قروض صغيرة بدون ضمانات للفقراء

بررت لجنة نوبل للسلام منح جائزتها لهذا العام بالقول "لا يمكن نشر سلام دائم طالما ظلت هناك شعوب لا تجد مخرجاً من براثن الفقر". وبهذا المعنى اعتبرت القروض الصغيرة بالشكل الذي يمنحها يونس وبنكه والعديد من المنظمات التنموية والمصارف الأخرى منفذاً للخروج من الفقر. تقرير من الفيريا يوانديس

​​

يُعرّف أولريش لامبه من جمعية أويكو للقروض جمعية (شير) على أنها "منظمة تمنح قروضاً صغيرة لأعضائها من النساء في الهند في اندرا برادش تتراوح بين خمسين ومائة دولاراً تبعاً لنظام بسيط: تحصل دائماً خمس سيدات سوية على قرض. عندما تسدد الأولى تحصل الثانية على قرض ومن ثم الثالثة. وبهذا تتعاضد النساء ويشجعن بعضهن لضمان استمرار نظام القروض الصغيرة."

جميعة أويكو للقروض هي جمعية دينية تنموية عالمية. تأسست بهدف تمويل مشاريع تنموية ليس عن طريق التبرع وإنما عن طريق منح القروض. تتعاون هذه الجمعية بشكل وثيق مع "بنك غرامين" وتدعم عمل منظمة (شير) منذ العام 2001 عن طريق منحها قرضين كبيرين بقيمة مليوني يورو. (شير) هي اختصار انكليزي لجمعية مساعدة وتوعية الفقراء عن طريق التعليم.

نساء يكفلن بعضهن

تتبع (شير) نفس المبدأ الذي يتبعه بنك غرامين. تكفل عدة نساء بعضهن الآخر. خلال فترة ثلاث سنوات تحصل الواحدة تلو الأخرى على قرض. عندما تعجز احداهن عن تسديد القرض تساعدها الأخريات. مدة القرض الواحد هي عام واحد ويمكن تسديده على خمسين دفعة.

أنشأت هذه الجمعية التي تأسست عام 1989 حتى هذا الوقت تسعة عشر فرعاً وتعمل في حوالي سبعمائة قرية هندية. وقد استفادت حتى الآن حوالي ثمانون ألف مزارعة وعاملة في تجارة المواد الغذائية ومصنعة فخار وخبّازة من هذه القروض التي ساعدتهن على ان يصبحن أرباب أعمال صغيرة. يتحدث أولريش لامبه بكل سرور عن قصص النجاح:

"إحدى السيدات التي نراهن في الصورة تُدعى داناما. بدأت تعمل في صناعة السلال لكسب قوت عائلتها. ولكن لتتمكن من شراء مواد لتصنيع تلك السلال اضطرت الى ان تأخذ قرضا بفوائد ضخمة تتراوح بين 50 و100%، مما يعني أنها كانت تعمل فقط لتسديد الفوائد."

تخطي عتبة الفقر

ويتابع لكن دانماما حصلت على قرض صغير من (شير) مكنها من شراء قصب للسلال تمكنت من بيعها جيداً. بهذا كسبت في وقت قصير ما مكنها من تسديد القرض. الخطوة الثانية كانت شراء جاموسة وهي بمثابة ثروة بالنسبة لعائلة هندية فقيرة.

الحليب اليومي كان يدر مالاً لا بأس به. وبهذا تمكنت من شراء جاموسة أخرى. بهذه الطريقة تمكنت داناما من استبدال كوخها الصغير ببيت من الحجر مع قطعة أرض صغيرة زرعتها خضاراً، حتى أنها باتت اليوم قادرة على كسب قوت عائلتها مع توفير بعض المال للأوقات العصيبة.

بهذه الطريقة تمكن أكثر من ثلثي أعضاء جمعية (شير) من تخطي عتبة الفقر. تشكل النساء اليوم غالبية المستفيدين من نظام القروض الصغيرة في العالم. غالباً لا يكون لديهن خيار آخر، إذ أنهن الأكثر عرضة للظلم الاقتصادي والقضائي والثقافي. فليس لديهن إلا القليل القليل من العلم ولعدم تمكهن من تقديم ضمانات يعجزن عن الحصول على قروض من اي بنك. أما برنامج القروض الصغيرة فيعطيهن فرصة اثبات العكس.

فكرة استهوت البنوك العادية

تقول بيترا اويهوس، عضو مجلس ادارة دعم قروض أويكو في برلين: " ما يثير الدهشة هو أنه قد ثبت ان النساء هن من يُعتمد عليهن في تسديد القروض وانشاء المشاريع المستديمة التي تظل قائمة بعد نفاد المال، بل تتعدى ذلك ليصبح العلم هو الضمان لكسب المعيشة".

هناك الآن أكثر من مليون مجموعة للمساعدة الذاتية تضم حوالي ستة عشر مليون عضو غالبيتهم من النساء. كل تسعة من عشرة مستدينين لدى البرنامج الهندي للبنك الوطني للزراعة NABARD هم من النساء. ولكن رغم هذه النتائج الرائعة فما زال هناك بعض الشك إن كانت القروض الصغيرة تصل فعلا الى أفقر الفقراء.

استفاد حتى الآن حوالي مائتي مليون شخص حول العالم من نظام القروض الصغيرة، وقد حدث هذا ليس فقط لأسباب تنموية خالصة. فقد تحولت القروض الصغيرة الى سوق ذات رأسمال كبير يدر ربحاً عالياً وهو أمر صار يستهوي أكثر فأكثر الكثير من البنوك العادية.

بقلم الفيريا يوانديس
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2006