"بعد الصمت": فيلم ألماني عن "لقاء الأعداء" في جنين

امرأة تفقد زوجها في عملية انتحارية، ثم تتغلب على مشاعر الكراهية وتحاول أن تقابل أسرة الانتحاري. "عن لقاء الأعداء" هذا ما يدور حوله فيلم "بعد الصمت" الذي سيُعرض قريباً في سينما جنين التي افتُتحت مؤخراً بفيلم "قلب جنين". سمير جريس يعرفنا بهذا الفيلم.

، الصورة دويتشه فيله منفذ العملية الانتحارية زكريا الطوباسي
"هذه الأفلام تهدف إلى تصوير الواقع بكل تعقيداته، وبكافة درجاته – إذا فعل السينمائي ذلك يستطيع أن يؤثر في نفس المشاهد"

​​ بعد عرض فيلم "قلب جنين" وقفت احدى المشاهدات في حيفا وعبّرت للمخرج ماركوس فيتر عن سعادتها بما فعله الفلسطيني إسماعيل بطل الفيلم الذي قرر التبرع للأطفال الإسرائيليين المرضى بأعضاء ابنه المقتول برصاص الجيش الإسرائيلي. ثم حكت الإسرائيلية للمخرج الألماني أنها هي نفسها فقدت زوجها في عملية انتحارية، وتريد الآن أن تتعرف على عائلة الانتحاري الفلسطيني.

وعندما سمع المخرج ماركوس فيتر ذلك قرر تصوير هذا اللقاء، فأرسل شتيفاني بروغر ويوله أوت، تلميذتيه في معهد السينما، إلى جنين ليصورا هذا اللقاء الحافل بالمشاعر. وهكذا ولدت فكرة فيلم "بعد الصمت".

يوم لا يُنسى

، الصورة دويتشه فيله الأرملة الإسرائيلية يائيل وزكريا الطوباسي والد الانتحاري
"عندما نفهم هذه الخلفيات، نعرف أن الانتحاري لا يقوم بعمليته من أجل التمتع بحوريات الفردوس"

​​ لا تنسى الأرملة الإسرائيلية يائيل ذلك اليوم. في عصر الأحد الموافق 31 مارس /آذار 2002 كان زوجها دوف شيرونوبرودا يتناول طعامه في مطعم مزدحم في مدينة حيفا. وفجأة دوى انفجار ضخم في مطعم "ماتسه" أودى بحياة زوجها ومعه أربعة عشر شخصاً. منفذ العملية كان شاباً فلسطينياً من جنين لم يتعد الثالثة والعشرين من العمر يدعى شادي الطوباسي. لسنوات عديدة لم تكن يائيل تستطيع سماع اسم شادي الطوباسي الذي أودى بحياة زوجها. كانت تطلق عليه "الإرهابي"، غير أنها شعرت بعد مشاهدة "قلب جنين" بالتأثر البالغ، وقررت أن تذهب إلى مخيم "جنين" وتتعرف على عائلة قاتل زوجها.

ويروي المخرج ماركوس فيتر في حديثه إلى دويتشه فيله أن يائيل احتاجت إلى وقت طويل حتى تقوم بهذه الخطوة، وأن اللقاء بينها وبين عائلة الطوباسي استمر ست ساعات كاملة، وكان مثيراً لمشاعر الطرفين. "بعد الصمت" يصور هذا اللقاء ويحاول أن يفهم خلفيات ذلك اليوم الدموي. عن ذلك يقول فيتر في حديثه لـدويتشه فيله إن "هذه الأفلام تهدف إلى تصوير الواقع بكل تعقيداته، وبكافة درجاته – إذا فعل السينمائي ذلك يستطيع أن يؤثر في نفس المشاهد".

من أجل التمتع بحوريات الجنة؟

السينيمائيتان الألمانيتان شتيفاني بروغر ويوله أوت في لقاء يوئيل بعائلة الطوباسي، الصورة دويتشه فيله

​​ وكمثال على الواقع المعقد يذكر فيتر أن جنين شهدت قبل عملية الطوباسي الانتحارية بوقت قصير هجوماً عسكرياً في مارس عام 2002، أطلق عليه آنذاك "الغزو الصغير". وعلى إثر ذلك تملك شادي الطوباسي اليأس، لأنه فقد صديقين، كما تعرض أفراد من عائلته للاعتقال، وبعد قيامه بعمليته الانتحارية حدث غزو واسع لجنين، كرد فعل انتقامي. ويضيف المخرج الألماني: "عندما نفهم هذه الخلفيات، نعرف أن الانتحاري لا يقوم بعمليته من أجل التمتع بحوريات الفردوس. لا أحد يستطيع أن يدافع عن العمليات الانتحارية، ولكن المرء يفهم، فجأة، أشياء أكثر – وهذا هو موضوع الفيلم الذي يستغرق 90 دقيقة."

وكانت سينما جنين قد افتُتحت مؤخراً بفيلم "قلب جنين" بمعونة ألمانية بعد أن ظلت مغلقة أكثر من عشرين عاماً. ومن المقرر أن ينتهي فيتر من فيلمه الجديد "بعد الصمت" في نهاية هذا العام، وفي مطلع 2011 سيُعرض الفيلم في سينما جنين ليكون الثاني الذي يتحدث من وجهة نظر إنسانية عن الطريق الطويل للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

سمير جريس
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010

قنطرة

حوار مع فخري حمد، مدير سينما جنين:
سينما جنين....مؤشرات الحرب ومقدمات السلام
في هذا الحوار يتحدث فخري حمد، مدير سينما جنين، عن ميلاد هذه السينما والصعوبات التي رافقتها والصدى الإعلامي الكبير الذي رافق افتتاحها وكذلك الدور الألماني في دعم إنشائها. مهند حامد زار دار السينما وحاور مديرها حمد.

الفيلم الوثائقي "قلب جنين":
قلب ينبض من أجل السلام
يحاول فيلم "قلب جنين" للمخرج الألماني ماركوس آتيلا فيتر و الذي بدأ عرضه في بعض دور السينما الألمانية تجاوز حدود الصراع السياسي الفلسطيني الإسرائيلي ليقدم قصة إنسانية يعز نظيرها في ظل صراع مثقل بالآلام والجراح. هذا الفيلم يصور مأساة طفل فلسطيني قتل برصاص الجنود الإسرائيليين ورغم ذلك يتبرع والد الطفل بأعضاء ابنه أحمد إلى أطفال إسرائيليين. رشا الخياط تعرفنا بالفيلم.

فيلم " الجنة الآن" للمخرج هاني ابو اسعد:
قصة شابين يقومان بعملية انتحارية
هاني أبو أسد عرض في مهرجان برلين السينمائي مؤخرا فيلم" الجنة الآن" للمخرج الفلسطيني هاني ابو اسعد، وهو أول فيلم يتحدث عن الإنتحار وفلسفته في العمل السياسي. إيغال أفيدان اجرى حوارا مع المخرج.