المرأة المصرية ضحية مزدوجة للعقلية الذكورية والتعصب الديني

دور المرأة المصرية خلال أحداث ثورة 25يناير كان بارزا، لكن هذا الدور بدأ يخبو في المرحلة الانتقالية. بالنسبة للناشطة المصرية داليا زيادة مديرة منظمة المؤتمر الإسلامى الاميركى، فإن المرأة المصرية "تكافح ضد تيار صعب"

داليا زيادة مديرة منظمة المؤتمر الإسلامى الامريكى وإحدى أشهر الناشطات المصريات، تم اختيارها ضمن قائمة أكثر 150 إمرأة تأثيراً فى العالم. كما كانت أول امرأة محجبة تلقي محاضرة في البيت الأبيض. وتعد بذلك نموذجاً للنجاح برغم القيود والصعوبات التى تواجهها المرأة المصرية. في الحوار التالي مع أحمد أبو القاسم توضح الناشطة المصرية رؤيتها لطبيعة التحديات التي تواجهها المرأة الصمرية في المرحلة الحالية.

 

 المرأة كان لها تواجد مميز وفعال فى ثورات الربيع العربي. هل تعتقدين أن ذلك الدور قد تراجع؟

داليا زيادة:لم يتراجع دور القوى النسائية، بالعكس فكلهن يعملن بكد وإصرار وهناك الكثير من الاتحادات النسائية التي تم تكوينها بعد الثورة، ولكن مازال المجتمع يقاوم تواجد المرأة خصوصا على الساحة السياسية وخصوصا في عملية صناعة القرار، وهذا ما جعل المرأة تحارب ضد تيار صعب.

وكيف تقيمين وضع المرأة المصرية بشكل خاص بعد الثورة؟ هل نالت الحقوق المنشودة ؟

أرى أننا سياسياً نتقدم للأمام لكن بالنسبة لحقوق المرأة نعود للخلف. فكل الحقوق التي نالتها المرأة في السنوات الأخيرة، خصوصاً فيما يتعلق بالدستور والقوانين مهددة بالزوال إذا لم نحسن اختيار من سيكتب تلك القوانين. وكذلك في كل اللجان والحكومات التي تشكلت منذ وقت الثورة وحتى اليوم بها تمثيل ضعيف جداً إن لم يكن معدوما للنساء.

وما هي الصعوبات التي تعيق تفاعل المرأة بشكل أكبر فى الحياة السياسية بمصر؟

المرأة المصرية شاركت بكثافة في الإنتخابات البرلمانية سواء كمرشحة أو ناخبة، ولها دور جبار في المجتمع المدني بقطاعاته المختلفة لكن للأسف المجتمع مصمم على النظر إليها في إطار التقاليد. أي بمعنى أن يكون دورها محصوراً فقط في رعاية الأطفال وترتيب المنزل، وهو دور مهم، لكن المرأة إنسان كامل بقدرات كبيرة، لا يجب أن ينحصر دورها في الحياة على هذا فقط . كما أن الحكم العسكرى يعد سبباً فى تهميش دور المرأة خلال الفترة الحالية حيث ينظر لنا بفلسفة الأقليات ذات المطالب الفئوية. تم تصنيفك عام 2011 ضمن أكثر 150 إمرأة فى العالم تأثيراً 

.ألا ترين ذلك مؤشراً لوجود دور إجتماعى وسياسى حقيقى للمرأة المصرية ؟

انه أمر يشرفنى لكنى لا أراه مؤشراً حقيقياً، لأن السلطات القمعية غالبا ما ترفض الاعتراف بالرموز التى تدعم الحقوق وتطالب بها حتى لا تزداد التظاهرات المعارضة لسياساتها. ولأنني أقوم بالتوعية بحقوق الإنسان وأهمية مشاركة الشباب فى الحياة السياسية، فمن الطبيعى ألا تدعمني السلطات الحاكمة فى مصر حاليا.

مصريات يتظاهرن في شوارع القاهرة من أجل المطالبة بحقوقهن
مصريات يتظاهرن في شوارع القاهرة من أجل المطالبة بحقوقهن

​​

تشكو بعض الناشطات في مجالات حقوق المرأة من وجود حملات منظمة لتشويه صورهن، فما رأيك؟

هذا صحيح للأسف، وأنا تعرضت شخصياً لذلك أثناء حملتي الانتخابية للبرلمان. وأرجع ذلك إلى تناقض السلطات الحاكمة فى التصريحات بأهمية وجود المرأة فى مناصب قيادية وعدم تفعيل ذلك واقعياً كى يصبح الامر مجرد وعود تطمينية. فالسلطات الحاكمة لا ترى مشكلة فى وجود نائبة أو وزيرة بمنصب شرفي غير مؤثر، أما المناصب السيادية الهامة كرئاسة الجمهورية او الحكومة فترفض السلطات الحاكمة ذلك بشدة. وذلك للأسف يشكل معضلة اجتماعية بحتة تجعل فكر المجتمع المصرى مصنفا بالذكوري. ما هى توقعاتك بشأن وضع المرأة المصرية فى عملية صنع القرارات بعد سيطرة الاسلاميين على أغلبية مقاعد البرلمان؟

ما نسمعه يوميا من تصريحات بعض عناصر التيار المتشدد عن حقوق المرأة ونظرتهم لها وحتى وطريقة تعاملهم معها، أراه أمرا مخيفا يهدد حقوق المرأة المصرية بشدة خصوصاً بعد أن أصبح هؤلاء في وضع يسمح لهم بالتحكم بمصائرنا وأصبحت في أيديهم سلطة قد يستغلونها في تعزيز فكرة تهميش المرأة بحجة أن هذا مناف للدين. وفي الحقيقة، فإن الدين الإسلامي يُجِلُ المرأة بشدة ويدعو لإدماجها في كل الأنشطة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وكل مناحي الحياة، لكن ما يريد هؤلاء ترويجه هو نسخة مغالطة لقيم الدين الحقيقية..

 

بعد حصول ناشطة يمنية على جائزة نوبل للسلام وكذلك نجاحك فى العمل السياسى والمجتمعى..إلى أى مدى تتوقعين نجاح المرأة فى إحداث تغيير بالمجتمع لو تولت مناصب قيادية ؟

المرأة المصرية الآن محصورة بين صخرتين كبيرتين: الأولى هي العقلية الذكورية للمجتمع والثانية تتمثل في التيارات المتشددة دينياً التي تعزز تلك الطريقة في التفكير. والتحدي الكبير أمام المرأة الآن هو كسر الصخرتين والمحاربة من أجل تواجدها كشريك أساسي في كل شيء.

لديك شهرة واسعة فى الخارج كونك مديرة لمنظمة المؤتمر الإسلامى الامريكى، وأول إمرأة محجبة تلقى محاضرة بالبيت الأبيض، هل تعتقدين بأن لك نفس الشهرة فى مصر؟

للأسف لا.. كما ذكرت أعلاه، العالم كله يقدر دورى ودورالآخريات من النساء اللواتي وهبن حياتهن لخدمة أوطانهم ، لكن في مصر، المزايدة والتخوين أصبح شيئا زائد عن الحد، وأصبحت عادة لدينا أن يقال عمن ينجح عالمياً، بأنه لا بد وأن وراءه شىء ما ضد مصلحة الوطن، أو يعتقد البعض بأن كل من يخالف سياسات السلطة الحاكمة لابد وأنه يسعى لإضعاف البلاد.

وهل تعرضت شخصياً لاتهامات محددة بهدف النيل من دورك في الثورة ؟

طبعاً فقد اتهموني بالعمالة والتمويل الاجنبى لأنني أعمل مع منظمة أجنبية، وتوليت مناصب قيادية عالمية في سن صغيرة. ولم يهتم أحد بالنظر إلى ما حققته في سنوات قليلة ومازلت أفعله من أجل بلدى. وسبب نجاحى بالخارج أنهم ينظرون إلى ما تستطيع إنجازه من إيجابيات أما البعض فى مصر فينظر للأشخاص فقط ويحاول أن يسقط منك صفة الوطنية لمجرد أن نشاطك دولي دون أن يهتم بما تستطيع تحقيقه. برأيك، ما دور الحركات النسائية فى تفعيل حقوق المرأة المصرية فى الفترة القادمة؟ الحركات النسائية لها دورهام يتمثل فى التوعية والمساهمة بشكل أساسي فى المجتمع، لكنها لن تستطيع وحدها البحث عن مكانة أفضل للمرأة

طالما أن الثورة لم تصل للحكم بعد. فحتى الآن ينظر لحقوق المرأة بأنها مطالب فئوية تأتى فى مرتبة أقل بعد الأمور السياسية.

 

أجرى الحوار في القاهرة: أحمد أبو القاسم

مراجعة: منصف السليمي

حقوق النشر: 2012