هل يستمر التمييز ضد الأقباط بعد نجاح الثورة المصرية؟

بعد نجاح الثورة في مصر بدأت مرحلة تعرض المسيحيين الأقباط مع كنائسهم إلى سلسلة من الهجمات والاعتداءات والتمييز بحقهم في الأسابيع الأخيرة. وفيما يعيد الجيش بناء كنيسة لهم أُحرقت اتهمه البعض بغض النظر عن أعمال السلفيين. ماغدالينا زورباوم تتبعت هذه المسألة.

الكاتبة ، الكاتب: Magdalena Suerbaum



كسا الصدأ الصليب المعلق على حائط المبنى المحترق، وهو الإشارة الوحيدة إلى أن المكان كنيسة. ويعمل بناؤون ودهانون وجنود بحميّة في المبنى المكون من ثلاثة طوابق وكان يتضمن قاعتين للصلاة ومدرسة ليوم الأحد. وكانت مجموعة من الرعاع أحرقت الكنيسة في قرية سول بالقرب من الإسكندرية قبل أسابيع قليلة. وقال يوسف سيدهم رئيس تحرير الجريدة القبطية الوحيدة في البلاد إن الأقباط "ذهبوا دائما ضحية التمييز والهجمات عليهم". وأضاف: "لم نكن نتوقع بأن هذا سيستمر بعد الثورة أيضا".


ويعود سبب حرق الكنيسة على حدّ كلام محمود إلى علاقة قامت بين مسلمة ومسيحي لجأ إلى اغتصابها وفر بفعلته هذه. وأضاف محمود، الذي جلس على درج غير بعيد من موقع الكنيسة مع أصدقاء له، بأن من أحرق الكنيسة أحرقها حنقا وغضبا من هروب الشاب المغتصِب مشيرا إلى أن شقيق الفتاة وابن عمها قتلاها على الأثر. ودافع عن ذلك قائلا: "هذه هي تقاليدنا" لافتا إلى أن قيام علاقة خارج إطار الزواج بين مسيحي ومسلمة هو أسوأ ما يمكن أن يحدث.

الجيش يعيد بناء الكنيسة

الصورة دويتشه فيله
من عملية إعادة إعمار الكنيسة القبطية

​​بعد الحادث وتداعياته بثلاثة أيام أمرت قيادة الجيش بإعادة بناء الكنيسة وأرسلت جنودا لحراستها فيما عمل آخرون على مساعدة سكان القرية في صيانة الجدران وطلائها. وبدوره قال الملازم أول أحمد أن الجميع يعملون يوميا حتى منتصف الليل لإعادة بناء الكنيسة ملاحظا أن هذه هي المساعدة الأولى من نوعها التي يقدمها الجيش ويتحمل كامل الكلفة. كما يسعى الجيش إلى إعادة الأقباط الذين طردوا من القرية ويبلغ عددهم سبعة آلاف من أصل 50 ألفا.


وأعلن الجيش عن استعداده للمساعدة بعد الاحتجاجات التي وقعت في القاهرة أمام مبنى التلفزيون حيث تجمع حوالي ألف قبطي للمطالبة بإعادة بناء الكنيسة، كما طالبوا بوقف بث الكراهية بين المسلمين والأقباط. وفي رأي مجدي سيف ازدادت العنصرية بين المصريين بعد الثورة. ويملك الارثوذكسي القبطي شركة لإعادة تدوير البلاستيك في منشية ناصر، وهو الحي المعروف بجامعي النفايات المدوّرة الذي يعيش ويعمل فيه أقباط بدرجة أولى.

 

حجارة وقطع شوارع

البابا شنودة وشيخ الأزهر
أعمال الحرق التي طالت دور العبادة المسيحية ألقت بظلال سلبية على العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في مصر

​​


واحتجاجا على التمييز الديني قام أقباط منشية ناصر مطلع آذار/ مارس الماضي بقطع أحد أهم شوارع القاهرة في المساء، ما أدى إلى نشوب ما يشبه حرب الشوارع بين الجانبين استخدمت فيها الزجاجات والحجارة وكل ما طالته الأيدي قبل أن يتدخل الجيش ويحسم الوضع. وكانت حصيلة تلك الليلة ثلاثة عشر قتيلا وعشرات الجرحى وتدمير بيوت وحرق سيارات.


ونظرا إلى هذا العنف يفكر العديد من الأقباط بأسى بالثورة في ساحة التحرير. وقال سيف إنه كان لجميع المصريين هدف واحد وهو تنحي مبارك. واتهم المحامي ممدوح نخلة، مدير مركز "الكلمة" المدافع عن حقوق الإنسان، السلفيين بالاعتداء على الأقباط، كما اتهم الجيش بغض النظر عنهم وعدم منعهم. وأضاف أن فترة الثورة كانت أفضل أيام الأقباط متهما الإسلاميين المتشددين بالعمل على تحقيق هدفهم الثاني بعد إسقاط مبارك وهو ملاحقة الأقباط. وحمّل الصحافي سيدهم بدوره الجيش مسؤولية "الوضع السيئ" الذي يتواجد فيه الأقباط حاليا قائلا إنه يعلق آماله الآن على "روح التحرير" ومشاعر التضامن الوطني الذي صهر جميع المصريين خلال الثورة.



ماغدالينا زورباوم
ترجمة: اسكندر الديك
مراجعة: أحمد حسو
حققو النشر: دويتشه فيله 2011