فرصة لتركيا وفرصة لأوروبا

حصل المستشار الاتحادي غيرهارد شرودر على تعاطف الرأي العام التركي خلال زيارته إلى تركيا بسبب دعمه الواضح لانضمام البلد الإسلامي إلى الاتحاد الأوروبي، تعليق بهاء غونغور

.

مقارنة مع غريمته السياسية آنغيلا مركل التي أثارت في أنقرة قبل أسبوع غضب رئيس الحكومة التركية إردوغان والرأي العام التركي باقتراحها إقامة علاقات مميزة مع الاتحاد الأوروبي كبديل عن الانتساب إليه واجه شرودر في زيارته لأنقرة لعبة سهلة عندما قال لنظيره التركي إن ألمانيا تدعم رغبة تركيا بأن تصبح عضوا كاملا في الاتحاد. وأكد إردوغان من جانبه أن بلده عازم على تنفيذ الإصلاحات ومعايير كوبنهاغن. وهكذا حصد الاشتراكي الديموقراطي شرودر في نهاية هذه اللعبة بوضوح تعاطف الرأي العام التركي. وكذلك وزير خارجيته يوشكا فيشر الذي أثنى مؤخراً على تركيا.

وأكد شرودر أمام حكومة أنقرة وأمام رجال الأعمال الألمان والأتراك في اسطنبول أن لا رجعة عن الوعد المقدم لتركيا قبل 40 سنة. بل إن الحكومة الألمانية سارت خطوة أبعد قائلة إن قيام أنقرة بتسهيل حل أزمة قبرص يفترض أن ينعكس إيجابا عليها علما أن الخلاف التاريخي التركي ـ اليوناني حول جزيرة قبرص التي ستدخل الاتحاد الأوروبي بصورة موحدة على الأرجح في الأول من أيار/ مايو المقبل لا علاقة له بمعايير كوبنهاغن.

وسيكون على المفوضية الأوروبية أن تبحث في ما إذا كانت تركيا حققت ما هو منتظر منها في مسائل الديموقراطية وحقوق الإنسان والتطور الاقتصادي قبل إعطاء ضوء أخضر في نهاية العام الجاري لبدء مفاوضات الانتساب. ويشير إردوغان إلى العوامل النفسية الإيجابية التي سترفع صدقية إيران وتشجع الاستثمارات الأجنبية من جديد، ماسيرفع حمية الإصلاحات.

ولم يركز الطرفان على مدى مساهمة بلد إسلامي في ظل نظام سياسي ديموقراطي متعدد في إرساء الاستقرار في المنطقة فحسب، بل وعلى أن مثل هكذا نسيج سياسي من الصنف التركي سيكون نموذجا للعالم الإسلامي الذي ينتظر ما إذا كانت التجربة التركية ستنجح.

ومع ذلك لا بد من الحذر، إذ ماذا سيحدث إن جاء تقرير المفوضية الأوروبية سلبيا؟ في أوروبا ينتظر معادو انضمام تركيا، وكذلك الصقور القوميون والدينيون في تركيا، الفرص السانحة لتوجيه ضربتهم. عندها يتحول هدف انتساب تركيا إلى خيال وتبدو الإصلاحات التي بدأت مجرد مهزلة وتنخفض حظوظ بقاء حكومة إردوغان رغم العديد من الإيجابيات التي حققتها. وتأثير أوروبا على التطورات في تركيا سينخفض إلى درجة كبيرة.

إن تركيا تستأهل الحصول على فرصة تسمح لها بالتطور بمساعدة أوروبا وألمانيا في الدرجة الأولى لتتمكّن من الانتساب إلى الاتحاد الأوروبي. وعلى أوروبا استغلال الفرصة لتثبت أن الأديان والثقافات على اختلافها قادرة على المساهمة في تعزيز السلام الدولي بصورة مشتركة. ولا يوجد بلد آخر مثل تركيا قادر على إثبات ذلك لأوروبا.

بقلم بهاء غونغور، محرر في القسم التركي بإذاعة دويتشه فيلله
ترجمة اسكندر الديك