برنامج تبادل طلابي بين مصر وألمانيا

العنف السياسي مشكلة تواجهها المجتمعات الأوروبية والإسلامية على حد سواء. ولمناقشة هذه المشكلة قام معهد غوته بتنظيم مشروع يعطي فرصة لطلاب مصريين وألمان للحوار والتواصل فيما بينهم وابراز الخلافات وتقبلها.

ناقش طلاب من جامعتي الاسكندرية وديسبورغ - اسن الالمانية على مدى خمسة أيام موضوع "العنف السياسي في المجتمعات الغربية والإسلامية". وكان قد تم القيام بالجزء الأول من المشروع الذي ينظمه معهد غوته في القاهرة والإسكندرية في الإسكندرية في نيسان/أبريل. ويتم تمويله من صندوق الحوار الثقافي الأوروبي الإسلامي التابع لوزارة الخارجية الألمانية.

وقد تبادلت المجموعتان قبل اللقاء الرسائل الإلكترونية تحت اشراف البروفسور يوخن هيبلر من جامعة ديسبورغ-اسن والبروفسور الدكتور محمد السعدني من جامعة الإسكندرية. وشارك في هذا المشروع طلاب العلوم السياسية والقانون والإقتصاد.

وقال الدكتور هيبلر إن السؤال الأساسي هو اذا كانت التجارب مع العنف السياسي في المجتمعات الأوروبية والإسلامية تنبع من المصدر نفسه وما هي نقاط الخلاف والنقاط المشتركة بينها. وهل الطابع الثقافي يؤثر على عملية ادراك العنف او ايجاد التبريرات له؟ على هذا الأساس سوف نحاول ان نستبدل المفهوم المتبادل للتهديدات على كلا الجانبين بالعنف السياسي ك "مشكلة مشتركة".

مشروع قائم على الحوار

يحاول معهد غوته من خلال هذا المشروع المشاركة في النقاش الدائر حول مسألة الهوية سواء على الجانب المصري او على الجانب الألماني. وموضوع العنف السياسي يطرح نفسه على كلا الجانبين لأنه حالياً محل اهتمام شديد. والأهم ان جيل الشباب يتعلم التواصل مع بعضه والتكلم عن الاختلافات في الرأي وتقبلها.

وسرعان ما تبين في سياق اللقاء ان الخلافات لم تكن بين مصريين وألمان، بل بين أعضاء كل مجموعة بسبب اختلاف المفاهيم والرؤى عن الموضوع.

بينما عبر الطلاب الألمان عن دهشتهم لأهمية الدين في حياة الشباب والشابات المصريين، عبر الطلاب المصريون عن اعجابهم بتركيبة المجموعة الألمانية لأنها تعكس صورة المجتمع الألماني.

تجربة طالبة مصرية

أميرة المصري، إحدى المشاركات في المشروع، تكتب عن تجربتها:

عندما علمت لأول مرة عن برنامج التبادل الطلابي بين ألمانيا ومصر الذي ينظمه معهد غوته بالتعاون مع جامعة الإسكندرية لم أكن أعلم ما الذي ينتظرني.

تضمن برنامج النقاش المقترح مواضيع مثل "العنف السياسي" و"الإرهاب والمقاومة" و"السياسة والدين" والتي تبدو للوهلة الأولى وكأنها كليشيهات مجردة.

قبل وصول المجموعة الألمانية بدأت المجموعة المصرية بالتحضير لورشة العمل وأدركت وقتها حساسية المواضيع خصوصاً عندما بدأ بعض الأعضاء في مجموعتنا نقاشات حادة التي كشفت بدورها بعض نقاط الخلاف الداخلي.

على كل حال فقد اعطتنا الأيام الأولى التي أمضيناها مع المجموعة الألمانية في القاهرة فرصة للتقارب وتبادل الأراء بشكل ودي.

كنا جميعاً في الجلسة الأولي هنا في الإسكندرية حذرين ولكن بعد دقائق معدودات بدأت الأفكار والاعتراضات تتدفق. وبدأت الاختلافات في الرأي بين المشاركين تظهر مما شجع، على عكس ما توقعت، على المشاركة بشكل أكبر.

أصبح النقاش بيننا أغنى وأكثر متعة ولم يعد مجرد نقاش بين مجموعتين، أوروبية وعربية. وأصبح جلياً للجميع ان لكل مصري ولكل ألماني من المشاركين رأيه وموقفه الشخصي الذي ربما يتوافق أو يتعارض مع آراء الآخرين.

هذا ساعد الجميع على التخلص من الصورة التقليدية عن الآخر لأنه بالرغم من أن المواضيع كانت سياسية بحتة، إلا أن الجميع ناقش التأثير الكبير للإطار السياسي على خبراتنا الشخصية، وهذا ما جعل النقاش أكثر حيوية وأقل ابتذالاً.

قرار نهائي ليس هو الهدف

لم ننجح دائماً بالتقيد بالبرنامج الموضوع للنقاش لأن الحماس وحب الاستطلاع كانوا مسيطرين على المجموعتين.

وفي نهاية ورشة العمل احتج بعض الطلاب على اننا لم نتوصل الى قرار نهائي في أي من المواضيع ولكني أجبت أن هذا لم يكن الهدف من هذا المشروع، على الأقل بالنسبة لي.

ان مجرد تعرف كل مجموعة على طريق تفكير الأخرى بعيداً عن الأفكار والعواطف التي تروج لها وسائل الاعلام، ساعد في ايضاح الكثير من الأفكار الخاطئة والأحكام المسبقة عن الآخر.

لم يكن ضرورياً اقناع الناس بشيء معين أو ابعادهم عنه ولكن على الأقل أصبح لدينا ادراكاً بالجوانب المتنوعة لمسألة ما ويترك لنا حرية الرأي بها.

في النهاية كنت فعلاً سعيدة بمناقشة الأفكار السياسية لتي أعطاني بالتأكيد رؤية مختلفة للأمور. وأنتظر الجزء الثاني من البرنامج بفارع الصبر حيث ستأتي المجموعة المصرية لزيارة ألمانيا لمتابعة النقاش.

بقلم أميرة المصري وشتيفان فينكلر
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق الطبع قنطرة 2005

شتيفان فينكلر مدير معهد غوته في الإسكندرية

قنطرة

الإقامة والعمل في ألمانيا
عبد الله ضيف، من جمعية جدران في الإسكندرية، اشترك في برنامج "دورات تدريب عبر الثقافات" في مدينة شتوتغارت، حيث تعرف عن قرب على النمط الخاص للحياة في ألمانيا

تجربة في الحوار
اسمي عائشة لاول، يبلغ عمري ستة وعشرون عامًا وأُقدّم لكم تحية من شمال نيجيريا. لقد واتتني فرصة للتطبيق العملي ضمن برنامج "تدريب عبر الثقافات"، والتي يشرف على تنظيمها معهد العلاقات الخارجية.

www

معهد غوته في القاهرة والإسكندرية