''الحجج الأميركية الخاصة بالدفاع عن النفس ليست إلا نكتة''

يدافع المحامي الباكستاني ميرزا شاهزاد أكبر عن ضحايا الغارات التي تشنّها الطائرات الأمريكية بدون طيَّار في منطقة وزيرستان الباكستانية، كما أنَّه لا يتردَّد عن توجيه الاتِّهامات إلى موظَّفي وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. ماركوس ميشائيلسن تحدَّث إليه حول ذلك.

الكاتبة ، الكاتب: Marcus Michaelsen



السيد شاهزاد أكبر، هل كان هناك دافع ورائء التزامكم بالدفاع عن ضحايا الغارات التي تشنّها طائرات بدون طيَّار؟

ميرزا شاهزاد أكبر: تعرَّفت في عام 2010 على الصحفي كريم خان من وزيرستان وقد فقد ابنه وأخاه في هجوم نفَّذته طائرة بدون طيَّار. لقد أثَّر بي بصورة خاصة مصير أخيه الذي عمل وهو معلِّم مدرسة إبتدائية عدة أعوام على الحصول على شهادة جامعية كان بوسعه من خلالها إيجاد عمل في أي مكان داخل باكستان. ولكنه مع ذلك عاد أدراجه إلى بلدته من أجل التعليم. وبعد ذلك قتلته طائرة بدون طيَّار! لم يعثر كريم خان حتى ذلك الحين على محام وهكذا توليت أنا هذه القضية.

ما هي الخطوات التي اتخذتموها؟

ا ب
عمليَّات عسكرية على حساب المدنيين - تقوم الولايات المتَّحدة الأمريكية منذ عام 2004 بشنِّ غارات بطائرات من دون طيَّار ضدّ المتمرِّدين في باكستان وأفغانستان يقتل فيها مرارًا وتكرارًا الكثير من المدنيين الأبرياء

​​شاهزاد أكبر: أولاً كان يجب علينا تحديد هوية الجاني. وبما أنَّ غارات الطائرات بدون طيَّار تتم تحت إشراف وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، فقد اتَّخذنا إجراءات قانونية ضدَّ رئيس محطة الاستخبارات المركزية في إسلام أباد ونشرنا اسمه. وأظهرت لنا ردود الفعل أنَّنا وجدنا الشخص الصحيح، فقد تم في غضون يومين سحب هذا الرجل من مهمته. كما قمنا بالإضافة إلى ذلك بتقديم شكوى ضدَّ رجل القانون جون ريزو الذي صادق لدى كالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في الفترة من عام 2004 وحتى عام 2009 على تنفيذ الغارات. ونطالب حاليًا في بريطانيا بتوضيح حول المعلومات التي أرسلتها المخابرات البريطانية إلى الأمريكيين. ونحن نعتقد أنَّ هذه المعلومات تشكِّل الأساس لتلك الغارة التي فقد فيها والد أحد موكليّ حياته".

كم يبلغ عدد الأشخاص الذين تدافعون عنهم حاليًا؟

شاهزاد أكبر: تكمن المشكلة في كون الأشخاص المعنيين أصلهم من منطقة متخلفة لا يكادون يعرفون أي شيء عن حقوقهم. ولكن مع ذلك أدَّى الكشف عن هوية رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في باكستان إلى خلق الكثير من الاهتمام، بحيث أنَّه قد جاء إلينا المزيد من ذوي ضحايا الطائرات بدون طيَّار. وفي فترة قصيرة كسبت اثني عشر موكلاً جديدًا فقدوا جميعهم خمسة وعشرين فردًا من ذويهم. وقد أحضرناهم الى إسلام أباد للاحتجاج أمام مجلس النوَّاب وتمكينهم من الاتِّصال مع وسائل الإعلام. والآن أصبحت أدافع عن نحو خمسين عائلة. وكذلك قام بتوكيلنا بعض زعماء القبائل لتمثيل كلِّ المناطق الخاضعة لنفوذهم.

ما هي أهدافكم؟

شاهزاد أكبر: هدفنا بسيط للغاية؛ فنحن نريد وقف الغارات. ولكن يجب على الأقل إخضاع برنامج الطائرات بدون طيَّار برمَّته للرقابة القانونية والبرلمانية. ويجب كذلك دفع تعويضات مناسبة لأسر ضحايا الغارات التي تم شنّها حتى ذلك الحين. فهذه المسألة مسألة عدالة وشفافية.

كم يبلغ عدد الأشخاص الذين قتلوا حتى الآن في هذه الغارات وكيف تستطيعون التحقّق من عدد الضحايا؟

د ب ا
الطائرات بدون طيار سلاح الأمريكيين في مواجهة طالبان

​​شاهزاد أكبر: لا توجد بطبيعة الحال أية إحصاءات دقيقة في المنطقة لا يمكننا الوصول إليها. إذ إنَّ جهاز المخابرات الباكستاني ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لا يكشفان عن أية معلومات. لقد قمنا في هذه الأثناء بتدريب أشخاص من وزيرستان لدينا معهم اتِّصالات وهم يجمعون لنا المعلومات الأولية عن الضحايا. وكذلك نشر "مكتب الصحافة الاستقصائية" في لندن تقريرًا تتفق الأرقام الواردة فيه مع النتائج التي توصلنا إليها. وحسب هذا التقرير فقد نفَّذت الطائرات بدون طيَّار حتى الآن أكثر من ثلاثمائة غارة قتل فيها نحو ثلاثة آلاف شخص من بينهم أربعون شخصًا كانوا متطرِّفين معروفين بأسمائهم، ونحو مائتي وحتى ثلاثمائة شخص من الممكن اعتبارهم على أنَّهم أعضاء في جماعات مسلحة. ولكن ما يزال الغموض يكتنف كلَّ شيء عدا ذلك. ويا ترى أين تكمن الجرائم التي يفترض أنَّ هؤلاء القتلى قد ارتكبوها؟ إذ يوجد أيضًا من بين الضحايا الكثير من الأطفال والشيوخ والنساء.

ماذا تعرفون عن التخطيط لهذه الغارات وتنفيذها؟

شاهزاد أكبر: تقوم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في البداية بجمع المعلومات من خلال المراقبة الجوية ومراقبة المكالمات الهاتفية وكذلك من خلال عملائها في المنطقة. ونحن لا نعرف ما حجم شبكة مصادرها الخاصة. ومن المتوقَّع أيضًا أنَّها تحصل كذلك على المعلومات والإرشادات من المخابرات الباكستانية. وإذا تم تحديد مكان وجود متطرِّفين مشتبه بهم، يتم توجه الطائرات بدون طيَّار إلى هناك. أمَّا الطيَّار فهو يجلس في مكان ما في الولايات المتَّحدة الأمريكية ولا يستطيع التعرّف من خلال الكاميرا إلاَّ على وجود بعض الأشخاص الذين يجلسون سوية ومن الممكن أنَّهم يحملون أسلحة كما جرت العادة في المناطق القبلية وعلى هذا النحو يتم اتِّخاذ قرار إطلاق النار. والأسوأ هو تعرّض العاملين في أعمال الإنقاذ للقصف من جديد بعد شنِّ الغارة الأولى، وعلى ما يبدو بسبب الاعتقاد بأنَّ جميع المساعدين العاملين في أعمال الإنقاذ هم حتمًا من المتطرِّفين. والآن لم يعد هناك أي شخص تقريبًا يأتي في الساعات الأولى بعد كلِّ غارة لمساعدة الجرحى.

كيف تطوَّرت الغارات التي تشنَّها الطائرات بدون طيَّار منذ تولي الرئيس أوباما منصبه؟

ا ب
جون برينان مستشار لدى أوباما مختص في مكافحة الإرهاب - يدافع عن استخدام الطائرات بدون طيَّار ضدّ المشتبه بضلوعهم في الإرهاب في باكستان ودول أخرى ويصفه بأنَّه أمر "أخلاقي وقانوني".

​​شاهزاد أكبر: كانت الغارات قبل تولي أوباما منصبه تحدث في فترات متقطعة ومنذ ذلك الحين ارتفع عدد الغارات بشكل كبير. وأعتقد أن أوباما يحاول الإيفاء بوعده بسحب القوَّات الأمريكية إلى الوطن. وفي الوقت نفسه يجب عليه أيضًا أن يذعن للقائمين على وزارة الدفاع الأمريكية والصناعة الدفاعية الذين يتمتَّعون بتأثير سياسي واسع. ويشكِّل برنامج غارات الطائرات بدون طيَّار نوعًا جديدًا وجذَّابًا لخوض الحرب، لا سيما وأنَّ تبرير استخدام القوَّات البرية يواجه دائمًا صعوبات أكثر على مستوى السياسة الداخلية الأمريكية. يتم وصف وزيرستان بأنَّها مهد الإرهاب وبإمكان الإدارة الأمريكية أن تظهر نفسها على أنَّها ما تزال تخوض الحرب على الإرهاب بحزم وقوة.

ما رأيك في موقف الحكومة الباكستانية من هذه الغارات؟

شاهزاد أكبر: نحن نعرف من الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس أنَّ الإدارة الحالية وافقت على هذه الغارات. ولكنها تريد الآن النأي بنفسها عن هذه الحرب. وبعدما اعترف أوباما للمرَّة الأولى في شهر كانون الثاني/يناير بهذه الغارات التي تشنّها طائرات بدون طيَّار، كتبت رسالة إلى رئيس حكومتنا يوسف رضا جيلاني وطالبته من خلالها باتِّخاذ إجراءات ضدّ ذلك. فهو يستطيع المطالبة بتعويضات والذهاب إلى مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتَّحدة أو الأمر بإجراء تحقيقات قضائية للكشف عمن تم قتله من خلال غارات الطائرات بدون طيَّار. يجب عليه أداء مهمته كرئيس منتخب لتمثل بلدنا. وإذا لم يرد على هذه الرسالة فعندئذ سأعتقد أنَّه يدعم هذه الغارات وسأقوم أيضًا برفع شكوى عليه.

كثيرًا ما يقال من أجل الدفاع عن الغارات التي تشنّها الطائرات بدون طيَّار إنَّ باكستان لا تعمل بما فيه الكفاية لمواجهة المتطرِّفين في وزيرستان الذين ينطلقون من هناك لتنفيذ هجماتهم على القوَّات الأمريكية وحلفائها في أفغانستان، وكذلك إنَّ الولايات المتَّحدة الأمريكية مضطرة بالتالي إلى العمل بشكل مستقل. فما رأيك في ذلك؟

شاهزاد أكبر: ليست الحجج الأميركية الخاصة بالدفاع عن النفس سوى نكتة. وإذا كان من غير الممكن الاعتماد على الجيش الباكستاني فلماذا يا ترى ما يزال يتلقى مساعدات مالية من الولايات المتَّحدة الأمريكية؟ زد على ذلك أنَّ غارات الطائرات الأمريكية بدون طيَّار لا يوجد لها أية تأثيرات تذكر على الأوضاع في أفغانستان. وعلاوة على ذلك لقد كان المسلحون الذين قتلوا في هذه الغارات ينتمون في الغالب إلى حركة طالبان الباكستانية التي لا تكاد تمارس أية نشاطات خلف الحدود. وكذلك يعود السبب الرئيسي للتطرِّف في كلا البلدين بالذات إلى وجود الجيش الأميركي هنا، إذ إنَّ وجود هذا الجيش يقدِّم حججًا مقنعة من أجل تجنيد الشباب لصالح الجماعات المسلحة. ومبدئيًا لقد أصبح الأميركيون الآن مثل المثل الذي يقول "فيل في متجر للخزف"، وذلك لأنَّ أي عمل يفعلونه يؤدِّي إلى تدمير شيء ما. ولذلك يجب عليهم الرحيل من أجل حرمان التطرّف على الأقل من جزء من شريان حياته.

 

أجرى الحوار: ماركوس ميشائيلسن
ترجمة: رائد الباش
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2012