العودة إلى الوطن بطريقة إجبارية

يمثل ترحيل الإفريقيين والآسيويين من أوربا مشكلة حساسة من الناحيتين السياسية والإنسانية. وبينما كان المرحلون، في الماضي، يستقبلون في وطنهم كالمجرمين، تغير وعي السلطات هناك حول هذه المسألة. تقرير بقلم حكيم جيمو

العودة إلى الوطن بطريقة إجبارية

تكشف أخبار ترحيل الأجانب من كل أوربا عن طبيعة هذا الموضوع المتفجر: أقر البرلمان النمساوي أكثر قوانين اللجوء في أوربا صرامة – وأصبح ترحيل الأجانب الآن ممكناً في غضون 72 ساعة! انتقد المجلس الأوربي ممارسات الترحيل التي تتبعها السلطات الفنلندية – إسكات اللاجئين بواسطة العقاقير المهدئة! وتناقش سلطات العدل البلجيكية قضية اللاجئة النيجيرية سميرة أدامو، التي اختنقت تحت قهر رجال الشرطة لدى وصولها إلى بلدها!

قبل نحو أربع سنوات مات في ألمانيا أيضاً أحد سجناء الترحيل في أول واقعة من نوعها: السوداني عامر عجيب. كما أن إعادة الأختين القاصرتين المرتقبة، سلفيا غفتي أوبونغ وفصلهما عن والدتهما الغانيّة الجنسية تثير المشاعر في مدينة هامبورغ. ولم تعد إليزابيث أديي، مديرة دائرة الهجرة في غانا تتفهم ممارسات الترحيل الأوربية، حتى قبل حالة الأختين هذه: "إنني أواجه صعوبة حقيقية في فهم قرار ترحيل قاصرتين بعيداً عن والديهما. هذا شيء غير ممكن. يجب على هذه الدول أن تعلم أن لدينا أيضاً معاييرنا المهنية – ولكن من بينها أيضاً مراعاة النواحي الإنسانية. ليست المسألة هي رفض المرحلين القادمين من الآن فصاعداً، بل أن المسألة تتعلق ببشر، بصرف النظر عما يقصه كل منهم كي يمنع ترحيله. وسنقوم من جانبنا بالتحقق، أكثر مما سبق، من مراعاة الحقوق الإنسانية للمرحلين."

المعاملة في الولايات المتحدة أفضل

أدى أبيمبولا قادم من الدولة الصغيرة بينين، وقد عاش سنوات طويلة في باريس، وبعدها في نيويورك قبل أن يرجع إلى غرب أفريقيا. ويقول عند مقارنته بين حياته كأجنبي في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية: "في فرنسا شعرت فعلاً وبسرعة بالحياة الصعبة التي يواجهها كثير من الأجانب هناك، مثل الانتظار في الطوابير الطويلة من الساعة الثالثة صباحاً وعلى الثلج أمام دائرة الأجانب. في نيويورك كان الوضع مختلفاً. لقد أقمت أربع سنوات ونصف إلى جوار أحد أقسام الشرطة مباشرة، ولم يعترضني شرطي، ولو مرة واحدة، للسؤال عن هويتي، وفي المقابل كان يخالجني الإحساس في فرنسا أن الآخرين ينظرون إلى كأحد أولاد الشوارع. ربما كان السبب في هذا قصة شعري ذات الضفائر الطويلة "Rasta"، أما في أمريكا فلم يكن الأمر كذلك."

إقامة مؤقتة في الخارج فقط

تعتقد دائرة الهجرة في غانا أن نحو 80 في المائة من الغانيين يودون فقط الإقامة المؤقتة في الخارج، وهم يخططون للعودة إلى وطنهم فور كسبهم بعض المال. كما أن أوربا لا تعرف بعد تحديد حصص المهاجرين كما في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو السبب وراء مأساوية عمليات الترحيل من أوربا في حالات كثيرة، كما تعتقد الموظفة إليزابيث أديي. إنها لا تكاد تفهم كيف يمكن ترحيل أناس، عمل جزء منهم سنوات عديدة بشكل نظامي. إن ترحيل الأجانب من أوربا لمجرد نص إحدى مواد القانون على ذلك، أمر لم تعد مديرة دائرة الهجرة في غانا تقبله كمبرر: "تتحمل الدول التي تُرحل الأجانب مسئولية كبيرة أمام الدول المستهدفة، وخاصة إذا كانت دولاً نامية. إن ما نحتاجه هو نوع من برامج إعادة دمج العائدين- اقتصادياً واجتماعياً: كتخصيص رأس مال مبدئي على سبيل المثال، أو التأهيل المهني في بلاد العائدين، من أجل تخفيف مصاعب ومعاناة عملية إعادة الاندماج، بل ومن أجل أن يكتب لها النجاح أساساً، وإلا فسوف يجد المرحلون أنفسهم في وضع اقتصادي أسوأ من ذي قبل، أي قبل الهجرة، مما سيدفعهم ثانية إلى المغامرة بكل شيء من أجل الهجرة مجدداً."

بقلم حكيم جيمو، دويتشه فيلله 2003
ترجمة: حسن الشريف