جسر للتفاهم ومدرسة للتسامح

طاليتا قومي مدرسة تعليمية مسيحية تقع بالقرب من مدينة بيت لحم، ويعمل فيها معلِّمون ألمان وفلسطينيون. وتتخذ هذه المدرسة من التسامح حتى في الفترات الصعبة رمزا سياسيًا وممارسة واقعية. كورنيليا رابيتس تعرِّفنا بهذا المركز التعليمي.

 طالبات في مدرسة طاليتا قومي، الصورة: كورنيليا رابيتس
"طاليتا قومي" عبارة سريانية مقتبسة من الإنجيل وتعني بالعربية "يا فتاة انهضي".

​​ تقع مدرسة طاليتا قومي فوق هضبة تطل على بلدة بيت جالا على بعد اثني عشر كيلومترًا عن القدس. وتغطِّي ظلال أشجار الصنوبر والزيتون باحة المدرسة الكبيرة؛ وعندما ينظر المرء إلى التلاميذ من فتيات وصبيان وهم يلعبون يعتقد أنَّ هناك سلامًا كاملاً. ولكن إذا نظر المرء إلى الوادي فسيشاهد الجدار الخرساني ذا اللون الرمادي البشع الذي يفصل إسرائيل عن الفلسطينيين ويسلخ الضفة الغربية عن أراضي إسرائيل الداخلية.

معونات شخصية

ويوجد في مدرسة طاليتا قومي بالإضافة إلى الدروس العادية دروس لتعليم اللغة الألمانية ودروس موسيقية والكثير من المعونات الشخصية. ويدخل ضمن البرنامج التربوي تشجيع التلاميذ ومنحهم الثقة بأنفسهم وخلق التسامح لديهم ومحاربة الأحكام المسبقة، بالإضافة إلى تعليمهم القيم. ويقول جهاد أبو عمشة، نائب مدير المدرسة إنَّ "كلَّ أسرة تحلم في تمكّن أطفالها من التعلّم هنا" نظرًا إلى الأوضاع المدرسية المتدهورة في المنطقة.

صعوبة الحياة اليومية

ولكن تبقى الصعوبات الموجودة في الحياة اليومية واضحة ومحسوسة؛ وبالنسبة للفلسطينيين يعتبر الجدار الفاصل والحواجز أمورًا يكاد يستحيل التغلّب عليها. أما بالنسبة للألمان فيشكِّل الجدار والحواجز مضايقات مزعجة تضيِّع وقتهم عندما يريدون السفر إلى إسرائيل لأمور شخصية أو مهنية.

ويقول مدير المدرسة، جورج دور Georg Dürr ما يفكِّر به الكثيرون هنا: "الحرية موجودة هناك على الجهة الأخرى من الجدار". وفي الأعوام الماضية غادرت الكثير من الأسر المسيحية المنطقة. ولكن في يومنا هذا لم يعد يوجد لدى المسيحيين الفلسطينيين إلاَّ فرص نادرة جدًا من أجل الهجرة - وتشعر منذ فترة طويلة إدارة المدرسة التي تقيم أهمية كبيرة من أجل توازن نسبة التلاميذ المسلمين والمسيحيين في المدرسة بوجود تراجع مستمر في عدد هؤلاء التلاميذ.

منظر من المنطقة، الصورة: كورنيليا رابيتس
تتخلَّل الحدود الممتدة بين منطقة الحكم الذاتي الفلسطينية والمنطقة التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية حرم مدرسة "طاليتا قومي"

​​ وجورج دور شاهد أحداثًا كثيرة في مدرسة طاليتا قومي؛ حيث تتسبب الجنود الإسرائيليون الذين يقتحمون حرم المدرسة، بالإضافة إلى حادثة قتل حارس المدرسة بالرصاص والهجمات العسكرية على أسر زملائه الفلسطينيين في إصابة الأطفال بصدمات نفسية.

ويقول جورج دور: "لا يمكنني تفهّم الإهانات التي يتحتَّم على الفلسطينيين مكابدتها وانتهاك كرامتهم في كلِّ يوم من قبل الجنود الإسرائيليين". ولكن على الرغم من ذلك يستمر جورج دور في عمله في هذه المدرسة، لأنَّ عمل هذه المدرسة هو مهمة تهدف إلى تعليم التلاميذ قيم التسامح وفهم الطرف الآخر. ويقول إنَّ القدرة على صنع السلام لا يجوز أن تبقى في وسط الطريق.

المدرسة تقوم بدور ربّ عمل

من حرم المدرسة
تضم هذه المدرسة المراحل التعليمية من الصف الأوّل حتى الثاني عشر وتتبعها مدرسة داخلية للفتيات ومعهد للتعليم العالي. ويتعلَّم في هذه المدرسة تلاميذ وتلميذات، كما أنَّها مفتوحة لمعتنقي جميع الأديان

​​ وتعتبر هذه المدرسة المطبوعة بطابع مسيحي - والتي يوجد فيها مطبخ ومساكن ومطعم - في الوقت نفسه أكبر ربّ عمل في المنطقة. ويقول جورج دور: "لدينا هنا أكثر من مائة موظَّف، ويحاول الجميع إيجاد فرصة عمل لدينا. وعندما يصاب لدينا آذن المدرسة بزكام فعندها أجد على مكتبي بعد يوم وأحيانًا بعد ساعة ثلاثة طلبات عمل لشغل هذا العمل الشاغر".

وفي المقابل من الصعب للغاية إيجاد كوادر عمل ألمانية للوظائف الشاغرة. وقبل وقت قصير اختار جورج دور خمسين تربويًا مناسبين من ألمانيا، بيد أنَّه تلقى من جميعهم جوابًا برفضهم العمل. فالأخبار التي ترد من إسرائيل والمناطق الفلسطينية تعتبر ببساطة سيئة.

وحاليًا ترمي الأحداث الحربية في قطاع غزة بظلالها على عمل هذا الكادر التربوي المختلط. فالأجواء مقبضة وكئيبة. والمعلِّم الشاب، شتيفان فالتس Stefan Walz الذي أتى مخالفًا الاتجاه العام قبل بضعة أشهر من ألمانيا إلى هنا يصف شعوره على هذا النحو: "أشعر بغضب وبالحزن على الضحايا الأبرياء الكثيرين الذين سقطوا في العمليات الحربية وعلى الأوضاع المعيشية المتدهورة في قطاع غزة".

وجورج دور يحافظ على نهجه في هذا الوقت الصعب: "طاليتا قومي جسر؛ وأنا أحرص كثيرًا على أن نتمكَّن هنا من الجميع بين الناس من كلا الطرفين، وذلك لكي يشاهدون أنَّ هناك ناسًا آخرين على الطرف الآخر - وأنَّ الطرفين يهتَّمون على السواء بالسلام. ولكن مع الأسف الجدار الفاصل مرتفع جدًا".

كورنيليا رابيتس
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009

قنطرة

سر الإقبال المتزايد على تعلـّم الألمانية في المدارس المصرية:
لغة غوته تلقى رواجا في العالم العربي
لم يعد نشر اللغة الألمانية في الدول العربية مقتصراً على المدارس الألمانية ومعاهد غوته فحسب، إذ أن المدارس الحكومية العربية قد بدأت منذ سنوات بالترويج لهذه اللغة أيضاً. وتعد مدارس التعليم الثانوي في مصر مثال على ذلك.

احتفال
المدرسة الألمانية في القاهرة
منذ تأسيس الجامعة الألمانية في القاهرة كثر الحديث فجأة حول ما يدعى تصدير أنظمة التعليم الألمانية إلى الخارج. مدرسة الراهبات البورميات في القاهرة تقوم بهذه المهمة منذ 100 سنة. تقرير يورغن شتروياك من القاهرة

جمعية اللغة الالمانية فى القاهرة:
مظلة واحدة للمهتمين بالالمانية فى مصر
افتتح أول فرع لجمعية اللغة الالمانية فى بلد عربي. تحدثت نيللي يوسف مع المشرفة على الفرع ناهد الديب عن النشاطات المستقبلية وعن أهمية اللغة الألمانية في مصر