"آن الأوان لنسيان هذه الحرب"

على الرغم من أن الحرب في منطقة ناغورني كاراباخ التي تسكنها أغلبية أرمنية قد ولت الأدبار منذ فترة طويلة فإن النزاع في هذا الشأن ما زال عرضة للاشتعال مجددا. فالأرمن والأذربيجانيون على استعداد لشن الحرب من جديد بمجرد أن تلوح بوادرها. تقرير كتبه اندرياس برينر

.

رجل أمام جدار رسم عليه علم جمهورية ناغوني كاراباخ، الصورة: اب
رجل أمام جدار رسم عليه علم جمهورية ناغوني كاراباخ

​​على بعد كيلومترات قليلة شمالي منطقة ناغورني كاراباخ تمتد أنابيب ذات أهمية استراتيجية بسبب موقعها الجيوسياسي. فهذه الأنابيب تنقل نفط بحر قزوين من أذربيجان إلى دول الغرب مرورا بجيورجيا وتركيا.

هذا النزاع الذي ما زال عالقا والواقع في منطقة قريبة من أنابيب النفط التي قامت الولايات المتحدة وبريطانيا ببنائها يشكل عائقا للأمن والاستقرار ليس فقط بالنسبة لجنوب القوقاز.

يبلغ حجم ميزانية وزارة الدفاع في أذربيجان مليار دولار. أما أرمينيا و ناغورني كاراباخ معا فإنهما لا يملكان في حوزتهما مثل هذا المبلغ.

يبلغ عدد الأفراد المسلحين في هذه المنطقة 20000 فرد. وهو رقم ضخم لو أخذنا في الاعتبار بأن عدد سكان ناغورني كاراباخ بكاملهم لا يتعدى 150000 نسمة. هذا وإن كان جميع الرجال في هذه المنطقة في حقيقة الأمر جنود أو ضباط احتياط يتوجب عليهم أداء الخدمة العسكرية مرات عديدة في العام.

الأرمن والأذربيجانيون على استعداد لشن الحرب من جديد بمجرد أن تلوح بوادرها. لهذا السبب تعين علينا أن نأخذ على محمل الجد الشعارات العسكرية التي يتم ترديدها سواء في باكو أو ستيباناكيرت أو اريفان. على الرغم من ذلك فإن الأمل معقود في إحلال السلام، حيث ما زال طرفا النزاع يلتزمان باتفاقية وقف إطلاق النار منذ 13 عاما وذلك دون وجود قوات للأمم المتحدة هناك.

كانت هذه المنطقة قد احتلت في عام 2006 اهتمام الرأي العام العالمي مجددا ولو لبرهة قصيرة. ففي العاشر من شهر ديسمبر/كانون الأول تم الاستفتاء على دستور هذه الجمهورية التي أعلنت تأسيسها بمعزل عن المجتمع الدولي. وقد أدى التصويت إلى توجيه نقد لاذع من قبل المنظمات الأوروبية المعنية الأمر الذي خلق بدوره خيبة أمل لدى قيادة ناغورني كاراباخ.

اعتبرت جمهورية أذربيجان التصويت على الدستور في منطقة ناغورني كاراباخ مساسا بالقانون الدولي. أما زعماء هذه المنطقة فقد اعتبروا بلسان نائب وزير الخارجية ماسيس ميليان شجب المنظمات الدولية للاستفتاء أمرا يفتقر إلى العدالة.

دعم أواصل الديموقراطية الجديدة

الصورة: Wikipedia.orgخريطة ناغورني كارابخ،
خريطة ناغورني كارابخ الواقعة بين أرمينيا وأذربيجان

​​في هذا السياق هناك اتفاق بين الحكومة والمعارضة التي يتزعمها في البرلمان غيغام بغداسريان. فزعيم المعارضة هذا يقول: "لست أدري ما الذي يريده الرأي العام العالمي منا. هل المطلوب بقاء ناغورني كاراباخ بمثابة ثكنة عسكرية إلى الأبد؟ كما أنني لا أدري لماذا يفسر مسعى أحد طرفي النزاع لتكريس الديموقراطية لديه على أنه ينعكس سلبيا على مفاوضات السلام".

تعمل لجنة مسماة "مبادرة هلسنكي 92" على تكريس الديموقراطية وحقوق الإنسان في ناغورني كاراباخ. ويبادر ذهن رئيس هذه اللجنة، كارين أوغندشانيان تصور حول كيفية تسوية النزاع الكامن في ناغورني كاراباخ.

إنه يرى بأن على المجموعة الدولية أن تعترف باستقلال ناغورني كاراباخ لمدة خمسة أعوام على أن تخلق في غضون تلك الفترة الشروط اللازمة لعودة اللاجئين الأذربيجانيين إلى المنطقة وتشكيل حكومة مشتركة فيها.

يطالب أوغندشانيان من ناحية أخرى بتنصيب ممثل عن الأغلبية الأرمنية رئيسا للمنطقة وتنصيب ممثل عن الأقلية الأذربيجانية رئيسا للوزراء لمدة عام واحد على أن يتبادل كل منهما منصب الآخر بعد ذلك بعام.

بناء على رأي هذا الناشط في قضايا حقوق الإنسان فإن الاتحاد الأوروبي مطالب في غضون الأعوام الخمسة المذكورة بالقيام في دعم الديموقراطية الجديدة هناك لا سيما في المجال المالي ويضيف بأنه يتعين إعادة ضم ناغورني كاراباخ إلى أذربيجان في حالة تورط الطرف الأرمني في أعمال عنف جديدة.

يستطرد أوغندشانيان مقترحا بقاء ناغورني كاراباخ دولة مستقلة في حالة تكريس التعايش السلمي فيها بين الأرمن والأذربيجانيين .

الجدير بالذكر أن مثل هذه الأفكار لا تجد دعما لها لا في ستيباناكيرت أو اريفان أو باكو. كما أن الزيارات التي قام بها كارين أوغندشانيان إلى أذربيجان قبل بضعة أعوام بمساعدة منظمات العون الدولية أفرزت في هذه الأثناء مشاعر الشك والظن لدى الأرمن والأذربيجانيين على حد سواء.

اندرياس برينر
ترجمة عارف حجاج
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2007

قنطرة

سحر الأرقام
تؤدي مليارات الدولارات المستحصلة من بيع النفط في أذربيجان إلى تقوية دعائم السلطة الاستبدادية التي يملكها رئيس الدولة إلهام علييف، حيث تدخل العوائد في جيوب الأقارب والمنتفعين، كما أنها تشكّل في الوقت ذاته خطرا على اتفاقية وقف إطلاق النار المبرمة مع أرمينيا

ما دور الدين في هذا النزاع؟
الأحداث في بيسلان (شمال أوسيتسيا، الاتحاد الروسي) والحرب المستمرة في الشيشان تجعل منطقة القوقاز في محور الاهتمام. ولكن ما يبدو كما لو كان نزاعا دينيا لا يعود في حقيقة الأمر لأسباب دينية بل إقليمية