الإسلام والعنف: لك الله يا رسول الله

د. حسين ابو سعود، لندن/بريطانيا
12 نوفمبر/تشرين الأول 2005

ان كثرة الآفات والكوارث أصبحت ظاهرة ملحوظة هذه الأيام، منها ما كانت من فعل الخالق ومنها ما كانت من فعل البشر، وهي لا تكاد تنتهي في مكان حتى تبدأ في مكان آخر، دون أن تعطي فرصة للتخلص من آثار الأولى قبل بدء الثانية.

والكارثة التي حلت على العراق قبل سنين مازالت تحصد الأرواح بصورة شبه يومية ولكن بريقها خفّ أمام ما حل بولاية نيو اورليانز الامريكية، وقبل أن ينهي الشامتون كلامهم بان ما يجري هناك هو نتيجة الابتعاد عن الدين، هز زلزال باكستان (القريبة من الدين) مسامع العالم.

ووسط انشغال الأسرة الدولية بأسرها في مساعدة باكستان لمواجهة الأضرار الفادحة جاءت أنفلونزا الطيور لترعب العالم مرة أخرى، حتى قيل بان الدول الصناعية الكبرى خصصت أكثر من 500بليون دولار لمواجهة هذا المد القاتل.

وقبل أن يعد العالم العدة للتعامل مع هذا المرض، تسربت الى وسائل الإعلام خبر حرق السيارات الناتجة عن أعمال الشغب في فرنسا (الجميلة)، والذي استوقفني في الخبر الأخير هو محاولة ربط الحدث بالاسلام والمسلمين مرة أخرى وإلصاق التهمة بهذا الدين، وتقديمه للعالم كدين يدعو الى القتل الجماعي تحت مظلة الجهاد.

وهنا ناديت حيث لا يسمعني احد : لك الله يارسول الله ، فانك لا تدري ماذا فعلت الأمة بعدك، وماذا فعل المسلمون بالوديعة التي تركتها، لقد تسننوا بعدك وتشيعوا وتأبضوا وتشفعوا وتحنبلوا فصاروا بعد أن كانوا مسلمين، أشاعرة وظاهرية وزيدية وعلوية وحنفية ومالكية يريدون ايذاءك ميتا بعد أن آذوك حيا.

وبالأمس فعلوا ما فعلوا في لندن باسمك وطلبا لرضاك، إنهم يريدون أن يؤذوك يا رسول الله ليل نهار بتصرفاتهم وأنت منهم براء لأنك رحمة للعالمين وهؤلاء نقمة للعالمين وعبدة الشيطان الرجيم.

نعم ياسيدي، لقد ارتد هؤلاء بعدك وقسموا هذا الدين الحنيف الى ثلاث وسبعين فرقة وكل فرقة انشطرت الى أكثر من فرقة، وما كفتهم نشر الخمور والرذائل والسفور والربا في المجتمعات الاسلامية فهاجر البعض منهم إلى دول الغرب ليشوهوا سمعتك هناك بشتى الطرق بدلا من أن يدعوا إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة.

وان هذه الزمرة الخارجة الذين أسميتهم بــ ( كلاب النار) والذين أخبرتَ عنهم بأنهم يقرؤون القرآن ولا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية مازالوا على حالهم بعد مرور 14 قرنا، فلا نفعت فيهم المدنية ولا أثرت فيهم الحضارة ولا طورهم التطور.

فهذا تفكيرهم الضحل وأفعالهم الممرغة بالوحل تنبئ عن سرائرهم بالرغم من ظاهر تدينهم وحفظهم للقرآن وقيامهم الليل، فهم يكفّرون ببساطة ويقتلون ببساطة، وقد أزهقوا بالأمس القريب أرواح العشرات في عدد من فنادق العاصمة الأردنية عمان، وقد يجعل هذا الحدث المسؤولين هناك يعيدون النظر في حساباتهم وفي طريقة تعاملهم مع الإرهاب الحاصل في الدول المجاورة.

نعم انها الحقيقة فهؤلاء الخوارج لا همّ لهم سوى القتل، أينما كان القتل واغلب ضحاياهم من العزل الأبرياء وهذا يعكس مدى جبنهم وخواءهم الفكري، ولا ادري إلى أين ستأخذهم غزواتهم الفاشلة، والى أين سيأخذون الاسلام والمسلمين بظلمهم هذا، انهم يؤذون الله ويؤذون الرسول ويؤذون الاسلام وسائر الأديان، انهم يؤذون الرحمة والجمال والانسانية.
لا وألف لا فهذا ليس هو الاسلام وهل الاسلام إلا السلام؟

وتظل لي كلمة عتاب لحكومات الدول الاسلامية وعلمائها ومفكريها للنومة الطويلة التي غرقوا فيها وعدم تفاعلهم كما ينبغي مع الإحداث المتسارعة.

فالعالم الاسلامي بايرانه وسعوديته ومصره ليس على مستوى الحدث وفضائياتها التي تخصص الساعات الطوال للرقص والغناء والترهات لا تخصص الوقت الكافي لشرح الاسلام الصحيح للعالم، خاصة وان كل ما يحدث في العالم مما يٌُنسب زورا وبهتانا إلى الاسلام هو بسبب انعدام الخطاب الاسلامي الواحد في مواجهة الأحداث.

فكلٌ صار يفتي حسب فهمه وذوقه في العبادات والمعاملات حتى صار البعض يرجع في أمر خطير كالجهاد إلى من هو مثل الزرقاوي وغيره.

ويتوجب على الدول الاسلامية وعلى رأسها إيران والسعودية طباعة نشرات وكتيبات بمختلف لغات العالم لشرح الاسلام الصحيح والتعريف بالخوارج الذين كانوا عالة على الاسلام ومازالوا يعملون على الإساءة إليه بمختلف السبل، وإبراز حقيقة أن الاسلام برئ منهم ومن أفعالهم.

ونحن في الغرب نحتاج إلى ثقافة جديدة وفقه جديد وطريقة جديدة لتنظيم حياتنا، وان كانت هناك بعض المساوئ لبقائنا في الغرب إلا انه يتوجب علينا أن نرضى بالقليل وهو ليس بقليل مقارنة مع ما نحصل عليه في بلادنا الأصلية. وأعيد ما قلته وأقول : أي والله لك الله يارسول الله.

قنطرة

حوار مع خالد أبو الفضل: العمليات الانتحارية ليست جهادا
هل يمكننا اعتبار العمليات الانتحارية وسيلة حرب مشروعة لمواجهة الهيمنة الغربية؟ خالد أبو الفضل، أستاذ القانون الإسلامي في جامعة كاليفورنيا، يرى أن العمليات الانتحارية مخالفة لمفهوم الجهاد ويجب مقاومة الهيمنة الغربية بالعلم والتكنولوجيا.