السلفية "حقل ألغام" لا تكفي المقاربة الأمنية لعلاجها

يتحدث الدكتور أعلية علاني أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة منوبة بتونس والمختص في الجماعات الجهادية المسلحة في منطقة المغرب العربي في هذا الحوار مع منصف السليمي عن المصادر الايديولوجية للجماعات السلفية في المغرب العربي وسبل الحد من انتشار التيار السلفي الجهادي في هذه المنطقة وغيرها من القضايا ذات الصلة.

أعلية علاني ، الصورة منصف سليمي
"السلفيون في المغرب العربي لا يجمعهم تيار واحد؛ فهم مجموعة من الاتجاهات منها ما يتعلق بحزب التحرير أو بجماعة التبليغ أو بالتنظيمات الجهادية المسلحة وعلاقاتهم بنظرائهم في أوروبا متفاوتة"

​​ هل الجماعات السلفية ظاهرة جديدة في منطقة المغرب العربي قياسا لحركات الإسلام السياسي، وما هي طبيعتها هل هي جماعات احتجاج سياسي أم جماعات دعويـــــــة؟ وما هي الأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذه الجماعات؟

أعلية علاني: الجماعات السلفية ظاهرة ليست جديدة بالمغرب العربي بل هي أقدم من حركات الإسلام السياسي، هذا إذا أخذنا السلفية بمعناها التاريخي القديم إذ يُنسب لفظ السلفية للسلف الصالح، الذي حمل لواء الإسلام ونقله للأجيال اللاحقة غير أن هذا اللفظ اكتسب دلالة اصطلاحية مذهبية مع ابن تيمية (توفي في 1328م) وتلميذه ابن القيم (توفي في 1351م) فقد عاب ابن تيمية على المسلمين جملة من السلوكيات، التي عدها انحرافا عن منهج السلف الصالح، ويتعلق بعضها بالعقيدة، مثل التوسل بالأموات والتمسح على القبور، والبعض الآخر بالتشريع مثل تقديس المذاهب الفقهية والركون إلى التقليد. ولهذا السبب دعا إلى الرجوع إلى "العقيدة السلفية الصالحة".
وفي القرن 19 ظهرت في الجزيرة العربية السلفية الوهابية، التي لم تجد موطئ قدم في منطقة المغرب العربي إلا في العقود الأخيرة تحت تأثير الفضائيات وتأثير بعض الجاليات المغاربية التي يعمل أفرادها بالمملكة العربية السعودية لكن السلفية الوهابية كمذهب رسمي لنظام الحكم في المملكة لم تكن تحمل طابعا احتجاجيا ولا تتدخل في شؤون السياسة.

وشهد التيار السلفي تطورات هامة منذ حرب أفغانستان الأولى وحرب العراق بالإضافة إلى تداعيات الصراع العربي الإسرائيلي بعد اتفاقيات أوسلو، وانقسم إلى قسمين، تيار سلفي "علمي"(يركز على الجانب التنظيري والعقائدي) وتيار سلفي "جهادي"، وبدأ هذا الأخير يحقق انتشارا متزايدا بعد مقتل الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات على يد جماعة التكفير والهجرة المصرية وسجل حضوره كذلك، باحتشام، في منتصف الثمانينات بالمنطقة المغاربية.

احدى ساحات تونس، الصورة منصق السليمي
"ليس هناك ربط سببيّ بين انتشار الجماعات السلفية وتحجيم حركات الإسلام السياسي في دول مثل تونس والجزائر"

​​ ما هي المصادر الايديولوجية للجماعات السلفية في منطقة المغرب العربي، هل هي التيار الوهابي في السعودية أم جماعة " التبليغ" الهندية الباكستانية؟

علاني: يمكن القول إن المصادر الايديولوجية للجماعات السلفية في المغرب العربي ترتبط بابن تيمية وبالتيار الوهابي أكثر من ارتباطها بجماعة التبليغ الباكستانية. عرفت المنطقة المغاربية منذ سبعينات القرن العشرين إقبالا على كتب سيد قطب والمودودي وناصر الدين الألباني وغيرهم، لتضاف إليها في فترة لاحقة إلى اليوم أشرطة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وكتب عمر عبد الرحمان وعبد الله طلال القاسمي وأبو عاصم المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني وأبو الوليد الأنصاري وأبو مصعب السوري وحمود العقلا.

ما هي خلفية معاداة الغرب التي تحتل مكانة رئيسية في خطاب الجماعات السلفية، هل هي خلفية سياسية استراتيجية (أحداث العراق، أفغانستان، فلسطين) أم ثقافية عقائدية ؟

علاني: إن سلفية نهاية القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة والمنسوبة للتنظيمات الجهادية المسلحة، وأبرزها تنظيم القاعدة، تنطلق من واقع عربي إسلامي متردي عجزت فيه النخب والحكام على الخروج من بوتقة التخلف بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال، وهي تعتقد أن المظالم المسلطة على العالم الإسلامي منذ حرب الخليج وحرب أفغانستان وتعامل المجتمع الدولي بمكيالين في مسألة الصراع العربي الإسلامي إنما هي من فعل الغرب الذي تصفه ب"الصليبي الحاقد" وتقسم العالم تبعا لذلك إلى قسمين: "دار الإسلام" و"دار الكفر". إن خلفية معاداة الغرب السائدة في الخطاب السلفي الجهادي ذات بعد إستراتيجي بشكل رئيسي، أما الخلفية الثقافية العقائدية فيمكن اعتبارها عنصرا مكملا، له تأثير ولكن بشكل أقل.

الاعتدءات الإرهابية في جربا، الصورة د.ب..ا
"وجود تيار سلفي في تونس بهذا الحجم المحدود لن يكون له تأثير سلبي على تطور عملية تحديث المجتمع"

​​ ما هو حجم الارتباط بين الجماعات السلفية في بلدان المغرب العربي ونظيراتها في أوروبا، وكيف تجري عملية التأثير أو التأثر بين الجانبين؟

علاني: السلفيون في المغرب العربي لا يجمعهم تيار واحد فهم مجموعة من الاتجاهات منها ما يتعلق بحزب التحرير أو بجماعة التبليغ أو بالتنظيمات الجهادية المسلحة، وعلاقاتهم بنظرائهم في أوروبا متفاوتة. فالسلفيون "العلميون" المغاربيون لهم امتدادات تنظيمية في صفوف المهاجرين بأوروبا خاصة في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وينشطون في إطار المجلس الإسلامي الأوروبي كأفراد لا ككتلة تنظيمية لأنهم– في الغالب - لا يؤمنون بالعمل التنظيمي. أما السلفيون "الجهاديون" بالمغرب العربي فهم ينشطون داخل خلايا مغلقة وانتقائية ومحدودة العدد وعلاقاتهم بالخلايا الجهادية في أوروبا تسودها السرية المطلقة نظرا لارتباطها بتنظيم القاعدة. ويمكن القول إن عناصر هذا التيار كانوا، في البداية، متواجدين بكثافة في هولندا وإسبانيا وإيطاليا ، لكن منذ نهاية التسعينات من القرن العشرين حصل صراع داخلي بين فصائل هذا التيار، بشهادة أحد القياديين، انتهى بتقلص حجم كبير لحجم هذه الخلايا ولم يبق لهم تواجد فعلي إلا في إيطاليا، وحتى هناك ، بدأ حجمهم يتقلص، ويعزو هذا القيادي سبب الصراع إلى خلافات فكرية وزعاماتية، وإلى ما خلفته عملياتهم الإرهابية في أوروبا من تداعيات سلبية على وجودهم كهيكل تنظيمي.

ما هي القاعدة الاجتماعية التي تستند اليها الجماعات السلفية: الطبقة الوسطى أم فئات الفقراء والمُهَمًشين؟

علاني: إن القاعدة الاجتماعية التي تستند إليها الجماعات السلفية وخاصة الجهادية هي في الغالب فئة الفقراء والمهمشين تضاف إليها عناصر محدودة من الطبقة الوسطى (غالبهم ينتمون لدول الخليج). ومن خلال حوارات أجريتها مع بعض السلفيين يمكن أن نستشف ملامح المنخرط بالتيار السلفي: فهو شاب دون الثلاثين، وغالبا ما يكون محدود الثقافة والمستوى الدراسي، ومهمشا اقتصاديا واجتماعيا (باستثناء بعض العناصر القيادية الميسورة الحال ولكن عددها محدود جدا). وهنا نطرح تساؤلا إلى أي حد يمكن لتنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة أن تحد من انتشار ظاهرة التطرف الفكري والديني؟ وما هو دور الدولة والنخب والمجتمع المدني عامة في نشر ثقافة الوسطية والاعتدال والتسامح؟

تفجيرات إرهابية الجزائر، الصورة د.ب.ا
"ما من شك أن الجماعات الجزائرية تشكل النواة الصلبة للسلفية الجهادية في منطقة المغرب العربي"

​​ ما هي إذاً أفضل الوسائل للحد من انتشار التيار السلفي الجهادي؟

علاني: إن أية ظاهرة فكرية متطرفة سواء كانت سلفية جهادية أو غيرها لا يمكن التصدي لها أمنيا فحسب، فذلك لن يكون سوى حل ظرفي، بل لا بد من ضمان جملة من الشروط الموضوعية لمواجهتها وفي مقدمتها:
أولا: وضع خطة تنموية شاملة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا تشارك فيها الدولة والقوى الفاعلة في المجتمع من أحزاب وجمعيات.
ثانيا: نشر ثقافة تنويرية حداثية لا تتعارض مع هوية المجتمع وتراعي خصوصياته وتطور الفكر الديني من داخل منظومته.
رابعا: إقناع الغربيين أن زيادة استثماراتهم بالبلدان العربية والإسلامية والإفريقية سيحد من تدفق المهاجرين ويقلل من فئة المهمشين الذين تستقطبهم التنظيمات الراديكالية.
خامسا: توعية الغرب بأن حلا مشرفا وعادلا للصراع العربي الإسرائيلي سيشكل سدا منيعا ضد أطروحات التطرف.
إن تحقيق هذه الشروط (التنمية الشاملة، الفكر التنويري والحل العادل للصراع العربي الإسرائيلي) هو المدخل الرئيسي لمعالجة ظاهرة التطرف وبدون ذلك لن نصنع سلما شاملة ولا أمنا دائما.

إلى أي حد يمكن اعتبار انتشار الجماعات السلفية مرتبطا بتحجيم دور حركات الإسلام السياسي في دول مثل تونس والجزائر؟

علاني: ليس هناك ربط سببيّ بين انتشار الجماعات السلفية وتحجيم حركات الإسلام السياسي في دول مثل تونس والجزائر. ولكل بلد خصوصياته. ففي الجزائر مثلا يوجد تيار الإسلام السياسي في الحكومة والبرلمان من خلال حركة "حمس"، التي أسسها الشيخ محفوظ نحناح زعيم التيار الإخواني بالجزائر، لكن ذلك لم يمنع من أن يكون التيار السلفي الجهادي الجزائري من أقوى التيارات بمنطقة المغرب العربي. أما في تونس فالأمر مختلف، إذ أن ضعف "حركة النهضة" الناجم عن استراتيجية المواجهة بينها وبين السلطة لعدة سنوات لا يُفسر على أنه العامل الرئيسي الذي سمح بانتشار التيار السلفي في تونس في الفترة الأخيرة، علما وأن هذا التيار لم يشهد مدّا في تونس على غرار ما شهدته باقي البلدان المغاربية، فهناك عوامل أخرى ساهمت في انتعاشة نسبية للتيار السلفي بتونس يمكن تصنيفها على أنها عوامل اقتصادية واجتماعية وكذلك إعلامية من خلال دور الفضائيات في نشر فكر هذا التيار.

العاهل المغرب، الصورة د.ب.ا
"للمغرب خصوصية تتمثل في أن الملك يحمل لقب "أمير المؤمنين" فهو يجمع بين الحكم الزمني و النفوذ الروحي"

​​ يشهد التيار السلفي في تونس انتعاشا وهنالك من يربط عودة مظاهر التدين في تونس بتأثير سلفي، فما تأثير ذلك على تطور عملية تحديث المجتمع والدولة في هذا البلد الذي يعتبر الأكثر تحديثا في منطقة المغرب العربي؟

علاني: يجدر التذكير في البداية أن مظاهر التديّن في تونس ليست مرتبطة بقوة أو ضعف "حركة النهضة"، التي يتزعمها راشد الغنوشي والمحسوبة على التيار الإخواني بتونس، فالتديّن موجود قبل نشأة هذه الحركة وبعدها، ونشير أيضا إلى أن التدين في تونس متأثر بنمط الحداثة الذي عرفته البلاد مع دولة الاستقلال. ورغم موقف المغالاة لبعض الساسة تجاه المسألة الدينية في العهد البورقيبي (نسبة للرئيس السابق الحبيب بورقيبة) إلا أن ذلك لم يمس من جوهر التدين في المجتمع، فالمساجد ممتلئة والشعائر الأخرى تطبق بصفة طبيعية سواء في عهد بورقيبة أو في عهد الرئيس بن علي بشهادة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء لمسلمين الذي زار تونس في الأشهر الأخيرة.
إن وجود تيار سلفي في تونس بالحجم المحدود الذي ذكرناه لن يكون له تأثير سلبي على تطور عملية تحديث المجتمع وذلك لعدة أسباب من أبرزها:
أولا: ارتفاع نسبة التمدرس Schooling
ثانيا: توفر حد أدنى من الاستقرار الاقتصادي رغم تداعيات الأزمة المالية العالمية.
ثالثا:اقتناع كل مكونات المجتمع المدني بما في ذلك حركة النهضة بأهمية الدفاع والحفاظ على مكاسب المرأة الواردة بمجلة الأحوال الشخصية(قانون الأحوال الشخصية).
رابعا: دعم فكر الوسطية والاعتدال من خلال ما تبثه برامج إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم والسماح بإنشاء بنوك إسلامية تتعايش مع البنوك العادية الأخرى.
وإجمالا فإن السياسة الدينية للدولة، حاليا، لا تسمح بانتعاشة تيار الإسلام الراديكالي على النحو الذي تروجه بعض الفضائيات.
ما هو رأيك في النهج الذي يتبعه المغرب، في تدعيم دور الطرق الصوفية كوسيلة لتحجيم التيار السلفي؟

علاني: للمغرب خصوصية تتمثل في أن الملك يحمل لقب "أمير المؤمنين" فهو يجمع بين الحكم الزمني و النفوذ الروحي. وبالتالي فإن حركات الإسلام السياسي طوّعت مواقفها وبرامجها في اتجاه عدم المساس من احتكار الملك لمجال"المقدس". أما دعم حركات التصوف في هذا البلد فهو تقليد قديم دأب عليه المغرب منذ قرون، كما أن دعم السلطة له، ربما يحدّ ضمنيا من تيار الإسلام السياسي. لكن يجدر التذكير إلى أن كلا التيارين ( الصوفية وحركات الإسلام السياسي ) له وظيفته وموقعه داخل المجتمع. فالحركات الصوفية موالية آليا للمخزن (مصطلح يطلق في المغرب على السلطة بمضمونها التقليدي والتاريخي)، ولا تشتغل ظاهريا بالسياسة، أما تيارات الإسلام السياسي مثل "حزب العدالة و التنمية" فتشتغل بالسياسة أساسا ولكن بخلفية دينية، وهي تعتبر حركات التصوف جزءا من تاريخ وتراث المملكة التي يجب الحفاظ عليها.

وهل تتفق مع رأي بعض الخبراء القائل بأن ليبيا تشكل الحلقة الأضعف في المنطقة المغاربية، سواء بالنسبة لانتشار حركات الإسلام السياسي أو الجماعات السلفية، وما هو تفسيرك لذلك؟

علاني: لقد تواجد تيار الإسلام السياسي في ليبيا قبل ثورة الفاتح من سبتمبر 1969، وكان ينحصر أساسا في التيار الإخواني. ونلاحظ أن ليبيا تعايشت مدة طويلة مع تيارات السلفية "العلمية" والحركات الصوفية، و أبرزها السنوسية. لكن المواجهة بين السلطة وتيار الإسلام السياسي بدأت منذ سبعينات القرن العشرين، وكانت المقاربة الأمنية هي السائدة في التعامل مع هذا التيار مدة عقود. واستقر جزء من المعارضين في المنفى (خاصة في بريطانيا) والجزء الآخر في السجن. لكن المعارضة في الخارج كانت محدودة التأثير ولم تتمكن من أن تكون لها امتدادات في الداخل.

أما عناصر التيار السلفي الجهادي المنضوين في إطار "الجماعة الليبية المقاتلة" التي تأسست في 1990 بعد عودة الأفغان الليبيين، فإن نشاطهم كان في سرية مطلقة، إلى أن اكتشفت السلطات تحركاتهم في 1995، واستمرت مواجهة نظام القذافي لهم إلى غاية 1999، ومن أبرز قياداتهم أبو صهيب الليبي. لكن هذه الجماعة وعلى أرجح الروايات، لم تكن تنتمي للقاعدة حسبما أكده الباحث كميل الطويل في كتابه "القاعدة وأخواتها"، وهو ما سمح بإجراء حوارات مع قياداتهم في السجن منذ سنة 2007 تحت رعاية مؤسسة القذافي الخيرية التي يرعاها سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي. ونتج عن هذه الحوارات مراجعة لفكر المجموعة في اتجاه تحريم رفع السلاح ضد السلطة والإقرار بعدم جواز الخروج على الحاكم، وعدم تكفير المجتمع . وقد أطلق سراح الغالبية العظمى من قيادات هذه الجماعة وتم فتح حوار مع المعارضة الإسلامية بالخارج، للعودة تدريجيا إلى أرض الوطن. وذكر لي أحد القياديين السابقين بالجماعة الليبية المقاتلة أنه تم الإفراج عن 220 من جملة 400 سجين إسلاميا لحد الآن على ثلاث دفعات ، كان آخرها في مارس 2010.

كل هذه العوامل تدفعنا إلى القول أن تيارات الإسلام السياسي والسلفي في ليبيا تعّد هي الحلقة الأضعف في منطقة المغرب العربي. ويعود ذلك إلى استعمال السلطة لمقاربتين في التعامل مع هذه التيارات: المقاربة الأمنية، وذلك بالضرب على يد كل من يرفع السلاح ضد السلطة، والمقاربة السياسية من خلال تشجيع تيار الإصلاح و المراجعة و الحوار داخل هذه التنظيمات، وتشجيع كل التوجهات نحو فكر الوسطية و الاعتدال. وهو ما أثمر في نهاية المطاف قبول رموز تيار الإسلام السياسي ورموز التيار السلفي المفرج عنهم أخيرا أو العائدين إلى أرض الوطن، بعدم الاشتغال في الحقل السياسي و الاكتفاء بالنشاط في المجال الدعوي والتربوي. ونفس المسلك سلكته تقريبا الحكومة التونسية حاليا مع المعارضة الإسلامية بالخارج حيث مكنت، في الأشهر الأخيرة، عددا كبيرا من أنصار حركة النهضة وقيادييها من الرجوع إلى أرض الوطن.

تفجيرات الجزائر، الصورة د.ب.ا
تعتبر منطقة مثلث الصحراء الرابطة بين موريتانيا والجزائر ومالي مصدر تمويل مهم لأنشطة القاعدة

​​ ما مدى تغلغل التيار "الجهادي" الذي تمثله القاعدة أو جماعات أخرى، داخل التيار السلفي في المغرب العربي، وهل تؤيد رأي بعض الخبراء الذين يرون بأن الجماعات الجزائرية تشكل النواة الصلبة للسلفية الجهادية في هذه المنطقة؟

علاني: يمكن القول إن التيار السلفي الجهادي المنضوي تحت تنظيم القاعدة أو تحت جماعات أخرى من بلدان المغرب العربي شهد مدّا منذ حرب الخليج وأحداث الحادي عشر من سبتمبر. ومنذ2001 انتظم الكثير من الشباب المغاربي خاصة في الجزائر وموريتانيا في التيار السلفي الجهادي، وساعده على ذلك انتشار أشرطة أسامة بن لادن وكتابات أبو قتادة وأبو محمد المقدسي و أبو مصعب السوري وبعض كتابات ناصر الدين الألباني.

ومن خلال حوارات أجريتها مع عناصر سابقين في تيار السلفية الجهادية بموريتانيا تأكد وجود عناصر قديمة من التيار السلفي الجهادي في موريتانيا كانت تعتبر بمثابة ملاذ لهؤلاء الشباب، حيث يتم تكوينهم و تأطيرهم وإرسالهم إلى الساحة الجزائرية وذلك منذ 2001 أي مع وصول وسيطرة جماعة " حطاب" و "درودقال" على التنظيم الجهادي المسلح بالجزائر،علما وأن عبد الملك درودقال هو الذي يترأس حاليا تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ويعرف باسم أبو مصعب عبد الودود الذي أعلن مؤخرا عن إعدام الرهينة الفرنسي جرمانو . وما من شك أن الجماعات الجزائرية تشكل النواة الصلبة للسلفية الجهادية في منطقة المغرب العربي،( بما يقارب 90% من عناصر التنظيم) ولا غرابة في ذلك، إذ أنها، تاريخيا، كانت السباقة إلى العمل المسلح من خلال جماعة مصطفى بويعلي في بداية ثمانينات القرن الماضي(1982).

هل يقدر عدد الجهاديين في المغرب العربي بالعشرات أم بالمئات أم بالآلاف؟

علاني: بالنسبة لطبيعة تنظيم جهادي مسلح لا يمكن الحديث عن آلاف، بل عن عشرات ومئات. وتحتضن الجزائر العدد الأكبر بـ 850 شخصا تقريبا حسب إحصائية 2005 تليها موريتانيا بـ 160 شخصا. أما بالمغرب وتونس فينحصر العدد في 15 فردا وينزل في ليبيا إلى أقل من عشرة ، وفي النيجر 4 أفراد ومالي 3 أفراد، وهذه الأرقام تشمل الخلايا الفاعلة والمهيكلة Hard Cores ولا تشمل الأنصار العاديين والمتعاطفين. إن هذه الأرقام تقريبية ولكنها الأقرب للواقع وهي تؤكد أن الجزائر تمثل المحرك لتيار السلفية الجهادية بثقلها العددي واللوجستي في حين اختص رموز التيار الموريتاني بالجانب التنظيري والعقائدي. وقد استفادت الجماعات المسلحة بالجزائر من تداعيات توقيف المسار الانتخابي سنة 1991 وما خلفته من أزمة داخل المعارضة والسلطة الجزائرية، إذ مست الاغتيالات السياسية رموزا في الحكم وآخرين من مختلف التيارات السياسية.

وكيف يتم تجنيد المنخرطين بالتيار السلفي الجهادي؟ وما هي المواصفات المطلوبة في المنخرط بهذا التيار؟

علاني: أود أن أشير في البداية إلى أن الانتماء للتيار الجهادي يخضع لمقاييس ومواصفات محددة. ومن خلال حوار أجريته مع أحد المفرج عنهم من التيار الجهادي أكّد لي أن الانتداب لهذا التيار يمر حتما عبر مراحل إذ يتم في البداية انتقاء الذين لهم توجه سلفي من خلال ترددهم على المساجد و الدروس، ومن الذين يُظهرون استعدادا فكريا لقبول الفكر السلفي وذلك من خلال بعض الحوارات وبعض النقاشات التي تتم معهم فيتم توجيههم إلى دراسة بعض الكتب والمراجع. وفي الحلقة الأولى من التنظيم يتم تمكينهم من كتب سيد قطب و أقطاب التيار السلفي، ويتم كذلك مدّهم بخطب و أشرطة بن لادن و المقدسي وأبو قتادة وغيرهم. وعندما تظهر لديهم استعدادات جدية في التفاعل مع هذه الخطب والأشرطة يتم إدخالهم لخلايا تنظيمية سرية ويطلب منهم أداء البيعة.

ويتضمن نصّ البيعة قسَما على "السمع والطاعة للأمير في المنشط و المكره وقتال أعداء الله مثلما تمّ ضبطه في الكتاب والسنة"حسب رأيهم. والمعلوم أنه عندما تكون منتظما في خلية للسلفية الجهادية المرتبطة بالقاعدة فإنه يصعب عليك أن تعرف الأمير الذي بايعته، فأنت تؤدى البيعة وقسمها للأمير دون أن تتعرف على شخصه ووجهه، فربما يكون الأمير الذي بايعته شخصا تراه كل يوم أو كل أسبوع لكنك لا تستطيع أن تجزم بأنه هو الشخص الذي بايعته. ويُطلب من المنخرط في الخلايا الجهادية أن يحفظ سورة" الأنفال" لما تتضمنه من آيات تحث على "الجهاد" و"القتال ضد الكفار".

ولماذا يعمد تنظيم "القاعدة بلاد المغرب الإسلامي" إلى وضع مقاييس صارمة لانتقاء أتباعه، ويكتفي بخلايا محدودة العدد؟

علاني: لا يفضل قياديو القاعدة تنظيما كثير العدد فذلك يتطلب مصاريف باهظة وعملا بيروقراطيا كبيرا، إذ يُفضل الاكتفاء بخلايا نشيطة وفاعلة تقوم بعمليات التفجير والقتل بشكل مبرمج، وهذا يتطلب انتداب أشخاص قادرين على خوض حرب عصابات. كما أن كثرة العدد تكون مدخلا للعديد من الاختراقات التي يمكن أن تضر بالتنظيم، حسب رأيهم.

كيف يتحدد مفهوم الجهاد لدي أنصار السلفية الجهادية، وما سر إقبالهم على العمليات الانتحارية؟

علاني: يحمل مفهوم الجهاد دلالة معينة لدى أنصار هذا الاتجاه. فهو كما يقول الباحث عبد الحكيم أبو اللوز، لا يعبر عن عمل فردي بمعنى أنه غير مؤطر بإيديولوجية محددة. والفرق بين السلفيين التقليديين والسلفيين الجهاديين هو أن التيار الأول يعتبر الجهاد فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقين، أما التيار السلفي الجهادي فيعتبره فرض عين (أي إجباري على كل فرد مسلم) وبالتالي يرى أن العنف الذي يمارس باسم الإسلام عبادة فردية، وهو ما يجعلنا نفهم: لماذا يلتجئ المؤمن بالسلفية الجهادية إلى تفجير نفسه أمام حشد من الناس، فهو يعتقد في داخله أنهم "خارجون عن الملة". إنه يمارس- حسب رأيه – أرقى درجات العبادة وهي الاستشهاد معتقدا أنه سينتقل من جحيم الدنيا بظلمها وفقرها وقهرها إلى فردوس الجنة حيث النعيم الأبدي. لذلك فإن العنف السلفي – كما يقول بعض الباحثين – لا يسعى إلى تطبيق برنامج محدد ولا يرتجي نتيجة ملموسة، بل يختار أتباعُه الموت لما يحمله من معاني ورموز، لذلك فالتفاوض معهم يكون صعبا جدا ومعقدا.

لماذا تتجه المواجهات الميدانية في السنوات القليلة الأخيرة بين سلطات دول المنطقة والجماعات السلفية الجهادية إلى منطقة الصحراء الكبرى، هل ذلك فقط لاعتبارات إستراتيجية أمنية ومالية، أم لأن هنالك امتدادات سلفية لهذه الجماعات في بلدان الساحل الإفريقي(نيجيريا، مالي...)؟

علاني: تتجه المواجهة الميدانية بين سلطات دول المنطقة والجماعات السلفية الجهادية إلى منطقة الصحراء الكبرى لاعتبارات متعددة أمنية واقتصادية بالأساس. فبعض خلايا تنظيم "القاعدة بالمغرب الإسلامي" المتواجدة في النيجر ومالي وتشاد لا يعول عليها في الجانب التنظيري أو الدعوي، فهي كتائب مسلحة يقودها جزائريون مثل بلمختار (والمعروف بمختار الأعور) وأبو زايد تنتدب في صفوفها بعض المرتزقة الأفارقة، وقد نجحت في تنفيذ عدة عمليات اختطاف لسياح أجانب قامت بنقلهم إلى المناطق الصحراوية التي يسيطرون عليها لتساوم بهم بعد ذلك من أجل الحصول على مبالغ مالية متفاوتة الأهمية. وهكذا فإن أهمية منطقة مثلث الصحراء بالنسبة للجهاديين بالمغرب العربي تنبع من كونها منطقة شاسعة المساحة تصعب مراقبتها بدقة ولهذا السبب يتَحالف عناصر القاعدة مع زعامات قبلية بهذه المنطقة ومع محترفي التهريب خدمة لمصالحهم المشتركة.

وتعتبر منطقة مثلث الصحراء الرابطة بين موريتانيا والجزائر ومالي مصدر تمويل مهم لأنشطة القاعدة، حسبما أكده لي بعض عناصر التيار الجهادي المفرج عنهم مؤخرا، ويتمثل في استخلاص إتاوات على تهريب السجائر والمخدرات التي تعبر طرقا بين مالي وموريتانيا والجزائر والمغرب حتى تمرّ السيارات التي تحمل هذه البضائع بسلام لأنها تقطع طرقا غير مراقبة وغير آمنة.

وهناك عمليات عسكرية يقوم بها التنظيم الجهادي في أماكن متفرقة من المغرب العربي خاصة في الجزائر وموريتانيا يغنم منها قطعا من السلاح يتم بيع البعض منه إلى المقاتلين في الحركات المتمردة شمال التشاد والنيجر. وتدر هذه العمليات على تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أموالا طائلة تقدر بملايين الدولارات. بالإضافة إلى عمليات الأسر والاختطاف التي يصحبها طلب الفدية، وهنا تشكل منطقة المثلث الصحراوي الملاذ الآمن الذي تتم فيه مختلف هذه العمليات بما فيها التفاوض من أجل إطلاق سراح الأسرى وتبييض الأموال وعقد بعض الصفقات. إن الاعتبارات الأمنية والاقتصادية المشار إليها آنفا لا تمنعنا من الإشارة إلى أن هناك امتدادات سلفية في بلدان الساحل الإفريقي مثل نيجيريا ومالي، لكنها أقرب إلى السلفية "العلمية" منها إلى السلفية الجهادية، وذلك بحكم تأثير الحركات الصوفية في هذه المناطق منذ أمد بعيد.

ما هو تقييمك للسياسة التي تتبعها الدول الأوروبية تجاه المسألة السلفية؟

علاني: ليس هناك سياسة أوروبية موحدة تجاه المسألة السلفية، فرغم أن هناك اتفاقا حول مبدأ الحرب على الإرهاب، إلا أن الوسائل تختلف من بلد إلى آخر، ففرنسا مثلا تنتهج أسلوب الإجراءات الاستباقية لدرء ما تراه خطر الإرهاب كالتهجير القسري لبعض الأشخاص الذين تعتبرهم خطرا على أمنها الداخلي وتنظيم حملات إعلامية حول الهوية والاندماج لدى صنف من المهاجرين الذين يهددون في رأيها القيم اللائيكية للجمهورية الفرنسية من خلال ارتداء بعض أنواع اللباس.

وهناك انجلترا وألمانيا وإسبانيا مثلا الذين يتعاملون مع المسألة السلفية حالة بحالة، إذ لا يتدخلون في السلوك الفردي للأشخاص ويقتصر تدخلهم على الممارسات التي تمثل انتهاكا واضحا للقانون. إن هذا التباين في التعامل بين الدول الأوروبية تجاه المسألة السلفية هو نتاج اختلاف في المقاربات من ذلك مثلا موقف ليزا ماننغهام المديرة السابقة للأمن الداخلي في بريطانيا التي صرحت مؤخرا (يولويو- تموز 2010) أن الحرب على العراق وأفغانستان زادت في خطر الإرهاب ودعمت التيارات الجهادية، في حين نجد في إيطاليا وسويسرا صعودا فجئيا لظاهرة الإسلاموفوبيا، وقد تمكن مؤخرا اليمين في سويسرا مثلا من كسب استفتاء شعبي (رغم أنف الحكومة) يقر بمنع بناء المآذن درءا لما يسميه بخطر أسلمة المجتمع السويسري. ولا شك أننا نجد أيضا وراء هذا التباين في المواقف الأوروبية تجاه المسألة السلفية خلفيات اقتصادية وإستراتيجية أمنية.

إلى أي حد يمكن للتجارب الديمقراطية السائدة ببلدان المغرب العربي (مع اختلاف مساراتها) أن تحصّن مجتمعات المنطقة من الخطر السلفي؟

علاني: التجارب الديمقراطية السائدة بالبلدان المغاربية ما زالت حديثة وهشة ولذلك تجدها تلجأ غالبا إلى المقاربة الأمنية في مواجهة التيارات السلفية المتشددة ولا تكاد السجون المغاربية تخلو من معتقلين ينتمون للسلفية الجهادية، وإن كان ذلك بنسب متفاوتة. وأعتقد أن المقاربة الأمنية – وإن كانت ضرورية لحفظ الاستقرار- فإنها لا تكفي للتصدي لخطر التيارات السلفية المتشددة. وبقدرما تنتهج أنظمة الحكم المغاربية تنمية اقتصادية متوازنة وعادلة ترفع من نسبة النمو وتقلص من البطالة وجيوب الفقر وتقضي نهائيا على الأمية (التيارات المتطرفة تنتعش غالبا في بيئة يسيطرعليها الفقر والأمية.

وقد ذكرت إحصاءات حديثة للأمم المتحدة أن عدد الأميين بالمغرب العربي يفوق عشرة ملايين فرد). وبقدر ما تلائم دول المنطقة تشريعاتها في اتجاه دعم تحرّر المرأة والمراهنة بجدية وبشكل فاعل على الشباب، باعتباره يشكل أكثر من نصف المجتمع ، وبقدر ما تُطور من رصيدها الديمقراطي ومؤسساتها التمثيلية، وبقدر ما تنمى من فضاء الإعلام الحر وترسخ قيم الحداثة والتسامح والتنوير والعقلانية في أنظمتها التربوية، وبقدر ما تكون سياساتها الخارجية تستند إلى الشرعية الدولية ولا تتعارض مع مصالح شعوبها القومية، فإنها تمتص جزءا كبيرا من النقمة التي يحملها المتشددون. ولا يجب برأيي أن نخشى من فتح حوارات وطنية حول المسألة السلفية تُدعى لها كل الأطراف دون استثناء لأن تفكيك الألغام أفضل من تجاهلها.

أجرى الحوار: منصف السليمي/تونس
مراجعة: هشام العدم

من أهم مؤلفات الدكتور أعلية علاني أستاذ التاريخ المعاضر بجامعة منوبة بتونس، الحركات الإسلامية بالوطن العربي، الحركات الإسلامية في المغرب العربي (تونس نموذجا)، دراسة حديثة جدا حول التيار السلفي في المغرب العربي.

قنطرة

فاطمة صديقي، أستاذة جامعية ومديرة مركز بحوث المرأة في فاس:
الحجاب والحركة النسائية في المغرب
يظل الحجاب يشكل إشارة إلى الانتماء الإسلامي والتقوى التقليدية في المغرب. كثيراً ما يفترض أن الحركة النسائية الحديثة لا مكان لها، وأنها بهذا عاجزة إلا عن إحداث قدر ضئيل من التقدم إلى الأمام في المجتمعات التي تمر بفترة من الإحياء الديني، وبصورة خاصة في بلدان العالم الإسلامي. لكن التقدم الحقيقي الذي شهدته السنوات الأخيرة فيما يتصل بحقوق المرأة في المغرب يشير إلى العكس: حيث أدى مزيج فريد من التحركات الفعالة النشطة من قِـبَل نساء علمانيات ومتدينات، والتحركات المحسوبة من قِـبَل الأحزاب السياسية، والدور الضخم الذي لعبه الملك، إلى إحراز تقدم حقيقي.

الجدل حول النقاب في المغرب العربي:
النقاب الوهابي بدل الحايك المغربي
يعتبر اللباس الأسود الذي يغطي كامل جسم المرأة بما فيه الوجه من الأشياء المثيرة للجدل في بلدان المغرب الغربي. بيد أن الجدل المُثار في أوروبا حول النقاب جعل هذا الموضوع يحظى بالاهتمام من جديد في هذه البلدان. بيآت شتاوفر يسلط الضوء على هذا الجدل من مدينة فاس.

الطرق الصوفية في المغرب:
مواجهة التطرف الديني بالتصوف
زاوية في جنوب المغرب لعبت الطرق الصوفية دائما دورا مهما في تاريخ المغرب العربي رغم أنها اعتبرت عنصرا معطلا لمسيرة التقدم غداة الاستقلال. أما الآن فقد اكتشف البعض فجأة أهمية الطرق الصوفية في ايقاف انتشار التطرف الديني. تقرير من بيات شتاوفر.