انتشار مكاتب ومواقع إلكترونية للزواج في مصر

ارتفعت نسبة العنوسة بشكل كبير لتصل إلى 10 ملايين عانس ممن تجاوزن الـ35 من عمرهن حسب الإحصائيات وارتفعت نسبة العزوبية لدى الشباب أيضا، الأمر الذي أدى إلى ظهور وانتشار مكاتب ومواقع عبر شبكة الإنترنت لتزويج الشباب والفتيات. تقرير نيللي يوسف.

بورصة للزواج، الصورة: د ب  أ
الزواج الإلكتروني: هل سيحل مشكلة العنوسة في مصر؟

​​ارتفعت نسبة العنوسة بشكل كبير لتصل إلى 10 ملايين عانس ممن تجاوزن ال35 من عمرهن حسب الإحصائيات وارتفعت نسبة العزوبية لدى الشباب أيضا، الأمر الذي أدى إلى ظهور وانتشار مكاتب ومواقع عبر شبكة الإنترنت لتزويج الشباب والفتيات. تقرير نيللي يوسف.

تعد هذه المكاتب والمواقع ظاهرة جديدة على المجتمع المصري كمجتمع شرقي له عادات وتقاليد محافظة ترى أن الفتاة لا يجب أن تبادر بالبحث لنفسها عن عريس، مما أثار الجدل حول هذه المكاتب والمواقع وطبيعة عملهما وانقسمت الآراء ما بين مؤيد ومعارض.

وازداد الجدل بعدما أصدر مفتي الديار المصرية الشيخ علي جمعة فتوى تجيز عمل هذه المكاتب والوكالات المتخصصة، بما في ذلك مواقع الإنترنت التي تقدم خدمة الزواج.
واشترط المفتي إدلاء المتقدمين للزواج بمعلومات صحيحة عن أنفسهم، وألا تتقدم أي امرأة لتلك الوكالات إلا بعلم أسرتها أو ولي أمرها، وحرمت الفتوى عمل الوكالات التي تعمل من أجل الكسب المادي فقط، وتلك التي تشجع الفتيات على الالتقاء براغبي الزواج دون علم أسرهن.

موافقة وزارة الداخلية

الوليد العادل أستاذ الأدب الإنكليزي بجامعة كاليفورنيا سابقا وصاحب أول وأشهر مكتب للزواج في مصر الذي انتشرت إعلاناته في الكثير من وسائل الإعلام. نشأت لدى الوليد فكرة المشروع بعد مروره بتجربة زواج فاشلة انتهت بالطلاق وقضائه أعواماً يبحث عن شريكة حياته.

وافتتح أواخر عام 1999 مكتب للزواج بعدما حصل على موافقة أمنية من وزارة الداخلية وموافقة المفتي. وبدأ المكتب بعدد محدود من الشباب والفتيات ثم اتسعت القاعدة ونجح في تزويج عدد كبير بلغ حوالي 42% حسب آخر إحصائية للمكتب.

وعن أسلوب التقدم لطلب الزواج يقول العادل إن المتقدم يأتي إلى المكتب ويطلب استمارة للتقديم قيمتها خمسون جنيهاً ويقوم بملء ما بها من بيانات خاصة عنه مثل الاسم والسن، والمؤهل الدراسي والحالة الاجتماعية والوظيفية والعنوان وأرقام الهواتف.

ويقوم المتقدم أيضاً بتدوين المواصفات التي يطلبها في شريك الحياة مثل طوله وعمره ومؤهلاته ووظيفته وراتبه ومستواه المادي والثقافي والاجتماعي وأحياناً يطلب مواصفات أدق مثل الوزن ولون البشرة ولون العيون وكل ما يريده في شريك أو شريكة الحياة.

وفي الصفحة الأولى يترك صورة شخصية حديثة له ويتم بعد ذلك إدخال هذه البيانات على الكمبيوتر، ثم يتم عمل بحث في المتقدمين لطلب الزواج لإيجاد من تنطبق عليه الشروط المطلوبة وبعدها يتم التنسيق بين الطرفين.

وبعد الموافقة المبدئية يتم تحديد موعد للمقابلة في المكتب على شرط أن تأتي الفتاة مع أهلها مثلما أقر المفتي ثم ينتهي دور المكتب ويترك للطرفين التعرف بصورة أعمق على الآخر وعائلته وإذا تم الاتفاق على الزواج يدفع كل طرف 300 جنيه للمكتب.

إقبال أكبر من شريحة المثقفين

عن أعمار المتقدمين يؤكد العادل أنه بالنسبة للذكور يتراوح ما بين 19 إلى 91 عاماً بينما يتراوح عمر الإناث ما بين 16 إلى 80 عاماً، مع العلم أن الفتيات يفضلن الزواج المبكر.
وتعد نسبة الرجال إلى السيدات 62%: 38%، ونسبة الأقباط هي 2% فقط من المتقدمين، بينما بلغت نسبة المؤهلات العليا وما فوقها 92%.

وأهم مزايا هذا المكتب يقول العادل السرية المطلقة واتساع قاعدة الاختيار ومطابقة المواصفات الدقيقة والاستشارات العلمية والدينية حيث يتوافر بالمكتب أيضاً مستشار قانوني وخبراء متخصصين في علم الاجتماع والنفس.

وأكد عدد من الفتيات والشباب أن هذه المكاتب أصبحت هامة جدا على الرغم من أننا في عصر تزايدت فيه مساحة الحرية والاختلاط بين الجنسين إلا أن الفتاة والشاب لا يقابلان الطرف المناسب لهما بسبب الانشغال الكامل في العمل والدراسة.

كما يرون أن الهجوم على هذه المكاتب غير مبرر لأنها تلعب نفس الدور التي كانت تلعبه "الخاطبة " في الماضي وهى المرأة التي كانت تعرف كل عائلات الحي وتحمل صور الفتيات لعرضها على الشباب ليختاروا منها زوجة لهم مقابل مبلغ مالي، مشيرين إلى أن العادات والتقاليد ستتقبل تلك المكاتب بمرور الزمن.

سوق للنخاسة وخرق للقوانين الشرقية

بينما يرى البعض الآخر أن هذه الطريقة الجديدة للزواج سواء المكاتب أو عبر الإنترنت مثلها مثل سوق النخاسة التي تعرض فيه الفتاة نفسها كسلعة لمن يُقلّب فيها فيعجبه شكلها، كما أنها خرق للقوانين الشرقية. ويؤكدون أن مواقع الزواج على الإنترنت أسوأ بكثير من فكرة الزواج عن طريق مكاتب رسمية حيث أنها محاولة للتسلية والعبث فقط.

بينما أكد شاب مصري أنه تزوج عبر الإنترنت ويعيش حياة سعيدة مع زوجته منذ ثلاث سنوات وهو يشجع الشباب على هذه الطريقة ولكن بشرط توافر الصدق والوعي لدى الطرفين، فلكل زمان طبيعة وشكل يميزه عن غيره والإنترنت ما هو إلا وسيلة في عالم اليوم يمكن أن يوظفها الإنسان في تسهيل أمور حياته ولكن بشرط اللجوء إلى المواقع الإسلامية التي تتيح هذه الخدمة حيث يشرف عليها خبراء ومتخصصين وجهات رقابية على حد قوله.

عملية تجارية للربح

أحمد المجدوب أستاذ علم الاجتماع يؤكد أن الزواج بهذه الطريقة عملية تجارية لا تمت للعلاقات الاجتماعية بصلة، مشيرا إلى أننا بصدد مشكلة كبيرة في المجتمع رغم الانفتاح الرهيب في العلاقات بين الجنسين لأن الزواج عن طريق هذه الشركات ومواقع الإنترنت أمر غريب وشاذ على مجتمعنا ويعيدنا إلى عصر الجواري والعبيد.

ويرى المجدوب أن هذه الشركات لن تقضي على نسبة العنوسة المنتشرة في المجتمع لأننا صنعناها بأنفسنا من خلال ارتفاع تكاليف الزواج والمغالاة في المهور وتمسك معظم الأسر العربية بهذه المطالب، ولو تخلينا مثل الغرب عن هذه المطالب لن نكون في حاجة لعمل هذه الشركات.

ويؤكد أستاذ علم الاجتماع أن هذه المكاتب والمواقع العنكبوتية ما هي سوى إفراز لتيار العولمة الجديد الذي يريد اقتلاع الشباب المصري من جذوره، فالمجتمع المصري أصبح مزيج متناقض من موروثات قديمة تعيش في قاع عقولنا من جهة، وانفتاح لا مناص من قبوله والاعتراف به من جهة أخرى.

بينما ترى الباحثة الاجتماعية عزة كريم أن تحرر الفتيات وزيادة وعيهن من أهم أسباب انتشار العنوسة لأن الرجل المصري والشرقي بصورة عامة يفضل المرأة الضعيفة، مما يجعل الفتاة تفضل البقاء دون زواج على ارتباط يستند إلى سيطرة ذكورية متخلفة.

نيللي يوسف
حقوق الطبع قنطرة 2006

قنطرة

العذرية ... عبء على كاهل الفتاة المصرية
عمليات إعادة العذرية غير قانونية ولكنها منتشرة في مصر رغم ذلك. هذه الممارسة تعكس الانفصام الأخلاقي الذي يعيشه المجتمع المصري والعربي نتيجة الربط الأعمى بين الأخلاق وغشاء البكارة. تحقيق نيللي يوسف

معرفة قليلة لدى الشباب والشابات بالحياة الزوجية
إن الحديث عن العلاقات الجنسية علنا في المجتمعات الإسلامية من الأمور الممنوعة. ولهذا فإن خبرة الشباب الجنسية تكاد تكون معدومة. الحكومة الإيرانية بادرت وبدأت تنظم دورات للتثقيف الجنسي تهدف إلى إرشاد الشباب وتحديد النسل.