا من الديموقراطية وحقوق الإنسان. وأعطيك مثالا: تعيش مصر في ظل حكم الطوارئ وهناك تعذيب في السجون. والأمران محل انتقادات عن حق من طرف الحكومات الغربية. ولكن في نفس الوقت تتجاهل الحكومات الغربية حكم الطوارئ والتعذيب على الطرف الآخر من الحدود. فالانتقائية في انتقاد حقوق الإنسان تضعف من حركة المعارضة وتضر حركة النضال الديموقراطي وحقوق الإنسان. لماذا؟ لأن الانتقائية تقول إن الأجندا المطلوبة ليست حقوق الإنسان، إنما أجندا أخرى خفية يطالب بها الحكومة المصرية، لو قبلت بها سيتجاهل وضع حقوق الإنسان.

أجرى الحوار منى نجار، حقوق الطبع قنطرة ‏2005‏‏

أحمد سيف الإسلام حمد المدير التنفيذي لمنظمة هشام مبارك للقانون.

الحملة الشعبية من أجل التغيير
الحركة المصرية من أجل التغيير
مركز هشام مبارك للقانون