حجاب عملي وجميل

مع ما يثيره الحجاب من خلاف في ألمانيا، قامت إحدى نساء برلين المسلمات بتصميم غطاء للرأس يناسب الموضة، ويخدم في الوقت نفسه الغرض التقليدي للحجاب، ولكن المشكلة تكمن في إيجاد من يتقبله.

الصورة: دويتشه فيلله

​​

تقود أمل ألجان سيارتها الميني السوداء في صباح يوم شتوي مشمس إلى مكتبها في منظمة النساء المسلمات في حي كروزبرغ في برلين، الذي تقطنه جالية تركية كبيرة، يلف وجهها المرح قطعة من القماش الوردي المشرق.

داخل مبنى المنظمة، تقوم ألجان بعرض سريع للأزياء حيث تستبدل حجابها الفاتح والمنسوج بدقة بقبعة حريرية أنيقة بظلال خضراء، ملحق بها قطعة من القماش، تقفل بأزرار أسفل الذقن ومسترسلة إلى الصدر، ومنديل زهري منقوش يلتف خلف الرأس.

تقول ألجان "يبدو زاهيا وعمليا في نفس الوقت"، فهو يؤدي الوظيفة التي تقوم بها آلاف الدبابيس الآمنة التي نحتاجها للحجاب الإسلامي التقليدي وفي الوقت نفسه يغطي العنق والشعر والأذنين.

التقليد والحداثة

ويعتبر الحجاب مهما لألجان فهي إمرأه مسلمة متدينة، تبلغ من العمر 43 عاما، وهي أم لستة أطفال وقد ارتدت الحجاب الإسلامي التقليدي منذ طفولتها التي قضتها في مدن صغيرة في ألمانيا.

في الأشهر الأخيرة، أثارت قضية الحجاب الإسلامي نقاشات حارة في ألمانيا بشأن وضعه في المجتمع وخصوصا في المؤسسات التي تديرها الحكومة.

تمثل ألجان مزيجا من التقليد والتطور، فقد درست اللغة الإنكليزية والأدب بالكلية وتترأس حاليا منظمة النساء المسلمات. بدأت ألجان العام الماضي بتصميم بدائل تناسب الموضة للحجاب الساتر.

وتقول ألجان: "كنت مستاءة من التحامل ضد النساء المحجبات في ألمانيا، وكأنهن حمقاوات أو متخلفات، ولم يكن لي علاقة بكل ذلك ولكني شعرت بأني مصنفة مثلهن بسبب حجابي".

البحث عن حجاب إسلامي محايد

اتجهت ألجان في العام الماضي إلى محل القبعات الذي تديره سوسان جابيل في حي شارلتنبرغ.

تقول ألجان " أنا لست مصممة، وكل ما أعرفه هو أنني أردت شيئا يبدوعمليا وجذابا في نفس الوقت بحيث لا يبدو كالحجاب التقليدي."

لقد وجدت جابيل الطلب غريبا حيث قالت "لم يحدث لي أن تعاملت مع الأحجبة الإسلامية، على الرغم من قيامي بعمل بعض الأشياء التقليدية لزبائن يهود، ولبعض النساء الخاضعات للعلاج الكيميائي اللاتي أردن تغطية رؤوسهن."

تمخض البحث عن الحجاب الإسلامي المحايد عن تسعة موديلات من الأحجبة المختلفة الألوان والأشكال، يشبه البعض منها قبعات تشارلستون والبعض الآخرقبعات نورديك فيلت، وجميعها تلبي حاجة المرأة المسلمة التي تفسر أمر القرآن لها بتغطية الرأس والعنق والأذنين.

وتبين جابيل "أن معظمها يشبه قبعات التزلج أو القبعات التي يتدلى منها جزء يغطي الأذن ويمكن وضعه بسهولة حول الرأس دون الحاجة لإستعمال أزرار أو سحّابات، ويجب أن تكون القماشة مطاطية مثل جيرسي وفليت " تبدأ قيمة الحجاب البديل من 50 يورو ويتم إعداده حسب طلب كل فرد."

إمرأة جديدة

تقول ألجان والتي استبدلت حجابها التقليدي بصفة دائمة بالحجاب البديل- أنه جعلها تشعر بأنها إمرأة جديدة. وتقول "عندما أنهض كل صباح أسأل نفسي ماذا أريد أن أرتدي لأنني أستطيع الآن تنسيق لون الحجاب مع ملابسي."

ولا يشمل هذا التغيير المظهر فقط. تقول " أشعر أن مظهري بحجابي الجديد يتلقى قبولا إيجابيا، قد أكون سبب محادثة سريعة مع المحاسب في السوبرماركت عن الطقس مثلا، ولكن غير المسلمين بالذات هم الذي يلاحظونني ولكنهم لا يترددون في التعامل معي."

الضوابط الاجتماعية المتشددة

تضيف ألجان أنها لاتنوي المتاجرة بهذه الأحجبة ولكنها تريد إقناع الفتيات الصغيرات والنساء المسلمات بتجربته، حيث يتجنبن بذلك القرار المقترح لمنع الحجاب في المؤسسات التي تديرها الدولة في برلين. ولقد ابتدأت مناقشات نسائية جماعية لهذا الغرض.

وتقول ألجان "أقوم بعمل كل هذا لأعرض على النساء المسلمات أفكارا جديدة، ليتوفر لهن بديل، حسب الدين الإسلامي، لا توجد قوانين تحدد لنا ماذا يجب أن نرتدي، بل نستطيع أن نرتدي ما نشاء طالما نغطي أنفسنا"

ولكن توصيل هذه الفكرة كان أصعب من المتوقع، وتقول ألجان " كانت ردود الأفعال متحفظة حتى الآن، فالضوابط الاجتماعية للأسف قوية جدا في المجتمعات المسلمة، حتى الفتيات اللواتي أعجبن بالفكرة لم يشعرن بحرية التعبير عن أنفسهن، فهن يقلقن بشأن ردة فعل أزواجهن أو حمواتهن. وهذا التفكير التقليدي مازال متأصلا في المسلمين هنا على الرغم من وجود أربعة أجيال من المسلمين في هذا المكان."

بقلم سونيا فالنيكلر، دويتشه فيلله 2004
الترجمة عن الإنكليزية زينة الحارثي