تشييد "بيت قرطبة"..... اختيار الحرية على الخوف

مع اشتداد الجدل حول بناء المركز الإسلامي "بيت قرطبة" بالقرب من موقع اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول في نيويورك يطالب الحاخام الأمريكي جوشوا إم زي ستانتون في هذه المقالة بضرورة الدفاع عن هذا المشروع بوصف ذلك تعبيرا عن مجتمع حر وديمقراطي. كما يرى أن معارضي بناء المسجد وبحجة مكافحة الإرهاب ينشرون الخوف بين الأمريكيين تماما كما تفعل التنظيمات الإرهابية الإسلاموية.

أوباما في حفل إفطار جماعي في البيت الأبيض بمناسبة حلول شهر رمضان، الصورة أ.ب
"يتوجب علينا كأمريكيين أن نقف إلى جانب "51 بارك" كجزء من مجتمع حرّ"

​​

يُعتبر الإرهاب عملاً وحشياً مدمراً هدفه النهائي الخوف. ويأمل الإرهابيون بإثارة الحلفاء ضد بعضهم بعضاً وإذكاء التوترات بين أبناء الوطن الواحد. وقد كانت الجرائم الوحشية التي ارتكبها الإرهابيون يوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 مدمّرة بشكل خاص، وما زال الخوف الذي ولّدته الهجمات من نواحٍ عديدة موجود نشعر به حتى يومنا هذا.

أدان الناقدون منذ الربيع الماضي مركزاً اجتماعياً إسلامياً مقترحاً في مانهاتن السفلى، عرف مسبقاً بـِ "بيت قرطبة". قام مسؤولو المركز الاجتماعي مؤخراً بتغيير اسمه إلى "51 بارك"، إشارة إلى عنوانه في "51 بارك بليس"، جزئياً للتأكيد على أنه سيكون على بعد مربعات عديدة عن موقع الصفر، وأنه ليس "مسجد الموقع صفر" الذي وُصِم به من قبل.

سيضم "51 بارك" عند إنجازه "مدرجاً يحتوي على 500 مقعد وحوض للسباحة ومساحات للعروض الفنية ومكتبات لبيع الكتب ومطاعم"، وسوف يشكل "رابطة ثقافية" لمدينة نيويورك، حسب واحدة من المنظمات التي ترعاه، وهي مبادرة قرطبة، التي تشجع العلاقات الإيجابية بين المسلمين والغرب والحوار بين الأديان.

عقلية الخوف

تفجيرات نيويورك، الصورة ا.ب
"من سخريات القدر الرهيبة أن بعض معارضي 51 بارك، وبحجّة مكافحة الإرهاب، يقومون بمساندة أجندة الإرهابيين الذين هاجمونا بوحشية يوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر وبأسلوب يفتقر إلى الذكاء"

​​

ورغم أن مجموعة مسلمة هي التي تستضيفه ووجود غرفة خاصة للصلاة للمسلمين فيه، إلا أنه سيكون مفتوحاً لجميع سكان مدينة نيويورك، وسيضم أفضل المرافق والخدمات التي تقدمها المراكز الاجتماعية. ورغم قيمة "51 بارك" الواضحة للمدينة ومواطنيها، إلا أن موقعه على بعد مربعات قليلة من "منطقة الصفر" أثار احتجاجات تهدف إلى إبعاد بعض الأمريكيين المسلمين عن ممارسة شعائرهم الدينية بحرّية وسلام، وفتح أبوابهم بأسلوب أمريكي حقيقي للترحيب بضيوفهم من كافة التقاليد الدينية.

ومن سخريات القدر الرهيبة أن بعض معارضي 51 بارك، وبحجّة مكافحة الإرهاب، يقومون بمساندة أجندة الإرهابيين الذين هاجمونا بوحشية يوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر وبأسلوب يفتقر إلى الذكاء. أرادنا الإرهابيون أن نكون خائفين. أرادونا أن نضع حقوقنا في موقع الفشل. أرادونا أن نعتقد أن أمريكا لا ترحب بجميع الديانات. أرادوا منا أن نعكس أنفسنا من خلال تبخيس مبادئنا.

ورغم أن التعديل الأول على دستور الولايات المتحدة يوضِّح أن "الكونغرس لن يسنّ أي قانون يتعلق بإنشاء أية ديانة أو يمنع ممارسة أية ديانة"، إلا أن الأمر يعود في نهاية المطاف إلى المواطنين الأمريكيين لأن يضمنوا تطبيق المبادئ التي يقدمها الدستور بكاملها. وعندما تُمنَع مجموعة دينية، بالقول أو بالممارسة من إنشاء مكان تجمع لها ولجاليتها فإنه يتم التعدي على هذه المثل والقيم. وتزداد الاحتجاجات ضد "51 بارك" شدة حين تُفشل حرية جالية دينية تسعى ليس فقط لبناء مكان تجمّع لها وإنما أيضاً لتوفير ساحة مفتوحة للأمريكيين من كافة الأديان.

مجتمع حر وديمقراطي

جوشوا إم زي ستانتون، الصورة .irdialogue.org.about.staff
"بصفتي يهودي وحاخام مستقبلي، أجد أنني لا أستطيع أن أصلّي بكامل قلبي عندما لا يستطيع الآخرون في نفس المدينة أن يجتمعوا ليفعلوا الشيء نفسه، خاصة عندما يسعون لفتح أبوابهم للآخرين"

​​ يتوجب علينا كأمريكيين أن نقف إلى جانب "51 بارك" كجزء من مجتمع حرّ. هناك حركة جديدة تحركت لتفعل ذلك. تسعى هذه الجماعة التي تعرف باسم "الحريات الدينية في أمريكا" (www.religiousfreedomusa.org) إلى حماية حقوق جميع الأمريكيين، وتعمل على تركيز جهودها بالذات على "51 بارك".

تنوي "الحريات الدينية في أمريكا" بوجود قاعدة قوية ومتنوعة في مجلس مستشاريها أن تبدأ حملة إعلامية بالفيديو لتضخيم أصوات القادة الحاليين والناشئين الذين عمل إيمانهم ووطنيتهم على تمكينهم لدعم الحريات الدينية، و"51 بارك". سوف تستخدم حملة الفيديو بعد ذلك لتنشيط الدعم عبر مدينة نيويورك وما وراءها لإجراء تجمعات وتظاهرات عامة لمساندة "51 بارك"، إضافة إلى جهود استقطاب الرأي التي تغطي الجامعات والتجمعات الدينية والمدارس الدينية والمنظمات المجتمعية.

وقد وجدْتُ بصفتي أحد المؤسسين المشاركين لمنظمة "الحريات الدينية في أمريكا" أن عملي عمل وطني وديني بشكل عميق. بصفتي يهودي وحاخام مستقبلي، أجد أنني لا أستطيع أن أصلّي بكامل قلبي عندما لا يستطيع الآخرون في نفس المدينة أن يجتمعوا ليفعلوا الشيء نفسه، خاصة عندما يسعون لفتح أبوابهم للآخرين. اشتهر الحاخام العظيم هيليل في القرن الأول قبل الميلاد بقوله: "إذا لم أكن أنا من أجل نفسي فمن يكون من أجلي؟ ولكن إذا لم أكن أنا من أجل الآخرين فمن أكون؟" وأجيب أنا على ذلك بسطر واحد: "وإذا لم يكن ذلك الآن فمتى؟". تبدأ حماية الحريات الدينية من أجل الجميع الآن. تبدأ بِ "51 بارك. تبدأ مع "الحريات الدينية في الولايات المتحدة".

جوشوا إم زي ستانتون

حقوق النشر: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية/ 2010

جوشوا إم زي ستانتون محرر المشارك في مجلة "الحوار بين الأديان" www.irdialogue.org وزميل شوسترمان في الدراسات الحاخامية بكلية الاتحاد العبرية بمدينة نيويورك.

قنطرة

مشهد لمواجهة كونية في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول:
مغامرات المتطرفين
أنقاض برجي التجارة العالمي بعد الاعتداء في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001. غيَّر الحادي عشر من أيلول/سبتمبر العالم ورسم خارطةً سياسيةً وروحية جديدة، مثلما شكل مؤشرا لتبني منطق التصعيد. يعرف جيلنا كيف تبدأ حال كهذه وكيف تتنامى الاضطرابات. أما كيف يمكن أن ينتهي ذلك فهو ما لا نعرفه حتى اليوم. مقال كتبه روبرت ميزيك.

الغرب والعالم الإسلامي:
لا غنى عن حوار الثقافات!!
هل تشير أزمة الكاريكاتور إلى فشل مبادارات الحوار؟ منذ اعتداءات الحادي من سبتمبر/أيلول بدأ يطرح شعار حوار الثقافات على الساحة السياسية. وترى الباحثة نايكا فروتان أنه لا غنى عن اتباع استرتيجية الحوار بين الثقافات في السياسة الخارجية في زمن أثبتت الأساليب العسكرية فشلها.

الحوار الثقافي بعد الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر
يوتا ليمباخ في الحديث: "أعتقد أننا أصبحنا أكثر اكتراثا"
يوتا ليمباخ: "إننا في ألمانيا نقر بأن هناك حدودا للتسامح، ولا نقبل أن تتتجاوز هذه الحدود كرامة المرء والحرية الشخصية وسلامة البدن." قامت رئيسة معهد غوته السيدة يوتا ليمباخ بزيارة مصر لأول مرة حيث شاركت، في إطار زيارتها لمعرض القاهرة الدولي للكتاب الذي تعتبر ألمانيا أول ضيف شرف فيه، في العديد من ندوات الحوار الثقافي. حوار أجرته منى نجار معها حول التحول الطارئ في سياسة الثقافة الخارجية بعد الحادي عشر من سبتمبر / أيلول