لا شرف في جرائم الشرف

تلقي الصحفية المصرية المستقلة رشا دويدار نظرة على ما يفعله المواطنون والمسؤولون الحكوميون لنزع "الشرف" عن "جرائم الشرف".



أصبحت النساء في العالم العربي أكثر ظهوراً في المظاهرات من أجل الديمقراطية، وخاصة في مصر وتونس. إلا أنهن ما زلن يواجهن العديد من العوائق التي تم بحث العديد منها في برنامج تدريبي عقد مؤخراً في ستوكهولم لصانعي الرأي من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. سنحت لي الفرصة كصحفية من القاهرة للتعرف على أناسٍ متنوعين من بقية الشرق الأوسط والسويد، لفهم ما تعانيه المرأة في مضامين مختلفة.

إحدى القضايا الأكثر أهمية التي تواجهها المرأة ما يسمى بـِ "جرائم الشرف". تُقتَل العديد من النساء في كافة أنحاء العالم على يد أقارب ذكور لأنهن "لطّخن شرف عائلاتهن" نتيجة لانخراطهن في علاقات "غير مقبولة". ورغم أن العلاقات الجنسية خارج الزواج هي أول ما يتبادر إلى أذهاننا عادة، إلا أن التسبب "بتلطيخ شرف العائلة" ربما يضم كذلك الزواج من رجل من ديانة أو طائفة مختلفة، أو حتى من رجل لا تريده العائلة. المحزن في الأمر أن جرائم الشرف مستمرة نتيجة، بالدرجة الأولى، لغياب قوانين فاعلة وانعدام تطبيق القوانين القائمة، إضافة إلى مواقف سلبية تجاه المرأة. إلا أن الحكومات بدأت تدريجياً بعمل شيء حيال ذلك.

قوانين جرائم الشرف في العالم العربي


الصورة د ب ا
متظاهرات مصريات ضد ما يتعرضن لهن من إساءات ومضايقات وجرائم شرف

​​أمر محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، حسب وكالة معاً الإخبارية بتعديل قانون جرائم الشرف الحالي في شهر أيار/مايو. وينص القانون على أن مرتكبي جرائم الدفاع عن شرف العائلة يجب ألا يحصلوا على حكم مخفف بعد الآن. وقد جاء هذا القرار بعد أن أبرزت وكالة معاً الإخبارية قضية "آية برادعية"، الفتاة البالغة من العمر 20 عاماً من الخليل، والتي قام عمها بإغراقها لأنه اختلف معها حول الرجل الذي اختارت الزواج منه. قبل ذلك وفي العام 2009 أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوماً بتعديل قانون الجزاء السوري بمادة تصدر حكماً أشد على مرتكبي جرائم الشرف.

نصت المادة 548 من قانون الجزاء السوري السابق على أن أي شخص يرتكب "جريمة شرف" يستطيع الادعاء بظروف معينة وأن يطلب تخفيف الحكم. إلا أن المادة الجديدة تذكر بوضوح أن الجريمة باسم شرف العائلة سينتج عنها حكماً لا يقل عن سنتين. ولقد تم تعديل المادة 548 مرة أخرى في شهر كانون الثاني/يناير 2011، حيث شدد العقوبة من سنتين إلى خمس وسبع سنوات. إلا أن بسام القاضي، مدير مرصد المرأة السورية، وهي واحدة من منظمات حقوق المرأة الرئيسية، يقول أن "المادة يجب إلغاؤها وليس تعديلها"، مردداً مشاعر العديد من ناشطي حقوق المرأة الذين يعتقدون أن الحكم ليس قاسياً بشكل كافٍ. ويعمل الأفراد والمنظمات كذلك على إنهاء هذه الجرائم. ومن أهم آلياتهم كسر الصمت حول هذا العمل.

محاولات رائدة

ومن بين هذه الجهود "الجريمة باسم الشرف"، وهو كتاب من تأليف الصحفية الأردنية والناشطة رنا الحسيني عام 2009 لنشر الوعي حول وحشية هذه الجرائم. ويعرض الكتاب رحلة رنا الحسيني عبر 15 عاماً لكشف قصص العنف ضد المرأة ولفت الأنظار إلى حقيقة أن ذلك يشكل وباءاً عالمياً. وليس شيئاً يحصل فقط في المجتمعات العربية أو المسلمة.

وفي مصر، بدأ مركز المعونة القانونية للمرأة مشروعاً قبل أربع سنوات يركّز على أربع محافظات في مصر العليا. تستخدم المجموعة نشاطات مختلفة وبرامج إعلامية على محطات الإذاعة والتلفزة المحلية لكسر الممنوع حول بحث جرائم الشرف من خلال السماح لهؤلاء الذين يسمعون البرامج أن يتصلوا ويطرحوا الأسئلة أو التشارك بقصصهم. وتعمل مجموعة على الفيسبوك اسمها "لا شرف في الجريمة" على نشر الوعي حول القضايا وتتكلم عن الخطوات الإيجابية التي اتخذت لمحاربة جرائم الشرف.

وقد قررت المجموعة ومركزها الأردن، والتي تتواصل مع ناشطين عرب في كافة الدول، ألا تركز على الشرف وحقوق الإنسان، وإنما على الحوار حول الشرف كمفهوم. اضطر المشاركون، من خلال إيجاد مساحات يتم فيها بحث "الشرف" كمفهوم، إلى إخضاع فهمهم الحالي للشرف إلى المنطق، واضطروا بالتالي إلى اتخاذ موقف أكثر انتقاداً تجاه القضية. أصبحت مهمة المجموعة إذن "حوار على اتساع المجتمع لاستعادة الشرف".

إلا أن عاملاً آخراً في حياة المرأة ربما يكون له في الواقع أكبر الأثر. فحسب تقرير صدر في أيلول/سبتمبر 2005 عن مكتب المراجِع السكانية، لدى المرأة العربية اليوم معدلات تعليم مساوية أو أعلى مقارنة بأزواجهن، وخاصة في مصر والأردن ولبنان وفلسطين. أصبحت النساء وبسرعة أكثر تعليماً، والمعلومات مصدر هام للتمكين، حيث أن التعليم سوف يوفّر للمرأة المزيد من الفرص لتعمل وتصبح مستقلة مادياً. وقد يؤدي ذك خلال بضع سنوات إلى مزيد من النساء يتكلمن بصوت مرتفع لصالح القوانين التي تحمي حقوقهن، وبالدول لإن تضع المزيد من السياسات التي تظهر أنها تصغي للنساء.

 



رشا دويدار
حقوق النشر: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية 2011

رشا دويدار صحفية مستقلة من مصر لها اهتمام خاص بتغطية الشرق الأوسط وقضايا النوع الاجتماعي والعلوم.