استحقاقات الفوز وثمن الخسارة

يرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط، بيتر فيليب، في تعليقه الأتي أن نتائج الانتخابات اللبنانية لن تغير من تركيبة السلطة الحالية في بلاد الأرز، كما أن هناك مخاوف من حدوث اضطرابات، إذ إن الفائز لن يقبل باستمرار الائتلاف السابق، بينما سيصر الخاسر على التمسك بنفوذه.

البرلمان اللبناني
التحدي الأكبر بعد الانتخابات اللبنانية يتمثل في بناء حكومة توافقية

​​ التشاؤم كان لعبة مفضلة قبيل هذه الانتخابات، إذ جرى الحديث عن سباق محموم وصراع على كل صوت من قبل المعسكرين الكبيرين المتنافسين في هذه الانتخابات، وسط مخاوف من "تولي" حزب الله، المدعوم من إيران وسوريا مقاليد السلطة، بل إن المخاوف وصلت إلى حد الخشية من إعلان لبنان "جمهورية إسلامية".

والحق يُقال إنه لولا نظام الانتخابات المتبع في لبنان لكانت نتائج الانتخابات هذه قد شكلت ثورة حقيقية من خلال صناديق الاقتراع؛ إذ إن قانون الانتخاب في لبنان ينص على تقسيم المقاعد بين المسيحيين والمسلمين بالمناصفة؛ لذلك لم تحدث حتى الآن تغيرات كبيرة في ظل بقاء نظام المحاصصة على حاله، إلا إذا ما كان الشركاء المسيحيون لميشيل عون قد حققوا مكاسب أكبر كانت ستكفي لتشكيلهم أغلبية مع حزب الله. لكن هذا أولا: لم يحدث، وثانيا: حتى لو كان قد حدث فإنه لم يكن من شأنه أن يقود إلى جمهورية إسلامية في لبنان؛ فجماعة عون تتعاون مع حزب الله من أجل مصالحها السياسية، وليس من بين هذه المصالح الحلم بأن يتحول لبنان إلى إيران ثانية.

التوجه الديني المتشدد لا يتناسب مع تركيبة لبنان

سعد الحريري
"ليس من السهل أن يقبل الفائزون بالانتخابات بائتلاف جديد، وفي الوقت ذاته فإن من خسر الانتخابات لن يرضى بالتنازل عن نفوذه المباشر على العملية السياسية"

​​ وعلى الرغم من أنه لم يكن هناك قط خطر حقيقي من تحول لبنان إلى إيران أخرى، إلا أنه من شأن الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل أن تشعر بالارتياح من نتائج هذه الانتخابات، ذلك أن استمرار تقوية موقف حزب الله كان من الممكن أن يعقد الجهود المبذولة من أجل تسوية المشكلات القائمة في المنطقة وأن يقوض مشروع العودة إلى مناخ سياسي مستقر في لبنان.

إن أي توجه ديتي متطرف لا يناسب لبنان مطلقا، بصرف النظر عن الدين الذي سيتم التعصب له، فلبنان أشبه بلوحة فسيفساء متعددة الألوان تتألف من جماعات عرقية ودينية مختلفة، وبقاؤه كدولة يتوقف على عدم خلط الأمور في هذه البنية بشدة. فالحرب الأهلية الطويلة وسنوات المواجهة مع إسرائيل والتدخل السوري، كل هذه الأمور تركت أثارها؛ إلا أنها في الوقت نفسه قوت رغبة لبنان في أن يصبح فعلا حرا ومستقلا.

خطر حدوث توتر سياسي داخلي

احدى الناخبات اللبنانيات
"لبنان أشبه بلوحة فسيفساء متعددة الألوان تتألف من جماعات عرقية ودينية مختلفة"

​​ ومع هذا فهناك تهديدات بوقوع اضطرابات جديدة؛ إذ إنه بعد عام من النزاع السياسي الداخلي بين حكومة فؤاد السنيورة وحزب الله؛ جاء اتفاق حذر على حكومة وحدة وطنية، ولم تكن هذه الحكومة محبوبة من أغلب اللبنانيين لأن البعض كان يريد سلطة غير منقوصة والبعض الآخر كان يطالب بقسم أكبر منها.

وفي حالة تحتم خضوع هذا الائتلاف مجددا للاختبار، فلن يكون من السهل أن يقبل الفائزون بالانتخابات بائتلاف جديد، وفي الوقت ذاته فإن من خسر الانتخابات لن يرضى بالتنازل عن نفوذه المباشر على العملية السياسية. وإذا لم يحدث اتفاق بين الطرفين فإن هناك خطورة حدوث توتر سياسي داخلي من جديد، وأما إذا ما استمر الائتلاف السابق كما كان عليه، فهذا سيعني إلغاء معنى هذه الانتخابات.

بيتر فليب
ترجمة:صلاح شرارة
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009

بيتر فيليب، محلل سياسي وخبير في شؤون الشرق الأوسط وعمل لعدد كبير من وسائل الإعلام الألمانية.

قنطرة

الانتخابات البرلمانية في لبنان 2009:
بلاد الأرز بين معركة المال السياسي وعضلات القوى الإقليمية
نحو ثلاثة ملايين مواطن لبناني مدعوون للمشاركة في الانتخابات النيابية في السابع من شهر حزيران/يونيو الجاري. ويتمتَّع التحالف المكوَّن من حزب الله وحركة أمل الشيعية وحزب التيَّار الوطني الحرّ بفرص غير سيِّئة في الفوز في هذه الانتخابات. ولكن يبدو أنَّه لن يحدث سوى القليل من التغييرات في الحياة السياسية. برغيت كاسبر من بيروت تلقي الضوء على الأجواء المحيطة بهذه الانتخابات.

البدائل اللبنانية:
لعبة في أيادي الخارج
يبقى غالبية اللبنانيين على أمل بأن يروا بلدهم ناعماً بالسلام، بعيداً عن الانعزال والعسكرة. ولكن الواقع يقول: إن المصالح العربية والغربية سيكون لها اليد الكبرى في تشكيل لبنان المستقبل. تحليل بقلم مايكل يونغ.

تاريخ لبنان الحديث
"تاريخ لكل اللبنانيين"
اشتُهر لبنان بـ"سويسرا الشرق الأوسط"، لكنه ظل ساحةً دائمة للحروب بالنيابة. غير أن قلائل – حتى من بين اللبنانين أنفسهم – من يعرف حقيقة هذا البلد الغني بالتراث والحضارة. الباحث فواز طرابلسي يعيد كتابة تاريخ لبنان المعاصر بشكل يتجاوز حدود الطائفية. منى سركيس حاورت طرابلسي خلال عرضه لكتابه الجديد.