"الإعلام الغربي يركز على الصور المغلوطة عن الإسلام"

يرى يوهان جالتونج، الحائز على جائزة نوبل البديلة مجالات أبحاث السلام أن وسائل الإعلام تميل إلى التغطية السلبية للأحداث، ما يمنح مثيري العنف اهتمام الرأي العام . كما أن التغطية السطحية للأحداث المتعلقة بالعالم الإسلامي في وسائل الإعلام الغربية تؤدي إلى تعقيد كثير من الصراعات والقضايا. كلاوديا إيزابل ريتل حاورت الإعلامي والباحث جالتونج.

يرى يوهان جالتونج، الحائز على جائزة نوبل البديلة في مجالات أبحاث السلام أن وسائل الإعلام تميل إلى التغطية السلبية للأحداث، ما يمنح مثيري العنف اهتمام الرأي العام. أما المبادرات التي تدعو إلى السلام فلا تكاد تحظى باهتمام وسائل الإعلام، كما أن التغطية السطحية للأحداث المتعلقة بالعالم الإسلامي في وسائل الإعلام الغربية تؤدي إلى تعقيد كثير من الصراعات والقضايا. كلاوديا إيزابل ريتل حاورت الإعلامي والباحث جالتونج.

هل مصطلح صحافة السلام من اختراعكم؟ وما معنى ذلك؟

الصحفي يوهان جالتونج، الصورة: منظمة ترانس آند
يرى الصحفي يوهان جالتونج أن وسائل الإعلام الغربية تهتم بإبراز النقاط السلبية في العالم الإسلامي، ما يعقد كثيرا من الصراعات

​​ يوهان جالتونج صحافة السلام تعني نشر الأخبار التي تبشر بالسلام، لا بالحرب. والمهم في ذلك إعادة ربط الأخبار وتقييمها بصورة فاعلة. إن وسائل الإعلام تكاد تهتم فقط بأعمال العنف ولا تعير أعمال السلام اهتماما. إنه لمن الضروري بالطبع فضح كل ما هو سيئ. إلا أن المرء لا يكاد يسمع شيئا عن الإيجابيات في وسائل الإعلام.

إن الأخبار التي تَرد عن الشرق الأوسط يغلب عليها طابع العنف. غير أن هذا العنف حقق شيئا من الإيجابية، فهناك أسرتان، على سبيل المثال، إحداهما فلسطينية والأخرى إسرائيلية، قامتا بتأسيس رابطة لإنهاء الحرب بعد أن فقدتا أولادهما بسبب الصراع. إن الإعلام عندما يتحدث عن العنف فإنه يؤكد أن من يقف وراء أعمال العنف قد أدى عمله بنجاح. أما الأسرتان اللتان تسعيان إلى السلام، على الرغم من كل الظروف المتناقضة، لا تعيان إعادة ربط الأخبار وتقييمها بصورة فاعلة. وعدم التغطية يدل بالنسبة لهم أن مبادرتهم لا تحظى بالاهتمام، وهذا في حد ذاته خطأ.

هل عايشتم مثل هذا الموقف شخصيا؟

جالتونج: في الجدل حول ما يُسمى بالرسوم الكاريكاتورية أوائل عام 2006 كنتُ وسيطا بين رجال الدين المسلمين والحكومة الدانمركية. وجوهر الموضوع لم يتمحور في البداية حول الرسوم المسيئة للنبي محمد، وهذا ما لم يفهمه الغرب للأسف. لقد كان جوهر المشكلة هو رفض الدانمركيين للحوار. وقدمت اقتراحا لحل وسط، وهو أن تقوم الحكومة الدانمركية بالدعوة للحوار وفي المقابل تتوقف أعمال الحرق المتعمد. ووفقا لذلك قامت الحكومة بالدعوة يوم الاثنين الذي تلا ذلك، وبعدها لم تُحرق أي سفارة بعد. وعلى الفور فتَر اهتمام وسائل الإعلام. إنهم كانوا لا يريدون إلا التغطية الإعلامية للحرائق، أما حل الصراع فلا. فليس لديهم اهتمام بما هو إيجابي.

يستغل الإرهابيون سلوكيات وسائل الإعلام هذه. كيف ينبغي للصحفيين التعامل مع هذه السلوكيات؟ إنهم مجبرون على التغطية الإعلامية، ولكنهم يُستخدمون كأدوات من ناحية أخرى؟

احتجاجات في إيران ضد الرسوم الكاريكاتورية، الصورة: أ.ب
"جوهر الموضوع لم يتمحور في البداية حول الرسوم المسيئة للنبي محمد. لقد كان جوهر المشكلة هو رفض الدانمركيين للحوار"

​​جالتونج: لقد بدأت الحرب بالفعل بين الإسلام والغرب بالحملة الإسلامية على شبه جزيرة أيبريا عام 711. وكرد فعل عليها قامت الحروب الصليبية. وعلى عكس الحملات الإسلامية التي لم تكن سوى احتلالية، كانت الحروب الصليبية عنيفة للغاية. ووقعت فيها أعمال وحشية حُسب معظمها على الغرب. كما قامت قوى غربية فيما بعد بتكرار الاعتداء على دول عربية وإسلامية. إنه لا ينبغي علينا فقط البحث عن أسباب الأصولية ولكن عن الدوافع التي أدت لظهور هذه الأسباب. إن وسائل الإعلام الغربية لا تكاد تغطي إعلاميا سوى أعمال عنف المسلمين. إنها تروي عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر / أيلول 2001 من دون أن إدراك معنى معاهدة 1945 الموقعة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بالنسبة للإسلام والوهابية على وجه الخصوص.

أليست الوهابية ضربا من الإسلام المتزمت في المملكة العربية السعودية؟

جالتونج: في هذه المعاهدة تلتزم الولايات المتحدة بحماية المملكة العربية السعودية ضد مواطنيها. وفي المقابل يحق للولايات المتحدة التحكم في منابع البترول. ولأن مثل هذه الاتفاقية لا تُذكر ولا يُصرح بها أبدا تبدو الأصولية الإسلامية بلا دوافع على الإطلاق.

إن قرّاء الصحف ومشاهدي التلفاز لا يمكنهم أن يستنتجوا من هذه الوقائع سوى أن الإرهابيين أشرارا. وفي هذا تبقى هناك زاوية مهمة مسكوت عنها. ومن الوقائع المسكوت عنها أيضا أن الإيطاليين هم الأوائل في التاريخ الذين جعلوا النساء والأطفال أهدافا إستراتيجية عندما ألقوا بالطائرات القنابل على ليبيا عام 1911. وقد فعل الإنجليز مثل هذا ضد الثوار العراقيين عام 1922. هذه المادة التاريخية تعتبر بالنسبة للبلاد المعنية من الأهمية القصوى بمكان. إن تلاميذ المدارس يقرؤون ذلك ويعرفونه، أما في الغرب فلا أحد يعلم ذلك.

يقول الأفارقة أيضا إن وسائل الإعلام الغربية لا تقوم بتغطية إيجابية كافية؟

جالتونج: ليست هناك تغطية إعلامية عن فلسفة "أبونتو"، على سبيل المثال.

إنها فلسفة افريقية تعني الإنسانية تجاه الآخرين؟

جالتونج: هذه الفلسفة تقول بأن كل منا يحمل جزءا من الآخر. ولكن إذا أراد المرء معرفة سر نجاح لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا فلا بد من وضع فلسفة "أنبوتو" في الاعتبار. كما أنه ليست هناك تغطية إعلامية تقول بأنه بعد لجنة الحقيقة والمصالحة لم تعد هناك أعمال عنف بين السود والبيض لدواع سياسية. أما الاعتداءات والسرقة فلا تزال موجودة. إلا أن ذلك يعتبر شيئا آخر، خاصة في مجتمع يسوده الاستغلال.

أجرت الحوار: كلاوديا إيزابل ريتل
ترجمة: عبد اللطيف شعيب
مجلة التنمية والتعاون 2008/ قنطرة 2008

يوهان جالتونج أسس بمدينة أسلو أول معهد لأبحاث السلام عام 1959. وقد حصل هذا العالم في الرياضيات والعلوم الإجتماعية عام 1987 على جائزة نوبل البديلة لأعماله في مجال أبحاث السلام. ويدير حاليا شبكة ترانس اند العالمية للسلام والتنمية.
قنطرة

الحضارة الغربية والإسلامية في وسائل الإعلام:
"الإسلام ليس صورة بل دين ديناميكي"
عُقدت في برلين يومي 28 و29 نيسان/أبريل الماضي ورشة عمل في معهد الدراسات المتقدمة تحت عنوان "إشكالية خلق الصورة" تناولت مسألة خلق الصورة النمطية في وسائل الإعلام العربية والغربية، ودور الصور في أوقات الحروب وفي الترويج لفكرة الديموقراطية الأمريكية، ودور الصور في التمثيل الذاتي وإعادة إنتاج الآخر. حوار مع المشرفة على الورشة شيرين أبو النجا.

رأي:
حقوق الإنسان بين الإسلام والغرب
يتناول نبيل شبيب، محرر في القسم العربي بإذاعة الدويتشه فيلله، الخلل الموجود حسب رأيه في المناقشة الدائرة حول تطبيق حقوق الإنسان في الدول الإسلامية.

الحوار الإعلامي العربي الألماني
الثقافات الإعلامية وتحديات العولمة
ما هي نتائج المنافسة بين الفضائيات الغربية والعربية؟ يقدم أوليفر هان أستاذ الصحافة في جامعة دورتموند الألمانية تحليلا للوضع الحالي ويقترح تعاونا إعلاميا وثيقا متعدد الثقافات