لا لحرب خليج مدمّرة جديدة!

مهند البراك
30 سبتمبر/أيلول 2005

فيما يستمر نزيف الدم العراقي ويزداد غزارة، يزداد القلق من تزايد تعقد وتدهور العلاقات بين مكونات شعب العراق التي يفاقمها تزايد صراع المواقف العربية والإقليمية حدّة، في زمان بدأ الوضع العراقي يشكّل وضع حافة انفجار سيشمل عموم المنطقة إن حصل، وإن لم تنتبه اوساط اصبحت تصرّح علنا بما تضمر واخرى ترى انها لايمكن البقاء مكتوفة اليدين وسُحُب المخاطر تتجمع وتطرق ابوابها.

وبينما يصف البعض ذلك بـ " ازمة اشتدي تنفرجي " التي شاعت، يرى كثيرون ان تفاقم التمزّق الطائفي وصل حداً كحد سكين مدبب النهايتين، في وصف لحالة اكثر مأساوية تدفع اليها اوساط لاتعرف الاّ العنف والجريمة وتلوّح بشبح حالة تحاول تلخيصها بـ " ان لم تكن مقتولا فكن قاتلاً " فأجرك هناك، دون الانتباه لتزايد معاناة الشعب العراقي بعربه وكرده واقلياته القومية والدينية، بسنته وشيعته.

(...)

وفي الوقت الذي لايمكن فيه فصل سلوك العراقيين اليوم عن تأثيرات عمق الجروح الكبيرة التي كبّدهم بها حكم صدام، فإنه لايمكن فصله عما تسبب ويتسبب به الاحتلال، عصابات الدكتاتورية المنهارة والإرهاب الوافد والفساد والمخدرات، ولا عما تتسبب به دول الجوار وسعيها سواء كان لمصالح او اطماع او لتهيّبها من عراق يحاول الاستقرار والاستقلال على اسس احدث ولايمكن فصله عمّا تدفع اليه مصالح وقوى دولية عملاقة متنوعة لتحقيق اهداف تتعلّق بمصالحها الأنانية.

ويحذّر مراقبون واخصائيون ومحللون دوليون من ان الدفع الإقليمي لتمزيق البلاد والإصرار عليه من كلّ الأطراف والقوى الإقليمية والدولية، قد يدفع قضية العراق مجدداً الى الأقلمة والى تحويلها الى قضية أمن وسلام الخليج، التي قد تنفجر على ارضية موجودة من تاريخ قريب، اسست له الدكتاتورية المنهارة وعمّقته وزادته لعنة، حين زجّت المنطقة بالحروب التي اشتعلت ولم تخبُ طيلة عقود.

وفيما تتشبث اوساط عراقية بمصالح انانية ضيقة وتشيع الطائفية اكثر دون النظر الى مصلحة العراق بكل مكوّناته واطيافه القومية والدينية والطائفية والفكرية، فانها قد تدري او لاتدري، تشارك اوساطاً متنوعة تدفع الى ذلك الإنفجار لفرض اهداف وغايات و(حقوق) ولاستثمار فرص، مستغلة واقع المنطقة الحالي.

فيما يتواصل رجاء العراقيين النازفين دماً " اتركوا محنة الشعب العراقي للشعب العراقي صاحب البلاد، اتركوه لمؤسساته التي اختارها والتي يسعى لحل نواقصها، اتركوه ليواجهها ويعدّل اخطائها اتركوه ليعبّد الطريق لمواجهتها، فالقضية قضيته اولاً واخيراً يكفيه مانال وينال من ظلم ودماء ودموع بعد ان صار امثولة للضياع والأحزان والآلام !!"