منع ازدواج الجنسية...رفض لجذور المهاجرين وهويتهم الأصلية

ينتقد الصحفي الألماني هريبرت برانتل معارضة السياسيين المحافظين الألمان لازدواجية جنسية المهاجرين في ألمانيا. ويرى في تخيير المهاجرين القانوني الإجباري، الحاصل حاليا، بين الجنسية الألمانية أو غير الألمانية رفضا لتاريخ المهاجرين وتقاليدههم وجذورهم وهويتهم الأصلية. ويشدد في تعليقه التالي على أن معيار الحصول على حق المواطنة في ألمانيا يجب أن يكون مبنيا على الانتماء إلى الديمقراطية وسيادة القانون والقيم الدستورية الأساسية، دون إلزام المهاجرين بالتخلي عن جنسيتهم الأصلية في حال اختاروا الجنسية الألمانية.

الكاتبة ، الكاتب: Heribert Prantl

"لا أحد يستطيع أن يعبد سيدين". هذه العبارة مذكورة في الإنجيل ويستخدمها معارضو ازدواج الجنسية في حزبَي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي (المحافظَيْن). لكنها ليست حجة جيدة. فالمواطن في دولة ديمقراطية ليس عبداً، كما من المعروف أنه ليس من الصعب أن يكون للموظف وظيفتان ورئيسان في الوقت ذاته.

 إن للعبارة التي يقتبسونها معنى آخر، فالمرء لا يمكنه أن يعبد الرب والمال أو الثروة في نفس الوقت. هذه العبارة مرتبطة بعظة حول البخل. معرفة ذلك تزيد من الحيرة تجاه مواقف المحافظين في الاتحاد المسيحي، الذين يتعاملون بكل بخل مع موضوع ازدواج الجنسية في محادثات تشكيل حكومة ائتلافية ويتصرفون وكأن هذا الموضوع شرّ عظيم.

 إن معارضة موضوع ازدواج الجنسية ما هي إلا آخر مواجهة في المعركة القائمة منذ عقود تحت شعار "ألمانيا ليست دولة هجرة". إنها معركة ضد حقيقة واضحة، لأن الحياة اليومية في ألمانيا تبيّن بوضوح أننا نعيش في مجتمع يزخر بالمهاجرين. لذلك، فإن الاعتراف بازدواج الجنسية هو اعتراف بهذه الحقيقة أيضاً.

 نظام الاختيار الإجباري المبهم منذ 1999

 ازدواج الجنسية لا يرغم المواطن الذي يعيش في مجتمعين وثقافتين على اقتلاع نفسه من أحدهما، ويقبله كما هو – بتاريخه وتقاليده وجذوره وهويته. وينبغي على من يحصل على حق المواطنة حديثاً الاختيار، بالتأكيد، ولكن ليس بين أن يشعر بانتماء أكثر إلى تركيا، مثلاً، أو إلى ألمانيا، بل بالانتماء إلى الديمقراطية وسيادة القانون والقيم الأساسية للدستور. وفي هذا الصدد، يمكن لازدواج الجنسية أن يكون عاملاً مساعداً.

مفاوضات بين الأحزاب الألمانية على تشكيل حكومة ائتلافية. Foto:Reuters
يتفاوض المحافظون من حزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي من أجل تشكيل حكومة ائتلافية. بين الطرفين اختلافات كبيرة حول موضوع ازدواج الجنسية، إذ يرغب الاشتراكيون الديمقراطيون في إلغاء "نظام الاختيار" الإجباري، إلا أن المسيحيين الديمقراطيين ما زالوا يعارضون ذلك.

 يعيش مواطنو الاتحاد الأوروبي والمنتمون إلى العرقية الألمانية ممن أعيد توطينهم في ألمانيا والأطفال من عائلات مزدوجة الجنسية بشكل جيد في ألمانيا وكلهم يحملون جنسيات مزدوجة. لماذا، إذاً، يعتقد البعض بأن الألمان من أصول تركية لا يمكنهم ذلك أيضاً؟ يجب ألا يكون الأصل أساساً لاتخاذ قرار بالسماح بازدواج الجنسية من عدمه.

 إن إصلاحات سنة 1999 جاءت بنظام اختيار إجباري مبهم، فالأطفال المولودون في ألمانيا لآباء أجانب يمكنهم الحصول على جنسيتين، إلا أن عليهم، عند بلوغهم الثالثة والعشرين من العمر، الاختيار الإلزامي بين الجنسية الألمانية وجنسية آبائهم.

 هذا النظام، عندما أقرّ سنة 1999، كان عبارة عن إجراء مؤقت استخدمته حكومة ائتلاف الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر آنذاك للحصول على أغلبية كافية لمواجهة المعارضة التامة من قبل الاتحاد المسيحي، الذي حصد نجاحات في انتخابات برلمان ولاية هيسن، ورأيضاً من أجل تمرير بعض الإصلاحات البسيطة. ومنذ ذلك الوقت، جاءت النتيجة كما توقع كثيرون، إذ أضرّ نظام الاختيار بعملية الاندماج وقاد إلى إرباكات قانونية.

 لقد قدم "مجلس خبراء الاندماج" اقتراحاً سيكون الاتحاد المسيحي ذكياً إذا قبله، ألا وهو ضمان ازدواج الجنسية للجيل الحالي. هذه ستكون تسوية حكيمة، والمستشارة أنغيلا ميركل لن تعترض بالتأكيد على الحكمة.

 

هريبرت برانتل

ترجمة: ياسر أبو معيلق

تحرير: علي المخلافي

حقوق النشر: زود دويتشه تسايتونغ/ قنطرة 2013

 

البروفسور هريبرت برانتل عضو هيئة رؤساء تحرير صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية ويرأس هيئة تحرير صفحة السياسة المحلية.