الحياة في ظل الهلال

معرض مقام في متحف فيترا ديساين في برلين يعرّف الزائر الالماني بحضارة السكن في العالم العربي. لانرت ليمان زار المعرض وكتب النقد التالي

"الحياة في ظل الهلال – حضارة السكن في العالم العربي"

لنفرض أن هناك معرضاً أقيم في القاهرة تحت شعار "حضارات السكن في أوربا". توجد قاعاته في منطقة خارجية، ويعرض غرف معيشة المزارعين، ومنازل الغابة السوداء التقليدية، والزي الشعبي، وأباريق البيرة. قطعاً سيهز الأوربي رأسه دهشة واستنكاراً، وسيرسل بطاقة بريدية فكاهية إلى ذويه في الوطن.

صورة من كتالوغ المعرض

​​إن المعروض في متحف فيترا ديزاين Vitra-Design لا يمثل بحال من الأحوال الجوانب العصرية من "حضارة السكن في ظل الهلال من سوريا إلى المغرب"، حتى وإن كان هذا ما يدّعيه المتحف. فالمشاهَد هناك ما هو سوى مجموعة من أشكال السكن والمعيشة الاصطناعية التي هي في طريقها إلى الزوال: خيام البدو، والبنايات اليمنية العالية التي تشتهر بها صنعاء، والمساكن العراقية المشيدة من القصب، والبيوت المغربية الطينية. ينبغي أن يقود التجول داخل المعرض إلى تعريف الزائر بطريقة تنظيم الأسرة لمسكنها، وبالأغراض التي تُستخدم عادة في الحياة اليومية: الإبريق النحاسي ذو البزباز، مدقّة الخبز، وأدوات المطبخ الأخرى، مثل معدة تحميص حب البن، إضافة إلى سجاد ووسائد الجلوس.

وتوضح الصور الفوتوغرافية وأفلام الفيديو الفارق البيّن بين الغرف الداخلية الأنيقة والواجهات الخارجية الشاحبة. ولا يملك زائر المتحف إلا التنهد متحسراً: عجباً! الهوية الحضارية! لقد سبق للمرء معرفة هذا بطريقة ما؛ على الأرجح من المصورات المسلية في قصص ألف ليلة وليلة. مرة أخرى، لم يتمكن أحد للأسف من إلقاء نظرة على غرف نوم أغنياء الطبقة العليا. أكثر مهارة كانت المعروضات من أدوات الزينة والتجميل للسيدات.

ولكن ليس للمرء أن يخدع نفسه: فعلى الأرجح لم تعد ساكنة القصر العربي العصرية تتزين بقلم شفاه من طين الفخار، وإنما تشتري لذلك منتجات من الصين، مشابهة للمنتجات الغربية. ولم يعد الأطفال يلعبون بألعابهم الخشبية، وإنما بأسلحة بلاستيكية ذات وميض، وكرات قدم مطاطية. لماذا النقر على أوتار العود طالما وجد مسجل الكاسيت؟ وبدلاً من الجلوس مساء حول الطاولة القابلة للطي، المنحوتة يدوياً، لارتشاف الشاي من أقداح خزفية صغيرة، تفضل العشيرة اليوم أن تجتمع أمام التلفاز، الذي يبحث المرء عنه وعن هوائي القمر الصناعي في خيمة متحف ديزاين دون جدوى، للأسف. قليل هم الذين سيقطنون الفيلات الحديثة، المسجلة بالصورة، للمعماريين العرب المشهورين، الذين يحاولون الجمع بين التراث والحداثة؛ فغالبية الناس من سوريا إلى المغرب تعيش في بنايات خرسانية متعددة الطوابق. وعلى جدار شرفاتهم ينفضون غبار سجادهم.

لينارت ليمان، قنطرة 2003
ترجمة حسن الشريف

بإمكانكم الاطلاع على موقع المتحف والمعرض باللغة الإنكليزية هنا