هل الغرب ماكدونالدز، الحرب على العراق أم الحرية؟

معرض في برلين يقدم صورا وشهادات لشباب عرب من جنسيات مختلفة مقيمين في دبي، يتحدثون عن صورتهم عن الغرب، عن حياتهم وعن أحلامهم. لينارت ليمان تحدث مع يوليا غرلاخ

يوليا غرلاخ، الصورة: الأرشيف الخاص
"في البدء طلبنا ممن صوّرناهم، أن يقدموا أنفسهم ويروا لنا، كيف يعيشون وبماذا يحلمون في المستقبل."

​​

لقد طرحتي سؤالاً على أشخاص يعيشون في دبي، وهو "ما رأيك في الغرب؟". فما الذي يعنيه "الغرب" في هذا السياق؟

يوليا غرلاخ: طُرح علينا هذا السؤال من قبل معظم الذين أجرينا معهم الحوارات أيضا: ما الذي تعنوه بالغرب؟ ونحن تعمدنا أن نطرح السؤال بشكل يقبل التأويلات. و"الغرب" مفهوم يثير خواطر وأفكارًا لدى كل شخص.

فهو بالنسبة للبعض نظام سياسي، أما الآخرون فيفكرون بادئ ذي بدء في الحرب على العراق وهناك آخرون يفكرون في مأكولات المكدونالدز. لقد تركنا الخيار في فهم الغرب لمن سألناهم، لهم أن يتصوّروه مثلما يريدوه سياسيًا أو ثقافيًا أو جغرافيًا.

قال أحد الذين أجرينا معهم حوارات على سبيل المثال: "إذا انطلقنا من هنا، بحيث أننا في العالم العربي في الوسط، فإنني أعني بالغرب كل ما يقع إلى الشمال الغربي من هذه النقطة". إذ أن شكل خارطة العالم مختلف كل الاختلاف إن نظر إليه من دبي.

في البدء طلبنا ممن صوّرناهم، أن يقدموا أنفسهم ويروا لنا، كيف يعيشون وبماذا يحلمون في المستقبل. طبعًا كنا نريد أن نعرف، ما الذي أتى بهم إلى دبي وكيف هي حياتهم هنا؟

ثم انتقلنا مباشرة إلى السؤال: ما رأيك في الغرب؟ البعض فكروا قبل أن يجيبوا بالجواب، ولدى الآخرين ورد الجواب في سياق الحديث - أيضًا نتيجة استفسارات، مثل: ماذا تقصدون بذلك؟

وعلاوة على ذلك كان لدينا قائمة شملت أسئلة أخرى مجهزة، طرحناها على الكل. منها على سبيل المثال: "في الغرب يعتقد الكثير من الناس، أن العرب يكرهون الغرب. فما الذي ستقوله لهؤلاء الناس؟" وطلبنا من الجميع، أن يتحدثوا بالإنكليزية أثناء الحوارات.

وهذا لم يشكّل أي مشكلة للبعض. فهم يتحدثون كثيرًا بالإنكيزية مع أصدقائهم أيضًا. أما بالنسبة للآخرين فقد كان ذلك تحدٍ حقيقي. طبعًا لو تحدثوا بالعربية لكانوا سيتكلمون بطلاقة أكثر وكذلك بصراحة أكثر.

بيد أننا نعتقد، أنه من الضروري لعرض هذه الشهادات في ألمانيا، أن يتمكن الزوار من الاستماع للشباب بالصوت الأصلي. لقد أجاب البعض في البدء باللغة العربية ومن ثم ترجموا أجوبتهم إلى الإنكليزية.

لماذا اخترت هؤلاء الأشخاص بالذات؟ فهل تعتقدين أنهم نموذجيون؟

غرلاخ: قمنا باختيار دبي لأن هذه المدينة - حالها كحال نيويورك - تجتذب الشباب من كل المنطقة. فهم يطمحون هنا بالعمل والسعادة والثروة. وعلى هذا النحو كان الذين أجرينا معهم حوارات قادمين من مختلف البلدان.

يوجد من بينهم شخص عراقي، والعديد من المصريين، وسوري وكذلك كثيرون من دول الخليج. وهم طبعًا يمثلون مجموعة مميزة، فهم جميعهم يريدون تحقيق شيء في حياتهم، لهذا السبب جاءوا إلى دبي.

وبذلك يختلفون في نظرتهم إلى الحياة وبالطبع في آرائهم عن أبناء جيلهم في غزة أو صعيد مصر أو في أي مكان آخر. زد على ذلك أن الشباب في دبي لا يعرفون الغرب فقط من خلال التلفاز، أو لنقل إنهم يعرفون جزءً من الغرب:

السلع ذات الماركات المسجّلة والخبراء الأجانب وأنظمة التعليم الغربية. هم يعرفون إذن، عن ماذا يتحدثون، إذا كان الأمر متعلقًا بـ"الغرب". لقد سعينا في اختيار الأشخاص الذين حاورناهم، إلى تغطية شريحة كبيرة بقدر الإمكان؛ صغار والأكبر سنا، نساء ورجال، أغنياء وفقراء والكثير من الجنسيات المختلفة بقدر المستطاع.

وهؤلاء بالطبع لا يمثلون الجميع. نحن نعرض قطاعًا، ندع بعض الناس يروون قصصهم، بحيث من الممكن أن يتعرف عليهم الألمان قليلا.

ماذا تريدين أنت وزميلتك أن تقدما لزوار المعرض في برلين؟

غرلاخ: قمنا بإنشاء أعمال تركيبية، تتكون من صورة وسمّاعة رأس ونص قصير. وقد استخدمنا في التصوير كاميرا خاصة، تجبر المشاهد على أن يمعن النظر قليلاً، لكي يميّز الشخص المصوَر، فالصورة غير واضحة قليلا.

ومن خلال السمّاعة يستمع المشاهد إلى صوت الشخص المصوّر أمامه، ويتعرف أثناء ذلك على رأي هذا الشخص في الغرب، أي فيه هو أيضًا. فهكذا يتكوّن لقاء خيالي.

وهذا هو الذي أردنا الوصول إليه. فالأمر يتعلق بأن يصغي زائر المعرض لشخص ما، وأن يتعرف عليه قليلاً. قالت إحدى الشابات ممن أجرينا معهم حوارات، إنه "من الصعب أن يكره المرء شخصًا ما إذا التقى به". وهكذا نأمل - باعتبارنا مثاليات -، أن نساهم قليلاً في تحسين الأجواء ما بين الشرق والغرب.

ما رأيك في معرض معاكس: يُطرح فيه سؤال على شباب يافعي السن من مدينة فرانكفورت أو برلين: "ما رأيك في الشرق الأدنى"؟ لا سيما وأن هذه المفردة "الشرق" لها مدلول آخر في ألمانيا.

غرلاخ: لقد فكرنا في ذلك، بعدما قال الذين حاورناهم المرة تلو الأخرى، إنهم يودون أن يعرفوا، كيف نراهم نحن في الغرب وكذلك قال مؤولون في المتاحف في الإمارات، إنهم يرغبون في عرض معرضنا لديهم - بما فيه ردود فعل زواره في ألمانيا.

بيد أننا لا نستطيع القيام بمثل هذا المشروع مع شباب في ألمانيا: إذ تبين أثناء الحوارات في دبي، أنه بكوننا قادمين من الغرب، حسمت أجواء الحوارات وطريقة صياغة الأشخاص هناك لآرائهم. ربما كانوا سيعبرّون عن آرائهم بشكل آخر، لو كنا عربيات. ينبغي على فنان من العالم العربي أن يطرح السؤال: "ما رأيك في العرب؟"

لهذا السبب قررنا أن نوثّق ردود الفعل على معرضنا توثيقًا موضوعيا بشكل أفلام وتعليقات في كراريس. ومن ثم ستكون هذه العناصر جزءً من المعرض عندما يخطو خطوة العودة إلى منطقة الخليج.

كما يريد معهد غوته دعمنا في ذلك. ويوجد عدد كبير من الفنانين العرب، يعنون بنفس الموضوع - حتى وإن اختلف أسلوبهم - ونأمل في أن نستطيع إقامة معرض مشترك معهم.

أجرى الحوار لينّارت ليمانّ
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2005 ©

يقوم مركز الشرق الحديث بالتعاون مع وزارة الخارجية الألمانية الاتحادية بعرض المعرض الفوتوتغرافي السمعي البصري "ما رأيك في الغرب؟" حوارات مع شباب من العالم العربي.

www

مركز الشرق الحديث