اللعب مع بلدي وضد بلدي

في المبارة الودية الأخيرة هزّم الفريق القومي التركي ألمانيا بهدفين أحرزهما نوري شاهين وخليل التنتوب الألمانيان النشأة من أصول تركية. هل فوّت الإتحاد الألماني لكرة القدم على نفسه الفرصة لإدماج المواهب التركية الشابة؟ بقلم أندريه توشيتش

خليل ألينتوب، الصورة: أ ب
اللاعب الألماني من أصل تركي خليل ألتينتوب

​​

تركيا تلعب ضد ألمانيا في مباراة تأهيلية لبطولة كأس العالم 2006. وكانت من وجهة النظر الألمانية خيبة أمل كبيرة. وانتهت المباراة بفوز الفريق التركي على منتخب الإتحاد الألماني 1:2.

من هنا تكالب الخبراء على الهدّافين التركيين، وهما نوري شاهين من منطقة زاورلاند ويلعب في فريق بوروسيا دورتموند وخليل ألتنتوب من مدينة غيلزنكيرشن ويلعب في فريق شالكه 04. هذان الشابان نشئا وتأهّلا للعب كرة القدم في ألمانيا، إلا أنهما اختارا اللعب مع الفريق القومي لتركيا بلد والديهم.

قبل ذلك دارت بين الجماهير مناقشات حامية عن تهاون الإتحاد الألماني لكرة القدم في عنايته بهؤلاء الشباب، ويخيل إلى المرء أننا مثل صناع المواهب من محترفي كرة القدم الأتراك الذين يلعبون فيما بعد ضمن الفريق القومي التركي.

كان نوري شاهين وخليل التنتوب يتمنيان لو استطاعا اللعب مع الإتحاد الألماني لكرة القدم. إلى جانب هذين اللاعبين هناك محترفون آخرون مواليد ألمانيا ومن أصول تركية ولا يلعبون مع الإتحاد الألماني لكرة القدم أمثال يلديراي باشتورك وأوميت دافالا وأميت كاران وإلهان مانسيز.

تجنيد المواهب الكروية

هناك من يرون غير ذلك، فبعد وقت قصير استطاع الإتحاد الألماني أن يحمس بعض محترفي كرة القدم من أصول تركية للعب مع المنتخب القومي. حتى أن مالك فتحي من فريق هيرتا برلين أصبح يلعب في منتخب شباب ألمانيا.

ويصرح مالك فتحي عن سبب تقبله للعب مع الإتحاد الألماني لكرة القدم بسهولة قائلا: "لم يكن هناك أمامي حل آخر لأن الإتحاد التركي لكرة القدم لم يهتم بي. ولهذا لم يكن هناك ما يدعو للتفكير". أما لاعب شتوتغارت سيردار تاشي، الذي صعد نجمه بسرعة، فيقول: "لقد ولدت ونشأت في ألمانيا، وهي موطني الكروي".

هنا يتسائل المرء، ألم يكن من الممكن أن يضم الإتحاد الألماني لكرة القدم مزيدا من المواهب أمثال فتحي وتاشي؟ ولا ننسى أن حوالي ثلاثة ملايين تركي وألمان من أصول تركية يعيشون في ألمانيا، والإتحاد الألماني لكرة القدم يبالغ في التدقيق عند تصفية فِرق الشباب أثناء دوراته التعليمية في مدرسة الرياضة بمدينة دويسبورغ فيداو.

الإكتراث بالثقافات الأخرى

إن اللاعب لا يتخذ وحده قرارا لصالح المنتخب الألماني أو ضده، هكذا ترى مسؤولة شئون الإندماج لدى الإتحاد الألماني لكرة القدم السيدة غول كيسكنلر في تقريرها: "إن الأتراك يصدرون قراراتهم في محيط العائلة، وهناك أشياء لا يمكن للمحترفين الشاب أن يتخذوا بشأنها قرار". وتضيف قائلة: "إن الفرد الألماني يتمتع بفلسفة أخرى في الحياة وتربى أيضا تربية أخرى. ولن يخطر على بال أحد أن يذهب إلى والديّ لاعب ألماني بلغ من العمر الثمانية عشر أو العشرين. فبالأحرى أن يترك له الحرية في أخذ القرار بنفسه".

هذه النقاط هي التي يعنيها الإتحاد الألماني لكرة القدم عند الحديث عن الإكتراث بالثقافات الأخرى. وعلى هذا النحو يرى المدرب الحالي لفريق كولونيا والخبير في شؤون تركيا كريستوف داوم، حيث يقول "تعتبر الرياضة وسيلة من وسائل الإندماج ولها مهمة إجتماعية.

وأرى أن تأهيل لاعبي كرة القدم الأتراك هو جزء من الإندماج الذي يعد مساهمة كبيرة في التفاهم العالمي. وأهم ما في ذلك أن يشمل الإندماج الآباء والأمهات لأنهم في الغالب يتخذون القرارات بشأن اللاعبين الأتراك".

أهو تقصير من جانب الإتحاد الألماني لكرة القدم؟

لم تكن هناك إمكانية لإقناع نوري شاهين بصورة حاسمة. هل هذا تقصير؟ ليس بالقطع! على هذا يعلق نوري شاهين: "حصلت على عرض من إتحاد كل من الدولتين، ولكن اخترت اللعب مع تركيا لأني أشعر بأنني تركي وكنت دائما أحلم باللعب لصالح تركيا". ويقول نوري شاهين

"إنني فخور باللعب في البوندسليغا مع فريق بوروسيا دورتموند، أما بخصوص الفريق القومي فكنت قد قررت منذ طفولتي أن ألعب مع المنتخب التركي".

وماذا عن خليل ألتنتوب؟ إنه يقول: "عندما كنت مع فريق كايزرسلاوترن اتصل بي مدرب الفريق القومي للشباب تحت سن الواحد والعشرين السيد شتيلكه مرتين وحاول ترغيبي في اللعب مع الإتحاد الألماني لمكانته المرموقة. إنني ولدت حقا في ألمانيا ولكني أنتمي أكثر إلى تركيا من ناحية المزاج النفسي. وهذا ما ينطبق أيضا على شقيقي حميد. علاوة على ذلك فوالدينا أتراك".

لهذا فإن محاولات الإقناع المكثفة التي يقوم الإتحاد الألماني تبدو قليلة المغزى إلى حد ما. ويؤكد ذلك فرانك فوغل، منسق فريق الهواة والناشئين لدى نادي هيرتا برلين، قائلا: "إذا كان أحد الشاب الأتراك يفكر بالعقلية التركية وأحاسيسه تركية أيضا فلن يستطيع المرء تغيير ذلك بالمزيد من العناية أو محاولات الإقناع".

يعتبر الحسم بين التبعية القومية والتبعية الكروية من الصعوبة بمكان أمام بعض اللاعبين، وهذا ما يتضح من تعليق خليل ألتنتوب: "لقد كان شيئا عظيما أن أسجل هدفا لبني وطني ضد بني وطني".
ومن يدري لعل مالك فتحي و سيردار تاشي يسجلون أهدافا للإتحاد الألماني في المقابلة القادمة بين ألمانيا وتركيا، ومن بعدها تبدأ المناقشة المطروحة هنا في ألمانيا عند مضيق البسفور.

أندريه توشيتش
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع محفوظة: قنطرة 2007