اللبنانيات يحاربن التمييز من خلال كرة القدم

تحارب النساء اللبنانيات ثورة صامتة على ملاعب كرة القدم من خلال برنامج نادٍ شعبي تقيمه جمعية المشاريع عبر الثقافات في لبنان، يقدّم نشاطات ثقافية تعليمية في دول ما بعد النزاع. جنز جول بيترسون منسق البرامج في جمعية المشاريع عبر الثقافات يعرف بهذه التجربة.



فرح وميرنا فتاتان لهما مهمة هامة: تريدان تغيير المجتمع اللبناني لتشجيع المساواة في النوع الاجتماعي وإعطاء الفتيات الفرص التي لم يحصلن عليها أنفسهن. "نحن هنا في حلقة دراسية لجمعية برنامج عبر الثقافات لأننا نريد تغيير شيئ"، تقول ميرنا، البالغة من العمر 28 عاماً. تشارك ميرنا مع صديقتها فرح في حلقة دراسية في بيروت للمتطوعين في برنامج النادي الشعبي. ترغب المدرّستان إنشاء نادٍ رياضي خاص بهما للفتيات في بلدتهن. "لا يوجد شيء كهذا في بلدتنا. جميع النوادي الرياضية للشباب والرجال، ولكننا نريد إنشاء نادٍ للفتيات!" تقول فرح، التي عاشت في بلدة صغيرة في جنوب لبنان طوال حياتها، وقد سَئمت الأسلوب والمعاملة الذي ينظر فيه مجتمعها للفتيات والنساء. "لم نمتلك الفرصة للرياضة أو النشاطات الجسدية، الأمر محبِط جداً،" تقول فرح.

الصورة د ب ا ، منتخب ألمانيا
لماذا تمتنع أيضا الفتيات المسلمات عن المشاركة في نوادي كرة القدم في ألمانيا؟

​​يركّز برنامج جمعية عبر الثقافات في لبنان على جمع عدد مختلط من الأطفال الذين يلعبون في نفس النادي بغض النظر عن نوعهم الاجتماعي أو مواهبهم أو مركزهم الاجتماعي أو دينهم أو أصولهم العرقية. ويعمل برنامج النادي الشعبي على دعم تطور مجتمع مدني يرتكز على التنوع والمساواة، يتم فيه تشجيع الإناث على المشاركة النشطة بهدف تشجيع المساواة في النوع الاجتماعي وعدم التمييز.

فكرة النوادي الشعبية للفتيات ثورية، خاصة في الجنوب. تقع بلدة الفتاتين الأصلية في منطقة محافظة حول مدينة صور، حيث تجعل العادات والتقاليد الثقافية لبرنامج عبر الثقافات من الصعوبة بمكان تنظيم نشاطات رياضية للفتيات والنساء. وقد شهد المنسّق المحلي لبرنامج عبر الثقافات عادل سعد مدى تعقيد اجتذاب النساء إلى النشاطات الرياضية، ليس فقط في الجنوب وإنما كذلك في كافة أنحاء البلاد. "هذا لبنان، ومن غير الشائع أن تشارك الفتيات في النشاطات الرياضية خارج المدرسة. نحن بحاجة لتغيير ذلك، ولكن التغيير يجب أن يأتي ببطء"، يقول عادل.

الرياضة والحجاب

الصورة د ب ا
هناك فكرة سائدة هنا بأن الفتيات اللواتي يلبسن الحجاب لا يلعبن الرياضة"،

​​

"هناك فكرة سائدة هنا بأن الفتيات اللواتي يلبسن الحجاب لا يلعبن الرياضة"، تضيف ميرنا. "يظن الرجال أننا غير مهتمات ولا نرغب بأن نكون نشيطات، ولكن ذلك خاطئ جداً. نعرف الكثير الكثير من النساء مثلنا". تضيف فرح: "أريد تغيير الانطباع بأن الفتيات اللواتي يلبسن الحجاب لا يستطعن عمل أي شيء سوى الجلوس في البيت بهدوء. نستطيع من خلال ممارسة الألعاب الرياضية تغيير ذلك والتعبير عن أنفسنا". يشكّل إشراك النساء في الرياضة مجرد خطوة صغيرة باتجاه أوضاع أفضل للمرأة في لبنان، ولكنه أسلوب ذكي للبدء بتغيير المجتمع. في هذا البلد المعرّض للاشتعال في أية لحظة، ينزع كل شيء لأن يكون مسيّساً. ولكن يُنظَر إلى الرياضة على أنها بعيدة كل البعد عن السياسة وبالتالي فهي مأمونة. اختارت ميرنا وفرح أن يأخذن دوراً نشطاً في المجتمع من خلال برنامج عبر الثقافة في لبنان بسبب سمعة المنظمة في المنطقة.

العديد من الناس في لبنان غير مستعدين للتعامل مع نساء قويات ومستقلات يمارسن الرياضة. اضطرت حتى هاتين المرأتين الكفاح قبل ذهابهما إلى حلقة برنامج عبر الثقافات الدراسية في بيروت، بعيداً جداً عن بلدتهما الأصلية. "كانت أسرتانا ضد ذهابنا،" تقول فرح، "البقاء في فندق مع خمسين رجل ليس بالعمل الجيد لنساء محترمات شابات. لم نستطع إقناع أسرتينا بالذهاب، لذا قلنا في نهاية المطاف "كفى. سنذهب إذا أعجبكم ذلك أم لم يعجبكم".

تعلمت فرح وميرنا الكثير في الحلقة الدراسية. ولكن ليست النساء فقط هن اللواتي لديهن شيء يتعلمنه. حسب قول فرح، لدى الأساتذة والمدربين الذكور أشياء يتعلمونها. "بعض الرجال هناك غير معتادين على وجود نساء حولهم. ولكن يتوجب عليهم تعلم ما يلي: يسمح للنساء كذلك الخروج إلى الملاعب والمشاركة في المجتمع". لقد بدأت حركة التحرر الصغيرة لفرح وميرنا وأخواتهما اللبنانيات. ما زالت هناك مسافة بعيدة، ولكن فرح متفائلة ولديها الحوافز. "نحتاج للوقت، الأمور لا تتغير بين ليلة وضحاها هنا، ولكننا نعلم أن باستطاعتنا عملها. أعلم أن باستطاعتنا تغيير كيف يرى الناس النساء. لا نستطيع فقدان الأمل. لا نستطيع الفشل. ولكننا بحاجة إلى الصبر".

 

جنز جول بيترسون
حقوق النشر: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية 2011