''اغتيال مشعل التمو سيؤدي إلى دخول الأكراد بزخم أكبر في الثورة السورية''

شهدت جمعة "المجلس الوطني يمثلني" في سوريا اغتيال المعارض مشعل تمو، عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري. ولمعرفة دلالات هذا الاغتيال وتداعياته أجرى أحمد محمود حواراً مع عبد الباسط سيدا، القيادي في المجلس الوطني السوري.



بعد مرور نحو سبعة أشهر على انطلاق الثورة في سوريا، والتي جوبهت بقمع شديد من السلطات، بحسب ما تقول منظمات حقوقية، التي أشارت إحصائياتها إلى سقوط قرابة 3000 قتيل حتى الآن، بدأت الساحة السورية تشهد عمليات اعتداء واغتيال لشخصيات سورية معارضة. ولعل أبرزها حتى الآن، هو مشعل التمو، الذي تم اغتياله يوم الجمعة (7 تشرين أول/ أكتوبر)، والتي أطلق عليها المحتجون السوريون "جمعة المجلس الوطني يمثلني". ولمعرفة خلفيات عملية الاغتيال هذه والرسالة المراد توجيهها منها، أجرت دويتشه فيله حواراً مع المعارض الكردي البارز الدكتور عبد الباسط سيدا، عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري.

حمّلت القيادة السورية عصابات مسلحة المسؤولية عن مقتل المعارض الكردي البارز مشعل التمو، بينما حملت أوساط المعارضة السورية وشباب التنسيقيات الكردية الرئيس بشار الأسد المسؤولية عن ذلك؟ برأيكم من هو المسؤول؟


عبد الباسط سيدا: المسؤول الأول والأخير هي السلطة الاستبدادية القائمة في سوريا، وبطبيعة الحال الذي يقود هذه السلطة هو الرئيس نفسه. في الأشهر الماضية كان يُعتقد بأن هذا الرئيس بعيد عن اللعبة، أو ربما هناك قوى أخرى هي التي تفرض عليه رؤيتها، لكن تبين أنه هو الذي يقود هذه العملية أو هو جزء فاعل منها. ولذلك نحمل السلطة وعلى رأسها بشار الأسد مسؤولية اغتيال مشعل التمو.


هل من دلالة لاغتيال مشعل التمو، عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني في جمعة المجلس الوطني تحديداً؟

الصورة د ب ا
من المظاهرات التي تشهدها المناطق الكردية في سوريا. (عامودا، 30 أيلول/ سبتمبر 2011)

​​
سيدا: نعم، نحن نعتقد ذلك. لكن للحقيقة فإن مشعل التمو كان قد تعرض لمحاولات اغتيال سابقة ولتهديدات مستمرة، لكن حينما انتخب عضوا في الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري، وهو الشخص الوحيد الذي أعلن عن اسمه من الداخل السوري، كنا خائفين. غير أنه كان مختبئاً ومتوارياً عن الأنظار، وكان من المفروض أن يكون خارج البلد خلال أيام. لكن يبدو أن الأجهزة الأمنية كانت على دراية بالموضوع أو كانت تتابع تحركاته، لذلك أقدمت على اغتياله في حركة واضحة تستهدف إرسال رسالة إلى المجلس الوطني.


البعض يقول إن اغتيال التمو هو رسالة للأحزاب الكردية في إعلان دمشق، لكي يرفضوا الانضمام إلى المجلس الوطني، ما هو تعليقكم؟

 
سيدا: هذه مجرد افتراضات وتحليلات، ونحن لا نعتقد أن هناك أي حزب كردي يؤيد بقاء هذا النظام، لكن نقدر ظروف هذه الأحزاب في الداخل، وهذه المسألة متروكة لقادم الأيام.

عمل النظام السوري منذ بداية الثورة على تحييد الأكراد، وبعد مرور سبعة أشهر على الأحداث، لم يشارك الأكراد في الثورة بالزخم المتوقع، فهل سيكون لاغتيال مشعل التمو أي بعد على النشاط الكردي في الانتفاضة التي تشهدها سوريا؟

الصورة د ب ا
ما زال المتظاهرون السوريون ينزلون إلى الشوارع منذ قرابة سبعة أشهر، للاحتجاج ضد النظام.

​​
سيدا: نتوقع ذلك. طبعاً الكرد لم يكونوا بعيدين أبداً عن الثورة السورية، وإنما كانوا متفاعلين معها منذ بداياتها الأولى، وهم يخرجون كل يوم بأعداد ليست بالقليلة في مختلف المناطق. لكن يبدو أن السلطة كانت تريد، حتى الآن، أن تظهر الثورة السورية على أنها نزاع طائفي بعض الشيء. وقلناها ونقولها دائما: إن ما يجري في سوريا هو ثورة شعبية عارمة يقوم بها الشعب بأسره ضد هذه السلطة الاستبدادية.
ويبدو أن السلطة، وخاصة بعد الإعلان عن المجلس (الوطني)، والمواقف الشجاعة لمشعل التمو، قد قررت الحسم على الساحة الكردية. هنا ربما تكون إشارة لبقية الكرد، بمعنى أن القادم سيكون صعباً، لكن ما نتلمسه من الشارع الكردي ومن مواقف القوى السياسية الكردية، أن التفاعل مع هذه الثورة سيكون بزخم أكبر.

شهد الأمس أيضاً اعتداءا على المعارض السوري البارز رياض سيف، فهل من خطوات محددة سيقوم المجلس الوطني لحماية قوى المعارضة السورية في الداخل؟


سيدا: طبعا نحن انطلقنا في التواصل مع الهيئات المعنية بهذه الأمور، والتواصل معها ما زال مستمراً. وندعو إلى توفير حماية للمدنيين، ليس لحماية الرموز الوطنية فقط، وإنما لحماية الشعب السوري بالكامل. لأنه لا فرق بين دم أي مواطن سوري.
لكن توجه السلطة نحو الرموز وتنفيذ عمليات الاغتيال ضدهم، التي بدأت تشهدها الساحة السورية، هذه إشارة لافتة تبين بأن هذه السلطة قد بلغت مرحلة اليأس، وتحاول أن تجد حلاً لما يجري بمنطق القوة وحدها، وهذا الحل أثبت فشله الذريع حتى الآن.



حوار: أحمد محمود
مراجعة: عماد غانم
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011


الدكتور عبد الباسط سيدا: معارض سوري مقيم في السويد، وهو عضو المكتب التنفيذي الذي تم تأسيسه في أيلول/ سبتمبر 2011، كشخصية كردية مستقلة.