النكبة بالعبرية

صدر في إسرائيل موخرا العدد الأول من مجلة يهودية مكرسة بالكامل لموضوع النكبة الفلسطينية. هذه المجلة التي أثارت إعجاب اليسار الليبرالي جوبهت بالتجاهل حتى الآن من قبل اليمين. تقرير كتبه يوسف كرايتورو.

​​تكرر الحديث في إسرائيل مؤخرا عن مجموعة "بارهيسيا" المسماة تيمنا بمصطلح يعود إلى اللغة العبرية القديمة معناه عموم الناس. قام بإنشاء هذه المجموعة قبل عامين أدباء وفنانون تشكيليون وتربويون إسرائيليون انطلاقا من هدف ثابت هو إدخال لغة مدنية جديدة في إسرائيل في قطاع الحياة العامة بغرض إعطاء توضيحات نقدية للأنماط الإثنية والدينية والاجتماعية المعقدة القائمة داخل المجتمع الإسرائيلي.

كسر التابوات في إسرائيل

صدرت آخر مبادرة ملفتة للأنظار عن هذه المجموعة نتيجة لتعاون تحقق بينها وبين اتحاد يسمى "زوخروت". يسعى الاتحاد المذكور منذ بضع سنوات إلى إعطاء الرأي العام الإسرائيلي وباللغة العبرية نفسها توضيحا لوقائع النكبة أي لما لحق بالفلسطينيين من هجرة وتشريد في عام 1948 والتداعيات التي نجمت عن ذلك. الهدف من وراء ذلك التصدي بصورة مقصودة للتابوات العامة القائمة في إسرائيل حيال أحداث الحرب في ذلك الحين والنتائج التي أفرزتها. انبثقت عن تعاون المجموعة مع هذا الاتحاد أول مجلة يصدرها إسرائيليون يهود وتتناول موضوعا وحيدا هو النكبة الفلسطينية. بالإضافة إلى الطبعة العبرية فإن المجلة تصدر بطبعة إنجليزية أيضا.

الشرخ العميق
​​
يحمل العدد الذي صدر عن المجلة والحافل بالصور عنوان "سيديك" العبري الذي يعني "الشرخ" كما أنه يحمل عنوانا إضافيا هو "مجلة حول وقائع النكبة هنا". تثير الصفحات الأولى من هذا العدد انطباعات بالغة الأثر من خلال نشر مجموعة كبيرة من الصور التي التقطها المصور اليهودي زولتان كلوغير بعد فترة قصيرة من انتهاء الحرب الإسرائيلية العربية عام 1948. فبعد تشريد وهروب مئات الآلاف من الفلسطينيين عمد الجيش الإسرائيلي إما إلى تدمير قراهم بكاملها أو إلى تحويلها إلى مستوطنات يهودية. تبين الصور التي التقطها كلوغير كيفية طمس السادة اليهود الجدد لماضي تلك القرى تدريجيا من الذاكرة الجماعية للمواطنين الإسرائيليين. من أمثلة ذلك صورة تبين رجالا يهودا يقفون على عتبات إحدى تلك القرى الفلسطينية سابقا فيما كانوا منهمكين في وضع لافتة مؤقتة تحمل اسمها الجديد. تحت التسمية العبرية الجديدة لهذه القرى ما زال الاسم العربي القديم مكتوبا بين قوسين باللغة العبرية أيضا، علما بأنه لم يتم حذف هذه التسمية الأصلية فيما بعد من اللافتة الواقعة في بداية القرية فحسب بل ومن الخرائط الإسرائيلية أيضا. هناك صورة أخرى لا تقل شحذا لأحاسيس الاكتئاب تظهر أطفالا لمهاجرين يهود نزحوا إلى البلاد أثناء تدربهم على إتقان أنماط من الرقص الإسرائيلي الوطني، علما بأنهم أخذوا يقومون بتأدية تلك التمارين أمام أنقاض قرية فلسطينية تعرضت للتدمير الجزئي وسرعان ما تحولت إلى قرية "إسرائيلية".

قصيدتان لمحمود درويش وبياليك

من دواعي البهجة ومما يدل كذلك على الشجاعة نشر قصيدتين شعريتين في العدد المذكور لكل من محمود درويش وخايم ناخمان بياليك أي لكبيري الشعراء الفلسطينيين والإسرائيليين. تناول الشاعران في القصيدتين موضوع نفوذ الكلمة ووقع أثرها. في مكان آخر من المجلة يسرد مثقفون فلسطينيون ينحدرون من مدينة يافا التي كانت في الأصل مدينة عربية بالكامل، انطباعاتهم عن زيارة قاموا بها إلى هذه المدينة التي استهدف التهويد معظم أجزائها. انصب جوهر اهتمامهم على وجه خاص على قيام إسرائيل بمحو التاريخ العربي للمدينة بصورة منهجية كاملة. وقد وثّق مشروع صور نظمته مجموعة "بارهيسيا" بشكل صريح مباشر كيفية قيام السلطات بصورة منتظمة بمحو التسمية العربية لشوارع مدينة القدس على سبيل المثال سواء من خلال لصق تسمية أخرى أو باستخدام رشاشات الحذف. تهتدي القصائد الشعرية التي يعدها شعراء إسرائيليون شباب بمسلك شبيه بذلك، إذ أنهم يعملون باستخدام الكلمة في حد ذاتها على توسيع آفاق وعي الجمهور.

أهافات إسرائيل!

​​هذا يشمل النظر برؤى جديدة للجانب الفلسطيني. فقد ألّف على سبيل المثال الشاعر ماتي شموإلوف المولود عام 1972 قصيدة بعنوان "أهافات إسرائيل" وهي تسمية تتعمد الاستفزاز حيث أن لها وقع النشاز في آذان اليهود لكونها تتألف من مفهوم "الحب" باللغة العبرية ومن المصطلح المستخدم عربيا لدولة إسرائيل. يشكل هذا القالب اللغوي نفيا قاطعا للشعار الصهيوني المتضمن عبارة "محبة صهيون". أما ناشطة السلام هايا شالوم فقد وجدت في محتفظات عائلتها عقد إيجار قديم لوالديها يدل على الظلم الذي لحق بالعديد من الفلسطينيين بعد حرب عام 1948. فبعد أن تحتم على الفلسطيني صاحب المنزل هجران بلاده تحول المستأجرون اليهود في بحر يوم وليلة إلى أصحاب ملك لذلك المنزل. كان لصدور مجلة "سيديك" صدى إيجابي كبير في صفوف الدوائر اليسارية الليبرالية في إسرائيل. وقد أصبح العدد الثاني من المجلة قيد الإعداد. أما أوساط اليمين فقد عمدت حتى الآن إلى تجاهل المجلة.

بقلم: يوسف كرايتورو
ترجمة :عارف حجاج
حقوق الطبع محفوظة: يوسف كرايتورو 2007

قنطرة

إسرائيليون يُذكّرون بمصير فلسطيني النكبة
تحاول جمعية زوخروت أن ترغم الرأي العام الإسرائيلي على التفكير بتشريد الفلسطينيين. عمل يواجه صعوبات عديدة في إسرائيل. تقرير يوسف كروايتورو.

"جسر على الوادي" الى التسامح التسامح
أحيانا يمكن للأطفال أنفسهم أن يعلموا الراشدين التفاهم المتبادل. فيلم "جسر على الوادي" الوثائقي للأخوين باراك وتومر هايمان شهادة عن تجربة مشروع تعليمي عربي ـ إسرائيلي مشترك لأطفال يتعلمون العربية والعبرية على حد سواء.

التحرر من الهوية الجمعية
بغية إنقاذ الخاص من ولوج الإيديولوجية كتب كل من الإسرائيلي إدغار كيريت والفلسطيني سمير اليوسف نصوصًا تناهض تسييس مجتمعيهما. صدر مؤخرًا كتاب يجمع قصصًا قصيرة للكاتبين. تقرير من إعداد لويس غروب.

www

الموقع الشبكي لاتحاد "زوخروت"

العدد الأول لمجلة "سيديك" في الإنترنت