المحامي السوري هيثم مالح في ألمانيا

هيثم مالح، محامي سوري ورئيس لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا، وهو ناشط منذ سنوات في الدفاع عن الحقوق الديمقراطية في سوريا. شارك هيثم مالح بجلسة لجنة البرلمان الألماني البوندستاغ الخاصة بحقوق الإنسان. أجرت الحوار: دوروتي فيندين

هيثم مالح
هيثم مالح

​​هيثم مالح، محامي سوري ورئيس لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا، وهو ناشط منذ سنوات في الدفاع عن الحقوق الديمقراطية في سوريا. شارك هيثم مالح البالغ من العمر 72 عاما في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر 2003 بجلسة لجنة البرلمان الألماني البوندستاغ الخاصة بحقوق الإنسان أجرت الحوار: دوروتي فيندين

لقد تم إعتقال هيثم مالح وزجه في السجن دون توجيه اتهام أو فتح قضية ضده في الفترة ما بين 1980 – 1987، فقط لكونه كمحام عضو في رابطة المحامين، قام بالمطالبة برفع قوانين الأحكام العرفية السائدة منذ عام 1963. ومن الجدير بالذكر أنه شارك بتأسيس لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا في عام 2001، التي تضم 70 عضوا في سوريا. وهو واحد من المدافعين عن السجناء السياسيين العشرة في سوريا، الذي يطلق عليهم "سجناء ربيع دمشق"، وهم من الحركة الديمقراطية السورية، التي تم سحقها في عام 2001.

لقد قامت لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا بتقديم عدة تقارير مفصلة، من بينها تقرير حول معتقلي سجن صدنايا بالقرب من دمشق. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2003 تم تقديم تقرير حول أوضاع الأكراد في سوريا الذين لا يمتلكون الجنسية السورية وفي كانون الأول من عام 2003 تقرير حول سياسة "التصفيات" بحق الأشخاص.

سيد مالح، هل لك أن تخبرنا عن الظروف التي تعمل تحتها لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا؟

مالح: إن صفحة الإنترنت الخاصة بمنظمتنا مقفلة في سوريا ولا يمكن الدخول إليها. علاوة على ذلك لا يمكننا إصدار أية مجلة أو نشرة. يتم نشر تقاريرنا من خلال الإنترنت أو يتم تصويرها وتوزيعها. لقد قمنا في عام 2002 بطبع مجلة في لبنان أطلقنا عليها إسم تيارات وحصل لنا إشكالات كثيرة من جراء ذلك. ولقد قدمت لمحكمة عسكرية بسبب ذلك.

لقد تم إتهامكم "بالقيام بتوزيع مجلة غير مرخصة"، بسبب إدخالكم ذلك العدد من المجلة إلى سوريا.

مالح: لقد أرادوا إعتقالي ولكني تمكنت من الخروج من البلد في الوقت المناسب. لقد غادرت البلد بتاريخ 3 آب أغسطس وزرت خلال 80 يوما 11 بلدا، منها الأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة وبعض الدول الأوروبية. ثم عدت إلى سوريا عن طريق عمان. أما أمتعتي فكانت عبارة عن حقيبة صغيرة تحتوي على ملابسي الداخلية وماكينة الحلاقة. لقد قلت لنفسي، في حال اعتقلوني، فسأكون مهيئا لذلك. ولكنهم لم يلقوا القبض علي وقت الدخول. ولقد أحضر لي في وقت لاحق شخص من عمان حقيبتي. ثم تم تدوال قضيتي فيما بعد أمام المحكمة العسكرية. استمر تداول قضيتي من كانون الثاني/ يناير 2003 وحتى حزيران/ يونيو 2003. بعد ذلك أوقفت الدعوة ضدي، بسبب صدور عفو عام من قبل الرئيس بشار الأسد. لقد كنت الحالة السياسية الوحيدة التي أُدرجت ضمن العفو العام هذا، أما بقية الحالات فقد كانت حالات عادية.

ما هي التداعيات الشخصية بالنسبة لكم التي يمكن أن تترتب على كونكم تنشطون كمحام للدفاع عن حقوق الإنسان؟

مالح: إن كل شيء يخضع لرقابة النظام. يقف أمام مكتبي ثلاثة من أفراد المخابرات السورية. في حال خروجي من مكتبي يلاحقونني أيضا إلى أي مكان اتجه إليه. يتم التنصت على تلفوني. يريدون أن يدب الهلع والرعب في. لقد قمت في شهر آذار/ مارس هذا العام بإلقاء محاضرة في باريس عن 40 عاما من الأحكام العرفية في سوريا، ولقد مُنعت على أثر ذلك من مغادرة البلاد، إلى أن قمت بالطعن بذلك لدى المحكمة. علاوة على ذلك فإنه ممنوع علي إلقاء أية محاضرات. لقد تعرضت رابطة المحامين في حزيران يونيو من عام 2002 لضغط كبير من أجل سحب ترخيص العمل كمحام مني لمدة ثلاث سنوات. وكان يمكن أن يعني ذلك بالنسبة لي عدم إمكانية العمل كمحام. مثل هذا التصرف يعد بمثابة الإعدام بالنسبة لي. من أين لي أن أعيش، إذا لم أتمكن من العمل؟

وكيف كان قرار رابطة المحامين؟

منظمة حقوق الإنسان السورية
منظمة حقوق الإنسان السورية

​​مالح: لقد سحبوا مني ترخيص العمل ولكني اعترضت على ذلك قضائيا. أي أن الموضوع لم يحسم بعد؟

ما هي الصعوبات التي تواجهونها في عملكم كمحامي؟

مالح: لا يوجد قضاء مستقل في سوريا. ليس للقضاة في الواقع أية استقلالية على الإطلاق، فعلى سبيل المثال لا الحصر إذا كان هناك أمر له علاقة بالاعتقال. إن السلطة الفعلية بيد الأجهزة الأمنية. والقضاة يرضخون لتلك الأجهزة. لا يوجد عدالة في سوريا. لقد خسرت بعضا من القضايا لأن الفريق الآخر كان من أفراد الأجهزة الأمنية. ففي إحدى القضايا. كان الأمر يتعلق بإغلاق مختبر جنائي فني – ربحت القضية. ولكني أناضل عبثا منذ أربع سنوات من أجل فرض تنفيذ الحكم.

إلام يعود ذلك؟

مالح: إنه أمر مستحيل! عندما أعمل في سوريا، أتصور وكأني أسبح في غرفة معتمة دون أن أرى النور.

ولكنكم حققتم نجاحات أيضا؟

مالح: نعم. لقد تم الإفراج عن بعض الناس من المعتقلات، بفضل الضغط الذي مارسناه. ففي إحدى الحالات مثلا أرسلت برقية إلى وزير الداخلية. لقد تم الإفراج بعد أسبوع واحد عن المعتقل. وفي الشهر المنصرم كان لدى حالة، حيث تم اعتقال أحد الأكراد من قبل جهاز المخابرات السياسية، وتم الإفراج عنه بعد عدة أيام فقط من اعتقاله. إلا أنه كان عليه أن يقوم بالتوقيع على أوراق لم يعرف محتواها ولم يعرف على ماذا وقع. لقد قالوا له: "عليك أن تنسى بيتك في المزة". لقد أفرغوا بيته من الأثاث وصادروا البيت. لقد نجحت في الوصول إلى إعادة بيته له.

كيف يتم تمويل عمل لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا؟

مالح: إنني لا أتقاضى أية أجور مقابل قضايا الدفاع عن حقوق الإنسان. أي أن ذلك يعني بأن نصف عملي كمحامي مجانا، لأن الناس بحاجة إلى مساعدتي.
يمكنكم أن تتصوروا بأني لست غنيا. إن لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا لا تملك مكتبا، لأن المكتب يكلف أجورا عالية. إننا نستخدم مكتبي كمحامي كمكتب للجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا.

ماذا يمكن أن تعمل جمهورية ألمانيا الاتحادية أو الاتحاد الأوروبي من أجل دعم موضوع حقوق الإنسان في سوريا؟

مالح: يمكن أن تساعد الدول الأوروبية بشكل كبير لو قامت بدعوة نشطاء لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان للمشاركة في مؤتمرات أو منحهم منح من أجل تأهيلهم في مسائل الدفاع عن حقوق الإنسان. نحن لا نستطيع الحصول على مساعدات مالية من الخارج، لأن النظام سوف يتهمنا في هذه الحالة بإقامة علاقات مع دول أخرى. ينبغي على الحكومات الأوروبية أن يوضحن للحكومة السورية بأنه من الطبيعي أن تحصل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان على مساعدات مالية من منظمات أوروبية غير حكومية. علاوة على ذلك فإنني أتمنى أن لا يوقع الاتحاد الأوروبي على اتفاق التعاون مع سوريا قبل أن تحترم سوريا حقوق الإنسان.

أجرت الحوار دوروتي فيندين

ترجمة مصطفى السليمان