تسييس المساجد المصرية لخدمة سلطة العسكر؟

بعد تجربة الإخوان المسلمين، أصدرت وزارة الأوقاف المصرية قرارات تهدف لحظر عمل الأئمة الذين يستغلون منابر المساجد لنشر فكر سياسي معين. الخطوة تثير تساؤلات إن كانت الدولة تريد السيطرة على المساجد أو ربما تسييسها لصالحها.
بعد تجربة الإخوان المسلمين، أصدرت وزارة الأوقاف المصرية قرارات تهدف لحظر عمل الأئمة الذين يستغلون منابر المساجد لنشر فكر سياسي معين. الخطوة تثير تساؤلات إن كانت الدولة تريد السيطرة على المساجد أو ربما تسييسها لصالحها.

بعد تجربة الإخوان المسلمين في الحكم أصدرت وزارة الأوقاف المصرية قرارات تهدف لمنع خلط الدين في السياسة وحظر عمل الأئمة، الذين يطرحون مواضيع سياسية في منابر المساجد. لكن هذه الخطوة تثير خشية النشطاء والثوار من سيطرة الدولة على المساجد بهدف تسييسها لصالحها، كما يطلعنا الصحافي ماركوس زومانك.

الكاتبة ، الكاتب: Markus Symank

تحاول السلطات المصرية تقليص دور جماعة الإخوان في مجال الدعوة وذلك في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي والقبض على العديد من معاونيه وفرار البعض الآخر. وتسعى وزارة الأوقاف المصرية من خلال مجموعة من القوانين لوضع المساجد تحت سيطرة الدولة بشكل أكبر. وبموجب القوانين الجديدة مُنع ما يقرب من 53 ألفا من أئمة المساجد من أداء عملهم، بسبب عدم حملهم التراخيص اللازمة. كما لن يسمح في المستقبل لغير خريجي جامعة الأزهر باعتلاء منبر الجمعة، علاوة على سحب ترخيص من "يستغل المنبر لنشر فكر سياسي".

قوبلت هذه الإجراءات بترحيب من المتحدث باسم نقابة الأئمة، عبد الغني هندي الذي قال :"ظهر لنا خلال العامين الماضيين بعد الثورة أن العديد من الناس يستغلون الخطب الدينية لأهداف سياسية". ويرى هندي أن هذه القوانين الجديدة خطوة ضرورية على طريق خلق دولة مدنية، لكن على الجانب الآخر يخشى البعض من أن تكون هذه خطوة أولى على طريق تنفيذ سياسة رقابية صارمة، كما كان الحال خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.

خلط الدين بالسياسة

اتهام الإخوان باستغلال المساجد لتحقيق أهداف سياسية ليس أمرا جديدا، فالجماعة تستخدم المساجد منذ عقود لضم أعضاء جدد لها. ورغم خضوع ذلك لنوع من القيود خلال فترة حكم مبارك إلا أن الأمر أصبح غير خاضع لأي خطوط حمراء بعد ثورة 25 يناير 2011. إذ قام العديد من الأئمة بالدعوة لتأييد الإخوان من فوق المنابر كما ألقى مرسي نفسه بعد انتخابه، عدة خطب من منابر المساجد.

صلاة الجمعة في ميدان التحرير بالقاهرة. Foto: Reuters
اتهام الإخوان باستغلال المساجد لتحقيق أهداف سياسية ليس أمرا جديدا، فالجماعة تستخدم المساجد منذ عقود لضم أعضاء جدد لها.

ويرى الشيخ رفعت، إمام أحد المساجد في وسط العاصمة المصرية القاهرة، أن قرارات الحكومة جاءت بسبب لفظ الشعب لأيدلوجيات هذا التيار. ويوضح الشيخ الأمر قائلا: "إن الشعب المصري يعرف دينه جيدا وبالفطرة ولذلك حدث التصادم مع الإخوان وتيار الإسلام السياسي بأكمله".

مطلب بتنظيم عمل الأئمة دستوريا

لكن تنفيذ هذه القرارات ليس بالأمر الهيّن، إذ يبلغ عدد المساجد المسجلة في مصر أكثر من 110 ألف مسجد. في حين لا يزيد عدد الأئمة من حاملي الشهادات الأزهرية عن 58 ألف إمام لا يمكنهم تغطية كافة مساجد الدولة، خاصة في صعيد مصر، حيث يتجمع الكثير من أنصار التيار السلفي. وفي ظل وجود الكثير من المساجد هناك تحت إدارة عائلات معينة يمكنها في العادة تحديد من يقوم بإلقاء الخطبة يوم الجمعة.

ولحل هذه المشكلة قررت وزارة الأوقاف منع خطب الجمعة في الزوايا الصغيرة التي تقل مساحتها عن 80 مترا مربعا. ويرى عبد الغني هندي ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر حسما ويطالب بمناقشة الموضوع داخل لجنة صياغة الدستور ويقول: "نرغب بمادة في الدستور تنظم عمل الأئمة وبالتالي تضمن حماية الدولة. هذه وظيفة مهمة للغاية وخطيرة للغاية.. تماما مثل الصحافة، بل إنها أخطر في بعض الأحيان لأن الإمام يتعامل مع الناس بشكل مباشر".

مفتي مصر الأسبق علي جمعة. Foto: picture-alliance/Landov
في إحدى كلماته أثنى مفتي مصر الأسبق على "شجاعة" قائد الجيش المصري عبد الفتاح السيسي ووصف الإخوان المسلمين بأنهم غير مصريين.

دعاوى للعنف من فوق المنابر

وتثير قرارات الحكومة الانتقالية مخاوف النشطاء في مصر، الذين يخشون من أن تصبح المساجد تحت قبضة من يتولون الحكم في مصر وأن يستغلوها لتحقيق أهدافهم تماما كما حدث مع الإخوان في السابق.

 وشهدت الأسابيع الماضية قيام العديد من الأئمة بإعلان دعمهم من فوق المنابر لفض اعتصام أنصار مرسي بالقوة، كما وصل الأمر لحد مطالبة أحد الأئمة بقتل أعضاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، المعروفة بارتباطها القوي بجماعة الإخوان المسلمين.

ولم يختلف الأمر كثيرا بين رجال الأزهر، فكثير من رجال الدين دخلوا بقوة معترك الجدل السياسي، مثل مفتي الجمهورية السابق علي جمعة الذي أثنى على شجاعة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ولم يُخْفِ تأييده له كما لم يخفِ خلافه الشديد مع جماعة الإخوان، الأمر الذي فتح بابا من الجدل حول تأويل تصريحات نسبت إليه عن الإخوان قال بعد ذلك إنها اقتطعت من السياق.

 

 

ماركوس زومانك

ترجمة: ابتسام فوزي

تحرير: عباس الخشالي

حقوق النشر: دويتشه فيله 2013