بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات

يلقي بيتر فيليب في تعليقه نظرة على تطور المشهد السياسي في العراق خلال الأسابيع والشهور القادمة بعد فوز الائتلاف الشيعي والأكراد على أغلبية أصوات العراقيين.

الصورة: أ ب

​​م

حين كان صدام حسين يدعو إلى الانتخابات، كانت نتائجها معروفة من قبل ولم تكن مهمة السلطات المكلفة بالانتخابات سوى السهر على أن لا تصل نسبة التصويت على الرئيس إلى 100%. انطلاقا من هذه الخلفية كان أعضاء الائتلاف العراقي الموحد ينتظرون فوزا ساحقا، لكن حصولهم على 47,6% من الأصوات يمثل نتيجة محترمة، تسمح لأعضاء هذا الائتلاف بالحصول على أهم المراكز السياسية.

وحتى الأحزاب الأخرى ليس لها سبب للشعور بالقلق، فقد حصل الائتلاف الكردي على 25,4% من الأصوات وحصلت القائمة العراقية لرئيس الوزراء المؤقت إياد علاوي على ما يقرب من 14% من الأصوات.

لكن الأهم من كل هذه النسب المئوية، هو أنه لأول مرة في العراق بل وفي أطراف كبيرة من العالم العربي، تجري انتخابات حرة، لم يكن فيها المصوتون بمجبرين على انتخاب نظام لا يسمح بأكثر من معارضة اسمية.

نقاد هذه الانتخابات يذهبون إلى أنها ليست انتخابات حرة، وإلى أنها جرت تحت الاحتلال، وأن القطاع الكبير من السنة لم يشارك فيها. وهي انتقادات تظل سطحية، لأنه لم يتم منع السنة من المشاركة في الانتخابات، لا من طرف قوات الاحتلال ولا من طرف الحكومة المؤقتة، ولكن من طرف المتطرفين السنة أنفسهم ورجال دينهم الذين وقعوا تحت تأثير هذه الحركات المتطرفة.

وليست هذه أول مرة تجري فيها الانتخابات تحت الاحتلال، ففي ألمانيا سنة 1949 جرت انتخابات كانت حجر أساس الديمقراطية في هذا البلد.

طبعا لم تعرف ألمانيا مثل هذا العنف الذي يعرفه العراق اليوم، لكن يبقى الأمل أن تساهم هذه الانتخابات في نشر قيم الحرية والديمقراطية في هذا البلد. ولقد أثبت المصوتون أنهم مستعدون للمخاطرة بحياتهم من أجل بناء وطن حر، وسيكون من المؤسف أن لا يواصل المرء هذه العملية.

الطريق واضح، غير أنه يقود عبر حقول كثيرة من الألغام. فالجمعية الوطنية المنتخبة يقع على عاتقها تعيين رئيس ونائبين له، والذين سيعملون من جهتهم على تعيين رئيس للوزراء. كما سيتكلف البرلمان بإعداد دستور للبلاد وابتداء من ديسمبر/كانون الثاني ستجري انتخابات جديدة انطلاقا من هذا الدستور وبسبب ذلك أكثر شرعية.

تعترض هذا الطريق العديد من العراقيل، منها إلى أي حد يتوجب على الدولة أن تكون اسلامية. لكن الأمل يلوح في الأفق، فحتى رجال الدين الشيعة يرفضون إقامة جمهورية اسلامية. وإذا استمروا على موقفهم هذا فإن تحالفات سوف تتكون كما سيخفت تأثير الجانب الديني على السياسة في المستقبل لتحل محله أحزاب سياسية، والتي ستكون مفتوحة على كل القطاعات الشعبية، السنية منها أيضا، ليحافظ العراق بذلك على وحدته الوطنية.

تعليق: بيتر فيليب، المحرر المختص في هيئة التحرير المركزية في إذاعة الدويتشه فيلّه.
ترجمة: رشيد بوطيب.