مهرجان بغداد السينمائي – عودة الروح للسينما العراقية؟

تحتضن العاصمة العراقية الدورة الثالثة لمهرجان بغداد السينمائي الدولي بمشاركة دولية وعربية كبيرة، وباعتماد ألمانيا ضيف شرف. القائمون على المهرجان يأملون في أن يعيدوا للسينما العراقية حضورها بعد عقدين من الركود والعزلة. مناف الساعدي من بغداد والمزيد من التفاصيل.



تحت شعار: "بغداد ملتقى شاشات العالم" وبرعاية معهد غوته الألماني ووزارة الثقافة العراقية تستضيف العاصمة بغداد مهرجانها السينمائي الدولي الثالث للأفلام، والذي يقام على قاعة المسرح الوطني. وإضافة إلى الأهداف التي وضعها منظمو المهرجان لتعزيز دور العراق وإعادة مكانته الثقافية واستجابة لتطلعات صناع السينما في البلاد للتعرف على آخر نتاجات المخرجين السينمائيين في العالم، فإن للمهرجان أهمية رمزية تتمثل في كونه الأول من نوعه من حيث حجم المشاركات الدولية في العاصمة بغداد بعد عام 2003. وتستمر فعاليات "مهرجان بغداد السينمائي الدولي الثالث"، التي انطلقت في 3 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، لمدة سبعة أيام، تُمنح في ختامها ثلاث جوائز لأفضل فيلم روائي طويل وأفضل فيلم قصير وأفضل فيلم وثائقي.
وكان العرض الأول للأفلام من نصيب الفيلم الروائي الطويل للجزائري عبد الكريم بهلول "رحلة إلى الجزائر" ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، بعدها تم عرض أفلام "ابتسم مرة أخرى" للعراقي هاشم العيفاري و"نصف مضاء" للعراقي جاسم محمد جاسم و"الريشة" للمخرج العراقي أحمد طارق، وهذه الأفلام ضمن مسابقة الأفلام الروائية القصيرة.


قصة معاناة الجزائرية وردية

الصورة دويتشه فيله
المسؤولة عن معهد غوته في بغداد بيكيت اسفنسون تتحدث عن المشاركة الألمانية

​​
ويروي فيلم "رحلة إلى الجزائر" قصة امرأة تجد نفسها وحيدة مع صغارها بعد مقتل زوجها لتبدأ رحلة من المعاناة في مجتمع خرج لتوه من براثن الاستعمار وتنتهي بانتصارها بعد تدخل مسؤول كبير في الدولة. وتبدأ حكاية بطلة الفيلم "وردية" بمقتل زوجها على أيدي جنود الاحتلال، مما يحدث صدمة نفسية عنيفة لأحد أطفالها.


وبعد الاستقلال تحصل على بيت معمر فرنسي، فتنتقل للعيش فيه، لكنها لا تنعم به طويلاً، حيث يلاحقها أحد الأعيان مهدداً بسلبه، وبعد يأسها من استرجاع حقها والتخلص من تهديداته ـ في ظل وقوف السلطات المحلية عاجزة عن فعل أي شيء- تسافر إلى العاصمة للقاء رئيس الجمهورية وطرح قضيتها عليه. لكنها تجده مسافراً إلى وهران، فتلتقي قائد أركانه "هواري بومدين" الذي يستقبلها ويتأثر بمشكلتها ويقرر مناصرتها وإعادة حقها المسلوب.

الأول في بغداد من حيث حجم المشاركة الدولية


وعن تنوع حجم المشاركة في هذا المحفل الثقافي الدولي، قال المدير الإداري للمهرجان عمار العرادي إن "المهرجان يشارك فيه نحو150 فيلماً في ست مسابقات للأفلام القصيرة والوثائقية والروائية الطويلة بالإضافة إلى أفلام تخص واقع حقوق الإنسان التي توزعت على 34 دولة، فضلاً عن عرض50 فيلماً خارج المسابقة".  وأضاف العرادي في حديث إلى دويتشه فيله أن "المهرجان يعد الأول من حيث حجم المشاركة الدولية الكبيرة فيه بالإضافة إلى العربية والمحلية"، لافتاً إلى أن "المهرجان شهد إقبالاً كبيراً خلال حفل الافتتاح من قبل محبي الفن والمسرح فضلاً عن حضور نخبة من المثقفين والأدباء والأكاديميين".

ويشير العرادي إلى أن ابرز المشاركات الدولية تمثلت بمشاركة ألمانيا التي "كان لها الحضور المتميز في المهرجان"، مبيناً أن المشاركة الأوروبية الأخرى اقتصرت على هولندا والدنمارك وبلجيكا وإيطاليا، بالإضافة إلى مشاركة محدودة من الأفلام الأمريكية. وفي الوقت ذاته أشار العرادي إلى مشاركة عربية متميزة عبر مصر والجزائر والمغرب والكويت ولبنان وتونس والسعودية وعمان والإمارات والبحرين، فضلاً عن مشاركات قليلة لدول أخرى. أما لجنة التحكيم في المهرجان فتضم مخرجين وفنانين من ألمانيا ومصر والمغرب والجزائر فضلاً عن البلد المضيف.


الأفلام الألمانية "ضيف شرف"

الصورة دويتشه فيله
اهتمام إعلامي كبير بالمهرجان

​​"

وخُصص اليوم الثاني من المهرجان، الثلاثاء (الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2011) لعرض أفلام ألمانيا، باعتبارها ضيف الشرف في دورة هذا العام. وتنوعت هذه الأفلام بين الرسوم المتحركة، ومنها "تسليم" لتيل نوواك و"القزم" لاندرياس هيكاد و"الرسالة" لريموند كوم. كما عُرض أيضاُ فيلم "مطبخ الروح" للمخرج الألماني من أصل تركي فاتح أكين، و"القتلة من بيننا" لفولفغانغ ستود، وهو فيلم روائي طويل، تخللتهما ندوة أساليب السينما الألمانية واتجاهاتها الحديثة.


وعن المشاركة الألمانية الفعالة أوضحت ممثلة معهد غوته الألماني في بغداد، بيكيت اسفنسون، أن مشاركة جمهورية ألمانيا الاتحادية جاءت داعمة لحركة السينما في العراق. وتأتي من حرص ألمانيا على مد جسور التعاون مع العراق "من أجل بناء علاقات ودية مبنية على أسس ثقافية وسياسية واقتصادية". وأشارت اسفنسون في حديث مع دويتشه فيله إلى أن "ألمانيا شاركت كضيف شرف بــ17 فيلماً تنوعت ما بين الروائي والقصير والوثائقي والرسوم المتحركة، حيث دخلت 15 منها المنافسة في المهرجان وفلمين خارجه". وأضافت اسفنسون أن ما ينقص المهرجان كان بعض الأمور الفنية والتنظيمية، كترتيب جدول محدد لعرض الأفلام، مستدركة بالقول "إلا أن المنظمين عملوا على معالجتها"، منوهة بأهمية الحدث العالمي الذي تحتضنه العاصمة بغداد رغم التحديات التي يمر بها العراق خلال الوضع الراهن.


من جانبه أوضح ممثل إقليم كردستان العراق في مهرجان بغداد السينمائي المخرج العراقي الكردي ميران صابر، أن "الإقليم دخل رحى المنافسة في المهرجان بأربعة أفلام قصيرة وروائية طويلة، منها فيلمان في منافسات الأفلام الطويلة، وهما: حي الفزاعات للمخرج حسن علي، وأزهار كركوك للمخرج سري بوز كامكار، وهو إنتاج مشترك بين مخرجين من السويد وإيطاليا وكردستان".


وعن المشاركة الكردية في منافسات الأفلام القصيرة يضيف صابر بالقول إن المشاركة اقتصرت على فلمي "آوس" للمخرج شيرزاد هدايت و"الجدار" للمخرج تحسين فائق. منوهاً إلى ضرورة أن يعطي القائمون على المهرجان اهتماماً اكبر لهذا الحدث العالمي من أجل نقل صورة رائعة تليق بسمعة العراق"، بحسب قوله. يُذكر بان مهرجان بغداد السينمائي الدولي انطلقت فعالياته للمرة الأولى عام 2005 وأقيمت دورته الثانية العام 2007 التي شهدت مشاركة محدودة نظراً للأوضاع الأمنية المتردية التي كانت تشهدها البلاد آنذاك.

مناف الساعدي ـ بغداد
مراجعة: أحمد حسو
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011